محمد فودة يكتب: "دراما ٢٠٢٢".. قليل من "النجاح".. كثير من "ضعف المستوى"
◄٢٧ عملا دراميا عرضتها الشاشات ولم تنجح فى إرضاء جميع الأذواق
◄"الاختيار3 _ القرار" يحتل الصدارة بدراما "وطنية" رفيعة المستوى
◄"الكبير أوى" ينقذ الكوميديا.. و"يوتيرن" و"توبة" و"جزيرة غمام" الأفضل فى الدراما الاجتماعية
◄أمير كرارة ونيللى كريم ويسرا لم يحالفهم النجاح هذا العام.. وفشل ذريع لـ "رامز موفى ستار"
◄"دنيا تانية" و"شغل عالى" و"بيت الشدة" و"بابلو" دراما "باهتة" لم يلتفت إليها أحد
شهد عام 2022 تغيرات كثيرة فيما يخص الدراما التلفزيونية، وعلى الرغم من أننا رأينا فيه صعودًا بارزًا لبعض النجوم، فإنه فى نفس الوقت شهد خفوت أضواء آخرين، ورغم أن قلة المسلسلات المعروضة تأتى فى صالح المشاهد، حيث إن المعروض هذا العام 27 عملا، فإن أغلب الأعمال التى عرضت لم تكن الأفضل رغم التنوع فى المنتج الذى تم تقديمه للجمهور، ومحاولات لفتح آفاق جديدة نجحت بعضها، وفشل أغلبها، فقد كانت المفاجأة الكبرى بالنسبة لى ولقطاع كبير من المشاهدين أن نجومًا كبارا لهم مكانتهم الفنية وأسماؤهم رنانة لم يوفقوا هذا العام فى حين نجد فنانين لم يكن متوقعًا أن يحققوا نجاحًا كبيرًا قد أصبحوا فى صدارة المشهد واستحقوا أن يكونوا الأفضل وفى الصدارة بمجهودهم وبقدرتهم الفائقة على تجسيد الأدوار التى يقدمونها، لكن يبقى الأفضل على الإطلاق هو الدراما الوطنية التى عكست لنا صورة حقيقية من الواقع، ليس هذا فحسب بل إنها استطاعت وبشكل لمسه الجميع أن تفضح الجماعات المتطرفة وتكشف زيفهم وادعاءاتهم المضللة وقدمت لنا الصورة واضحة وحقيقية.
وحينما أقوم برصد الحصاد الدرامى لعام 2022 فإنه لابد أن أبدأ بالحديث عن مسلسل "الاختيار3 القرار"، الذى حمل بداخله عناصر نجاح منقطع النظير ليصبح الحصان الرابح والبطل الرئيسى على مستوى الدراما العربية وليس فى مصر فقط بل فى جميع أنحاء الوطن العربى، فالعمل بأجزائه الثلاثة يعد أهم ملحمة درامية فى تاريخ الدراما العربية عبر سنواتها الأخيرة، وقطعة فنية شديدة الروعة يفوح منها عبق الوطنية والارتباط بقواتنا المسلحة ورجال الشرطة المصرية الذين كانوا ومازالوا صمام الأمان للدولة المصرية، وجاء الجزء الثالث ليكشف للشعب المصرى ما كان يحاك من مؤامرات ضد الدولة المصرية من الداخل ومن الخارج، وتناول أخطر 96 ساعة فى تاريخ مصر الحديث، ووثق المسلسل جنبًا إلى جنب مع الدراما بمقاطع حية بالفيديو اعترافات قيادات الإخوان بالصوت والصورة على أنفسهم والتى كشفت نواياهم الخبيثة، وحجم المؤامرة التى كانت تقوم بها جماعة الإخوان الإرهابية والجماعات المتطرفة التى كانت تدعمها، حيث إن التسجيلات الخاصة بالإخوان والتى يتم عرضها فى نهاية كل حلقة من المسلسل بالصوت والصورة، كشفت عن وجه الجماعة الإرهابية الحقير، وإحقاقًا للحق فقد برع نجوم مسلسل "الاختيار3" فى تجسيد الملحمة كما ينبغى أن يكون.
وأعتقد أن الرابحين هذا العام قليلون جدا، يأتى على رأسهم مسلسل "الكبير أوى" الذى أعاد أحمد مكى مرة أخرى لعرش النجومية، حيث استطاع العمل أن يحقق نجاحًا كبيرًا ويلم كل العائلات المصرية وقت الإفطار عند عرضه، ليثبت مكى أن الفنان الحقيقى صاحب الموهبة والقدرات الإبداعية يستطيع أن يصل للقمة بتطويره واجتهاده والمذاكرة ودراسة الشخصية، ولم يقتصر المسلسل على نجاح مكى فقط بل كل من شاركوه العمل وعلى رأسهم الفنانة الصاعدة رحمة أحمد، التى برعت فى تقديم دور "مربوحة" باحترافية، ونجح المخرج أحمد الجندى فى إدارة فريق عمله ببراعة، كما نجح أيضًا مسلسل "مكتوب عليا" للنجم أكرم حسنى، واستطاع أن يجذب شريحة كبيرة من الشباب لمتابعته وهو ما ظهر فى ردود الأفعال على المسلسل وتحقيقه نجاحًا كبيرًا فى الشارع المصرى، ونجح مسلسل "توبة" للنجم عمرو سعد، فى خطف الأضواء، ولفت انتباه رواد مواقع التواصل الاجتماعى بصورة كبيرة وأصبح حديث "السوشيال ميديا" وتصدر الترند، ورغم أن عمرو سعد يشارك فى السباق الرمضانى كل عام بمسلسل جديد، فإنه استطاع أن يحتل الصدارة بسهولة هذا العام حيث إن نجاح المسلسل بدأ مع عرض أولى حلقاته واستمر هذا النجاح فى التزايد والصعود حتى وصل للقمة، كما نجح مسلسل "يوتيرن" بطولة النجمة ريهام حجاج وحظى بنسبة مشاهدة عالية ومتابعة كبيرة من جمهور العائلات وربات البيوت ويعد من أفضل مسلسلات شهر رمضان هذا العام، فالعمل احتوى على دراما اجتماعية رائعة موجودة فى أغلب البيوت ويضم توليفة مميزة من النجوم على رأسهم النجم الكبير توفيق عبدالحميد الذى كان الجمهور متشوقًا لرؤيته طوال السنوات الطويلة الماضية، والذى ظهر عبر شخصية دور والد "يارا" ريهام حجاج، وهو نموذج للأب الواعى والمحب لابنته والذى يدعمها ظالمة كانت أو مظلومة، ونجح أيضا مسلسل "جزيرة غمام" فالعمل أشبه بملحمة درامية، جمعت بين الفلسفة والصوفية، واعتمدت على بطولة جماعية ضاعفت من نجاح العمل إثر تألق كافة عناصرها من مؤلف ومخرج وممثلين الذين فوجئ جمهورهم هذا العام بأدوارهم المُتقنة بداية من أحمد أمين وطارق لطفى مرورا بفتحى عبد الوهاب ورياض الخولى، وصولا إلى مى عز الدين وعبد العزيز مخيون.
وللأسف لم يحظَ مسلسل "العائدون" للنجم أمير كرارة بالنجاح المرجو، وكان لزامًا عليه أن يطور من نفسه فى الأداء ليعيد ثقة المشاهد من جديد، لكنه لم يحقق النجاح المرجو منه، وكذلك النجم محمد رمضان فعلى الرغم من موهبته الكبيرة فإن سيناريو مسلسل "المشوار" جاء بطيئًا للغاية وأحداثه اتسمت بالملل والرتابة وللأسف لم يوفق المخرج الكبير محمد ياسين فى صناعة مسلسل يليق باسمه واسم النجم محمد رمضان وبالطبع فإن مشاهدات مسلسل الاختيار أثرت على الأعمال الأخرى المشاركة فى الموسم. أما قائمة الخاسرين هذا العام فتضم عددا كبيرا من المسلسلات منها "فاتن أمل حربى" فهو عمل فنى باهت أثار كثيرًا من اللغط دون فائدة وكأنه ينطبق عليه المثل القائل "ضجيج بلا طحين"، كما ظهرت نيللى كريم فى المسلسل كعادتها مكتئبة وحزينة وفى أسوأ حالاتها الفنية حتى أصابت بعض المشاهدين بالملل لتسجل بهذا المسلسل إخفاقها الثانى على التوالى عقب إخفاقها العام الماضى بمسلسل "ضد الكسر" واحتل قائمة الأفشل فى دراما رمضان، ومن سوء حظ نيللى كريم أن مسلسلها فاتن أمل حربى لم يقو أصلًا على المنافسة بعد عرض الحلقات الأولى، وهو ما أعتقد أنه كان سببًا رئيسيًا فى تقبلها صدمة فشل المسلسل وانضمامه لقائمة الأعمال الدرامية الخاسرة، التى أخرجها الجمهور من حلبة المنافسة مبكرا، ومسلسل "المداح أسطورة الوادى" بطولة حمادة هلال، ومسلسل "أحلام سعيدة" ليسرا وغادة عادل.
وهناك مسلسلات لم يلتفت إليها أحد منها "شغل عالى" لفيفى عبده وشيرين رضا، "بابلو" لحسن الرداد وأروى جودة، "رانيا وسكينة" لروبى، و"عودة الأب الضال" لبيومى فؤاد، و"دنيا تانية" لليلى علوى، و"بيت الشدة" لوفاء عامر، و"وجوه" لحنان مطاوع، أما برنامج "رامز موفى ستار" والذى يقدمه رامز جلال فقد سقط سقوطًا ذريعًا، وأظنه سقوطًا بلا رجعة، بعد عزوف كل الجماهير عن متابعته والتفافهم حول مسلسل "الكبير أوى 6" بديلًا عنه وتمكن مكى من القضاء على رامز بالضربة القاضية، وأعتقد أن الجمهور مل من متابعة هذه السخافات التى يصدرها كل عام بنفس المعنى، وأكاد أجزم بأن صناع هذا البرنامج قد نجحوا وعن جدارة فى أن يتربعوا على قمة مستنقع السطحية والانزلاق فى وحل التفاهة والضحالة، وأعتقد أن هذا العام كان كاشفا بعض النجوم وبعض المخرجين الذين لم يقدموا جديدا بل ساهموا فى إفساد الذوق العام بأعمال جاءت دون المستوى، ولا يمكن أن ننكر أن موسم الدراما هذا العام لم يكن قويًا، وكان مخيبًا للآمال فى الكثير من المسلسلات، التى كان الجمهور ينتظرها لثقته فى النجوم القائمين على العمل، ولكن للأسف لم يكن النجوم هذا العام أهلًا لهذه الثقة فى الكثير من المسلسلات، ولكننى أشعر بتفاؤل كبير مع قدوم عام 2023 فيما يخص الدراما المصرية، خصوصا مع إعلان بعض شركات الإنتاج المهمة دخولها بأعمال درامية ضخمة الهدف منها تحقيق التنافسية وتحقيق المتعة للمشاهد أيضاً.