محمد فودة يكتب: الملابس "الفاضحة" إساءة لـ"قوة مصر الناعمة"
◄ الفن يرجع إلى الخلف بسبب "شطحات" النجوم ومرضى "الشو الإعلامى"
◄ "القلع" موضة ملعونة.. والمسرح الغنائى له هيبته وتقاليده الراسخة
◄ أحمد سعد.. قدم صورة سيئة للفنان المصرى بارتدائه ملابس تشبه أزياء النساء
◄ ويجز.. ساهم فى انحطاط الأغنية بملابسه الشفافة والغريبة
◄ محمد رمضان.. أول من أدخل "العرى" إلى المسرح
حينما بدأت الكتابة الآن عن أهم الأحداث التى شغلت الرأى العام فى الأوساط الفنية مؤخرًا فوجئت بعدة موضوعات لا يمكن تجاهلها بأى حال من الأحوال حيث إنها تخص نخبة من نجومنا والذين يمثلون قوى مصر الناعمة وإن كنت أعتقد أننا -وبكل أسف- لم نستطع إعادة ريادتنا الفنية إلى ما كانت عليه قبل نصف قرن من الزمان، ومازال هناك تخبط فى مسيرتنا الفنية بعد هبوط مستوى الموهبة وأيضًا ما يقدم من مواد فنية ليست على قدر المستوى الذى يليق بهوليوود الشرق.
ولعل اللافت للنظر هو الموضة السيئة والبذيئة التى احترفها بعض نجومنا المصريين، وهى الظهور بملابس فاضحة لا تتناسب أبدًا مع قيم المجتمعات العربية ولا مع رقى الفن المصرى، فنرى تارة من يخرج عاريًا على المسرح، وآخر يرتدى ملابس تتشابه مع ملابس النساء، وبعضهم يرتدى ملابس لم نرها من قبل فى صورة منفرة تحط من شأن الفن المصرى.
ولقد رأينا ما حدث مؤخرًا مع المطرب أحمد سعد والذى أثار الجدل بملابسه وطريقة ظهوره على المسرح، حيث أحدث أحمد سعد ضجة واسعة وأصبح حديث السوشيال ميديا بعد حفلة فى جدة بالمملكة العربية السعودية، وذلك بعد أن ظهر بإطلالة لافتة بملابس غير تقليدية وأيضًا بعد مشاركة شقيقه النجم عمرو سعد أحد أغنياته فى الحفل وسط استعراضات راقصة.
وسخر العديد من رواد السوشيال ميديا من ملابسه، وشبه رواد مواقع التواصل الاجتماعى تيشيرت أحمد سعد والذى كان شفافا و"مخرم" بفستان الفنانة رانيا يوسف "بدون بطانة" والذى لاقت فيه انتقادات لاذعة من قبل. كما ظهر أحمد سعد فى الحفل بقرط فى إحدى أذنيه، وهو ما أثار جدلاً واسعًا، وبعد انتشار صور وفيديوهات الحفل انهالت على أحمد سعد تعليقات ترميه بالتشبه بالنساء وارتداء ملابس غير مقبولة فى المجتمعات العربية، وتعرّض للكثير من الانتقادات، ونقلت وسائل إعلام محلية عن المستشار القانونى لنقابة المهن الموسيقية، علاء عامر، أن النقابة سوف تدرس ضوابط وقواعد معينة لحسم الإطلالات الجريئة للمطربين على المسرح، وأشار إلى أن مسألة ظهور المطربين بملابس جريئة على المسرح، سوف تُطرح فى أول اجتماع لمجلس النقابة، لافتًا إلى أن النقابة مسؤولة عن أعضائها داخل وخارج مصر، حيث لم يكن أحمد سعد المطرب الوحيد الذى ظهر بملابس جريئة أمام جمهوره، فعادة ما يلفت مغنى الراب الشهير "ويجز" الأنظار بأزياء غريبة وإطلالات مثيرة للجدل.
وإن كان أحمد سعد يمتلك صوتًا قويًا ومميزًا إلا أنه يجب عليه مراعاة هذا الصوت والعمل على تنمية موهبته وليس إهدارها بهذا الظهور المبتذل وغير اللائق تمامًا لحجم موهبته، فأحمد سعد حقق نجاحات كثيرة خلال الفترة الأخيرة واستطاع أن يتصدر الساحة بفنه وأغانيه، ولعلنى أتساءل: لماذا يفعل الفنان هذا فى نفسه، خاصة إذا كان نجم صاحب موهبة؟!
والمفارقة أنه بعد أن قدم أحمد سعد أولى فقرات الحفل مفتتحًا إياه بأغنية "ايه اليوم الحلو ده" ثم قدم عددا كبيرا من أغانيه لمدة أكثر من ساعة ونصف، وذلك وسط حضور من محبيه الذين تفاعلوا معه طوال فقرته الغنائية، قدم دويتو مع شقيقه عمرو سعد حمل اسم "عملنا حملة" لأول مرة أمام الجمهور على المسرح فى وصلة رقص غنائى استعراضى، كما قام أحمد سعد بمشاركة الجمهور غناء عدد من أغانيه مثل "بحبك يا صاحبى"، ورغم نجاحه فى الحفل فإن هذا لم يشفع له مطلقا عند الجمهور بسبب ملابسه التى جاءت على هذا النحو من قلة الذوق.
واللافت للنظر أنه لم يكن أحمد سعد هو الحالة الاستثنائية والذى ارتدى هذه الملابس التى وصفها الجمهور بالملابس النسائية، بل سبقه الفنان محمد رمضان وارتدى بلوزة من الشيفون أيضًا وهو يحتفل بعيد ميلاده قبل أيام قليلة نال بعدها الكثير من الانتقادات التى عبرت عن غضب الجمهور من بعض إطلالاته التى جمعت بين الغرابة واللمسات النسائية، كما أن محمد رمضان من أوائل الفنانين الذين ظهروا بأزياء غير مألوفة أو كاشفة عن جزء كبير من الجسد، حيث ظهر فى إحدى حفلاته وهو يرتدى قميصا كاشفا عن الجزء العلوى من جسده بالكامل، وحين تعرض للانتقادات حينها قال إن أزياء الرجال «الشفافة» موضة متعارف عليها، وظهر بها عدد من الرجال قبله.
وحينما أكتب الآن، منتقدًا ما فعله أحمد سعد ومحمد رمضان فى حق فنهما وحق جماهيريتهما وحق الآخرين، فإننى أكتب منتقدًا فنانين أراهما بتلك التصرفات وكأنهما يلعبان فى عداد نجوميتهما ويعبثان بموهبتهما، التى لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يختلف عليها اثنان، فهما من الفنانين القلائل على الساحة الذين استطاعوا فرض أنفسهم بموهبتهم وقدرتهم الفائقة على تقديم إبداع حقيقى دون مجاملة من أحد.
ولم يقتصر الأمر على أحمد سعد ومحمد رمضان بل انضم أيضًا الفنان عمرو سعد، للقائمة حيث شارك جمهوره صورة له أثناء تواجده فى دبى، وظهر وهو مرتدى تى شيرت شفافا أظهر التاتو المرسوم على صدره، ونسقه مع عقد على الرقبة من اللؤلؤ، ما دفع الجمهور لشن حملات انتقاد عليهم وهجوم كبيرة خاصة أنهم لديهم قاعدة جماهيرية كبيرة وسيكونون قدوة سيئة للأطفال والنشء.
كما شارك الفنان أحمد مجدى جمهوره صورة عبر حسابه على إنستجرام وظهر خلالها مرتديًا بلوزة من الشيفون، وعلق قائلًا: "أحاول توجيه الطاقات التى تأثرت بها خلال حياتى، لقد كنت محظوظا بتجاربى فى عوالم مختلفة والتعامل مع أشخاص مختلفين، التعرف على ما يحبونه وما يخيفهم. أحاول أن أعكس قبولى للتنوع بيننا فى اختياراتى المهنية من خلال اختيار لعب أدوار مختلفة تمامًا" بشكل يؤكد أننا نرجع حقا إلى الخلف، كما تعرض مطرب الراب ويجز، لموجة انتقادات عقب ظهوره بملابس شفافة خلال إحيائه بعض الحفلات الغنائية أيضًا، ودائمًا ما يتعرض ويجز، لهذا الهجوم بسبب إطلالاته المثيرة للجدل، التى تتحول بعد ذلك إلى مادة للسخرية والانتقادات اللاذعة، حيث انتشرت صور للفنان ويجز، وهو يرتدى قميصا شفافا أيضًا، وهو من قام بنشر الصورة بنفسه عبر حسابه بـ«انستجرام».
وللحق فإن ويجز يستحق النقد على ملابسه وأغانيه أيضًا، فأغنيات هذا الـ"ويجز" لا يمكنها أن تبقى أو تترسخ فى الذهن أكثر من دقائق، وبمجرد الانتهاء من سماعها تنساها، هذا إذا فهمتها من الأساس، فأغانيه تحمل ضجيجًا ورتمًا بليدًا، وما يقوم به على المسرح لا يمت للغناء أو الطرب بصلة، ولكنه مجرد تنطيط ورقصات وحركات تشوش على الصوت والكلمات والأغنية ككل، كما أنه يظهر بمظهر غير لائق تمامًا من حيث الملابس التى يرتديها وهذا ما يدعو للنفور منه.
وهنا أتساءل: كيف يكون هذا واجهة مصر الغنائية وعلى أى أساس يقدم غناء ولماذا لا يتم تحجيمه خاصة أنه ليس على دراية كافية بأدبيات المسرح؟! ربما يكون ويجز قد نجح فقط فى خلق حالة من الجدل على السوشيال ميديا لتساعده فى تكوين تلك الصورة الذهنية، التى يحاول تصديرها للرأى العام بشكل مستمر على أنه النجم صاحب الجماهيرية الكبيرة.
وربما يكون ما حدث مع أحمد سعد وويجز وغيرهما من أصحاب موضة الملابس الغريبة والعارية، وما يحدث من انتقاد الجمهور بعض الفنانين أيضا على السوشيال ميديا، يؤكد أن الفن المصرى فى خطر حقيقى، وعلينا العمل بجهد ودأب شديد حتى نستعيد عافيتنا الفنية ونرجع كما كنا، فمصر هى البوتقة التى تنصهر فيها كل عناصر الإبداع، ليخرج لنا فى النهاية فن راقٍ يغذى الروح والوجدان لدى المواطن العربى من المحيط إلى الخليج، فانتبهوا أيها السادة.