محمود الشويخ يكتب: «معاً للنهاية ».. لماذا ذهب السيسى إلى جدة؟.. وماذا قال لـ"بن سلمان"؟
- ما سر زيارة الأربع ساعات إلى المملكة العربية السعودية؟.. ولماذا تناول الرئيس والأمير السحور معا؟
- الملفات الساخنة التى جرى الاتفاق حولها.. وكيف سقطت كل الأكاذيب حول الخلافات بين الأشقاء؟
- ما لم ينشر عن اللقاء المغلق بين الزعيمين.. وأسرار الاتفاقيات الاقتصادية الكبرى والاستثمارات القادمة.
على مدار الأشهر الماضية لعب الأعداء على "وتر" الخلافات بين مصر والسعودية كثيرا.. وحاولوا بكل ما يستطيعون "ضرب إسفين" بين البلدين الشقيقين.. وللأسف تورط بعض من لا يدركون ما بين القاهرة والرياض فى هذا المخطط دون دراية منهم وعن جهل!
حاولوا إشعال الفتنة.. وسعوا لتجميد العلاقات.. واستخدموا كل الأساليب.. لكن كل مخططاتهم ذهبت هباء لأن هناك قائدا فى مصر اسمه الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقائدا فى السعودية اسمه الملك سلمان بن عبدالعزيز وولى عهده الأمير محمد.
فلقد قطع الرئيس السيسى بنفسه طريق الفتنة حين تحدث عن قوة العلاقات بين مصر والأشقاء فى الخليج، وذلك خلال حضوره القمة العالمية للحكومات فى الإمارات.. لكن الذين فى قلوبهم مرض استمروا بعدها فى محاولاتهم المستميتة لإشعال الفتنة.
وهنا.. وفى هذه الأيام المباركة.. قرر الرئيس السيسى أن يغلق هذا الملف المغلق أصلا.. بزيارة خاطفة إلى المملكة العربية السعودية، استقبله خلالها الأمير محمد بن سلمان، ولى العهد السعودى رئيس الوزراء.. حيث التقيا على مائدة السحور فى مدينة جدة، ورحب «بن سلمان» بالرئيس فى بلده الثانى السعودية، وعبّر الرئيس عن شكره لأخيه ولى العهد على الحفاوة وكرم الضيافة التى استُقبل بها والوفد المرافق له.
على الصعيد الرسمى.. «السيسى» و«بن سلمان» أشادا بالعلاقات التاريخية الوثيقة والمتميزة التى تربط البلدين الشقيقين على جميع المستويات، مشيرين إلى أهمية الزيارة فى مواصلة تطوير هذه العلاقات الأخوية.. وأكد الرئيس السيسى و«بن سلمان» حرصهما المتبادل على تعزيز التعاون المشترك فى جميع المجالات، بما يعود بالنفع على الشعبين الشقيقين، إضافة إلى مواصلة التنسيق والتشاور تجاه التطورات والقضايا الإقليمية والدولية.
ثم إن اللقاء الأخوى - الذى حضره اللواء عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة، وحضره من الجانب السعودى، مساعد بن محمد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء مستشار الأمن الوطنى، وعصام بن سعد وزير الدولة عضو مجلس الوزراء - شهد استعراض العلاقات الثنائية الوثيقة والتاريخية بين البلدين الشقيقين، وآفاق التعاون المشترك وسبل تعزيزه وتطويره فى مختلف المجالات، إلى جانب بحث تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية والجهود المبذولة تجاهها، إضافة إلى بحث مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك.
والحق أن الحفاوة بالرئيس السيسى كانت واضحة وهو ما رد عليه قائدنا عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعى قائلا: «سعدت بلقاء شقيقى سمو الأمير محمد بن سلمان، ولى عهد المملكة العربية السعودية، وإننى إذ أعبر عن امتنانى وتقديرى لحُسن الاستقبال والضيافة، أؤكد على عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين مصر والمملكة العربية السعودية، وأتطلع لتنميتها وتعزيزها فى كل المجالات، وبما يحقق المصالح المشتركة لبلدينا، وتطلعات شعوبنا العظيمة».
غير أن السؤال الأهم: ما وجه الاستفادة من الزيارة؟
والإجابة الاقتصادية عرفتها من السيد عبدالحميد أبوموسى، رئيس مجلس الأعمال المصرى- السعودى، الذى قال إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى المملكة العربية السعودية الشقيقة، وحفاوة الاستقبال التى أولاها إياه ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، تؤكد قوة ومتانة العلاقات التاريخية بين البلدين، مشيرًا إلى ازدهار العلاقات الاقتصادية بين مصر والمملكة فى عهد الرئيس السيسى.
«أبوموسى» يذكر أن مصر تسعى إلى تعظيم المشاركة مع السعودية وتعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى بين الدولتين، مشيدًا بالتوافق والتناغم والتفاهم بين قيادتى البلدين، الذى أثمر عن شراكات اقتصادية واستثمارية قوية، تدعمها دائمًا العلاقات السياسية المتميزة.
والخبر السعيد أن استثمارات سعودية جديدة فى طريقها إلى مصر قريبًا، خاصة فى منطقتى محور قناة السويس والعاصمة الإدارية، مشيرًا إلى أن هناك توافقًا بين المستثمرين فى البلدين لتعظيم الأنشطة الاستثمارية والمساهمة فى المشروعات القومية، خاصة بعد أن أصدرت مصر خلال الفترة الماضية العديد من التشريعات لتوفير بيئة محفزة للاستثمار وداعمة للنمو الاقتصادى.
وبلا شك أن القطاع الصناعى المحرك الرئيس للنمو الاقتصادى وحجر الزاوية للتنمية المستدامة، لذا ينظر لهذا القطاع كقاطرة للتوسع التصديرى لتوفير النقد الأجنبى وتحقيق الاكتفاء الذاتى للعديد من السلع، وتوفير فرص عمل للشباب فى البلدين، بجانب تفعيل التعاون فى مجال المشروعات الصغيرة من خلال الربط بين الغرف التجارية، والسعى لتأسيس شركة متخصصة لجلب العمالة المصرية وتدريبها وتأهيلها للعمل بالمملكة العربية السعودية.
هذا إلى جانب أن الزيارة استهدفت خلال هذه المرحلة لتعظيم التعاون المصرى- السعودى ودخول الأسواق الإفريقية، والاستفادة من مناطق التجارة الحرة المتاحة لمصر.. حيث من المقرر تدشين تعاون ثنائى لمشروعات مشتركة فى القارة السمراء فى عدة مجالات، منها قطاع المقاولات ومشروعات البنية التحتية ومشروعات الزراعة والتصنيع المشترك والدعم اللوجستى.
وهنا يؤكد «أبوموسى» ضرورة تعظيم الاستفادة المشتركة من اتفاقيات التجارة الحرة الإفريقية والأوروبية، وتدشين مبادرة لتنفيذ المشروعات المشتركة لإعادة إعمار ليبيا وسوريا والعراق واليمن، وكذلك تنمية آليات النقل متعدد الوسائط لتيسير دخول المنتجات المصرية إلى المملكة ومنها إلى دول الخليج العربى، والعمل على تيسير دخول المنتجات السعودية إلى مصر ومنها إلى القارة السمراء.
ولذا فإن المجلس يبحث سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر والمملكة العربية السعودية خلال الفترة المقبلة، لوضع تصور مستقبلى لبرامج وخطط العمل، وإرساء أسس وقواعد تعميق العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، وتسليط الضوء على فرص التعاون المتاحة مع الجانب السعودى فى شتى المجالات، والارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية نحو آفاق أوسع.
ومن المهم الإشارة إلى أن حجم الاستثمارات السعودية فى مصر يبلغ أكثر من ٥٥ مليار دولار، من خلال أكثر من ٦ آلاف و٨٠٠ شركة، وفى هذا الإطار فمن المتوقع مضاعفة الاستثمارات السعودية بمصر، فى ظل خطة الحكومة المصرية لإتاحة أصول بقيمة ٤٠ مليار دولار للشراكة مع القطاع الخاص، فيما يبلغ عدد الشركات المصرية فى المملكة ١٣٠٠ شركة باستثمارات تجاوزت نحو ٢.٥ مليار دولار.
وقد أظهرت بيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع قيمة التبادل التجارى بين مصر والسعودية لتصل إلى ١٠.٤ مليار دولار خلال عام ٢٠٢٢ مقابل ٩.١ مليار دولار خلال عام ٢٠٢١ بنسبة ارتفاع قدرها ١٣.٥٪.
وسجلت قيمة الصادرات المصرية للسعودية ٢.٥ مليار دولار مقابل ٢.٢ مليار دولار، وفقًا لسنتى المقارنة، بنسبة ارتفاع قدرها ١١.٢٪، وبلغت قيمة الواردات المصرية من السعودية ٧.٩ مليار دولار مقابل ٦.٩ مليار دولار بنسبة ارتفاع قدرها ١٤.٣٪.
ومن أهم المجموعات السلعية التى صدّرتها مصر إلى السعودية النحاس ومصنوعاته بقيمة ٢٤٥.٩ مليون دولار، والفواكه بقيمة ٢٢٧.٤ مليون دولار، ووقود وزيوت معدنية ومنتجات تقطيرها بقيمة ٢١٥.٥ مليون دولار، وحديد وصلب بقيمة ٢٠١.٢ مليون دولار، وآلات وأجهزة كهربائية، وأجزاؤها، بقيمة ١٦٧.٣ مليون دولار.
أما عن أهم مجموعات سلعية استوردتها مصر من السعودية فتمثلت فى وقود وزيوت معدنية ومنتجات تقطيرها بقيمة ٥ مليارات دولار، ولدائن ومصنوعاتها بقيمة ١.٨ مليار دولار، ومنتجات كيميائية عضوية بقيمة ٢٧٢ مليون دولار، وألومنيوم ومصنوعاته بقيمة ١٧٤.٩ مليون دولار، وورق ومصنوعات من عجائن الورق بقيمة ١٠٨.٥ مليون دولار.
وبلغت قيمة الاستثمارات السعودية فى مصر ٤٩١.٦ مليون دولار خلال العام المالى ٢٠٢١/٢٠٢٢ مقابل ٣٢٥.٣ مليون دولار خلال العام المالى الذى يسبقه.
وسجلت قيمة تحويلات المصريين العاملين بالسعودية ١١.٢ مليار دولار خلال العام المالى ٢٠٢٠/٢٠٢١ مقابل ٩.٦ مليار دولار خلال العام المالى الذى يسبقه، بنسبة ارتفاع قدرها ١٧٪، بينما بلغت قيمة تحويلات السعوديين العاملين فى مصر ١٨.٥ مليون دولار، مقابل ١٧.٦ مليون دولار، بنسبة ارتفاع قدرها ٤.٩٪.
أما على الصعيد السياسى فقد أغلقت الزيارة الباب نهائيا أمام الشائعات حول العلاقات بين البلدين وأعادت تنشيط التحالف الثنائى من أجل تحقيق المصالح المشتركة وتعزيز الاستقرار فى الإقليم.
وختاما؛
أقول لكل المغرضين كما قال الرئيس: لن ترونا إلا معا.
ودائما وأبدا.. تحيا مصر.