◄الحف اظ على مياه الرى مسألة أمن قومى.. وتوصيات مهمة أبرزها توعية المواطنين وتحلية مياه البحر وإعادة معالجة الصرف
◄القطاع الزراعى يستهلك كمية تصل لـ80% من الموارد المائية
◄يجب العمل على ترشيد استعمال الموارد المائية ومنع الرى بالغمر فى كل الأراضى القديمة والأراضى حديثة الاستصلاح
◄نحتاج إلى رفع مستوى الوعى لدى المزارعين وتشجيع زراعة نباتات البيئة المحلية
تناولت الجلسة العامة لمجلس الشيوخ مؤخراً موضوعاً أرى أنه فى منتهى الأهمية ولا يجب أن يمر بأى شكل من الأشكال مرور الكرام دون أن نتوقف أمامه بالبحث والتدقيق، فالموضوع يتعلق باستيضاح سياسة الحكومة حول ترشيد مياه الرى، وذلك فى إطار اتباع العديد من السبل للمحافظة على الموارد المائية واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة العجز المائى.
وقد استند مقدم الطلب فى مذكرته الإيضاحية إلى مسألة مهمة هى أن الله سبحانه وتعالى أنعم علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى ومنها الماء.. فيجب الحفاظ عليه فلا قيمة للحياة بدون الماء ويقول سبحانه وتعالى (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ).. وفى ظل أن العالم كله يعانى من الفقر المائى ونحن نقترب من ۱۱۰ ملايين نسمة إلا أننا نتعامل مع الموضوع بعدم الجدية فى رى بعض المحاصيل برى الغمر.
وأضاف صاحب طلب المناقشة أن القطاع الزراعى يعتبر من أكثر القطاعات استهلاكا للمياه.. حيث تزيد الكمية المستهلكة فى القطاع الزراعى عن ٨٠% من الموارد المائية ويجب العمل على ترشيد استعمال الموارد المائية ومنع الرى بالغمر فى كل الأراضى القديمة والأراضى حديثة الاستصلاح لأن الرى بالغمر يؤدى إلى فقد أكثر من 10% من مياه الرى وذلك بسبب الفقد بالتبخر والجريان السطحى والرشح فى قطاع التربة.
وهنا برزت وبشكل لافت للنظر مطالبات بضرورة اتباع العديد من السبل للمحافظة على الموارد المائية واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة العجز المائى.. منها العمل على توعية الناس حيث يوجد عدد كبير ليس لديهم فكرة عن ندرة المياه وتكلفة وصولها وتحلية مياه البحر وإعادة معالجة مياه الصرف.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تم اقتراح عدد من الحلول لترشيد استهلاك مياه الرى واستعمال وسائل الرى الحديثة واستعمال مواد عضوية لتحسين التربة منها أن يكون الرى فى المساء أو الصباح الباكر بالإضافة إلى رفع مستوى الوعى لدى المزارعين وتشجيع زراعة نباتات البيئة المحلية.
ونظراً لما للمياه من أهمية حيوية لحياة الإنسان والتنمية.. فإن ذلك يقضى التصرف فى إطار السياسات التى تشجع على ترشيد استهلاك المياه فى الرى ومنها:
1 – اختيار المحاصيل التى تتحمّل الظروف الجوية (نباتات البيئة المحلية) ومن المهم اختيار المحاصيل التى تتناسب مع مناخ المنطقة؛ لتنجح النباتات فى التأقلم مع ظروف الطقس الطبيعية فى هذه البيئة لا سيما فى فترات الجفاف، فإذا كانت المنطقة تعانى من فترات جفاف فإنّ ذلك يحتّم اختيار محاصيل زراعية تتأقلم مع هذه الفترات، مما يساعد على تقليل الحاجة إلى الرى.
2 – اتباع ممارسات تحافظ على جودة التربة: تحتفظ التربة الجيدة بالرطوبة والأكسجين بشكل أفضل، مما يساهم فى تقليل كمية المياه اللازمة لرى المزروعات، ومن الممارسات التى تحافظ على جودة التربة تخصيبها بالأسمدة، وتقليل تكرار عملية الحرث. تدوير المحاصيل: يقوم العديد من المزارعين بتدوير أنواع المحاصيل التى يزرعونها حسب الموسم أو السنة، فالمحاصيل المختلفة تحتاج إلى مغذّيات مختلفة من التربة وكمية مختلفة من مياه الرى، فمن خلال التناوب المستمر بين أنواع المحاصيل تزدهر التربة وتعطى المزروعات محصولاً أفضل، بالإضافة إلى توفير استهلاك المياه بالمراوحة بين أنواع النباتات التى تحتاج إلى مياه وفيرة وتلك التى تحتاج إلى كميات أقل. الحرث لصيانة الأراضى: تستخدم الحراثة الحافظة وتعمل على حرث التربة مع إبقاء ما لا يقل عن 30% من بقايا المحاصيل النباتية على سطح التربة، والتى تعمل كغطاء يحافظ على رطوبة التربة ويقلّل من تبخّر الماء منها، كما يقلّل من انجراف التربة أو انضغاطها.
3 – التوجّه نحو الزراعة العضوية: تعطى الزراعة العضوية غلّة أعلى من الزراعة التقليدية فى سنوات الجفاف، وتساهم فى تجنّب أضرار المبيدات الحشرية، والحفاظ على الممرات المائية من التلوث بالمبيدات الأكثر سُمِّية، كما أنّ الزراعة العضوية تساعد التربة على الاحتفاظ برطوبتها، فالتربة الغنيّة بالمواد العضوية والحياة الميكروبية توفّر رطوبة أكثر للنباتات، كما أنّ الحقول العضوية يمكنها إعادة إمداد مستجمعات المياه الجوفية حتى نسبة 20 % وذلك بسبب محتواها من المادة العضوية التى تمسك المياه وتحافظ عليها من الفقد.
٤- إضافة السماد العضوى وتغطية سطح التربة: وُجد أنّ إضافة المواد العضوية المتحلّلة على سطح التربة التى تستخدم كسماد تحسّن بنية التربة وتحافظ على رطوبتها وتزيد من قدرتها على الاحتفاظ بالمياه، كما أنّ وضع طبقة من مواد عضوية مثل القش أو رقائق الخشب تصبح كسماد للتربة، ، فعندما تتفتت هذه الطبقة المكونة مما يزيد من قدرة هذه التربة على الاحتفاظ بالمياه، وهذا يفيد بشكل خاص فى موسم الجفاف، كما يمكن استخدام الغطاء البلاستيكى الأسود كغطاء للتربة لمنع الأعشاب الضارة وتقليل التبخر.
5 – زراعة محاصيل تغطية التربة: إنّ زراعة بعض النباتات التى تستخدم خصيصاً لتغطية التربة الزراعية سيساعد على الحد من نموّ الأعشاب الضارة، ويفيد فى زيادة المواد العضوية الموجودة فى التربة، ورفع خصوبتها وبالتالى تحسين إنتاجيتها، وتلك الأمور التى تمنع تآكل التربة وانضغاطها، وتسمح للماء بالتحرك فى التربة بسهولة أكبر، وتحسّن قدرتها على الاحتفاظ بالمياه، وهذا يفيد خاصة فى مواسم الجفاف، وهذا يقلل الفقد بالبخر أو الرشح.
6- استخدام المياه المالحة لرى المحاصيل المقاومة للملوحة: تتوفّر المياه المالحة على نطاق واسع لكنها نادراً ما تستخدم فى الزراعة لأنّها تقلل من نمو النباتات وتقلّل المحصول، إلّا أنّه وفى الآونة الأخيرة تمّ تطوير أنواع مختلفة من المحاصيل المقاومة للملوحة.
7 – جدولة الرى: تعتبر جدولة الرى التى تُعنى بكمية المياه المستخدمة لرى النباتات، وكيفية الرى، وأوقاته وغيرها من الأمور الهامة لمنع الإفراط فى استخدام المياه مع تحسين نمو المحاصيل، كما أنّ تحسين طرق الاستفادة من مياه الأمطار المستخدمة فى الرى تقلّل من حاجة المزارعين لضخّ المياه من خزانات المياه الجوفية أو المستجمعات المائية، ومن أهم الأمور التى يجب مراعاتها فى جدولة الرى فى كل موسم هى: وقت بدء عملية الرى ووقت التوقف، كما يجب على المزارع مراقبة محتوى التربة من الرطوبة وتقييم قدرة نظام الرى الفعلية.
8 – استعمال نظم الرى الحديثة ومنها الرى بالتنقيط: تقوم أنظمة الرى بالتنقيط على إيصال المياه مباشرة إلى جذور النبات، مما يقلّل من التبخّر الذى يحدث فى بعض أنظمة الرى الأخرى، ويمكن استخدام المؤقتات لجدولة الرى فى الأوقات الأكثر برودة خلال اليوم لتقليل فقدان الماء، بالإضافة إلى أنّ أنابيب الرى بالتنقيط المثبتة بشكل صحيح توفّر ما يصل إلى 80% من المياه مقارنة مع طرق الرى التقليدية، وتساهم فى زيادة إنتاج المحاصيل أيضاً.
9 – ترشيد استهلاك الماء بتطبيق الحصاد المائى يُعرف الحصاد المائى بأنه تقنية تستخدم لتنمية موارد المياه السطحية التى يمكن استخدامها فى المناطق الجافة لتوفير المياه للماشية، وللاستخدامات المنزلية، وللزراعة الحرجية، والزراعة فى المساحات الصغيرة كذلك، ويمكن تعريف أنظمة حصاد المياه على أنّها طرق اصطناعية يمكن من خلالها جمع مياه الهطول وتخزينها لاستخدامها لاحقاً، ويوفّر الحصاد المائى كمية كافية من المياه ومناسبة للاستخدام، حيث يمكن للمياه التى يتمّ جمعها أن تكون مصدر إمداد إضافيا لكمية المياه الموجودة أصلاً، أو أن تكون المصدر الرئيسى فى المناطق التى قد يكون توفير المياه فيها من مصادر أخرى مكلفاً جداً.
والحديث عن الموارد المائية يأخذنا وبشكل تلقائى إلى تناول هذا الاهتمام الكبير الذى توليه القيادة السياسية بقضية المناخ حيث لم يكن هذا الأمر وليد الصدفة بل هو فى حقيقة الأمر مسألة حتمية وضرورة تتعلق باعتبارات الأمن القومى ، خاصة أنه يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتفاصيل تصب فى عمق الدولة ، فقد كانت مصر دولة تعتمد بشدة على الزراعة لعدة قرون ، حيث يوفر نهر النيل مصدرًا حيويًا للمياه وظل هذا الوضع لقرون طويلة إلى أن فوجئنا فى السنوات الأخيرة بأن تغير المناخ الذى قد تسبب فى ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار ، مما كان له تأثير كبير على الزراعة فى مصر.
وهنا تكمن خطورة الأمر خاصة حينما يتعلق بواحدة من أكثر الدول سخونة وجفافًا فى العالم ، وتؤدى آثار تغير المناخ إلى تفاقم هذه الظروف.
ووفقًا للبنك الدولى ، من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة فى مصر بمقدار 1.5-2 درجة مئوية بحلول عام 2050 ، مما سيؤدى إلى زيادة تبخر المياه وانخفاض رطوبة التربة.
علاوة على ذلك ، من المتوقع أن ينخفض هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 25 ٪ بحلول نهاية القرن ، مما سيجعل من الصعب على المزارعين زراعة المحاصيل .
واللافت للنظر تناقص العائد من المحاصيل الزراعية بسبب الجفاف والتصحر وانتشار الآفات والأمراض.. فوفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) ، انخفض إجمالى مساحة الأراضى الزراعية فى مصر بنسبة 3٪ بين عامى 2001 و 2013 بسبب التصحر. وقد أدى ذلك إلى فقدان الأراضى الخصبة ، مما جعل من الصعب على المزارعين زراعة المحاصيل.
وهنا فى تقديرى الشخصى تكمن أهمية ما تقوم به الحكومة وخاصة فى تنفيذ تلك التدابير المتعددة من أجل التكيف مع المناخ المتغير ، مثل الاستثمار فى تكنولوجيا الرى وتعزيز المحاصيل المقاومة للجفاف.
فقد أدركت الحكومة الحاجة إلى التكيف مع المناخ المتغير الأمر الذى يدفعها للاستثمار فى تكنولوجيا الرى الجديدة وذلك لمساعدة المزارعين على التكيف مع انخفاض توافر المياه.. بالإضافة إلى ذلك ، تعمل الحكومة على تشجيع استخدام المحاصيل المقاومة للجفاف.