◄خطوة استثنائية نحو التنمية الاقتصادية المستدامة.. الثقة الدولية فى الاقتصاد المصرى ترتفع
◄الصكوك حققت اكتتابًا بقيمة 6.1 مليار دولار مما يعنى تغطية الاكتتاب بأكثر من 4 مرات
◄توجيه حصيلة الإصدار لتمويل المشروعات الاستثمارية والتنموية المدرجة فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية
◄جذب قاعدة جديدة من المستثمرين بدول الخليج وشرق آسيا إلى جانب الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية
◄برنامج دولى لإصدارات الصكوك السيادية لمصر لعدة سنوات مقبلة بقيمة 5 مليارات دولار
◄تغطية الفجوة فى الطلب على النقد الأجنبى.. وتعزيز ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصرى
النجاح الذى حققته مصر فى إصدار أول صكوك إسلامية سيادية، والثقة الدولية العالية التى عكستها هذه الخطوة فى الاقتصاد المصرى، تتطلب المزيد من التوسع فيما يتعلق بهذا الإصدار الهام.. إذ يعتبر هذا الإنجاز خطوة مهمة نحو توسيع مصادر التمويل الخاصة بالدولة، ويعكس التزام مصر القوى بالأطر القانونية والشرعية التى تحكم إصدار الصكوك الإسلامية، والتى تشكل جزءا مهما من الجهود المتواصلة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، حيث أصدرت مصر أول صكوك إسلامية سيادية فى تاريخها بقيمة 1.5 مليار دولار، وما يثير الدهشة أن الصكوك حققت اكتتابًا بقيمة 6.1 مليار دولار، مما يعنى تغطية الاكتتاب بأكثر من أربع مرات.
حيث تم تنظيم الأطر القانونية للصكوك السيادية فى الدستور المصرى فى العام 2021 من خلال القانون رقم 138. هذا القانون أناط بوزارة المالية مسؤولية إصدار الصكوك السيادية بصيغتها الشرعية وفقًا للضوابط التى تضعها اللائحة التنفيذية لهذا القانون. وقد تم توجيه حصيلة الإصدار لتمويل المشروعات الاستثمارية والتنموية المدرجة فى خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى الموازنة العامة للدولة. وهذا يدل على الرغبة الحكومية فى استثمار هذه الصكوك فى تحقيق نجاحات تنموية حقيقية تعود بالنفع على الشعب المصرى. أقر القانون أيضا تشكيل لجنة رقابية متخصصة فى مجالات التمويل والاقتصاد والقانون والشريعة الإسلامية. وقد تم تكليف هذه اللجنة بالتحقق من التعامل على الصكوك السيادية منذ إصدارها وحتى استرداد قيمتها بالتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. وحتى نضع أيدينا على أهمية الحدث. نجد أن وزير المالية، الدكتور محمد معيط، أكد أن هذا الإصدار جاء بتكلفة أقل من العائد المطلوب على السندات فى الأسواق الثانوية الدولية بحوالى 75 نقطة أساس. وأشار الوزير إلى أنه تم خفض سعر الكوبون من 11.625% وهو مستوى الأسعار الافتتاحية المعلنة عند بداية عملية الطرح، ليغلق كوبون الإصدار عند 10.875%. وهذا الخفض فى تكلفة الإصدار يعد مؤشرًا قويًا على الثقة العالية للمستثمرين فى الاقتصاد المصرى. وتشير هذه الخطوة إلى القوة المتزايدة للاقتصاد المصرى والاستقرار المالى الذى تتمتع به البلاد. ويأتى طرح الصكوك الإسلامية كتأكيد على التزام مصر بتوسيع مصادر تمويلها وتنويعها، وكذلك الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة فى الأسواق الدولية. ويوضح "معيط" أن الطرح شهد إقبالاً ملحوظاً مما يوضح دعم المستثمرين وثقتهم بجهود الحكومة فى تنويع مصادر التمويل، حيث تقدم أكثر من 250 مستثمراً بمختلف أسواق المال العالمية، لافتا إلى أن هذا الإصدار جذب قاعدة جديدة من المستثمرين بدول الخليج وشرق آسيا إلى جانب الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، كما أنهم مستثمرون ذوو جودة عالية من مديرى الأصول وصناديق التقاعد وصناديق التأمين والاستثمار والبنوك، والذين يتميزون باحتفاظهم بالاستثمارات على المدى الطويل مما له أثر إيجابى على الحد من تذبذبات الأسعار. ولفت "معيط" إلى أن نجاح هذا الإصدار يأتى فى ظل ظروف اقتصادية وسياسية عالمية مضطربة، وارتفاع تكلفة التمويل نتيجة موجة تضخمية حادة، على نحو يبعث برسالة ثقة قوية من أسواق المال العالمية، والمستثمرين فى الاقتصاد المصرى ومستقبله، وقدرته على التعامل المرن مع التحديات الداخلية والخارجية.
ونوه "معيط" إلى أنه تم الاستعداد لهذا الطرح بإصدار قانون الصكوك السيادية ولائحته التنفيذية لتوفير المظلة التشريعية اللازمة لاستحداث نوع جديد من الأوراق المالية الحكومية يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وذلك بالتعاون مع البنوك الرائدة فى مجال التمويل الإسلامى وإصدارات الصكوك والاستعانة بمكاتب المحاماة المحلية والدولية، لتغطية كل النواحى الفنية والقانونية والتسويقية طبقاً للممارسات العالمية بما يتفق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. ويؤكد "معيط" أن الصكوك السيادية ساعدت فى استقطاب شريحة جديدة من المستثمرين العرب والأجانب خاصة من الدول الخليجية والآسيوية ممن يفضلون المعاملات المالية المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية، بما يساعد فى زيادة التدفقات النقدية الأجنبية المحلية والدولية. ويلفت "معيط" إلى أن هذا الإصدار يأتى فى ضوء نجاح وزارة المالية فى إنشاء برنامج دولى لإصدارات الصكوك السيادية لعدة سنوات مقبلة بقيمة 5 مليارات دولار ، وقد تم تسجيله فى بورصة لندن بتاريخ 14 فبراير 2023 ، وفقاً لما هو متبع فى الإصدارات الدولية للسندات كونه أول إصدار للصكوك الإسلامية السيادية فى مصر. وقد أكد خبراء اقتصاد على أهمية إصدار الصكوك لتغطية الفجوة فى الطلب على النقد الأجنبى، وتعزيز ثقة المستثمرين فى الاقتصاد المصرى، مشيرين إلى أن وصول سعر العائد على الصكوك إلى 11% جاء نتيجة زيادة سعر الفائدة على الدولار، وخفض التصنيف الائتمانى لمصر، إلا أنه يعتبر عائدا غير مرتفع فى ظل هذه الظروف.
ويعد هذا الإصدار ضمن برنامج دولى لإصدارات الصكوك السيادية لمصر لعدة سنوات مقبلة بقيمة 5 مليارات دولار، وتم تسجيل هذا البرنامج فى بورصة لندن يوم 14 فبراير.. حيث اتجهت مصر لإصدار صكوك إسلامية سيادية لأول مرة فى تاريخها لتغطية الفجوة فى الطلب على النقد الأجنبى، والتى ظهرت نتيجة خروج الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة وارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميًا فى أعقاب الحرب الروسية- الأوكرانية، وقد اختارت مصر إصدار الصكوك نتيجة النمو الملحوظ فى هذا السوق من أدوات الدين، والذى يصل حجم الإصدار فيه إلى 2 تريليون دولار بإجمالى سندات بين 80-100 مليار دولار.
ويرى خبراء أن سعر إصدار الصكوك السيادية المصرية بعائد 11% غير مرتفع لأن آخر طرح لمصر فى سوق أدوات الدين العالمى منذ 3 سنوات بلغ سعر العائد وقتها 5.8%، إلا أنه بعد ارتفاع سعر الفائدة على الدولار من 1% إلى 4.5%، وخفض التصنيف الائتمانى لمصر من قبل مؤسسة "موديز" للتصنيف الائتمانى من مستوى B2 إلى مستوى B3 فإن سعر العائد على الصكوك يعد جيدا، خاصة أنه تم خفضه من مستوى 11.675% فى الأسعار الافتتاحية ليغلق تسعير الإصدار عند 11%، وذلك نتيجة ارتفاع الإقبال على الاكتتاب.. ويؤكد الخبراء أن خفض سعر العائد على الصكوك السيادية من مستوى 11.675% فى الأسعار الافتتاحية ليغلق تسعير الإصدار عند 11%، أمر إيجابى ويؤكد على ثقة المستثمرين فى قدرة مصر على سداد ديونها.
والحق يقال فإنه على الرغم من النجاح الكبير الذى حققته مصر فى هذا الإصدار، فإنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذى يجب القيام به. فمن الضرورى الاستمرار فى التوسع فى استخدام أدوات التمويل الإسلامية وتطوير الأطر القانونية والتنظيمية لدعم هذا القطاع النامى بسرعة. لكن يجب التأكيد على أن الإصدار الأول للصكوك الإسلامية السيادية فى مصر خطوة مهمة ومشجعة نحو الاستفادة الكاملة من الأدوات المالية الإسلامية، ويشكل أيضا تأكيدا على القدرة الكبيرة لمصر على الابتكار والتجديد فى مجالات التمويل والاستثمار.