الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

◄نعيش بنصائحها.. ونسير على مبادئها.. ونلتزم بما رسمته لنا

◄علمتنا أن المسئولية المجتمعية "فرض عين" لا يمكن التخلي عنه

◄سيرتها تجسد معاني التحدي والصمود والنجاح أمام أي تحديات

◄ما حققته في حياتها يرقى لدرجة "المعجزة الكاملة" 

◄نموذج للسيدة المصرية الناجحة.. في بيتها وفي حياتها العملية

◄بفضل أفكارها الطموحة.. جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تخطت حدود المحلية ووصلت للعالمية

 

حينما أقلب فى دفتر الذاكرة لأسترجع ذكرياتى مع أعظم أم هى الدكتورة سعاد كفافى ، لأحيي بداخلى ذكرى وفاتها الـ ١٩ ، تتداعى الافكار ويمر امام عينى شريط من الذكريات الجميلة وكأنه فيلم سينمائى صاغة باحترافية شديدة مخرج بارع ليضع امامى اعظم المواقف واحلى الذكريات لسيدة عظيمة من عظيمات مصر.

إنها اختصار لكل معانى الحياة، حياتى أنا بالتحديد، فلولا هى ما كنت أنا، رحلت نعم لكنها ما زالت تنبض فى قلبى، وأيضا حياة الآخرين، فإذا قلت إنها مدرسة حقيقية نشأنا فيها وتعلمنا وتخرجنا فلن يكون فى الأمر مبالغة، هذه حقيقة، فما قدمته لى ولغيرى وللملايين الذين استمدوا منها قبسا مشتعلا بالعلم والأمل والطاقة خير دليل وشاهد.

فالدكتورة سعاد كفافى لم تكن بالنسبة لى مجرد أم عادية بل كانت بمثابة المدرسة الأولى التى تعلمت فيها كل شئ حتى قبل الالتحاق بالمدرسة التقليدية ، فهى لم تنفصل يوما ما عن حياتها الشخصية كونها ام وزوجة وربة بيت حيث كانت رحمها الله تؤمن ايماناً مطلقاً بأن ما تقوم به فى رعاية اسرتها لا يقل فى اهميته بل ربما يفوق بكثير ما تقوم به وهى تبنى الصرح التعليمى الذى طالما حلمت له وتخيلته ليكون مناره تعليمية وثقافية تتخطى حدود المحلية ، وهو ما وضع على عاتقها مسئولية كبيرة من اجل الموائمة بين الجامعة والبيت بحيث لا يجور طرف على الاخر ، فهى من ناحية سيدة تقدس الحياة الاسرية وتعى جيداً ان رعاية الابناء وتنشئتهم على اسس سليمة لا يقل اهمية عن الحصول على اعلى الشهادات وتقلد ارفع المناصب فلا شئ يعادل بيت مستقر .ومن ناحية اخرى فهى امرأة ذات طموح كبير ولديها حلم تريد تحقيقه مهما كانت الصعوبات ، لذا فإنه حينما اكتب الان لأحيى ذكرى والدتى الدكتورة سعاد كفافى تعجز الكلمات عن وصف مشاعرى وأنا ارى انجازاتها تكبر وتتزايد وتصبح ملء السمع والأبصار .

 

والحق يقال فإن كل هذه الانجازات التى اصبحت عليها جامعة مصر الان اسستها الراحلة د. سعاد كفافى لم تأت من فراغ وإنما جاءت انعكاساً طبيعياً لتلك الافكار الرائدة والرؤى التى كانت تسبق بها عصرها بكثير ، وهو ما استندنا اليه بالفعل حيث نسير على نهجها  وهو ما جعل افكار واحلام التربوية الراحلة تتحول الى واقع ملموس ويراه الجميع رأى العين  حيث لم نتوقف عند نقطة معينة بل اخترنا السير فى كافة الاتجاهات لتحقيق تلك الطفرة من حيث الكم والكيف وفق الالتزام بمعايير الجودة العالمية فى نظم التعليم وطرق التدريس الى جانب الانفتاح على العالم الخارجى  بتوقيع بروتوكولات تعاون مع كبرى جامعات العالم وخاصة جامعات دول الاتحاد الاوروبى لتصبح الجامعة هى اول جامعة ترتبط بتلك المنظومة العالمية على هذا النحو الذى يدعو للفخر والاعجاب خاصة ان  بروتوكولات التعاون التى تم توقيعها خلال الفترة الماضية تستهدف فى المقام الاول الاخذ باحدث التقنيات فى مجالات التعليم الذكى وفق خطط ورؤى مدروسة بعناية فائقة تسعى نحو تحول الجامعة الى جامعة ذكية وذلك تمشياً مع التوجه العام للدولة فالسنوات المقبلة وكما اشار السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى اكثر من مناسبة دخول مصر الى عالم الجامعات الذكية بما يعود بالنفع على المجتمع بالكامل.

قد يعتقد البعض أن هذا الانجاز الذى حققته الدكتورة الراحلة سعاد كفافى كان يهلاً وبسيطاً ولكن الحقيقة غير ذلك فالطريق امامها لم يكن مفروشا بالورود ولكن النجاح جاء نتيجة طموح كبير سيطر على فكرها حيث كانت قد بدأت مشوارها التربوى من خلال التدريس الجامعى بجامعة القاهرة ، وفى نفس الوقت كانت العملية التعليمية تسيطر عليها بشكل كبير حيث بدأت فكرة التعليم وتطورت منذ البداية من خلال معهد لغات ثم تطورت لمدرسة وبعدها انشأت معهد عالى للسياحة ومعهد عالى للهندسة ، ثم طرأت عليها الفكرة فى ضم تلك المعاهد فى كيان واحد ومن هنا جاءت فكرة انشاء جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا التى ظهرت الى النور فى عام 1996 فقى ذلك الوقت كانت سعاد كفافى قد رأت ضرورة انشاء كيان تعليمى تثقيفى يخدم الشباب ويصب فى صالح البلد ، وبالفعل قاومت صعوبات وتحديات ضخمة وفى مقدمتها ، كيف تقوم سيدة بإنشاء جامعة فى تلك الفترة وسط مشاكل وصعوبات لا حصر لها، فضلا عن ذلك واجهة تحديات ضخمة ولكنها قهرت المستحيل بما كان لديها من صبر وايمان بالهدف وبنبل الرسالة وهو ما استفاد به جميع من تعاملوا معها طوال رحلتها مع العطاء حتى اصبح الحلم حقيقة وتحولت الجامعة الى واقع .

 

واللافت للنظر أنه منذ قيامها بإنشاء الجامعة وهى لديها رؤية وهدف مختلف يتمثل فى حرصها الشديد على الا تكون هذه الجامعة تكرار للجامعات الموجودة ، وكان لديها اصرار وعزيمة قوية بأن تكون شخصية الجامعة هي ما يميزها بالاضافة الى طرق التدريس بها وهذا فى تقديرى الشخصى ما تنفرد به الجامعة الان بالفعل عن باقى الجامعات ، على الرغم من وجود بعض التشابه فى المناهج وذلك لأن الجامعة تتبع المجلس الاعلى للجامعات وعدد ساعات الدراسة.

وفى إطار المسئولية المجتمعية لم يتوقف دور مستشفى سعاد كفافى الجامعى عند حد كونها واحدة من أهم وأبرز المستشفيات فى مصر بل وفى المنطقة العربية لما لها من مكانة مرموقه وسمعة دولية تدعو للفخر فى المجال الطبى. ولكنها ومن منطلق ايمانها الشديد وحرصها على الالتزام بالمسئولية المجتمعية أصبحت أيضاً بمثابة مؤسسة وطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى حيث شاركت المستشفى فى العديد من الأنشطة المجتمعية التى تستهدف فى المقام الأول تقديم خدمات طبية مجانية لغير القادرين فى إطار تفعيل رسالتها في تحقيق الشفاء وتخفيف آلام جموع المواطنين في ربوع مصرنا.

واللافت للنظر أن الأنشطة الخيرية التى تقدمها مستشفى سعاد كفافي الجامعي لم تكن مجرد مشاركات فى مبادرات عامة وإنما هى بالفعل مبادرات خاصة بالمستشفى وتتم بشكل احترافى ووفق اعلى معايير الجوده فى الخدمات الصحية ورعاية المرضى وخاصة فى المناطق الشعبية وذات الكثافة السكانية المرتفعة لتؤكد بذلك دورها الريادي في إثراء المنظومة الصحية من خلال قوافلها التي تحقق هذا النهج بكل الفاعلية والاحترافية.

وأتذكر أيضاً أنه من الجوانب الإنسانية فى حياة الدكتورة سعاد كفافى أنها قبل وفاتها بأيام قليلة اوصت بان لا يتم زيادة المصروفات على الطلاب وان تظل هذه المصروفات غير مبالغ فيها لذا فإن الجامعة تعد بين الجامعات الخاصة اقل شريحة فى مصاريف الدراسة ، الى جانب ذلك التوجه الانسانى فإنه يتم كل عام ايضاً تقديم منح مجانية لغير القادرين من الطلاب  المتفوقين دراسياً الى جانب حرص ادارة الجامعة على ان يكون الطالب محب لجامعته وليس مجبراً على الذهاب اليها ، وذلك بازالة الحواجز بين الطلاب وادارة الجامعة . رحم الله والدتى الدكتورة سعاد كفافى.. هذه الأم العظيمة التى افخر بأنها كانت وما تزال وبل وستظل هى مدرستى الأولى التى تتلمذت على يديها وتعلمت منها الكثير والكثير فى حياتى الخاصة والعملية ايضا.

تم نسخ الرابط