◄"الجمهورية الجديدة" مفتاح التنمية الاقتصادية والبيئية المستدامة
◄مشروع تنمية الريف المصرى يهدف إلى استصلاح واستزراع نحو 15 مليون فدان ما سيساهم بشكل كبير فى تحقيق الاستقلال الغذائى وزيادة الصادرات الزراعية إلى 10 ملايين طن سنويًا
◄تحويل المنشآت الفندقية والسياحية إلى منشآت خضراء.. وتحويل المركبات السياحية إلى مركبات تعمل بالغاز الطبيعى
◄فتح عَدّة مجالات للاستثمار فى المحافظات الحدودية.. وإقامة العديد من الصناعات المرتبطة بالنشاط الزراعى والثروة الحيوانية والصناعات الغذائية ◄إنشاء مناطق زراعية متكاملة مُجهّزة بأحدث التقنيات التكنولوجية وبها خدمات تعليمية وطبية مُميّزة
فى الوقت الذى تستعيد فيه مصر مكانتها الريادية فى العديد من القطاعات، لا يمكننا تجاهل الأهمية البالغة لقطاعى الزراعة والسياحة، وذلك وفقًا لتقرير مهم أعدته لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب.
تقرير البرلمان ألقى الضوء على مشروع تنمية الريف المصرى، والذى أعتبره بوابة مصر نحو تحقيق الأمن الغذائى والاقتصادى، حيث يهدف هذا المشروع إلى استصلاح واستزراع نحو 15 مليون فدان، ما سيساهم بشكل كبير فى تحقيق الاستقلال الغذائى وزيادة الصادرات الزراعية إلى 10 ملايين طن سنويًا.. وقد تم اختيار 17 منطقة فى ثمانى محافظات: قنا وأسوان والمنيا والوادى الجديد ومطروح وجنوب سيناء، والإسماعيلية والجيزة، ولتكون على مقربة من خطوط الاتصال وشبكات الطرق والكهرباء ومصادر المياه والخدمات والبنية الأساسية مما يُيسر إقامة التجمعات العمرانية فى المناطق المتاخمة لمشروعات التنمية الزراعية.
ليس هذا فحسب، بل يستعرض التقرير البرلمانى أيضًا خمسة برامج داعمة للتنمية الزراعية، تمثل مجالات للاستثمار فى المحافظات الحدودية، وتوفر فرص عمل كبيرة، خاصة للشباب ، بالإضافة إلى ذلك، هذه البرامج ستسهم فى إنشاء مناطق زراعية متكاملة مُجهّزة بأحدث التقنيات التكنولوجية، وبها خدمات تعليمية وطبية مُميّزة.
وعلى الجانب السياحى، يقدم التقرير رؤية طموحا وواعدة للقطاع السياحى.. حيث تستهدف الحكومة استثمار 471.5 مليار جنيه فى القطاع السياحى خلال السنة المالية 2023/2024. واللافت للنظر أن هذا الاستثمار الكبير يشير إلى الأهمية الكبيرة التى توليها الحكومة لتطوير قطاع السياحة.
وبقراءة متأنية فى هذا التقرير، نضع أيدينا على مسألة فى منتهى الأهمية هى أن مصر تتجه نحو التنمية المستدامة فى قطاعى الزراعة والسياحة. وهذه الخطة الطموح، إذا تم تنفيذها بشكل صحيح، ستساهم بشكل كبير فى تحقيق الاستقرار الاقتصادى والاجتماعى لمصر ، لذا يجب أن نتذكر دائمًا أن الرؤية والتخطيط الجيد هما الأساس لتحقيق التنمية المستدامة. وأعتقد أن مصر فى ظل الجمهورية الجديدة أظهرت بوضوح رؤيتها وخططها للمستقبل من خلال هذا التقرير البرلمانى.
إلا أن العمل لا يتوقف عند هذه المسألة، على الرغم من الرؤية المتقدمة والخطط الطموح، فإن التحدى الحقيقى يكمن فى تنفيذ هذه الخطط بفعالية. وهذا يتطلب التعاون والتنسيق بين جميع الأطراف المعنية، بدءًا من الحكومة وصولًا إلى القطاع الخاص والمجتمع المدنى، كما يجب أن نعتبر البيئة كجزء أساسى من خططنا للتنمية المستدامة ، إذ يجب علينا أن نضمن أن أى تطور فى الزراعة أو السياحة لا يؤدى إلى تدهور البيئة أو التنوع البيولوجى ، كما يجب أن نسعى لتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادى والحفاظ على البيئة.
أما فى السياق السياحى، يمكن أن تلعب السياحة المستدامة دوراً كبيراً فى الحفاظ على التراث الثقافى والطبيعى لمصر من خلال تشجيع السياحة المحلية والدولية التى تحترم البيئة والثقافات المحلية، يمكن أن نضمن تحقيق النمو الاقتصادى مع الحفاظ على الأصول الطبيعية والثقافية للبلاد.
بينما على الجانب الزراعى، فيجب أن نركز على تعزيز الزراعة المستدامة ، وهذه الزراعة تعتمد على تقنيات تحافظ على الصحة البيئية وتحقق الفعالية الاقتصادية، مثل استخدام التقنيات المتقدمة للرى والتسميد والحوث الزراعى، وإدارة الموارد الطبيعية بطريقة مستدامة. وفى الإشارة إلى القطاعات الأساسية التى تم تسليط الضوء عليها فى التقرير البرلمانى، توجد برامج متعددة تعزز التنمية الزراعية المتكاملة والمستدامة ، أولاً، يوجد برنامج الزراعة التعاقدية، الذى يمثل جزءاً رئيسياً من إستراتيجية الدولة لتحقيق الأمن الغذائى.
ويمتاز هذا البرنامج بدوره الفعّال فى تسويق المنتجات الزراعية المهمة، حيث يتم التعاقد مع المزارعين لتوريد المحصول قبل زراعته، مع تحديد جهة الشراء والسعر والكمية المتوقع بيعها. هذا النظام يضمن انتظام عمليات التوريد ويوفر للمزارعين عائداً مجزياً، وبالإضافة إلى ذلك، يوفر رابطاً مباشراً بين عمليات الإنتاج والعرض والطلب على المنتجات الزراعية داخلياً وخارجياً.
ثانياً: يوجد برنامج إنتاج التقاوى المنتقاة، الذى يأتى فى سياق الجهود المبذولة من الدولة لتعزيز القطاع الزراعى وزيادة الكفاءة الإنتاجية للمحاصيل الزراعية. الهدف من هذا البرنامج هو الاعتماد على بذور محلية الإنتاج تحمى المحاصيل من الآفات وتنتج أصنافا زراعية ذات جودة وإنتاجية عالية، وتقلل من تكلفة الاستيراد. يُذكر أن البرنامج نجح فى تقليل الفجوة بين المنتج المحلى والمستورد، حيث تم حتى نهاية عام 2022 تسجيل 26 صنفاً فى وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى بشكل رسمى، وتمكن من توفير التقاوى لعدد من المشاريع القومية، بما فى ذلك مشروع الـ 100 ألف صوبة، وبدأ أيضاً فى الخروج لأسواق التصدير الخارجية.
وفى إطار مراجعة التقرير البرلمانى للقطاعات الأساسية أيضاً ، يتم التركيز بشكل خاص على البرامج الداعمة للتنمية الزراعية المتكاملة والمستدامة، ومن بين هذه البرامج نجد تلك المتعلقة بتنمية الإنتاج الحيوانى ، حيث تلعب الثروة الحيوانية دورًا حاسمًا فى الاقتصاد الزراعى، حيث تحول الموارد الزراعية الطبيعية إلى بروتين حيوانى، فى نظام يمكن وصفه بأنه إنتاج ثانوى للموارد الزراعية.
فى هذا السياق، يساهم الإنتاج الحيوانى والداجن بشكل مباشر فى تعزيز الدخل الزراعى والدخل القومى، ويعتبر عاملاً أساسياً فى تحقيق الأمن الغذائى من خلال توفير البروتين الحيوانى.
وفيما يتعلق ببرامج تنمية الثروة السمكية ، فإن الاستزراع السمكى يتمتع بأهمية خاصة فى السياسة الاقتصادية القومية، حيث يهدف إلى تنمية الثروة السمكية، التى تعد من المصادر الأساسية للغذاء الغنى بالبروتين. وبالإضافة إلى ذلك، يسعى هذا النوع من المشروعات إلى زيادة الدخل القومى من خلال تصدير الأسماك بعد تحقيق الاكتفاء الذاتى من الإنتاج المحلى ، وبالتالى يمثل الإنتاج الذى يأتى من المزارع السمكية الجزء الأكبر من الإنتاج السمكى فى مصر، حيث يشكل حوالى 79% من الإنتاج الإجمالى فى عام 2020. بينما تساهم البحيرات بنحو 18%، والمياه البحرية بنسبة 5%، والمياه العذبة 4%، وأخيرًا حقول الأرز بنسبة 0.3%.. الأمر الذى يمكننا القول إن الاستزراع السمكى يلعب دوراً محورياً فى تنمية الثروة السمكية، وهو يساهم بشكل مباشر فى تحقيق الاكتفاء الذاتى وزيادة الدخل القومى عبر التصدير.
وفى الختام، فإننى أرى أن مصر، برؤيتها الواضحة وخططها الطموح، قادرة على تحقيق التنمية المستدامة فى هذه المجالات الحيوية شديدة الأهمية .