الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب:« شفرة 30 يونيو»..كيف أستطاع المصريون قهر المستحيل ذاته؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشفية

- الأوراق السرية لأخطر٧٢ ساعة فى تاريخ مصر.

- هكذا  تابع السيسى الثورة من مركز العمليات «66» بمبنى وزارة الدفاع؟.. ولماذا قرر تأجيل الحسم حتى ٣ يوليو؟

- ماذا حدث فى اجتماع القيادة العامة للقوات المسلحة يوم ١ يوليو ٢٠١٣؟.. ولماذا قال القادة لوزير الدفاع: "البلد أمانة فى إيدك"؟

- عندما قال مرسى للسيسى: صور المظاهرت «فوتوشوب».. فرد القائد وقال: هذه معلومات مغلوطة.. الأعداد وصلت إلى 33 مليوناً.

- رسالة الرعب عند الإخوان.. من سيتصدى للجيش نسحقه بكل ما نملك.. والجيش لن يقف متفرجا أمام الإرهاب.

قائد عظيم لشعب شجاع.. كتب بشجاعته تاريخا جديدا لمصر.. حين حمل روحه على كفيه فداء لمصر وأهلها.. وخلص بلده من سرطان إرهابي اعتقد أنه امتلك أعناق الرجال.. ليكتب بذلك عهدا جديدا لمصر.

لقد كان يوم الثلاثين من يونيو يوماً تاريخياً.. فمنذ الصباح الباكر بدأت الحشود تتدفق باتجاه ميادين وشوارع مصر بأسرها، وكانت الهتافات كلها تطالب برحيل محمد مرسى وتدعو الجيش إلى استلام السلطة وعزل الرئيس «الخائن».

كان الجيش يراقب الموقف عن كثب، وكان الفريق أول السيسى – آنذاك – يتابع الموقف أولاً بأول من مركز العمليات «66» بمبنى وزارة الدفاع، وكان يدرك حجم المسئولية الملقاة عليه فى هذا الوقت. 

لم يكن السيسى يتوقع نزول تلك الحشود الهادرة، لقد قدرتهم قناة الـ «سى إن إن» نقلاً عن موقع «جوجل» بنحو 33 مليون متظاهر، نزلوا إلى الشارع فى هذا المساء، يطالبون بإسقاط النظام. 

فى هذا اليوم طلب الفريق أول السيسى من رئيس المخابرات العامة أن يجرى اتصالاً بمرسى وأن يبلغه أن الجيش يغلى وأن الغضب وصل إلى مرحلة كبيرة. 

لقد حذر مدير المخابرات محمد مرسى وقال له: إن الوضع فى مصر يستحق إجراءات عاجلة لتهدئة الشارع الغاضب، وقال له: أنت وحدك الذى ستدفع الثمن، ونحن لا نريد مصر مثل السودان، تتعرض للعقوبات، وتكون النهاية إحالتك لمحكمة الجنايات الدولية شأنك شأن الرئيس عمر البشير. 

طلب رئيس المخابرات من الرئيس أن يُعد خطاباً جديداً للشعب، يؤكد فيه أنه وبرغم حرصه على «الشرعية» فإن حرصه على الدم أكبر بكثير من أى طموحات سياسية، وأن يؤكد أنه لن يقبل أن يُذكر اسمه فى التاريخ مقترناً بأى فتنة تشهدها البلاد فتؤدى إلى اقتتال أبناء الوطن الواحد، وأنه إذا كانت السياسة ستؤدى إلى الفتنة فلتذهب إلى الجحيم، وأنه مستعد للوصول إلى حل جاد وحقيقى ينهى الأزمة فى البلاد. 

استمع مرسى إلى نصيحة مدير المخابرات فكانت إجابته كالمعتاد «طيب هنشوف»!

وفى اليوم التالى الأول من يوليو، كانت الصورة تبدو أكثر وضوحاً، حيث عقدت القيادة العامة للقوات المسلحة اجتماعاً لتدارس الموقف بعد مظاهرات الثلاثين من يونيو، كان رجال الجيش فخورين بما حدث، لكنهم فى نفس الوقت كانوا قلقين من أن يلجأ الرئيس إلى الاستمرار فى عناده فيدفع البلاد إلى حرب أهلية طاحنة. 

كان قرار الجيش هو عدم السماح بأى محاولة لإثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد حيث وجهوا فى هذا اليوم تحذيراً شديد اللهجة للإخوان من أن الجيش هو الذى سيتصدى لأى محاولة إخوانية أو غير ذلك للاعتداء على المتظاهرين السلميين. 

كان مرسى قد انتقل إلى دار الحرس الجمهورى ومعه مستشاروه وأسرته، وفى هذا اليوم الأول من يوليو أعلنت رئاسة الجمهورية عن تأجيل المؤتمر الصحفى الذى كان مقرراً عقده مساء ذات اليوم إلى الغد فى موعد يعلن عنه لاحقاً بزعم استمرار الرئاسة فى مشاوراتها مع الجهات التنفيذية والمساعدين والمستشارين بشأن تطورات المشهد الداخلى. 

وكان موسى قد عقد فى هذا اليوم اجتماعاً لبحث التعامل مع المستجدات الراهنة، كما التقى على مدار اليوم عدداً من الوزراء ليؤكد بذلك أنه لا يزال ممسكاً بالسلطة. 

لقد تجاوزت الجماهير جميع المطالب السابقة وركزت مطلبها الوحيد فقط فى رحيل الرئيس فوراً ودون انتظار والدعوة إلى تسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا. 

وفى عصر الأول من يوليو أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة بياناً أمهلت فيه 48 ساعة لإنهاء الأزمة فى البلاد. لقد احتوى البيان على عدة نقاط مهمة، أبرزها: - أن القوات المسلحة كطرف رئيسى فى معادلة المستقبل وانطلاقاً من مسئوليتها الوطنية والتاريخية فى حماية أمن وسلامة هذا الوطن تؤكد الآتى: 

أنها لن تكون طرفاً فى دائرة السياسة أو الحكم ولا ترضى أن تخرج عن دورها المرسوم لها فى الفكر الديمقراطى الأصيل النابع من إرادة الشعب. 

أن الأمن القومى للدولة تعرض لخطر شديد من جراء التطورات التى تشهدها البلاد، وهو يلقى علينا بمسئوليات كل حسب موقعه للتعامل بما يليق من أجل درء هذه المخاطر. 

أن القوات المسلحة استشعرت مبكراً خطورة الظرف الراهن وما تحمله طياته من مطالب للشعب المصرى العظيم، ولذلك فقد سبق أن حددت مهلة أسبوعاً لجميع القوى السياسية بالبلاد للتوافق والخروج من الأزمة، إلا أن هذا الأسبوع مضى دون ظهور أى بادرة أو فعل، وهو ما أدى إلى خروج الشعب بتصميم وإصرار وبكامل حريته على هذا النحو الباهر الذى أثار الإعجاب والتقدير والاهتمام على المستوى الداخلى والإقليمى والدولى.

 أن ضياع مزيد من الوقت لن يحقق إلا مزيداً من الانقسام والتصارع الذى حذرنا وما زلنا نحذر منه، خاصة أن هذا الشعب الكريم قد عانى ولم يجد من يرفق به أو يحنو عليه، وهو ما يلقى بعبء أخلاقى ونفسى على القوات المسلحة التى تجد لزاماً أن يتوقف الجميع عن أى شىء بخلاف احتضان هذا الشعب الأبى الذى برهن على استعداده لتحقيق المستحيل إذا شعر بالإخلاص والتفانى من أجله. 

أن القوات المسلحة تعيد وتكرر الدعوة لتلبية مطالب الشعب وتمهل الجميع 48 ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخى الذى يمر به الوطن الذى لن يتسامح أو يغفر لأى قوى تقصر فى تحمل مسئولياتها. 

تهيب القوات المسلحة بالجميع أنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسوف يكون لزاماً عليها استناداً لمسئوليتها الوطنية والتاريخية واحتراماً لمطالب الشعب المصرى العظيم أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بمن فيهم الشباب الذى كان ولا يزال مفجراً لثورته المجيدة، ودون إقصاء أو استبعاد لأحد. 

كان البيان قوياً، أعطى للمتظاهرين ثقة جديدة فى أن الجيش لن يصمت، ولن يقف متفرجاً، رحبت جميع الأوساط الشعبية بهذا البيان، وتخوف المصريون من أن يلجأ الرئيس إلى إصدار قرار غير مدروس بإقالة الفريق أول عبدالفتاح السيسى من منصبه، لأن ذلك سيقود البلاد إلى تطورات خطيرة. 

وكان اللقاء الأهم فى اليوم التالى 2 يوليو هو الاجتماع المشترك الذى جمع مرسى مع رئيس الوزراء هشام قنديل ووزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى، حيث ناقش معهما تطورات الأوضاع فى البلاد، حيث أبدى هشام قنديل استعداده للاستقالة، إذا كان من شأن ذلك أن يهدئ الأوضاع فى البلاد. 

وبعد انتهاء الاجتماع المشترك، طلب الرئيس أن يجلس مع الفريق السيسى، وشهد اللقاء حواراً ساخناً للغاية.  

لقد سأل الرئيس محمد مرسى الفريق السيسى عن رؤيته للأوضاع. فقال السيسى: الأوضاع تزداد سوءاً، وسيادتكم لا تريد إيجاد حل للمشكلة.

 قال مرسى: الأوضاع جيدة والشعب معنا وهو يحترم الرئيس الشرعى ولذلك رفض الخروج فى المظاهرات!!  قال السيسى: كيف ذلك وهناك عشرات الملايين خرجت وامتلأت بهم الشوارع؟

 مرسى: لقد قيل لى إن هذه الصور التى بثتها التليفزيونات هى صور «فوتوشوب» وكل من شاركوا فى هذه المظاهرات لا يزيدون على مائة وعشرين ألفاً فقط. 

قال السيسى: هذه معلومات مغلوطة، الأعداد وصلت إلى 33 مليوناً.

مرسى: هذه تقديرات خاطئة، وعموماً أرجو منك أن تقف مع «الشرعية»!

السيسى: الشرعية هى للشعب، والشعب كله فى الشارع، والقوات المسلحة لن تترك الشعب المصرى وحيداً، أنا أطلب منك الاستجابة لمطالب الجماهير. 

مرسى: أى جماهير؟ هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم، إنهم مجموعة حاقدة ومتآمرة على مصر. 

السيسى: بل هم شعب مصر، وليس أمامك إلا الاستجابة لمطالبهم وأولها قبول مبدأ الانتخابات الرئاسية المبكرة.

مرسى: أنا أرفض الانتخابات المبكرة، هؤلاء مدفوعون بأغراض خاصة، ونحن نعرفهم جيداً. 

السيسى: الجيش ليس له مطمع فى سلطة لكنه لن يقف صامتاً ويترك البلد ينهار.

 مرسى: الجيش يجب أن يلتزم بعدم التدخل فى السياسة وأنا أطلب منك سحب الإنذار الذى وجهته.

 السيسى: البلد على وشك الانهيار والدخول فى حرب أهلية ولا بد من إيجاد حل، وأنت لا تريد أن تساعدنا؛ لذلك كان إنذار الجيش ونحن جادون فيه. 

مرسى: ولا حرب أهلية ولا حاجة، ولذلك أنا أحذرك وأطالبك بأن تسحب بيانك وألا تستدعى الجيش، خاصة أن شباب الإخوان لن يسمحوا وسيتصدون له. 

السيسى: من سيتصدى للجيش سوف نسحقه بكل ما نملك، وأنا أحذر من مغبة أى موقف معادٍ. 

مرسى: ولكن لماذا الغضب؟ نحن نقدرك ونحترمك، وأنا القائد الأعلى للجيش، وأنت لا تستطيع تجاوز الشرعية.

السيسى: الشعب هو مصدر الشرعية. 

مرسى: ومن قال إن الشعب ضد الرئيس؟ لقد جئت من خلالهم وعبر صندوق انتخاب نزيه. 

السيسى: ولكن البلاد قد تدخل إلى حرب أهلية، بسبب العناد وعدم الاستجابة لمطالب الشعب. 

مرسى: أنا أعرف الشعب المصرى جيداً، والحرب الأهلية قد تنشأ فى حالة الانقلاب على الشرعية، وعموماً الأمريكان والمجتمع الدولى لن يسكتوا على أى انقلاب على الشرعية.

السيسى: الجيش لن يقبل بأن يظل متفرجاً، لذلك أدعوك مجدداً إلى الموافقة على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، الناس فى الشارع لن تعود إلى بيوتها إلا بعد الاستجابة لمطالبها، والأمريكان أو غيرهم ليس لهم حق التدخل فى شئون بلادنا ونحن لا نخاف ولا نُهدد.

 مرسى: وأنا أرفض الاستجابة لهذا المطلب، لأننى رئيس شرعى ومنتخب ومكلف من الشعب ولا بد من استكمال مدتى الدستورية، وأنا مستعد لبحث بقية المطالب ولكن ليس الآن، يمكن بحث كل هذه المطالب بعد إجراء الانتخابات البرلمانية التى سأحدد لها موعداً فى سبتمبر المقبل.

 السيسى: وأنا أحذر من خطورة ما هو قادم. 

خرج الفريق أول عبدالفتاح السيسى غاضباً، اتجه إلى مبنى وزارة الدفاع، عقد اجتماعاً مع أعضاء القيادة العامة للقوات المسلحة، أبلغهم بتفاصيل الحوار الذى دار بينه وبين الرئيس، طالب عدد من القادة باتخاذ إجراء سريع فى هذه الليلة وإعلان الانحياز إلى الشعب؛ لحماية البلاد من المخاطر التى تحيق بها. 

كان القائد العام يحاول تفادى أى صدام يمكن أن يحدث، راهن على اللحظة الأخيرة، وتمنى على الرئيس أن يعود إلى رشده، وأن يتوقف عن عناده، وأن يستجيب لمطالب الملايين التى خرجت إلى الشارع وقررت ألا تعود إلى البيوت مرة أخرى إلا بعد الاستجابة لمطالبها. 

لكن حدث العكس.. حيث أجرى مرسى اتصالات بقادة الجماعة الذين نصحوه بالاستمرار فى موقفه ورفض تقديم أى تنازلات من شأنها أن تنال من سلطاته وهيبته.

أعدوا له البيان وجاءوا إليه بكاميرات الفيديو التى قامت بتصوير الخطاب داخل دار الحرس الجمهورى، كان الجيش على علم بكل شىء، وبمضمون الخطاب ذاته، لقد تم الاطلاع على شريط الفيديو قبل إذاعته، ووافق الجيش على إذاعته كما هو. 

أحدث خطاب مرسى ردود فعل غاضبة فى الشارع المصرى، أدرك الجميع أن الخيار الوحيد هو فى تحرك الجيش فوراً وعزل الرئيس عن منصبه وإعلان خارطة الطريق استجابة للإرادة الشعبية وحماية للبلاد من خطر الحرب الأهلية. 

وفى هذا الوقت كتب السيسى على الصفحة الرسمية للقوات المسلحة يرد على الخطاب بقوله: «أشرف لنا أن نموت من أن يردع الشعب المصرى، ونقسم بالله أن نفتدى مصر وشعبها بدمائنا ضد كل إرهابى أو متطرف أو جاهل».

بعدها كانت الأوامر قد صدرت بمنع الهواتف والاتصالات عن الرئيس محمد مرسى، وقام اللواء محمد زكى قائد الحرس الجمهورى بتنفيذ الأوامر على الفور. 

وفى اليوم التالى.. كانت مصر على موعد مع الخلاص ببيان ٣ يوليو.

 

 

 

تم نسخ الرابط