سامر رجب يكتب: “هل المدير نصف الشغلانة”؟
طول عمرنا بنسمع عن جملة إن المدير هو نص الشغلانة و لكن مع كم القصص اللي شوفتها وسمعتها الفترة اللي فاتت من زملاء كثيريين تركوا عملهم بسبب مدرائهم، فذلك جعلني أُجزم أن المدير هو الشغلانة كلها وليس نصفها.
فهناك العديد من القصص لكفاءات قد تركوا عملهم بسبب إستخدام المدير لسلطاته بشكل تعسُفي وعدم وجود رقابة وضوابط صارمة علي هذه السلطة المطلقه أو وجود ضعف بَيّنَ في مهارات القيادة، مما عمل على خلق مناخ عمل غير صالح toxic work environment وجعل بيئة العمل طاردة للكفاءات.
ومن تلك القصص التي أثرت فِي خلال الاَونة الأخيرة وألهمتني كتابة ذلك المقال، قصة شاب ترك وظيفته التي يعشقها والمؤسسة التي شعر نحوها بالإنتماء، بسبب مديره الذي إستغل سلطته المطلقه دون وازِع أخلاقي ولا ديني.
فتبدأ القصة عندما التحق ذلك الشاب بالوظيفة الجديدة وأخذ على عاتقه إثبات نفسه فعمد على إدخال العديد من الإبتكارات والمبادرات التي تم وصفها بأنها أفكار خارج الصندوق. ووُجَّه في بادئ الأمر بالمقاومة، وهذا هو حال كل ماهو جديد إلى أن تعهد بمضاعف أرقام المؤسسة من خلال تلك المبادرات، وقد كان ثمن عدم التحقيق هو خسارة و ظيفته؛ ولكن الله لايضيع أجر من أحسن عملاً، فقد حقق أكثر مما يصبو إليه وإذا بالإدارة العليا في تلك المؤسسة تشيد بما فعله ذلك الشاب المجتهد وقد قيل له "أننا كنا في بادئ الأمر ضد أفكارك التي لم نعهدها ولكنك بالتجربة أثبت لنا أنك كنت علي صواب ونحن علي خطأ".
فإذا بمديره لم يروق له أن يكسب ذلك الشاب ثقة الإدارة العليا؛ فتدب في قلبه نار الحقد والغيره وخاصةً بعد ترشحة للعمل بمهام إستراتيجية؛ فإذا بمديره يرفض ويقول له أفعل مايريدون بشكل ردئ وقل لهم هذا ما أٌجيد. ولم يقف عند هذا الحد فأخذ هذا المدير يتدخل في إدارة فريق العمل التابع لهذا الشاب وأخذ يستقطب ضعاف النفوس منهم وجعلهم يتركون عملهم الرئيسي ويستعين بهم في أغراضٍ شخصية، و هذا ما لم يرتضيه هذا الشاب. وتمادي هذا المدير في تجاوزاته مع العديد من الزملاء بدءاً من التعامل والتجاوز اللفظي وإستغلال مرؤوسيه لتنفيذ أعمال شخصية له؛ ولكن كونه يملك عصى السلطة فأستخدمها بشكل مُجحف وجعل من التقييم السنوي والترقية أداة لتحقيق اهواؤه الشخصية وليس أهداف المؤسسة.
وكانت النتيجة أن الكفاءات الذين وعوا جيداً أن الكرامة وإحترام النفس هو أغلى ما يمتلكه الإنسان؛ أخذوا بالرحيل واحد تلو الاَخر، ولم يقف عند هذا الحد فقد تدخل في حياة ذلك الشاب الخاصة الذي كان يعمل علي نشر التثقيف والتوعية المالية والمصرفية بين مختلف طوائف المجتمع؛ فإذا بمديره يأمره أن يقف عن هذا وبأدبه المعهود رد الشاب أنه ملتزم بالوائح المؤسسة فما كان من هذا المدير إلا أن يقول له "أنامن أضع اللوائح هنا"، وما من هذا الشاب جراء تلك الأفعال إلا أنه قرر الرحيل وترك بيئة العمل الفاسدة الذي يتلصص الجميع على بعضهم البعض، وقد أستوقفتني تلك القصة للبحث عن أنماط القيادة والمديريين.
-أنماط المديريين : أننا كبشر مختلفون فيما بيننا وعلينا أن نعي ذلك حتى يسهل علينا التعامل، ولن أنسي نصيحة أول مدير لي أنك شاب علي خلق تربيت علي قيم ومبادئ ندرت في هذا الزمان، ولكن عليك أن تفرق بين العمل وحياة ماقبله فأنت تتحكم في دائرة معارفك أما الاَن فعليك أن تتعامل مع الجميع.
وإن كان بإمكاننا في الحياة الشخصية أن نكف عن التواصل مع ذاك الشخص المختلف عنا أو الذي يسبب لنا إزعاجًا، فإن الأمر في العمل ليس كذلك، خاصة إذا تعلق الموضوع بالمدراء، ولقد لخص كتاب كيف تدير مديرك Managing Your Manager لخبير إدارة الموارد البشرية Gonzague Dufour أنماط المدراء السبعة أنسب الطرق للتعامل كالتالي:
- المدير المتنمر Aggressive Bull : هذا النمط من المدراء يتصف بالقسوة والعدوانية، والإنتقاد الحاد للآخرين، ولا يعرفون تحفيز موظفيهم والدفع بهم قُدمًا سوى بالتخويف والترهيب، وهم ماهرون في إدراك موطن العطب ثم استغلاله لتوجيه الهجمات والنقد اللاذع.
ورغماً عن ذلك يفضل كثير من الموظفين، وفقًا لـلمؤلف العمل معهم؛ إذ هم حريصون على مكافأة المهرة والمجدين.
إذا أردت أن تتعامل مع هذا النمط من المدراء بنجاح فتحلَ بروح الدعابة ولا تأخذ انتقاده على محمل شخصي، وحاول طوال الوقت أن تغير أسلوب التعامل معه؛ كي تتمكن من الخروج من الموقف الحرج الذي وضعك فيه.
- المدير الخيّر Calm Good : هذا نمط عقلاني، ويمكن التنبؤ به، وهم أناس غالبًا ما يتجنبون المواجه، ويتحلون بالصبر في المواقف العصيبة، وشبكاتهم وعلاقاتهم الاجتماعية ضعيفة ومحدودة.
يكره هؤلاء المديرون الأشخاص الذين لا يمكن توقعهم، إنهم عمليون جدًا، ويريدون أن يسير الجميع على الصراط المستقيم.
إن أفضل طريقة للتعامل مع المدير الخيّر هي أن تتقدم أنت خطوة عنه، وأن ترفع عبء أداء تلك الأعمال التي يخشى فعلها.
- المدير المتلون Mysterious Kaleidoscope :
هو كالحرباء متلون ومتبدل طوال الوقت، ومن ثم يصعب عليك توقعه أو التنبؤ به، أو معرفة ما يريد. يتمتع هذا النمط بذكاء حاد، وقدرة كبيرة على اكتشاف الآخرين، وهم واثقون من أنفسهم، فعليك أن تتقبل أنك لن تتعرف على الوجه الحقيقي خلف الأقنعة الكثيرة التي يرتديها طوال الوقت.
كن قريبًا منه بدرجة ما، واسأله عن أهدافه خلال العامين المقبلين على الأقل، لن يفصح لك، ولكن يمكنك الاستنتاج من خلال كلامه وتمويهاته.
- المدير النجم Energetic Star : هو مولع بالشهرة، ويحب دائمًا أن يكون في دائرة الضوء، يتوقع من موظفيه الكثير والكثير، غير عقلاني، وغالبًا ما يكون مزاجيًا وخاضعًا لضغط انفعالاته.
يحب المدير النجم المعلومات المباشرة والواضحة، و هو يحب "الجنود الجيدين" الذين يلبون الأوامر دون مناقشة.
أشعره بأهميته، وحاول أن تختلق اللحظات والفرص التي تجلعهم في دائرة الضوء وفي مقدمة الصفوف.
- المدير العالم Highly logical Scientist : الشركة بالنسبة له معمل أو حقل تجارب يطبق فيها نظرياته، وهو شغوف لمعرفة أحدث ما توصل إليه علم الإدارة، يحكمون على الأمور وفقًا للحقائق ولا علاقة لهم بالمشاعر.
يُجيدون تلقي الملاحظة وتقديم ملاحظاتهم على عمل مرؤوسيهم، كل شيء بالنسبة لهم يسير وفق نظام محدد.
- المدير المتمركز حول ذاته Selfish Navel: فهو لا ينظر إليك ولا يعيرك التفاتًا، وينظر إليك كأداة لتحقيق أهدافه وطموحاته الشخصية.
سريعون في اتخاذ القرارات، لا يستشيرون أحدًا، ولا يأبهون إلى أمر أحد، لابد أنك ستواجه في حياتك المهنية مديرًا كهذا، وغالبًا لن تستطيع فعل شيء حيال أناه المتضخمة والمقتربة من الانفجار.
- القائد The leader : سابع نمط، وهو أفضلهم، فهم مستعدون للتعليم والتعلم، يحترمون موظفيهم ويقدرونهم، يتلقون تعليقاتهم بصدر رحب، ويتعاملون معها بحيادية تامة، يشجعون الموظفين على التعلم والنمو، ويتعلمون منهم ومعهم كذلك.
ووجود مدير كهذا مكسب لموظفيه وللشركة على حد سواء، ففيه تجمعت كل مزايا المدراء الست السابقين، ويجب أن تنتفي عنه سلبياتهم، وهو أمر ممكن حالما يقرر الموظفون تطوير قادتهم، وإدارة مديريهم.
الفرق بين القائد والمدير الفرق بين القائد والمدير عادة ما يخلط الناس بين كلمة قائد وكلمة مدير معتقدين أن الكلمتين وجهان لعملة واحدة أو أنهما مترادفتان ويحملان المعنى نفسه، ولكن الحقيقة في إيجاز القائد يؤثر في مرؤوسيه بالحب، أما المدير فيؤثر بقوة الصلاحيات التي يمتلكها، وأهم فرق بينهم، هو أن القائد يخلق قادة، أما المدير فيخلق اتباع.