- طالبت بكلمة عربية موحدة ، فجاءت القمة العربية الإسلامية لتؤكد على أن الوحدة هى سبيل النجاة الوحيد
- الدول العربية الإسلامية ترفض التهجير القسرى للفلسطينيين وتصفية قضيتهم على حساب أى دولة أخرى
- قدرات الدول العربية والإسلامية جميعها فى خدمة إنقاذ شعب غزة ، والمفاوضات والمباحثات تتواصل لوقف إطلاق النار
لم أكن أخاصم الواقع أبدا، عندما طالبت فى مقالى الأسبوع الماضى بضرورة أن تكون كلمة عربية موحدة، فأنا كنت ولا زلت أرى أن إمكانيات الدول العربية مجتمعة أقوى كثيرا من أى قوة موجودة فى العالم، وأننا لسنا فى حاجة إلا لتنسيق جهودنا، تمهيدا للإنطلاق من أجل تحقيق أهدافنا. لقد تابعت بحرص شديد أعمال القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية التى عقدت فى الرياض، وكان مبعث حرصى واهتمامى، لأننى كنت كأى مواطن عربى ومسلم أتطلع إلى الدور الكبير الذى تستطيع الدول العربية والإسلامية إذا ما توحدت أن تقوم به، ليس فى قضية فلسطين فقط، ولكن فى كل ملفاتنا وقضايانا، فنحن نستطيع بشرط أن نريد. استمعت إلى كلمات الملوك والقادة والزعماء والرؤساء للدول التى شاركت وتجاوز عددها 51 دولة، فبدا لى فى من القراءة الأولى، أن هناك اتفاق على الهدف وعلى الآلية، ولا ينقص الجميع سوى التنفيذ، حتى تكون لدينا نتائج ملموسة على الأرض، وهذا هو المقصد من مثل هذه القمم. لقد قرأت بتمعن شديد البيان الختامى الذى صدر عن هذه القمة، وأعتقد أنكم أيضا طالعتموه مرات عديدة، لأنه يلخص فى النهاية ما انتهى إليه المجتمعون، وعندما نعيد القراءة سويا سنجد أن البيان الختامى للقمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية لأصحاب الجلالة والفخامة والسمو ورؤساء الوفود المشاركة التي اختتمت في الرياض بالمملكة العربية السعودية أكد بشكل واضح، على إدانة العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية التى ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعمارى ضد الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، والمطالبة بضرورة وقف العدوان فورا. ورفض البيان توصيف هذه الحرب الانتقامية دفاعا عن النفس أو تبريرها تحت أى ذريعة، ويدعو إلى كسر الحصار على غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية تشمل الغذاء والدواء والوقود إلى القطاع بشكل فورى، ومشاركة المنظمات الدولية في هذه العملية، وضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل، ودعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وأكد البيان الختامى دعم كل ما تتخذه جمهورية مصر العربية من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري ومستدام وكاف، مطالبا مجلس الأمن باتخاذ قرار حاسم ملزم يفرض وقف العدوان ويكبح جماح سلطة الاحتلال الاستعماري التي تنتهك القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى وقرارات الشرعية الدولية. كما طالب البيان جميع الدول بوقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى سلطات الاحتلال التى يستخدمها جيشها والمستوطنون الإرهابيون فى قتل الشعب الفلسطينى وتدمير بيوته ومستشفياته ومدارسه ومساجده وكنائسه وكل مقدراته. وطالب البيان الختامى مجلس الأمن باتخاذ قرار فورى يدين تدمير قوات الاحتلال الإسرائيلى الهمجى للمستشفيات فى قطاع غزة ومنعها إدخال الدواء والغذاء والوقود إليه، وقطعها للكهرباء والمياه والخدمات الأساسية عنه، بما فيها خدمات الاتصال والإنترنت، باعتباره عقابا جماعا يمثل جريمة حرب وفق القانون الدولى، وضرورة أن يفرض القرار على إسرائيل - بصفتها القوة القائمة بالاحتلال - التزام القوانين الدولية وإلغاء إجراءاتها الوحشية اللاإنسانية هذه بشكل فورى وآخرها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 25 بتاريخ 2023/26/10، واعتبار التقاعس عن ذلك تواطؤا يتيح لإسرائيل الاستمرار فى عدوانها الوحشى الذى يقتل الأبرياء، أطفالا وشيوخا ونساء ويحيل غزة خرابا. كما أكد البيان على ضرورة رفع الحصار الذى تفرضه إسرائيل منذ سنوات على القطاع، كما طالبالمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية باستكمال التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التيى ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى في جميع الأراضى الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وعلى أهمية دعم المبادرات القانونية والسياسية لدولة فلسطين لتحميل مسؤولى سلطات الاحتلال الإسرائيلية المسؤولية على جرائمه ضد الشعب الفلسطينى، بما في ذلك مسار الرأي الاستشارى لمحكمة العدل الدولية، والسماح للجنة التحقيق المنشأة بقرار مجلس حقوق الإنسان بالتحقيق فى هذه الجرائم وعدم إعاقتها. ودعا البيان إلى تكليف الأمانتين بإنشاء وحدتى رصد إعلامي لتوثاق كل جرائم سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطينى، ومنصات إعلامية رقمية تنشرها وتعرى ممارساتها اللاشرعية واللاإنسانية. كما تم تكليف وزراء خارجية -المملكة العربية السعودية بصفتها رئيسة القمة الإسلامية والعربية، وكلٍّ من الأردن ومصر وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين وأى دول أخرى مهتمة، والأمينين العامين للمنظمتين- ببدِء تحرك دولى فورى باسم جميع الدول الأعضاء فى المنظمة والجامعة لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة. ودعا البيان الدول الأعضاء فى المنظمة والجامعة إلى ممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والقانونية واتخاذ أى إجراءات رادعة لوقف جرائم سلطات الاحتلال الاستعمارية ضد الإنسانية، واستنكار ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولى، والتحذير من أن هذه الازدواجية تقوض بشكل خطير صدقية الدول التي تحصن إسرائيل من القانون الدولي وتضعها فوقه، وصدقية العمل متعدد الأطراف وتعرى انتقائية تطبيق منظومة القيم الإنسانية، والتأكيد أن مواقف الدول العربية والإسلامية ستتأثر بالمعايير المزدوجة التى تؤدى إلى صدع بين الحضارات والثقافات. كما أدان البيان الختامي تهجير حوالي 1.5 مليون فلسطينى من شمال قطاع غزة إلى جنوبه باعتبار ذلك جريمة حرب وفق اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949وملحقها للعام 1977، وقتل الصحفيين والأطفال والنساء واستهداف المسعفين واستعمال الفسفور الأبيض المحرم دوليا في الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان، والتصريحات والتهديدات الإسرائيلية المتكررة بإعادة لبنان إلى "العصر الحجري"، ويدعو الدولَ الأطراف في الاتفاقية إلى اتخاذ قرار جماعي يدينها ويرفضها، وجميعَ منظمات الأمم المتحدة إلى التصدي لمحاولة تكريس سلطات الاحتلال الاستعمارى هذا الواقعَ اللاإنساني البائس مع التأكيد على ضرورة العودة الفورية للنازحين إلى بيوتهم ومناطقهم، وضرورة الحؤول دون توسيع الصراع. ودعا البيان الختامي إلى إعادة التأكيد على التمسك بالسلام كخيار استراتيجي، لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وحلِّ الصراع العربي الإسرائيلي وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما فيها قرارات مجلس الأمن، والتأكيد على التمسك بمبادرة السلام العربية لعام 2002 بكافة عناصرها وأولوياتها، وعقد مؤتمر دولي للسلام في أقرب وقت ممكن تنطلق من خلاله عملية سلام ذات مصداقية على أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام، ضمن إطار زمني محدد وبضمانات دولية تفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، والجولان السوري المحتل ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا وخراج بلدة الماري اللبنانية، وتنفيذ حل الدولتين. وحث البيان على تفعيل شبكة الأمان المالية العربية والإسلامية وفقًا لقرار الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي وقرارات القمة العربية، لتوفير المساهمات المالية وتوفير الدعم المالي والاقتصادي والإنساني لحكومة دولة فلسطين ووكالة الأونروا، والتأكيد على ضرورة حشد الشركاء الدوليين لإعادة إعمار غزة والتخفيف من آثار الدمار الشامل للعدوان الإسرائيلي فور وقفه. وكلف البيان الأمين العام للجامعة الدول العربية والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي بمتابعة تنفيذ القرار وعرض تقرير بشأنه على الدورة القادمة لمجلسيهما. كان ما جرى فى التقييم الأخير مهما وفاعلا إلى درجة كبيرة، فالقضية معقدة ومتشابكة، والأطراف الدولية اللاعبة فيها كثيرة جدا، لكن الدول العربية والإسلامية المجتمعية فى الرياض أرادت لرسالتها أن تصل، فهى ترفض تماما تصفية القضية الفلطسينية فى المطلق، كما أنها ضد تصفيتها على حساب أى دولة فى الإقليم، فالشعب الفلسطينى من حقه أن يعيش فى دولة تحمل اسمه وتمنحه جنسيتها، كما رفضت الدول العربية والإسلامية تهجير الفلسطينيين تهجيرا قسريا من بيوتهم، لأنها هذا لا يتنافى فقط مع كل القوانين والأعراف والمعاهدات الدولية ولكن يتنافى فى الأساس مع قواعد أى قانون إنسانى يمكن أن يعتد به فى أى مكان وأى زمان. وضعت الدول العربية والإسلامية كل قدراتها وإمكانياتها لدعم وخدمة القضية الفسطينية، ومن أجل الوصول إلى قرار بوقف إطلاق النار، وأعتقد أن هناك مساعى كثيرة تبذل فى هذا الإطار، ويظل لمصر الدور الأكبر فيها، بل إننى أستطيع أن أقول أن البيان الختامى لهذه القمة أخذ من كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى مرشدا ودليلا، فقد أكد على كل ما قاله، وطالب بكل ما طلب به، وهو ما يشير إلى مصر تسير على الطريق الصحيح فى دعمها للقضية الفلسطينية والعمل من أجلها، وبقى أن نرى هذه القرارات والتوصيات التى جاءت فى البيان الختامى للقمة مطبقة على الأرض.