الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب: يوم أن ولدت مصر .. من جديد

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشفية

 

- ماذا يفعل السيسى بعد فوزه وما هى التحديات التى تواجهه؟

- هل يطلق القائد "المارد المصرى" لوقف جنون نتنياهو؟.. وكواليس من غرفة عمليات الحرب 

- خطة الحصار الكبير للقضاء على الأعداء.. وعملية السيطرة على المتآمرين ضد الاقتصاد المصرى

 

للمراحل الصعبة رجالها.. هذا ما تقوله دروس التاريخ على مر الأزمنة والعصور.. لكن هذا الرجل - وأنا أشفق عليه حقيقة - واجه صعوبات ومخاطر لا تعد ولا تحصى منذ أن تولى مهام المسئولية.. فقد بدأ عهده بالقضاء على أخطر تهديد لمصر ألا وهو جماعة الإخوان الإرهابية.. ثم مضى فى حرب شاملة ضد الإرهابيين.

وكان يكفيه هذه المهمة - أقصد إنهاء الإخوان والإرهاب - لنقول إنه تحمل مسئوليته التاريخية وأدى الأمانة.. لكن الظروف والحوادث والأقدار قبلهما كتبت له أن ينتقل من مسئولية كبرى إلى أخرى.. هذا إلى جانب مسئولية الحكم ذاتها وتوفير "حياة كريمة" لأكثر من ١٠٠ مليون مصرى.

وقد أجاد الرئيس كما يجب أن يفعل.. ولهذا لم يكن غريبا أن يحصل على أصوات نحو ٤٠ مليون مصرى فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

وهؤلاء لم يختاروه فقط لإيمانهم به.. بل لإيمانهم بأن مصر أمام مرحلة تاريخية تستدعى وجود رجل مثله.

يتولى السيسى حكم البلاد لولاية جديدة فى أوائل عام 2024، ويقع على عاتقه عدة أولويات وبعض التحديات فى ملف السياسة الخارجية المصرية انطلاقًا من موقع مصر الإستراتيجى، وفاعلية دورها الخارجى، ومكانتها وهويتها العربية والإفريقية والمتوسطية والتهديدات المحيطة بالمنطقة.. التى نوجزها معا فى كلماتى التالية.

• الحرب فى غزة وتهديد التهجير: تحتل القضية الفلسطينية أولوية على أجندة الرئيس بما يُعيد الاستقرار للمنطقة، ولمصر ثوابت تجاه القضية منها: حل الدولتين، وضرورة التوصل إلى تسوية عادلة تقوم على الشرعية الدولية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. من ناحية ثانية، تتحمل مصر مسئولية كبيرة إزاء القضية كونها جزءًا أصيلًا من الأمن القومى المصرى، وأى تطورات أمنية فى قطاع غزة تنعكس بدورها على الأمن القومى المصرى. ويظل الموقف المصرى تجاه أى تطورات أمنية مرهونًا بمعاهدة السلام مع الطرف الإسرائيلى، كما تقوم مصر بجهود حثيثة فى استعادة المفاوضات بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى، ومحاولة رأب الصدع وإنهاء الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، بالإضافة إلى الدور المصرى لإعادة إعمار غزة، وكانت الحرب الإسرائيلية فى غزة دليلًا واضحًا على الدور التاريخى لمصر تجاه القضية الفلسطينية، والداعم لاستقرار وتهدئة الصراعات فى المنطقة، إذ تمكنت القاهرة عبر تحركاتها الإيجابية من الوصول إلى هدنة إنسانية، وإدخال المساعدات للقطاع.

من ناحية ثالثة، يقع على عاتق الدولة المصرية الحفاظ على ضبط الحدود مع القطاع، وفى هذا السياق الانتباه إلى التحولات التى تمت فى قضية الصراع العربى- الإسرائيلى على مدار السنوات الخمس الماضية، فى ظل تطبيع بعض الدول العربية مع إسرائيل، والتحولات المتعلقة بتطورات المشهد الفلسطينى والإسرائيلى فى ظل وجود حكومة متطرفة ومتشددة، بالإضافة إلى موقف الإدارة الأمريكية تجاه القضية.

• سد النهضة والأمن المائى المصرى: يُمثل ملف سد النهضة أولوية على أجندة الرئيس الخارجية فى ظل التعنت الإثيوبى وبدء الملء الرابع للسد، والإضرار بحصة مصر المائية، وعدم التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل.

• مشروع المشرق الجديد: من ضمن الأولويات على أجندة الرئيس استكمال مسيرة التعاون الإقليمى فى إطار مشروع المشرق الجديد والمتعلق بمد خط أنبوب نفطى من ميناء البصرة جنوب العراق، وصولًا إلى ميناء العقبة فى الأردن، بما يفتح أسواقًا جديدة للطاقة فى المنطقة، حيث سيخلق ممرًا بديلًا لنقل النفط والغاز من الشام والخليج إلى أوروبا بدلًا من مضيق هرمز، إذ تقوم مصر والأردن باستيراد النفط مقابل 16 مليار دولار للبرميل، حيث تستفيد مصر من عملية تكرير جزء من النفط العراقى على أراضيها من خلال مشروع بناء مصافى للنفط، بالإضافة إلى تجديد المصافى القائمة والاستفادة من إمكانيات الأردن فى مجال النقل لامتلاكه قدرات فى هذا المجال، كما أن الربط الكهربائى بين الأردن ومصر وصولًا للعراق يمدها بنحو 360 جيجاوات من التيار الكهربائى، لكن قد يواجه مسار التعاون الإقليمى بعض التحديات المتعلقة بتهديدات وكلاء إيران المنخرطة فى العراق وسوريا ولبنان. 

• تعزيز التعاون الإفريقى: يعد من ضمن الأولويات الخارجية استمرار زخم التفاعل فى الدائرة الإفريقية واستكمال مسار الدبلوماسية النشطة والتحركات الفاعلة، فقد نجحت مصر فى استعادة دورها فى القارة، وكانت رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى عام 2019 دليلًا واضحًا على حدود ومستوى التحول الذى طرأ على العلاقة بين مصر ودول القارة، بعد فترات من الغياب وتراجع الدور ما منح الفرصة لعدد من القوى الإقليمية والدولية لملء الفراغ نتيجة التراجع فى السنوات السابقة لفترة تولى الرئيس السيسى والعمل على تعزيز آفاق التعاون بين دول حوض النيل لتحقيق الاستقرار الإقليمى ليس فقط التعاون المائى ولكن التعاون فى مجالات عديدة كالغذاء والطاقة، ومن ثم تحقيق الأمن الإنسانى من خلال إقامة مشروعات تنموية، وتعزيز البنية التحتية بما يخدم التعاون بين كافة دول حوض النيل. 

• شرق المتوسط وأمن الطاقة: تعد الدائرة المتوسطية من الدوائر الجديدة فى السياسة الخارجية المصرية، ويحتل أمن الطاقة أولوية على أجندة الرئيس ومن ثم استكمال النجاحات فى هذا المجال فى ضوء الطموح المصرى لتحول مصر لمركز إقليمى للطاقة، بعد استضافة مصر أول تنظيم إقليمى جديد للغاز فى شرق المتوسط، ثم تحولّه لمنتدى إقليمى للطاقة يضم (قبرص، واليونان، وإسرائيل، وإيطاليا، والأردن، وفلسطين)، والاستفادة من موقع مصر الجغرافى وقناة السويس، واستمرار التنسيق والتعاون مع قبرص واليونان فى شرق المتوسط، خاصةً فى ظل اتفاق وُقِّع مع قبرص لتصدير الغاز من حقل أفروديت إلى مصانع الغاز الطبيعى المسال فى إدكو ودمياط للتسييل، ثم إعادة تصدير الغاز إلى أسواق أخرى.

• تهديدات الأمن القومى العربى: هناك ترابط وثيق الصلة بين الأمن القومى المصرى والعربى، وتمثل التهديدات التى تحيط بهذا الأمن من حيث التدخلات الخارجية فى شئون الدول وكثرة الفاعلين فى الإقليم، وتضاد المصالح وتغذية النزعات الطائفية والمذهبية، والمساهمة فى نشأة التنظيمات والجماعات الإرهابية، ومخاطر تقسيم بعض الدول، ومحاولات إدماج إسرائيل فى المنطقة، وتنامى دور الميليشيات؛ تحديات تواجه مصر فى سياستها الخارجية.

فى ظل تداعيات الصراعات فى سوريا وليبيا، وتدفق اللاجئين، ومخاطر انتقال الأسلحة عبر الحدود المصرية- الليبية، والصراع بين الأطراف الداخلية فى ليبيا، والضرورة التى تقتضى التوافق حول الترتيبات السياسية من حيث إجراء الانتخابات الرئاسية فى ليبيا؛ جميعها تحديات تخلق حالة من عدم الاستقرار بشكل مستمر بما يُشكل عبئًا أمنيًا على أجندة الرئيس القادم، إذ تتبنى مصر رؤية إستراتيجية مفادها الحفاظ على كيان الدولة الوطنية، وتماسك المجتمعات انطلاقًا من إدراك ارتفاع تكلفة تفتيت الدول، وانعكاسات ذلك على الاستقرار فى المنطقة، إذ أن التدهور فى الأوضاع الداخلية للدول يرتب تأثيرات سلبية على الأمن الإنسانى، وتنامى أعداد اللاجئين، وتحملت مصر عبء هذه الأزمات من حيث استضافة اللاجئين، ويقدر عددهم بنحو 9 ملايين لاجئ من جنسيات متعددة (سودانية، وسورية، ويمنية، وصومالية، وإريترية، ومن جنوب السودان وغيرها)، وعليه يقع على عاتق الرئيس مسئولية تكريس مفهوم الأمن القومى العربى، والدولة الوطنية، ودعم مؤسساتها، وتعزيز الاستقرار وحفظ السلم.

• تهديدات أمن البحر الأحمر: يمثل أمن منطقة البحر الأحمر أولوية فى سياسة مصر ولا سيما فى ظل استغلال الأراضى اليمنية لاستهداف دول الجوار، وعرقلة حرية الملاحة فى مضيق باب المندب على خلفية الترابط وثيق الصلة بين الأمن القومى المصرى وأمن منطقة البحر الأحمر، فى ظل تنامى أطماع العديد من الدول غير المطلة مثل إثيوبيا التى تسعى لبناء قوة بحرية على البحر الأحمر بالرغم من عدم امتلاكها منفذًا عليه، بالإضافة إلى تنافس العديد من القوى الدولية على الاستفادة من ثروات البحر الأحمر، حيث يشهد البحر الأحمر تنافسًا على المنافذ البحرية، فالتنافس على الموانئ لا يقل فى أهميته عن تزايد رغبة الشركات العالمية فى بناء شبكة كابلات للاتصالات والإنترنت تمر بالبحر الأحمر، وبشكل مباشر من شرق وغرب إفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا، مثال مشروع "أفريقيا 2" الذى يخدم حوالى 16 دولة إفريقية عن طريق كابل بحرى كمزود سريع للإنترنت، وكابل "بلو رامان" الذى يربط بين الهند، وعمان، والسعودية، والأردن، وإسرائيل، وإيطاليا، وهى مشروعات تتطلب التنسيق والتعاون بين الدول المتشاطئة وتحديدًا جيبوتى لكونها مركزًا رئيسيًا لكابلات الاتصالات.

• قضايا الأمن غير التقليدى: يواجه الرئيس على أجندته الخارجية تحديات الأمن غير التقليدى، كقضايا تغير المناخ والأوبئة والأمن الإنسانى، وتداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية على أزمة الغذاء والطاقة فى ظل ارتفاع معدلات الفقر وخطر المجاعة. ويقع على أولويات أجندة الرئيس تنويع الشراكات بهدف مواجهة نقص إمداد القمح الناتج عن الحرب فى أوكرانيا، وتعد الهند شريكًا هامًا كونها أحد المصدرين الرئيسيين للقمح إلى مصر.

إننى لا أملك إلا أن أقول: أعانك الله سيدى الرئيس.

ودائما وأبدا.. تحيا مصر.

 

 

تم نسخ الرابط