الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

تُعد الأحزاب السياسية من أهم التنظيمات التي تؤثر بشكل مباشر على سير وحركة النظام السياسي وضمان استمراره واستقراره، فهي تؤدي دوراً مهماً في تنشيط الحياة السياسية وصارت تُشكل ركناً أساسياً من أركان النظم الديمقراطية، فأداء الأحزاب ينعكس سلباً أو إيجاباً على نوعية الحياة السياسية وعلى مستوى التطور الديمقراطي والتحديث السياسي وفاعلية النظام السياسي الذي يُعدّ انعكاساً للنظام الحزبي السائد في الدولة،  وتُعد الأحزاب إحدى قنوات المشاركة السياسية للمواطن، وكذا إحدى قنوات الاتصال السياسي المنظم في المجتمع، فهي تقوم بالتعبير عن اهتمامات الأفراد وحاجاتهم العامة والعمل على تحقيقها من قِبَل الحكومة، بفضل الضغط الذي تمارسه الأحزاب على صنَّاع السياسة العامة الرسميين، وكذلك نقل رغبات وسياسات الحكومة إلى المواطنين والعمل على تعبئة الجهود والمواقف المتباينة إزاءها، إما دعماً وإما ورفضاً.

ويعدّها علماء السياسة، الركيزة القوية والمنظمة للربط بين القمة والقاعدة وكمحطة اتصال لازمة بين المواطنين والسلطة، فهي تجمع المعلومات وتنقلها إلى السلطة، وكذا تنقل إليها مطالب الشعب. قد تكون الأحزاب مخططاً ومنفذاً للسياسة العامة إنْ وصلت إلى السلطة، وبالتالي ستقوم بتطبيق برامجها عن طريق القوانين التي ستسنها في “السلطة التشريعية” أو عن طريق تنفيذها للقوانين في “السلطة التنفيذية”، أو عن طريق وجودها في المعارضة وهنا قد تقوم باستخدام وسائل وطرق عديدة للضغط والتأثير على السلطة.

يشير مصطلح الحزب إلى التعددية، من حيث تباين الأيديولوجيات ووجهات النظر والبرامج والوسائل، وبذلك فإن الحزب بتمثيله للآراء وأفكار معينة تتضافر في شكل متناسق يختلف عن جماعات المصالح، والنقابات والجماعات الأهلية، التي تتبنى أراءً ومصالح ضيقة، فالأحزاب تتنافس وتقتات على السلطة.

والحق أنه عند سعي الأحزاب للوصول للسلطة، فإنها تمارس أدوارًا من شأنها أن تبرز التأثير الجلي للأحزاب على السياسات العامة، كما أنها تعد وسيلة مهمة لنقل تفضيلات الناخبين إلى الهيئات والمؤسسات المنتخبة، ويمكن توضيح الدور الذي تلعبه الأحزاب السياسية في صنع (وفرض) السياسة العامة من عدة أبعاد.

وتعتبر السلطة التشريعية في الوقت الحاضر أهم السلطات في الدولة، فهي التي تقوم بسن القوانين أي بوضع القواعد العامة الملزمة للأفراد، وتكون المساهمة في هذه السلطة عن طريق مشاركة الأفراد في الحياة الحزبية والسياسية للدولة، وذلك في إطار المشاركة السياسية التي بواسطتها يتم المشاركة في صناعة القرار السياسي وخاصةً صنع ورسم السياسات العامة التي تهمه وتخصه والتي تهم وتخص المجتمع عامة، وذلك عن طريق التمثيل في المؤسسات السياسية المُنتَخَبة والتي تعبر عن اهتماماته أو جزء منها.

وبشكل عام ارتبط ظهور الأحزاب بظهور الأيديولوجيا الغربية وما رافقها من ديمقراطية نيابية، أدت إلى التكتل داخل المجالس النيابية تبعًا للأفكار الأيديولوجية، وتنوع الوسائل والأساليب لتحقيق أهداف المجتمع، لمحاولة كسب التأييد، مما دفع لظهور ما يُعرف باللجان الانتخابية ارتباطًا بفكر انتخاب الأعضاء، ومن هنا ظهرت الأحزاب السياسية لتقوم بدور الكتل البرلمانية، واللجان الانتخابية.

والبرلمان عبارة عن مؤسسة تتكون من نواب يمثلون جميع شرائح المجتمع وذلك من خلال “الأحزاب السياسية”، فهذه الأخيرة هي التي تقوم باختيار المرشحين إلى المجالس النيابية، وذهب “محمود صبري عيسى” في هذا السياق بقوله: “الأحزاب السياسية هي التي تقدّم للهيئة الناخبة المرشحين الصالحين لتولي الوظائف النيابية، حيث تسعى البرلمانات إلى حماية مصالح الأفراد والمجتمع الاقتصادية وأهدافه الإستراتيجية والسياسية وبنيانه الاجتماعي وهويته الثقافية والحضارية ومن الطبيعي أن تزداد فعاليات السلطة التشريعية بعدما ترسَّخت أركان الديمقراطية وأصبحت الآلية الحقيقية لاستمرارية وشرعية النظم السياسية.

وتظهر أهمية الأحزاب السياسية، إذْ تعمل على تمكين الجماعات المختلفة من التعبير عن رغباتها واحتياجاتها ومعتقداتها بطريقة منظمة وفعَّالة تستحوذ على اهتمام صانعي السياسات العامة وضمّها ضمن أولويات الأجندة السياسية، بالتالي على الأحزاب الممثلة في هذه السلطة مناقشتها وايجاد حل لها عن طريق سن قوانين.

وبوجه عام يمكن رصد تأثير الاحزاب السياسية في رسم السياسات العامة من داخل أو خارج إطار البناء السلطوي، حيث تقوم الاحزاب بوظائف أساسية في المجتمع، أبرزها تجميع المصالح والتعبير عنها، والاتصال والربط بين الحكومة والمجتمع بهدف بلورة القضايا العامة الي يتم مناقشتها عند وضع السياسة العامة وإثارة الرأي العام حولها.

وعند تولي الحزب السياسي لمقاليد السلطة يكون هو المحور الرئيسي في صنع السياسة، وخاصة في البرلمان، فالعضوية البرلمانية تفرض على العضو التصويت وفقًا للأيديولوجية الحزبية، فعلى سبيل المثال عند فوز حزب المحافظين بالأغلبية البرلمانية في 2019 في بريطانيا قام بطرح البريكست على أجندة البرلمان للتصويت عليها، وللبرلمان عدة وظائف وهي الوظيفة التشريعية وهي سن القوانين والتشريعات والمشاركة في صنع السياسة الخارجية، والوظيفة المالية من خلال القوانين المالية والميزانية، والوظيفة السياسية وتمثل في الرقابة على السلطة التنفيذية واستجوابها، وسحب الثقة من الحكومة أو أحد أعضائها.

وقد تقوم الأحزاب بالمبادرة والدعوة إلى وضع السياسات التشاركية عن طريق الحث على وضع السياسيات التي تتماشى وتطلعات الناخبين، وبالتالي توليد النقاش حول السياسات، وتوفير مادة دسمة للإعلام لتغطية القضايا المهمة، وبالتالي يكون منشطًا للحياة السياسية، فعلى سبيل المثال برنامج الرعاية الصحية (أوباما كير) في الولايات المتحدة الأمريكية كان بمبادرة من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وحزبه الديمقراطي، والذي استدعى العديد من النقاشات مع الوكالات المعنية لجذب الأنصار لتأييده.

ويقوم الحزب بتحديد مسئولية السياسة العامة من خلال برامجه، ومواقفه تجاه السياسات والمشكلات الاقتصادية والسياسية، وبالتالي لا يستطيع الحزب إلقاء تبعة ما قام به في السياسة العامة على غيره من الفاعلين، فدائمًا ما تعكس اتجاهات الرأي العام النظام الحزبي في الدولة، ولذا فإن الدعاية الحزبية ضرورية لتعريف الرأي العام بموقف الحزب وأهدافه، ففي مثال حزب المحافظين والبريكست، لا يستطيع حزب المحافظين إلقاء نتيجة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي على غيره من الأحزاب أو الفاعلين السياسيين، فأدت الضغوطات المتزايدة وعدم مقدرة رئيسة الوزراء تيريزا ماي على موجهتها بالشكل المطلوب إلى الاستقالة في 2019 ليخلفها بوريس جونسون.

حفظ الله شعبنا الكريم وقيادته السياسية الرشيدة والمخلصين من أبنائه الأكارم.

تم نسخ الرابط