محمد فودة يكتب: "السوشيال ميديا".. قنابل موقوتة تهدد استقرار المجتمع
◄بلاغ للنائب العام ضد "الصفحات الوهمية" على مواقع التواصل الاجتماعى
◄فوضى الشائعات سلاح خطير للاغتيال المعنوى وتشويه الشخصيات العامة
◄"فيسبوك" أصبح مرتعا للأفاقين والانتهازيين ومرض مزمن ينهش فى جسد الجميع
◄مطلوب تطبيق العقوبات فوراً على "الجرائم الإلكترونية" لإعادة انضباط السوشيال ميديا
وسط هذا الكم الهائل من الإنفلات الذى تتسم به مواقع التواصل الاجتماعى أصبح الحديث عن "السوشيال ميديا" حديثًا مملاً ويدعو للاشمئزاز بل ويبعث أيضًا في النفوس الشعور بحالة من الاستياء وعدم الرضا، فقد تبدل الهدف النبيل الذي ظهرت من أجله مواقع التواصل الاجتماعي وهو خلق حالة من الترابط والتواصل بين الناس بعضهم ببعض مهما اختلفت جنسياتهم ومهما تباينت ثقافاتهم، ولكن للأسف الشديد تحولت تلك المواقع بقدرة قادر إلى مرض مزمن ينهش في جسد الأمم ويغتال ترابط وتماسك الشعوب، وأصبحت أشبه بالفيروس الذى ينمو وينتشر بسرعة فائقة دون أن يجد من يوقفه أو حتى يقلل من خطورته، بل إن الغالبية العظمى من مواقع التواصل الاجتماعى أصبحت بالفعل سلاحا ذا حدين وهو ما نلمسه بوضوح فى تلك الهجمة الشرسة والممنهجة التى تشنها على حياتنا وسائل التكنولوجيا بشكل شبه لحظى، فهناك من يسيء استغلالها ويستخدمها فى التشويه والنيل من بعض الأشخاص أو الهجوم عليهم بأى شكل من الأشكال، وهناك من ينجرف خلف ما يُروج من شائعات ويقوم بعمل مشاركة لكل ما يُنشر دون الوقوف على حقيقته من عدمه، إضافة للجان الإلكترونية المستترة خلف الشاشات والتى تروج بعض الأفكار والشائعات.
واللافت للنظر أن "الفيسبوك" وهو من أهم وأبرز وسائل السوشيال ميديا قد أصبح وبشكل مقزز مرتعًا للأفاقين والانتهازيين الذين لا يتورعون في عمل أي شئ من أجل الوصول إلى أهدافهم التي في الغالب تكون مجرد تصفية حسابات وحروب وهمية يستخدمون خلالها الطعن في الظهر واختلاق الروايات والقصص التي لا يكون لها أي وجود إلا في خيالهم المريض الذي يسعى نحو تشويه صورة الخصوم والنيل من سمعة الشرفاء، فتحول هذا الفيسبوك إلى ما يشبه البركة التي تعج بالوحل الذي تغوص فيه أقدام التافهين وأصحاب القلوب السوداء الذين أعماهم الغل والكراهية، ليس هذا وحسب بل تحولت وسائل السوشيال ميديا إلى خطر كبير يهدد أمن واستقرار المجتمعات وذلك مع تزايد موجات الزيف والكذب والخديعة التي يسعى أصحابها إلى خلق حالة فوضى واضطراب في كل مكان وعلى كافة المستويات، واعتقد أن هناك منظمات تقف وراء بث السموم على مواقع التواصل الاجتماعى ويتبلور الهدف من الشائعات والأكاذيب التى يروج لها عبر مواقع التواصل اغتيال العقول الشابة والأجيال القادمة ومحو تاريخهم وإنجازاتهم والسيطرة عليهم، وهو فى تقديرى ما يجعل مهمة الوعى المجتمعى ليست سهلة ولا مجال لتوقفها فهى لابد وأن تستمر وتتطور لتكون مواجهة لأى محاولة خبيثة تسعى للنيل من الوطن، ولابد من تضافر الجهود للحفاظ على النشء من هذه الحملة الشرسة، وهنا يجب أن نضع فى الحسبان أن بناء الوعى يرتبط بأكثر من عنصر، منها الرد الفورى على مواقع التواصل الاجتماعى، هذا بجانب برامج للتثقيف والتوعية والتنوير تتصدى لمحاولات التطرف والتعصب وتشويه حقيقة ما يحدث على الأرض، مع ضرورة مشاركة كل أجهزة صناعة الوعى فى التنبيه إلى مخاطرها، وأيضًا ضرورة مراعاة اختلاف مستويات اللغة فى خطط صناعة الوعى، ويجب فى نفس الوقت استخدام نفس اللغة التى يتم التعامل بها فى السوشيال ميديا.
والحق يقال كلما تعاملت مع السوشيال ميديا، ينتابني على الفور شعور بالاستياء بسبب هذا الكم الهائل من المغالطات التي يبثها صباح مساء من يطلقون على أنفسهم "نشطاء التواصل الاجتماعي" ورواد السوشيال ميديا، سواء من خلال أخبار أو مقاطع فيديو أو صور، وللأسف الشديد فإن محتوى الكثير من تلك المواقع تحول إلى ما يشبه القنابل الموقوته القابلة للانفجار في أي وقت في وجه الجميع، وبالطبع في هذه الحالة فإن الآثار السلبية لما يتم الترويج له عبر السوشيال ميديا تنعكس بشكل مباشر وتنال من الجميع وتترك في النفوس حالة من الارتباك، خاصة أن تلك المواقع تحولت إلى مصدر رئيسى للأخبار والمعلومات التي يتعمد البعض بثها بشكل يتسم بالخبث الشديد، ومن أسف بدأت مواقع التواصل الاجتماعي تأكل من دور وسائل الإعلام، وفي كثير من الأحيان تسحب من دورها الأساسي لتتحول إلى مصدر رئيسى للحصول على الأخبار والمعلومات، ورغم أن الغالبية العظمى من أخبار السوشيال ميديا لم تكن سوى مجرد أخبار "مفبركة" ورغم هذا الكم الهائل من التضليل عبر تلك الوسائط، فإن عددا كبيرا من الناس ينجرفون وراءها بلا عقل ولا ضمير وعدم تقصى للوقائع الحقيقية، وهذا ما يجعلنى أؤكد أننا لابد أن لا نلتفت لهذا الانفلات الذى تشهده مواقع السوشيال ميديا، ولا يزال خطر السوشيال ميديا فى تزايد مستمر، مع توسعات المنصات مثل فيسبوك وتويتر وانستجرام والتيك توك، خصوصا هذا الأخير الذى يعمل على تخريب عقول الشباب والفتيات بصورة مهينة تدعو إلى الاشمئزاز، ولا نعرف الغرض منه حتى إن غالبية الأسر أصبحت تنشر حياتها على هذا التطبيق الذى يستحوذ على عقل الصغار والمراهقين، إضافة إلى التطبيقات الأخرى التى تعمل على جذب شرائح عمرية معينة بواسطة الإغراءات التى تقدم من خلال الفتيات وبعضهن تمت محاكمته بتهمة الإتجار بالبشر، وللأسف القائمون على السوشيال ميديا لا يدركون حقيقة مؤكدة ينبغى أن نضعها دائماً فى الاعتبار هى أن الإفراط فى استخدام وسائل التواصل الاجتماعى أو استخدامها بشكل خاطئ يتسبب فى الكثير من الأضرار ويفقد الكثير من الأشخاص التواصل الاجتماعى الحقيقى، والتقليل من المقابلات الشخصية مع الآخرين وعدم الاندماج فى الأنشطة الاجتماعية المختلفة، ومن هنا يميل مستخدم مواقع التواصل الاجتماعى بشكل مفرط إلى العزلة والابتعاد عن الآخرين والميل إلى الوحدة، على الحالة المزاجية حيث يمكن لمواقع التواصل الاجتماعى التأثير على الحالة المزاجية للأشخاص بشكل سريع عبر المنشورات المختلفة التى من الممكن أن تؤثر تأثيرا إيجابيا أو سلبيا، حيث إن المنشورات السلبية لها دور فى الإصابة بالمزاج السيئ والشعور بالتوتر والقلق بينما يظل التأثير على الصحة من أخطر ما يترتب على استخدام مواقع التواصل الاجتماعى حيث إن الإفراط فى استخدام وسائل التواصل الاجتماعى يؤثر على صحة الإنسان، وهنا أتساءل لماذا لا نستغل السوشيال ميديا فى الايجابيات وبما يعود بالنفع على أنفسنا وعلى بلادنا، حيث يمكن أن تستخدم هذه المواقع فى مشاركة الخبرات بين الأشخاص الذين تجمعهم نفس الاهتمامات، والتعبير عن الرأى حيث يمكن للأشخاص التعبير عن الآراء وتبادلها عبر هذه الوسائل، ونشر حملات التوعية حيث يمكن الاستعانة بمنصات التواصل الاجتماعى فى نشر الحملات التوعوية الخاصة بتوعية أفراد المجتمع بالمشكلات والقضايا المختلفة فى كل المجالات والقضايا المجتمعية ، إلى جانب خلق فرص عمل حيث أص-بحت هذه المنصات وسيلة ممتازة لتسويق السلع والخدمات، مما يساعد على تحقيق الربح وترويج المنتجات للأفراد والشركات ، لذا فهى تعتبر علاجا لمشكلة البطالة التى تعانى منها المجتمعات كما تتجه الشركات للبحث عن موظفين عبر هذه المواقع.
نحن الآن فى أشد الحاجة لتطبيق العقوبات على الجرائم الالكترونية والتى وضعها القانون للحد من هذا الانفلات الذى تشهده مواقع السوشيال ميديا، ومنع هذا العبث الذي يفوح برائحته الكريهة التي أصبحت تذكم الأنوف من كثرة ما به من أكاذيب ومغالطات وتجاوز في حق المجتمع بالكامل، وكما يقول القانون فى حالة تعرض أي مواطن للسب والقذف أو المضايقة باستعمال أجهزة الاتصالات سواء عبر التليفون أو البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي يشكل جريمة وفقا للقانون منصوص عليها وفقا للمواد 166 مكرر و306 و308 مكرر من قانون العقوبات والمواد 70 و76 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003، ويعاقب مرتكبيها بالحبس لمدة تصل لـ 3 سنوات وغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تتجاوز 1000 جنيه، وفي حالة التشهير من أجل منفعة مادية أو جنسية قد تصل العقوبة للسجن 5 سنوات وغرامة 200 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين.