الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب: «عقل الشرق الأوسط »,, كيف تقود مصر خطة إسكات البنادق فى المنطقة؟ 

محمود الشويح - صورة
محمود الشويح - صورة أرشفية

- ماذا فعل سلطان عمان فى القاهرة؟.. ومتى تبدأ المصالحة الشاملة بين السعودية وإيران؟

- هل يتوسط العراق بين القاهرة وطهران؟.. وما  المطلوب لاستعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين ؟

- "شفرة" دمشق.. وخطوات التحرك فى ليبيا واليمن.. وكواليس القضاء على آخر بقايا "الخراب العربى".

شيء ما يجرى فى المنطقة الآن.. هذا ما تقوله الأحداث والوقائع.. المعلن منها والخفى.. الظاهر منها والباطن.. بل إنها عملية ترتيب للمنطقة من جديد بعد ما شهدته من حوادث كبرى ومصائب عظام فيما سمى بـ"الربيع العربى" وهو فى الحقيقة "خراب عربى.".

ما جرى فى قمة جدة الأخيرة يقول ذلك.. فها هى سوريا تعود من جديد إلى الجامعة العربية.. أو إلى "الحضن العربى" بعد ما يزيد على عقد من الغياب.. ويتوازى ذلك مع بوادر مصالحة أو هدنة سعودية- إيرانية بوساطة صينية لافتة.. ويرتبط – بالطبع – بهذه المصالحة تهدئة فى ملفات يتنافس فيها الخصمان لا سيما فى اليمن ولبنان.

لكن العامل المهم فى هذا كله أن مصر "نقطة أساس" هذه الخطوات غير المسبوقة لتهدئة الإقليم.. فهذا هو مشروع مصر بالأساس.. ألا وهو "إطفاء الحرائق" أو "إسكات البنادق" وتحقيق حالة من الاستقرار يحتاج إليها هذا الإقليم المضطرب الذى أنهكته الفوضى على مدار السنوات الماضية.

فى هذا الإطار قرأنا خطوات التهدئة من قطر ثم تركيا.. والأهم الآن هو الحديث عن بوادر تحرك فى ملف العلاقات مع إيران.

وقد وجهت إيران رسائل عدة  - طوال العام الماضى -  بشأن الترحيب بـ"الحوار مع القاهرة"، وفى ديسمبر الماضى، رحب وزير الخارجية الإيرانى بمقترح من محمد شياع السودانى، رئيس الوزراء العراقى، يهدف إلى إطلاق حوار بين القاهرة وطهران. 

وقبل أيام أيضا أعادت إيران التأكيد على أهمية استئناف العلاقات الطبيعية مع مصر.

وليس بعيدا عن ذلك الزيارة التى أجراها سلطان عمان إلى مصر خلال الأسبوع الجارى.. فقد استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسى، الأحد الماضى، فى قصر الاتحادية السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، سلطان عمان، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمى وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.. حيث رحب الرئيس خلال المباحثات بشقيقه السلطان ضيفاً مُكرَّماً على مصر، معرباً عن أطيب التمنيات بالتوفيق لاستكمال مسيرة التنمية الشاملة والنجاح فى تحقيق رؤية "عمان 2040"، ومشيداً فى هذا الإطار بالعلاقات الودية التاريخية التى تربط بين مصر وسلطنة عمان، والتى تشكلت عبر عقود ممتدة من التضامن والتكاتف والوقوف صفاً واحداً ضد الأزمات والتحديات، مع تأكيد حرص مصر على الارتقاء بتلك العلاقات المتميزة بما يحقق مصالح الشعبين الشقيقين والأمة العربية بأسرها.

من جانبه؛ أشاد السلطان هيثم بن طارق بتميز العلاقات المصرية- العمانية، وأواصر المودة والأخوة التى تجمع بين الشعبين الشقيقين عبر التاريخ، مؤكداً حرص عمان على تعزيز أطر التعاون القائمة بين البلدين وفتح آفاق جديدة للتعاون الثنائى بينهما فى كافة المجالات خلال الفترة المقبلة، وذلك للبناء على النتائج الإيجابية التى تحققت فى هذا الصدد خلال زيارة الرئيس إلى مسقط فى يونيو ٢٠٢٢، فضلاً عن مواصلة التشاور والتنسيق بين الجانبين حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً فى ضوء ما تمثله مصر من عمق إستراتيجى وثقافى للأمة العربية، وعنصر أساسى فى الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة.

كما أعرب الزعيمان عن الارتياح للزيادة المستمرة فى معدلات النمو التجارى، مع تأكيد مواصلة تعزيز الجهود الجارية فى هذا الشأن بين الجهات المعنية فى الدولتين. كما تباحث الجانبان بخصوص سبل تبادل الخبرات والتجارب فى تحقيق التطوير المؤسسى وتحديث الأجهزة الإدارية بالدولتين وآليات عملها على نحو يتسم بالحوكمة والرقمنة.

وقد شهدت المباحثات تبادل وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية، فى إطار التنسيق والتشاور الدائمين بين الدولتين، وسعيهما لتحقيق الاستقرار والأمن الإقليميين، لاسيما فى ظل التهديدات الكبيرة التى تواجه المنطقة والعديد من الدول العربية، حيث تطابقت رؤى الجانبين حول ضرورة تكثيف الجهود لتسوية الأزمات القائمة، على النحو الذى يحمى المصالح العليا للشعوب العربية ويصون مقدراتها ومكتسباتها.

ولقد وضع الرئيس السيسى فى كلمته بالقمة العربية الأخيرة "روشتة" لتصفير مشكلات المنطقة.. ففى الشأن السورى شدد على أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، تعد بمثابة التفعيل العملى للدور العربى، وبدء مسيرة عربية لتسوية الأزمة السورية استنادا إلى المرجعيات الدولية للحل، وقرار مجلس الأمن رقم "٢٢٥٤".

وهذا القرار فى أهم بنوده يعرب عن دعمه عملية سياسية بقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة وتقيم، فى غضون فترة مستهدفة مدتها ستة أشهر، حكما ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية، وتحدد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد، ويعرب كذلك عن دعمه انتخابات حرة ونزيهة تجرى، عملا بالدستور الجديد، فى غضون 18 شهرا تحت إشراف الأمم المتحدة، بما يستجيب لمتطلبات الحوكمة وأعلى المعايير الدولية من حيث الشفافية والمساءلة، وتشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركة، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون فى المهجر.

مع التأكيد على الالتزام القوى بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية، وبمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه... ويكرر التأكيد على أنه ما من حل دائم للأزمة الراهنة فى سورية إلا من خلال عملية سياسية جامعة بقيادة سوريا تلبى التطلعات المشروعة للشعب السورى، بهدف التنفيذ الكامل لبيان جنيف المؤرخ 30 يونيه 2012، الذى أيده القرار 2118 (2013)، وذلك بسبل منها إنشاء هيئة حكم انتقالية جامعة تخوَّل سلطات تنفيذية كاملة، وتعتمد فى تشكيلها على الموافقة المتبادلة، مع كفالة استمرارية المؤسسات الحكومية.

ثم فى الملف الفلسطينى شدد الرئيس على "تمسكنا بالخيار الإستراتيجى، بتحقيق السلام الشامل والعادل، من خلال مبادرة السلام العربية، وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية، ومطالبة إسرائيل بإنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧، وعاصمتها "القدس الشرقية".. منددا بأعمال التصعيد غير المسئولة، من قبل إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية، وآخرها ما شهده قطاع غزة.. محذرا من أن استمرار إدارة الصراع، عسكريا وأمنيا، سيؤدى إلى عواقب وخيمة، على الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى على حد سواء.

أما فى السودان فقد حذر بوضوح من أن الأزمة هناك تنذر - إذا لم نتعاون فى احتوائها - بصراع طويل، وتبعات كارثية، على السودان والمنطقة.

ما الحل إذن كما يراه الرئيس؟ والإجابة: "إن الاعتماد على جهودنا المشتركة، وقدراتنا الذاتية، والتكامل فيما بيننا، لصياغة حلول حاسمة لقضايانا أصبـح واجبا ومسـئولية، كما أن تطبيق مفهوم العمل المشترك، يتعين أن يمتد أيضا، للتعامل مع الأزمات العالمية وتنسيق عملنا، لإصلاح منظومة الحوكمة الاقتصادية العالمية، وفى القلب منها؛ مؤسسات التمويل، وبنــــوك التنميــة الدوليـة التى ينبغى أن تكون أكثر استجابة، لتحديات العالم النامى أخذا فى الاعتبار، أن حالة الاستقطاب الدولى، أصبحت تهدد منظومة العولمة، التى كان العالم يحتفى بها وتستدعى للواجهة، صراعا لفرض الإرادات، وتكريس المعايير المزدوجة، فى تطبيق القانون الدولى"..

مع التأكيد على أن "الحفاظ على الدولة الوطنية، ودعم مؤسساتها، فرض عين وضـرورة حياة، لمسـتقبل الشـعوب ومقدراتـها فلا يستقيم أبدا، أن تظل آمال شعوبنا، رهينة للفوضى، والتدخلات الخارجية، التى تفاقم من الاضطرابات، وتصيب جهود تسوية الأزمات بالجمود"..

ثم إن "الأمن القومى العربى هو كل لا يتجزأ... ومن ثم فقد حان الوقت، لأخذ زمام المبادرة للحفاظ عليه بما فى ذلك من خلال الخطوات المهمة، التى بادرت بها دولنا فى الفترة الماضية لضبط إيقاع العلاقات مع الأطراف الإقليمية غير العربية، التى نتطلع منها لخطوات مماثلة وصادقة بما يسهم، فى تحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة.".

والذى تقدمه مصر فى هذا الشأن أنها "ما عهدتموه عنها على الدوام، ستدعم بكل الصدق والإخلاص، جميع الجهود الحقيقية، لتفعيل الدور العربى إيمانا منها، بأن المقاربات العربية المشتركة، هى الوسيلة المثلى، لمراعاة مصالحنا، وتوفير الحماية الجماعية لشعوبنا، ودفع مسيرة التنمية، خطوات كبيرة للأمام"..

ودائما وأبدا.. تحيا مصر.

 

 

تم نسخ الرابط