◄مصر على "الطريق الصحيح" نحو تحقيق الاعتماد على الطاقة النظيفة وتعزيز دورها كدولة رائدة فى مجال الطاقة المتجددة على المستوى الإقليمى والدولى
◄الهيدروجين الأخضر يسهم فى تطوير الاقتصاد المصرى وتحسين جودة الحياة
◄مصر تتجه نحو استخدام الهيدروجين الأخضر فى مجالات الطاقة والصناعة والنقل
◄تعزيز أمن الطاقة للبلاد عبر تنويع مصادر الطاقة وتحسين كفاءة استخدامها والمساهمة فى تحقيق أهداف اتفاقية باريس للتغير المناخى
◄إنشاء مجمعات صناعية بهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء داخل المنطقة الصناعية فى العين السخنة
شهدت مصر تطوراً هائلاً فى مجال الطاقة والبيئة، حيث تسعى الدولة لتحديث بنيتها التحتية والانتقال إلى استخدام مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة الأمر الذى يعكس بشكل لافت للنظر توجه مصر نحو استخدام الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة النظيفة.. وفى هذا الصدد، تشهد البلاد استثمارات ضخمة فى مجال البنية التحتية للطاقة وتعزيز استخدام المصادر المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح والهيدروجين الأخضر.
وتعتبر الطاقة النظيفة من أهم الاتجاهات العالمية الحديثة التى تهدف إلى تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة والحد من التلوث البيئى. وفى مصر، يظهر هذا الاتجاه من خلال التركيز على تطوير مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، وتشجيع استخدامها فى مختلف القطاعات الاقتصادية والصناعية.
وكما هو معروف فإن الطاقة النظيفة هى الطاقة المستخرجة من مصادر لا تنتج انبعاثات غازات دفيئة أو تلوثا بيئيا، مثل الطاقة الشمسية والرياح والمياه. أما الهيدروجين الأخضر، فهو عنصر الهيدروجين الذى يتم إنتاجه من مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، ويعتبر من أكثر مصادر الطاقة النظيفة جدوى اقتصادية وبيئية. ويتم إنتاج الهيدروجين الأخضر عن طريق عملية التحليل الكهربائى للمياه (الكتروليس) باستخدام الكهرباء المستمدة من مصادر الطاقة المتجددة، مثل الشمسية والرياح.. ويتم تحويل المياه إلى هيدروجين وأكسجين، حيث يمكن استخدام الهيدروجين كوقود نظيف ومصدر للطاقة.
واللافت للنظر أن الهيدروجين الأخضر لديه العديد من التطبيقات والفوائد، بدءًا من توليد الطاقة الكهربائية والتدفئة، إلى تزويد وقود السيارات والشاحنات والقطارات وحتى الطائرات.. وعلاوة على ذلك، يمكن استخدام الهيدروجين الأخضر كمادة خام فى العديد من الصناعات، مثل تصنيع الصلب والألمنيوم والكيماويات.
ويعتبر تبنى مصر للهيدروجين الأخضر خطوة هامة نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد الوطنى.. ومن بين الفوائد الرئيسية لهذا الاتجاه: تقليل الاعتماد على الوقود العادى وزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب توفير فرص عمل جديدة فى قطاعات الطاقة المتجددة والصناعات المتصلة بها.
كما أنه يساعد على تعزيز أمن الطاقة للبلاد عبر تنويع مصادر الطاقة وتحسين كفاءة استخدامها والمساهمة أيضاً فى تحقيق أهداف اتفاقية باريس للتغير المناخى والحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وحسبما يؤكد عليه خبراء الطاقة فإن استخدام الهيدروجين الأخضر يساهم فى تحسين نوعية الحياة للمجتمع المصرى على مستويات عدة.. فعلى سبيل المثال يساعد فى تحسين جودة الهواء وتقليل التلوث البيئى الناجم عن استخدام الوقود العادى ، ويدعم مشروعات التنمية المستدامة المحلية والإقليمية بفضل قدرته على توفير الطاقة النظيفة والمتجددة، ويعزز الابتكار والتكنولوجيا فى مجالات الطاقة النظيفة ويساهم فى تطوير قطاعات جديدة وبالتالى يجعل مصر جزءًا من الاقتصاد العالمى منخفض الكربون، مما يمكنها من المنافسة فى الأسواق الدولية وجذب الاستثمارات الأجنبية. وقد ارتفع عدد مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر فى مصر، المتوقع تنفيذها فى نطاق المنطقة الاقتصادية لقناة السويس إلى 14 مشروعًا، بعد التوقيع على 7 مذكرات جديدة مؤخرا.. وتستهدف المشروعات، التى ستنفّذها عدد من الشركات العالمية المتخصصة فى الطاقة المتجددة، إنشاء مجمعات صناعية بهدف إنتاج الهيدروجين الأخضر، والأمونيا الخضراء، داخل المنطقة الصناعية فى العين السخنة.
تأتى مذكرات التفاهم فى إطار الجهود الحكومية الرامية إلى التوسع فى مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر فى مصر، بوصفه مصدرًا واعدًا للطاقة فى المستقبل، فى ضوء الاهتمام العالمى المتنامى.. وتدعم المشروعات الجهود التى تقوم بها مصر لتصبح ممرًا لعبور الطاقة النظيفة.
وتعتزم الحكومة المصرية إطلاق خطة وطنية للهيدروجين بقيمة 40 مليار دولار فى المدة المقبلة، إدراكًا منها أهمية إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا وتخزينهما وتجارتهما، فى إطار إستراتيجيتها للتنمية الاقتصادية.. وتوقّعت شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجى أن تصل استثمارات مشروعات الهيدروجين الأخضر فى مصر، إلى نحو 20 مليار دولار.
وفى مايو الماضى، أعلنت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس نجاحها فى توقيع 6 مذكرات تفاهم لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، باستثمارات تصل إلى 10 مليارات دولار.. وفى يوليو الماضى، وُقّعت مذكرة تفاهم مع "رنيو باور"، وهى إحدى الشركات الرائدة فى الطاقة المتجددة فى الهند، لتنفيذ مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر باستثمارات تصل إلى 8 مليارات دولار، وبطاقة 220 ألف طن سنويًا.
وتلقّت مشروعات الهيدروجين الأخضر فى مصر دفعة جديدة، بعدها، من خلال توقيع 7 مذكرات تفاهم مع عدد من الشركات والتحالفات العالمية ضمن كلٍ من شركة "غلوبال إك" البريطانية، وشركة الفنار السعودية، وشركة "الكازار للطاقة" الإماراتية، وشركة كيه آند الإماراتية، وشركة إم إى بى الأمريكية/المصرية للطاقة، ومجموعة إيه إس إم إى الهندية المتخصصة فى مجال الهيدروجين الأخضر، وشركة "أكتس" البريطانية.
وتهدف مذكرات التفاهم التى وقّعتها مصر خلال المدة الماضية إلى إقامة العديد من المنشآت الخاصة بإنتاج الوقود الأخضر (الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء) لأغراض التصدير للخارج وخدمات تموين السفن.
كان تقرير جلوبال إنرجى مونيتور (منظمة بحثية غير ربحية معنية بمشروعات الطاقة فى أنحاء العالم) قد كشف مؤخرًا تنافس مصر مع عدد من دول منطقة الشرق الأوسط، وفى المقدمة منها السعودية وسلطنة عمان والمغرب، لاحتلال مكانة مميزة فى تصدير الهيدروجين الأخضر.
وأشار التقرير إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تمتلك قدرات هائلة لإقامة مشروعات عملاقة لإنتاج الهيدروجين الأخضر من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، لما تتمتع به من مناخ مواتٍ وأجواء مشمسة معظم العام.
وأوضح التقرير أن الدول العربية التى يُنظر إليها بصفتها مصدرًا رئيسًا للنفط، تمتلك خططًا طموحا للوصول إلى 80 غيغاواط من مشروعات الطاقة المتجددة بحلول 2030، وهو ما يدعم التحركات لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره.
فى المجمل، يمكننا القول إن توجه مصر نحو استخدام الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر يعد خطوة إستراتيجية مهمة تسهم فى تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز مكانة البلاد على الساحة الدولية. بالإضافة إلى ذلك، يوفر الهيدروجين الأخضر فرصاً كبيرة لتطوير الاقتصاد المصرى وتحسين جودة الحياة لسكانها.
لذا فإننى أرى أنه فى المستقبل القريب، من المتوقع أن تشهد مصر تطورات كبيرة فى استخدام الهيدروجين الأخضر، سواء فى إنتاج الطاقة الكهربائية أو كوقود لوسائل النقل أو حتى كمادة خام فى الصناعات المختلفة.. ومن شأن هذه التطورات أن تساهم فى تعزيز النمو الاقتصادى والاستدامة البيئية وتحسين جودة الحياة للمواطنين المصريين.
فبالنظر إلى حجم الاستثمارات والجهود المبذولة فى مجال الهيدروجين الأخضر، يمكن القول بأن مصر على الطريق الصحيح نحو تحقيق الاعتماد على الطاقة النظيفة وتعزيز دورها كدولة رائدة فى مجال الطاقة المتجددة على المستوى الإقليمى والدولى، وبالتالى يشكل اتجاه مصر نحو استخدام الهيدروجين الأخضر كمصدر للطاقة النظيفة فرصة ذهبية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز اقتصاد البلاد.. ومن خلال الاستمرار فى دعم هذا الاتجاه واستثمار الموارد المتاحة بشكل فعّال، ستستطيع مصر تحقيق طموحاتها البيئية والاقتصادية وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية.