بعد ما شاهدت من مواقف غريبة بل ومريبة من أبنائنا وبناتنا من الجيل الجديد ممن مَن الله عليهم بمناصب زائلة في الدنيا أشبه بمقعد الحلاق تلك هي المناصب عندما يتقلدها البعض من الناس إلى حين ثم يترجلوا عنها اما قسرًا أو طواعيةً فليست لهم الخيرة في ذلك ووقتها سيعرفون قيمتهم في أعين الناس دون هذا المقعد فوجدت أن علينا جميعًا أن نذكرهم بالإعتدال والتواضع في التعامل مع الآخرين وعدم التفاخر أو التكبر وأن نتذكر أن كل ما نمتلكه هو من فضل الله وأننا نحن فقط نعمل بما أوتينا من قوة وقدرات وعندما يسألنا أو يطلب منا أحدهم عن شيء بسيط علينا الإجابة بكل صدق وبدون تكبر أو تسلط وبتواضع ليساعدنا تواضعنا على التعامل بلطف وإحترام مع الآخرين ناشرين الحب والعطف بيننا ومتفهمين أن النجاح والإنجازات لا تأتي من القوة والصفات الشخصية بل هي نتيجة للعمل الجاد والإيمان بالذات ومساعدة الناس والإستعانة بالله قبل كل شيء.
ولكي نتذكر دائمًا أهمية التواضع يجب علينا أن نتجنب التفاخر والتكبر والتعالي على الآخرين فالتفاخر يدل على ضعف الشخصية وعدم الثقة بالنفس بينما التواضع يدل على القوة والإيمان بالذات والتواضع يعني الإعتراف بأننا لسنا متفوقين في كل الأمور وأنه يمكن أن يكون لدى الآخرين فهم أفضل أو خبرة أكبر في بعض المواضيع فالتواضع والإعتدال يعني الحفاظ على التوازن وعدم الإفراط في أي اتجاه ويساعدنا على تحسين العلاقات الإنسانية والمهنية ويمكننا بكل بساطة تنمية التواضع والإعتدال والعمل على تحسين الإدراك الذاتي والتعلم من التجارب والخبرات والإستماع إلى آراء الآخرين وملاحظاتهم والتعلم منها والبحث عن الإيجابيات في الآخرين وتقديرها والإقتداء بالنماذج الناجحة منها دون اي عناد او تكبر مع أهمية الإيمان بالذات والإستعانة بالله في حياتنا فالإيمان بالذات يعني الثقة بالقدرات والمهارات الشخصية ويساعدنا على التعامل مع التحديات والصعوبات بشكل إيجابي بينما الإستعانة بالله تعني الإعتماد على الله والإيمان بأن كل ما نمتلكه هو من فضله.
التواضع هي مفتاح النجاح وباب السعادة فعندما نتعامل بتواضع وإحترام مع الآخرين يصبح من السهل بناء علاقات إنسانية صحية ومستدامة وتحقيق النجاح والإنجازات بطريقة صحيحة وموثوقة وتعزز من تحسين الثقة بالذات والتفكير الإيجابي وتعزيز العزيمة والإصرار على تحقيق الأهداف وذلك بسبب أن التواضع يعني الإعتراف بأن لدينا نقاط ضعف وعيوب وأنه يمكننا تحسينها وتطويرها ولذلك فعندما نتعامل بتواضع نكون قادرين على تقدير ما لدينا والعمل بجدية وإخلاص لتحقيق المزيد دون أن نفقد الإعتدال والتوازن في حياتنا واري أن الإعتدال والتواضع في التعامل مع الآخرين هي المفتاح لبناء علاقات إنسانية صحية ومستدامة وتحقيق النجاح والإنجازات بطريقة صحيحة وموثوقة وأن كل ما نمتلكه منقدرات وسمات فردية أو علمية او مادية هو فقط من فضل وإجتباء الله وأننا نحن فقط نعمل بما أوتينا من قوة وقدرات فلنكن دائمًا تواضعين ومتواضعين ولنستمر في العمل بجدية وإخلاص لتحقيق أهدافنا بطريقة صحيحة وموثوقة.
وأشار الإسلام إلى أهمية هذه حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم: "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا"، وهذا يعني أن عباد الله الحقيقيين هم الذين يتصفون بالتواضع والإعتدال في التعامل مع الآخرين، ونبينا الكريم محمد قال عن نفسه عندما أرتعد أحدهم أمامه “هوّن عليك فإني لست بملك ، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد” فكان متواضعًا مع الكبير والصغير والغني والفقير والقوي والضعيف والعبد والحر فقد كان يعامل الجميع بالتواضع والإحترام حتى كان يتواضع أمام الأطفال وكبار السن على حد سواء كما كان ينصح المسلمين بالتواضع والإعتدال في كل شيء وكان يقول: "مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ" وكذلك فإن الصحابة والتابعين والعلماء المسلمين الآخرين كانوا أيضًا يتميزون بالتواضع فالفاروق عمر بن الخطاب قال: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين" وكان الصديق أبو بكر الصديق يتواضع أمام الناس، وكان يقول: "أنا عبد من عباد الله ولا أملك من الخير شيئًا"، وأرسي الإسلام صفة التواضع وإعتبرها من أهم القيم التي دعي إليها الدين الإسلامي وهي قيمة ترسخ في المجتمع الإسلامي وتحفظ له الروح الإنسانية النبيلة والمثقفة فالتواضع يعني الإعتدال والإحترام والتواصل الإيجابي مع الآخرين وهو ما يؤدي إلى تعزيز العلاقات الإنسانية وتحقيق السلام والتعايش السلمي بين الناس.
والتواضع وعدم التكبر لا يأتي بالكلام ولا بالشعارات الرنانة علينا في البداية الإعتراف والتسليم الخالص أننا جميعًا صنيعة الله عز وجل وما بنا من نعمة او نقمة فمن الله وحده وأنه ليس لنا من الأمر شيء خُلقنا من تراب وسنعود إليه فهذا الجسد سيبلي ومصيره إلي التراب إنها الحقيقة الكبرى التي عليك ان تُذكر نفسك بها وهي ان كل حيٍ سيفنَى وكُل جديدٍ سيبلى وما هي إلا لحظة واحدة مثلِ غمضة عين أو لمحة بصر تخرج فيها الروح إلى بارئها فإذا بك في عداد الأموات وكفى بالموت واعظًا ولو كان الأمر سينتهي بالموت لَهَان الأمر ولكنه مع شدته وهوله أهون مما يليه من القبر وظلمته وكل ما نراه في الدنيا هيِّنٌ إذا قورن بالوقوف بين يدي الله الكبير المتَعال في موقف ترتجُّ وتُزلزل له النفوس وتنخلع له القلوب وهذه هي الدنيا من عاش فيها مات ومن مات فات وكل ما هو آت آت وهى أيام تمر وليال تتكرر وأجيال تتعاقب فهذا مقبل وهذا مدبر وكلنا إلى الله سبحانه وتعالى سائر وكل شيء سينتهي طلما بدأ كرحلتك أنت في الحياة مهما طالت فنهايتها حتمية لا محال.
ولتجنب شبهة الغرور ولعدم الوقوع فيه علينا الإعتراف بالقيم الإنسانية النبيلة والتي تشمل الإحترام والتقدير والتعاطف والتسامح وأن نستمع للآخرين مع إعطائهم حقهم في التعبير عن أنفسهم وآرائهم مع الإحترام والتقدير للآخرين وعدم الإستهانة بهم أو التفرقة بينهم والإعتدال في التعامل مع الآخرين وتجنب المبالغة في الثناء أو الإنتقاد مع الإعتراف بأن النجاح لا يأتي إلا بالعمل الجاد والإجتهاد والتواضع والتعاون مع الآخرين وأن الغرور والتكبر يسببان الفشل والخسارة والتواضع هو أحد اهم الصفات النبيلة والمهمة جدًا في الحياة حيث يساعد على بناء العلاقات الإنسانية الصحية والمتينة، ويساهم في تحقيق السلام والتعايش السلمي بين الناس.
وجاء قول النبي فصلًا في هذا الأمر حين قال “إن الله أوحى إلي أن تواضعوا؛ حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد” ويعني أنزل نفسك وحط من قدرها يرفعك الله سبحانه وتعالى لأن الإنسان الذي يتواضع يرفعه الله ويعزه ويعطيه من فضله سبحانه في الدنيا وفي الآخرة أما الإنسان المستكبر فمهما استكبر فقد أبى الله أن يرتفع شيء إلا وضعه فهذا يترفع ويرفع نفسه على الخلق فيضعه الله سبحانه وتعالى.
ونصيحتي لنفسي قبل حضراتكم تواضعوا قبل أن نقف ونُحاسب أمام الله فـ "من تواضع لله رفعه".