حسين الصادر: القاهرة ركيزة الأمن والاستقرار في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن (حوار)
أشاد حسين الصادر نائب رئيس مركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية اليمني بالدور المصري في دعم القضية اليمنية، مشيرا إلى أن القوات المسلحة المصرية تتولى قيادة قوات المهام المشتركة 153 والتي تتصدى لأعمال التهريب والأنشطة الغير مشروعة والأنشطة الإرهابية في مناطق البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وهذا الدور العسكري المصري يعطي مثال واضح على دور مصر في تثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة ومنع وصول الدعم غير المشروع للمتمردين الحوثيين.
وكشف نائب رئيس مركز البحر الأحمر، عن دور المركز محليا وإقليميا لخدمة الجمهورية اليمنية، منوها أنه تجاوز كل الطرق التقليدية في العمل الوطني.
وقال "الصادر"، إنه منذ انطلاق عمليات التحالف العربي في 26 مارس 2015 بعد سقوط العاصمة والانقلاب على الشرعية السياسية التوافقية ، ألغت المليشيات مؤسسات الدولة الدستورية عبر ما يسمى الإعلان الدستوري، واستولت على مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية بما فيها الأموال العامة والاحتياطي النقدي للدولة في البنك المركزي وكذلك العتاد العسكري واستخدمت المقاتلات الحربية لقصف مقر الرئيس في عدن، ودفعت المليشيات بكل ثقلها العسكري للاستيلاء على الساحل الغربي وصولا إلى باب المندب وكذلك العاصمة عدن وبذلك سيطرت على أهم المدن اليمنية وهي صنعاء والحديدة وتعز وعدن وأبين وفرضت تواجدها في خليج عدن وباب المندب وسواحل البحر الأحمر من مضيق باب المندب إلى ميدي (حوالي 400كم) وبهذا الانتشار نستطيع القول إن المليشيات سيطرة على أهم الممرات الجيوسياسية في المنطقة، وبالنتيجة سوف يمنح هذا الوضع إيران سيطرة كاملة ابتداء من مضيق هرمز مرورا بخليج عمان وبحر العرب وباب المندب والبحر الأحمر.
وأضاف نائب رئيس مركز البحر الأحمر، أن هناك جبهة أخرى وهي الجبهة الشرقية ودفعت المليشيات أكثر من 15 وحدة عسكرية كل وحدة بحجم للواء باتجاه مأرب وشبوة وحضرموت واستطاعت إسقاط محافظة شبوة والالتفاف على مأرب من الشرق، وشقت قوات المليشيات طريقها عبر الصحراء باتجاه منطقة العبر، وكانت تخطط أن تلتقي في نقطة ما مع قوات المليشيات القادمة من الجوف والتقدم شرقا باتجاه حضرموت والمهرة، لافتا أن هذا هو طبيعة الموقف العسكري عشية انطلاق عمليات التحالف العربي في 26 مارس 2015، وأن هذا المشهد يعني أن اليمن سقطت بنسبة 90% بيد المحور الذي تقوده إيران.
سقوط اليمن يعني انتصار للهيمنة الإيراني
ونوه "الصادر" أن سقوط اليمن بموقعه الاستراتيجي وثقله السكاني في الجزيرة العربية والخليج يعني انتصار للهيمنة الإيرانية والتموضع "الفارسي" في خاصرة الأمن القومي العربي، لافتا أن الرد العربي جاء عبر عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية ومعها 9 دول عربية في مقدمتها مصر.
وأشار نائب رئيس مركز البحر الأحمر إلى أنه على الرغم من صعوبة الموقف على الأرض، إلا أن التحالف العربي استطاع احتوى التهديدات الإيرانية وحصرها في مساحة محدودة، والأهم من ذلك أنه قدم الدعم والمساندة الكاملة للشعب اليمني، في الجانبين العسكري والإنساني ففي الجانب العسكري دعم التحالف الواحدات اليمنية العسكرية وإعادة البناء للجيش اليمني الذي أصبح يمتلك قدرات جيدة في الميدان، وقدم التحالف العربي كل الدعم والمساندة السياسية والدبلوماسية والإعلامية للحكومة اليمنية.
استمرار دعم التحالف العربي لليمن ضروري
وقال "الصادر"، إنه على الجانب الإنساني حشد التحالف جهود جبارة فيما يتعلق بالدعم الإنساني وهذه الجهود مباشرة عبر هيئات ومنظمات خاصة بدول التحالف مثل مركز الملك سلمان والهلال الأحمر الإماراتي أو بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة مثل برنامج الغذاء العالمي، مشيرا إلى أن استمرار دعم التحالف العربي لليمن حيوي وضروري، وتمكن التحالف العربي من تغيير المعادلة في اليمن وحصر التمرد في نطاق محدود وأصبح هذا التمرد في حكم الاندثار والهزيمة لولا بعض المواقف الدولية المغرضة.
وطالب نائب رئيس مركز البحر الأحمر باستمرار دعم التحالف العربي لليمن أولا في إطار الحفاظ على المكاسب ومنع عودة التهديدات مرة أخرى، بالإضافة إلى استمرار الدعم العربي لليمن كاستراتيجية عربية، مشيرا إلى أن ميلاد التحالف العسكري العربي بقيادة السعودية ودول عربية وازنة مثل مصر مثل الإرهاصات الأولى لتعاون استراتيجي عربي غير مسبوق منذ حرب أكتوبر المجيدة وهذا التحالف الذي كانت بدايته دحر تواجد إيران في اليمن يمضي اليوم بخطا متسارعة إلى إعادة التوازن في المنطقة ضمن متغيرات دولية جديدة وهو اليوم أكثر صلابة وقوة.
مواصلة الدعم العربي لليمن
وأكد "الصادر" أن الشعب اليمني يتطلع إلى ضرورة مواصلة الدعم العربي لليمن بطي ملف الحرب والتسريع في خطوات الحل السياسي ضمن قرارات الشرعية الدولية وفي المقدمة القرار 2216 ومثلما كانت اليمن التي التحم فيها العرب لكبح الأطماع الإيرانية، ينظر اليمنيين إلى القدرات العربية المتنامية في العلاقات الدولية أن يكون لها أثر إيجابي على مستقبلهم وخاصة بعد إعلان الرياض الصادر عن القمة العربية الصينية الأخيرة.
وكشف نائب رئيس مركز البحر الأحمر عن رؤية المركز لمستقبل اليمن، موضحا أنها تقوم على ضرورة دمج اليمن الكامل مع محيطه الإقليمي (مجلس التعاون الخليجي) وهذه الرؤية كانت فاتحة نشاطات المركز يوم إعلان إشهاره في 29 يوليو الماضي تحت عنوان "الجمهورية اليمنية ومجلس التعاون الخليجي بناء السلام ومستقبل الشراكة"، وتنطلق هذه الرؤية من تحليل تاريخي دقيق لعلاقة اليمن بالجوار الخليجي، وقد اتضح أن هذا الاندماج سوف يشكل حجر الزاوية لأمن مستدام للجزيرة العربية والخليج من جهة، وللأمن القومي العربي من جهة أخرى.
وأشار "الصادر" إلى أنه للوصول إلى هذا الهدف يحتاج اليمن إلى جهود كبيرة تبدأ من بناء السلام وتنتهي بشراكة فاعلة مع المحيط الإقليمي وبين البداية والنهاية هناك الكثير من الصعوبات والعقبات في مستويات مختلفة منها السياسي والاقتصادي والأمني وأزالت أثار الحرب وإعادة البناء والإعمار، وتحقيق هذه الطموحات يحتاج إلى دعم كبير ومستمر على كافة الأصعدة.
القوى الوطنية اليمنية واجهت الانقلاب تحت قيادة واحدة
وأكد نائب رئيس مركز البحر الأحمر أن أهمية مجلس القيادة الرئاسي تنحصر في إعادة الحياة إلى الوحدة الوطنية، مشيرا إلى أن كل القوى الوطنية اليمنية واجهت الانقلاب تحت قيادة واحدة وكانت هذه الخطوة ضرورية لتحقيق هدف وطني واحد ووحيد هو عودة الدولة وإنهاء الحالة الانقلابية وإنهاء حالة الشتات السياسي وهي خطوة كان لابد منها ووجودها ضروري لتحقيق الأهداف الوطنية لكافة اليمنيين، والمجلس لم يقصي أي طرف يمني، ومن المفيد للجميع الوقوف خلف المجلس وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الضيقة.
مصر دولة مركزية في العالم العربي
وأشاد "الصادر" بدور مصر في دعم اليمن والشعب اليمني، لافتا أن مصر دولة مركزية في العالم العربي وعند حدوث أي أزمة لأي قطر عربي من المحيط إلى الخليج مباشرة تتجه الأنظار إلى مصر ويرجع ذلك لأهمية الدور المصري تاريخيا وثقافيا وعسكريا وسياسيا، وتمثل مصر والمملكة العربية السعودية اليوم الثنائي الفاعل للعمل العربي المشترك ضمن متغيرات دولية جديدة وهناك رهانات وآمال كبيرة لكافة الشعوب العربية على الثنائي (الرياض - القاهرة).
وأكد نائب رئيس المركز أن هناك دعم مصري كبير للشعب اليمني، وأن مصر تحتل مكانة مميزة في الذهنية العامة للشعب اليمني، ويرجع ذلك لدورها القومي الذي تبنته خلال الحقبة الناصرية وكان لذلك الدور تأثير كبير في حياة اليمنيين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وكان لمصر بصمات في وجود اليمن بشكله السياسي الحالي، مشيرا إلى أن الدور المصري في دعم الشعب اليمني مستمر وفعال ، والقيادة اليمنية ممثلة بمجلس الرئاسة القيادي والرئيس رشاد العليمي تتواصل باستمرار مع القيادة المصرية ممثلة بالرئيس عبد الفتاح السيسي وهناك طموحات لبناء شراكات مصرية يمنية في كل المجالات.
وأعرب "الصادر" عن امتنانه بمعاملة اليمنيين داخل مصر في الظروف الراهنة التي تمر بها اليمن والجميع يقدر ويثمن عاليا موقف مصر باعتبارها البلد التي فتحت أبوابها لليمنيين في ظروف حرجة.
وقال نائب رئيس المركز إن ما حدث في اليمن بعد أحداث الربيع العربي، أدى إلى انقسام في الرأي العام العربي، وهناك وسائل إعلام دولية وأخرى وفي المنطقة قامت بتظليل الرأي العام ويمكن تقسيم التفاعل العربي إلى الدول العربية التي انخرطت في التحالف العسكري العربي بقيادة المملكة العربية السعودية وهناك تفاعل إيجابي شعبي ورسمي ومعظم دول التحالف تقع في المحيط الجغرافي المجاور لليمن مثل دول مجلس التعاون ومصر والسودان والأردن التي تشارك اليمن حوض البحر الأحمر وهناك دول بعيدة نسبيا مثل المغرب، هذه الدول شاركت اليمنيين آلامهم في لحظات صعبة وضحت بالدم والغالي والنفيس بهدف منع سقوط اليمن في المخالب الإيرانية، كما أن هناك عرب مؤدلجين من قبل إيران أو جماعات فوضوية اتخذوا مواقف مختلفة.
المجتمع الدولي يتحرك في أي ملف حسب مصالحه
واعتبر "الصادر" أن المجتمع الدولي يتحرك في أي ملف حسب مصالحه، ومن هنا يصعب تقييم الموقف الدولي في مكافحة الإرهاب، بالمقابل يجب أن يكون لدول العربية رؤيتها في مكافحة الإرهاب وهذه الرؤية متوازية مع الجهود الدولية وتلبي المعايير المتفق عليها عالميا.
مركز الملك سلمان للإغاثة استطاع تلبية احتياجات المواطنين
وأشاد بجهود مركز الملك سلمان للإغاثة في اليمن، منوها أنه لعب دورا كبيرا وشملت أعماله الإغاثية كل اليمن بغض النظر عن سيطرة أطراف الصراع وهذا يعني ببساطة أنه استطاع تحييد أعماله الإنسانية، وعمل المركز منذ بداية الصراع بشكل منفرد وأحيانا إلى جانب منظمات إنسانية واستطاع تلبية كثير من الاحتياجات الأساسية للمواطنين والتي أسهمت في تخفيف المعاناة التي فرضها الصراع.
مشروع مسام واحدا من أبرز الأعمال الإنسانية
وأثنى على جهود مشروع مسام في نزع الألغام في اليمن، مؤكدا أنه واحد من أبرز الأعمال الإنسانية في جغرافيا الصراع المستمر منذ ثمان سنوات، وكان هذا المشروع الإنساني الخير التفاته مبكرة وانطلق عام 2017 أي بعد عامين من بداية الصراع.
وأكد أن يميز مشروع مسام قدرته على التكييف والبقاء والعمل لمدة خمس سنوات تحت غبار البارود والصمود لتأدية رسالته الإنسانية على الرغم من المخاطر التي تحيط بمنتسبيه واستشهد عشرات المنتسبين للبرنامج في ميدان العمل، مشيرا إلى أن المشروع السعودي مسام واجه واحدة من أخطر المهمات للنزع الألغام منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وواجه البرنامج أكبر عمليات زرع ألغام منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وتقدر الكمية المزروعة من الألغام بمليوني لغم خلاف مخلفات الحرب.
وقال إن برنامج مشروع مسام يقوده في الميدان مدير البرنامج السعودي للنزع الألغام مدير البرنامج أسامة القصيبي ويتمتع القصيبي بقدرات قيادية فذة ويتمتع بكرازيما إنسانية عالية انعكست على الروح المعنوية لفريقه الذي يعمل بصمود وثبات وسط مخاطر لا حصر لها، مشيرا إلى أن فريق مسام استطاع مع البرنامج الوطني اليمني لنزع الألغام بقيادة أمين العقيلي تطبيع الحياة وتأمين سلامة السكان المدنيين في آلاف القرى والبلدات والمزارع وأراضي المراعي الواسعة وبدون ذلك البرنامج لا يمكن أن نتخيل شكل الجحيم الذي كان سيصيب المدنيين.
وأضاف أن المشروع تمكن من انتزاع وتدمير نحو 400 ألف لغم ومقذوف، وتمكن مشروع مسام من التعامل مع أنواع مختلفة من الألغام مزود بتقنيات حديثة، مشيرا إلى المشروع انطلق من مدينة مأرب في صيف 2017 بدعم وتمويل سعودي كامل ويعمل في معظم المحافظات اليمنية ويحظى بدعم ومساندة وتعاون من السكان المحليين في كافة المحافظات، ونتيجة إنجازاته الرائعة وصمود منتسبيه وتضحياتهم وهم من جنسيات مختلفة شكل البرنامج قصة إنسانية استثنائية للتعاون الإنساني في مواجهة السلوكيات الشريرة، لهذه الأسباب يحظى مشروع مسام بتقدير عالمي من قبل المنظمات الدولية كتجربة فريدة ومثيرة للاهتمام.