الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب:« عظيم يحمى العظام».. كيف يعيد السيسى الاعتبار لـ"أعيان مصر" من جديد؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشفية

- لماذا قرر الرئيس إقامة مقبرة لطه حسين ورفاقه؟.. وهل ستقام فى العاصمة الإدارية الجديدة؟

- ماذا فعل القائد للقضاء على "فتنة" هدم المقابر الإخوانية؟.. وكواليس الرد على الشائعات بـ"سلاح الأفعال".

- كواليس تأسيس متحف باسم "الكبار" فى مختلف الفنون والآداب.. وما سر مفاجأة الرئيس؟  

قائد محترم يدرك أن من لا ماضى له فلا مستقبل أمامه.

هذا هو الرئيس عبدالفتاح السيسى.. بانى الجمهورية الجديدة.. وباعث أمجاد الجمهورية القديمة.

لم يقل أبدا إن مصر بدأت معه.. على ما يفعل كل الرؤساء فى دولهم.

بل يؤكد فى كل حديث أنه يبدأ من حيث انتهى الآخرون ويبنى على ما جرى.

نعم كانت هناك أخطاء.. والتركة ثقيلة.. لكنه لم يضبط يوما متلبسا بالإساءة لأحد على الإطلاق.

وعلى امتداد الخط يحمل الرئيس تقديرا لكل السابقين خصوصا من "الأعيان".. هؤلاء الذين أسهموا فى بناء مصر فى جميع المجالات.. لم يكونوا حكاما أو جزءا من الحكومة.. بل "مبدعين" فقط.

مبدعون أسهموا بمنجزاتهم فى بناء قوة مصر الناعمة حتى صار يشار إليها بالبنان.

ومن ثم فإن أقل ما يمكن أن نقدمه لهؤلاء أن نحفظ تاريخهم ونحمى ما تركوه.

وقد قلنا كثيرا فى هذا.. ولا أبالغ إن قلت إننا أجرمنا فى حق كثير من أبطالنا ولم نعطهم أبدا ما يستحقون.. بل تركنا سيرتهم مجهولة وغير معروفة عند كثيرين.

لكننا الآن فى جمهورية جديدة تعيد اكتشاف مصر من جديد.. ومن هنا لم يكن غريبا أبدا هذا القرار الذى أصدره الرئيس السيسى، منتصف الأسبوع الجارى، بإنشاء "مقبرة الخالدين" فى موقع مناسب، لتكون صرحاً يضم رفات عظماء ورموز مصر من ذوى الإسهامات البارزة فى رفعة الوطن، على أن تتضمن أيضاً متحفاً للأعمال الفنية والأثرية الموجودة فى المقابر الحالية، ويتم نقلها من خلال المتخصصين والخبراء، بحيث يشمل المتحف السير الذاتية لعظماء الوطن ومقتنياتهم، ويكون هذا الصرح شاهداً متجدداً على تقدير وتكريم مصر لأبنائها العِظام وتراثها، ولتاريخها الممتد على مر العصور والأجيال.

وفى نفس القرار.. وانطلاقاً من حرص مصر على تقدير رموزها التاريخية وتراثها العريق على النحو اللائق.. وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى بتشكيل لجنة برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء، تضم جميع الجهات المعنية والأثريين المختصين والمكاتب الاستشارية الهندسية، لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعى، وتحديد كيفية التعامل مع حالات الضرورة التى أفضت إلى مخطط التطوير، على أن تقوم اللجنة بدراسة البدائل المتاحة والتوصل لرؤية متكاملة وتوصيات يتم الإعلان عنها للرأى العام قبل يوم الأول من يوليو 2023.

هكذا هو الرئيس السيسى دائما.. لا يعرف شيئا اسمه أقوال.. بل يتحرك بالأفعال فقط.

فعلى مدار الفترة الماضية قد أشعل الإخوان ومن يسيرون معهم حرب الشائعات ضد الدولة المصرية على وقع أعمال التطوير التى تجرى فى مناطق بالقاهرة القديمة وتستلزم معها أعمال هدم.

لقد صوروا مصر وكأنها تهدم قبور أبنائها.. وقد كذبوا تماما فيما يدعون.

نعم تزال بعض المقابر اضطراريا.. هذا صحيح.

غير أن الإزالة تجرى بشكل محترم.. وبعد إبلاغ أسر المتوفين بشكل كافٍ.. من توفير مقابر بديلة فى مناطق معينة من العاصمة.

لكن الإخوان تجاهلوا كل ذلك.. وبدأوا بث الأكاذيب المدعومة بالصورة المفبركة أو الحقيقية لكنها تركز عند لحظة معينة من أعمال الهدم لتقول – على غير الحقيقة – إن هذا ما يجرى على الأرض.

وبرغم كل ذلك فقد جاء قرار الرئيس ليغلق باب الفتنة هذا بالضبة والمفتاح.

لكن  صناع الكذب لا يعجبهم هذا أيضا.. فقد بدأوا سريعا الحديث عن "مقبرة الخالدين" وكأنها اختراع مصر لم يحدث فى تاريخ البشرية من قبل.

ولا يعرف هؤلاء الجهلاء أن فرنسا تتواجد بها مقبرة العظماء "البانثيون" فى قلب الحى اللاتينى بباريس.. وقد بنيت فى الأصل ككنيسة مخصصة للقديس جينيفيف، لكن الملك لويس الخامس عشر قد مرض، فتعهد بأنه إذا تعافى من مرضه، فسيشيد مبنى يليق بذلك القديس.

وبدأ بناء المقبرة فى عام 1758م، لكن تمت هذه العملية ببطء، بسبب الأحداث السياسية المضطربة التى مرت بها فرنسا، فى ذلك الوقت، ووصلت إلى أوجها مع قيام الثورة الفرنسية عام 1789، حيث تم الانتهاء من المبنى فى 1890، ويطل على جميع أرجاء باريس، فكان مصممه جاك جيرمان لديه نية الجمع بين خفة وسطوع الكاتدرائية القوطية مع المبادئ الكلاسيكية.

وكانت مارى كورى أول امرأة ينقل رفاتها إلى مقبرة العظماء، فى عام 1995، كما تضم المقبرة رفات عديد من المشاهير العظماء منهم، جان جاك روسو، أحد منظرى العقد الاجتماعى، وتم نقل رفاته فى عام 1794، وكذلك دفن الأديب فيكتور هوجو، فى المقبرة عام 1885.

وعقب قيام الثورة الفرنسية، ظهرت كمقبرة لأهم الشخصيات الفرنسية، وفى عام 1894 كان البانثيون على موعد مع أول المدفونين فيها، وهو الكونت أونوريه جابرييل ريكيتى، وفى نفس العام نقل رفات الفيلسوف فولتير إلى المقبرة، باعتباره أحد الملهمين للثورة الفرنسية.

وقد أحدث قرار الرئيس السيسى ردود أفعال إيجابية واسعة.. وعلى الصعيد التنفيذى قال د.مجدى شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار، إن قرار الرئيس السيسى بإنشاء "مقبرة الخالدين" جيد للغاية ويمثل تقديرًا هامًا من الدولة لعظمائها الراحلين.. وأضاف أن "مقبرة الخالدين" من شأنها جمع أكبر عدد من رفات عظماء التاريخ فى شتى المجالات داخل مكان حضارى واحد، وبالتالى التيسير على عشاق هؤلاء العظماء زيارتهم وتوفير أماكن تليق بهم بدلًا من نظيراتها القديمة.

ويؤكد "شاكر" أنه لا مانع من الحفاظ على هوية كل مقبرة والاستفادة بالأجزاء التراثية الصالحة فيها ونقلها، مشيرًا إلى أن هناك العديد من المقابر القديمة التى تتمتع بتصميمات رائعة وساحرة وتعكس عبق التاريخ، لافتًا إلى أن الدولة المصرية قادرة على نقل هذه المقابر بسهولة دون أن تفقدها هويتها مثلما سبق أن نقلت العديد من الآثار المصرية بين المتاحف، وفى الوقت نفسه حافظت على هذا التراث الفرعونى الأصيل دون أدنى تشويه له.

كما يمكن كذلك استخدام الترتيب حسب الحقبة الزمنية والتاريخية والعلاقات الاجتماعية والتاريخية بين هذه الشخصيات التاريخية الراحلة عند تصميم تلك المقابر، مشيرًا إلى أن هناك بعض الشخصيات التاريخية العظيمة التى دفنت بجوار أخرى نتيجة وصية لها، لذا فلا مانع أن يتم الحفاظ على هذا الترتيب فى مقبرة الخالدين الجديدة.

والأهم أن مقبرة الخالدين يمكن أن تكون أحد أساليب الترويج للسياحة وواحدة من مصادر الدخل القومى، وذلك فى حال تم على سبيل المثال الاستعانة بأساليب التكنولوجيا الحديثة كأن يتم إدخال عرض بعض من أعمال عدد من الراحلين العظماء على شاشات عرض كأن توضع بجوار مقبرة الأديب الراحل يحيى حقى شاشة عرض تعرض بعضًا من أعماله، أو أن يتم إذاعة بعض من آيات القرآن الكريم بقراءة الإمام ورش بجوار مدفنه.

أما نادر مصطفى، وكيل لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب، فيؤكد أن توجيهات الرئيس السيسى بإنشاء "مقبرة الخالدين" فى موقع مناسب، لتكون صرحاً يضم رفات عظماء ورموز مصر من ذوى الإسهامات البارزة فى رفعة الوطن، على أن تتضمن أيضاً متحفاً للأعمال الفنية والأثرية الموجودة فى المقابر الحالية - خطوة مهمة ستفتح ملفا طال انتظاره لتخلد ذكرى رموز الوطن على النحو الذى يليق بهم.

أما لماذا هذه الخطوة ضرورية؟ فلأن رموز القوة الناعمة المصرية من المفكرين والأدباء والشخصيات العامة تحتاج لهذا النوع من التقدير، فضلا عن أن هذه المقابر ستكون وجهة أولى لكثير من الزائرين لمصر احتراما للرموز المهمة التى تحظى باهتمام فى أرجاء العالم كله إذ أن تكريم هؤلاء الرموز يفتح المجال لتسليط الضوء على النقاط المضيئة فى تاريخ مصر ويعيد الحياة إلى ذكراهم ويعيد تقديمهم للشباب والمجتمع باعتبارهم قدوة ورمزا ومثلا.

ثم إن هذا التقدير من الرئيس السيسى لهؤلاء الرموز سيشعر أسرهم بتقدير الوطن ونفس الأمر لمحبيهم ومن يسير على نهجهم أو ينظر إليهم باعتبارهم قدوة.. حيث إن هؤلاء هم فرسان القوة الناعمة المصرية وهذا هو التقدير المنتظر لهم وطالما أن الرئيس السيسى هو من أعلن عن هذه المبادرة فمن المؤكد أن هذه المقابر ستكون إنجازا جديدا للدولة المصرية.

نفس هذا الموقف نجده لدى حزب الجيل الديمقراطى.. فقد أشاد بتوجيه الرئيس عبد الفتاح السيسى بتشكيل لجنة برئاسة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، تضم جميع الجهات المعنية والأثريين المختصين، والمكاتب الاستشارية الهندسية؛ لتقييم الموقف بشأن نقل المقابر بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعى، وتحديد كيفية التعامل مع حالات الضرورة التى أفضت إلى مخطط التطوير.

أما ناجى الشهابى، رئيس الحزب، فقال إن توجيهات الرئيس السيسى تؤكد حرص الدولة المصرية على احترام قدسية المقابر وحرمتها، والتعامل مع المقابر التى تقع فى نطاق تطوير القاهرة الكبرى بما يليق باحترام الموتى، وأيضا بما يساعد الدولة على المضى قدما فى تحقيق خططها التنموية.. وأضاف أن توجيه الرئيس السيسى بإنشاء «مقبرة الخالدين» هو تأكيد على اعتزاز الدولة المصرية برفات عظمائها، مشيرا إلى أن المقبرة ستكون صرحا ورمزا يضم رفات المصريين العظماء، الذين كانت لهم إسهامات بارزة فى خدمة هذا الوطن منذ آلاف السنين.. مشددا على أن مصر لن تكون الدولة الأولى التى ستطبق نقل المقابر من أجل التطوير، حيث سبقتها الكثير من الدول من أجل التنمية، إلا أن ما يختلف فى التجربة المصرية، هو احترام الدولة لرفات الموتى، سواء كانوا من الرموز الوطنية أو عامة المواطنين.

إن هذه الخطوة المحترمة وغير المسبوقة تستحق كل إشادة وتقدير منا جميعا.

ودائما وأبدا.. تحيا مصر.

 

 

تم نسخ الرابط