محمود الشويخ يكتب: اقتلوا نتنياهو أو اطرحوه أرضًا
- متى تتوقف جرائم النازيين فى غزة؟
- هل تتهور إسرائيل أمام الجيش المصرى؟.. وما قصة "محور فيلادلفيا"؟
- لماذا يظهر المجرم الصهيونى "ليبرمان" الآن؟.. وماذا قال على الشاشة؟
- سر رسالة التحذير المصرية.. وكيف خضعت تل أبيب لـ"أوامر القاهرة"؟
لا يزال الإجرام الصهيونى يتواصل فى غزة.. وسط تواطؤ ودعم إجرامى دولى.. والهدف الأساسى هو إخلاء القطاع من أهله أو فى أقل تقدير جعله غير قابل للحياة.. وهذه الخطة الإسرائيلية المعلنة.. لكن ما لفت اهتمامى فى الأيام الأخيرة الوقاحة الإسرائيلية وتزايد الحديث بشأن المنطقة المعروفة باسم "محور فيلادلفيا" الحدودية بين مصر وقطاع غزة.. حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، إن المنطقة يجب أن تكون تحت السيطرة الإسرائيلية، فى خطوة يزعم الإسرائيليون أنها تهدف إلى ضمان عدم دخول أسلحة إلى غزة، بينما يعتبرها مراقبون مسألة "معقدة" ومجرد "محاولة لإرضاء اليمين الإسرائيلى" وسط استمرار العمليات العسكرية فى القطاع.
بداية فإن هذا المحور هو الشريط الحدودى الممتد بين مصر وقطاع غزة، والذى يعرف أيضا بـ"محور صلاح الدين"، وهو منطقة عازلة بموجب اتفاق السلام المبرم بين مصر وإسرائيل عام 1979، ويبلغ طوله 14 كلم. ولم يخض نتنياهو فى التفاصيل، لكن القيام بمثل هذه الخطوة سيعتبر بحكم الأمر الواقع تراجعا عن انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، مما يضع الجيب تحت السيطرة الإسرائيلية الحصرية بعد إدارته على مدى سنوات من جانب حماس.
وتسمح اتفاقية كامب ديفيد لإسرائيل ومصر بنشر قوات محدودة العدد والعتاد ومحددة بالأرقام ونوعيات السلاح والآليات على ذلك المحور، وذلك بهدف القيام بدوريات على جانب المحور المصرى، لمنع التهريب والتسلل والأنشطة الإجرامية الأخرى.
وتتيح الاتفاقية تواجدا إسرائيليا ضمن هذا الشريط العازل "محور فيلادلفيا"، وهو يقع ضمن المنطقة "د" بموجب الملحق الأول، البروتوكول الخاص بالانسحاب الإسرائيلى وترتيبات الأمن، والتى تتيح تواجد قوة عسكرية إسرائيلية محدودة من 4 كتائب مشاة وتحصينات ميدانية ومراقبين من الأمم المتحدة. ولا تتضمن القوة الإسرائيلية أى تواجد للدبابات أو المدفعيات أو الصواريخ، ما عدا الصواريخ الفردية "أرض-جو".
وكانت القوات الإسرائيلية تسيطر على هذه المنطقة "د" بما يتضمن محور فيلادلفيا، حتى انسحابها منها وتسليمها للسلطة الفلسطينية عام 2005، ولترتيب تواجد مصرى لقوات حرس الحدود، تم توقيع اتفاقية جديدة عرفت باسم "اتفاقية فيلادلفيا" والتى تتماشى مع اتفاقية "المعابر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية" التى تم التوقيع عليها فى العام ذاته.
ووقعت إسرائيل مع مصر على اتفاقية فيلادلفيا باعتبارها تابعة لاتفاقية كامب ديفيد، والتى حددت مسافة 14 كلم كشريط عازل على طول الحدود بين مصر وغزة. وجاءت الاتفاقية بعدما أقر الكنيسيت الإسرائيلى عام 2004، قرارا بسحب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، والذى دخل حيز التنفيذ فى أغسطس 2005.
وسمحت الاتفاقية بتنسيق أمنى إسرائيلى- مصرى، وتواجد أمنى مصرى من قوات حرس الحدود على طول شريط فيلادلفيا، والقيام بدوريات من كلا الطرفين. ونصت على أن التواجد المصرى فى هذه المنطقة هو "لمكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود" وليس مخصصا لأى غرض عسكرى، وأن هذه الاتفاقية لن تغير أو تعدل فى اتفاقية السلام الرئيسية مع مصر بالحفاظ على المنطقة "ج" منزوعة السلاح، واعتبار اتفاقية فيلادلفيا على أنها "بروتوكول أمنى" لضمان عدم وجود عسكرى مصرى قريب من الحدود الإسرائيلية. وبموجب اتفاق مع إسرائيل، يقوم 750 جنديا (من قوة ليست عسكرية وإنما شرطية)، بدوريات على طول الحدود، مسلحين بأسلحة خفيفة وعربات مدرعة، إضافة إلى عدد غير محدد من عناصر الشرطة غير المسلحين.
وقبل عامين من انسحابهم، أقام الإسرائيليون جدارا من الإسمنت والمعدن بطول 7 كيلومترات وبعلو 8 أمتار لعزل قسمى مدينة رفح، التى قُسّمت لشطرين عقب اتفاقية كامب ديفيد، بين مصر وغزة.
وبالتزامن مع الاتفاق، انتقلت إلى السلطة الفلسطينية عملية الإشراف على معبر رفح البرى الحدودى مع مصر، واشترطت إسرائيل حينها وجود مراقبين من الاتحاد الأوروبى. ونصت الاتفاقية المعروفة باسم "الاتفاق بشأن الحركة والوصول" والمعروفة اختصاراً بـ AMA، والتى وقعت فى 15 نوفمبر 2005، فى وقت كانت السلطة الفلسطينية لا تزال تسيطر على قطاع غزة، على آلية لتشغيل معبر رفح بين الجانبين المصرى والفلسطينى، على أن يكون الاتحاد الأوروبى، ممثلاً فى بعثة حدودية، طرفاً ثالثاً يشرف على تطبيق والالتزام بالقواعد والآليات المعمول بها فى الاتفاق.
ولكن بعد نحو شهرين فقط من تطبيق "اتفاق فيلادلفيا"، تبدّل الوضع السياسى والأمنى فى قطاع غزة الذى سيطرت عليه حركة "حماس" عام 2006 بعد فوزها فى الانتخابات التشريعية الفلسطينية، وطردت حركة "فتح" من الحكم. وسيطرت الحركة حينها كلياً على القطاع بما فيها المنطقة الحدودية والمحور المحاذى لسيناء، ما تسبب فى توقف العمل باتفاق AMA، وانسحاب الاتحاد الأوروبى من المعبر، فى يونيو 2007، فسيطرت عليه الحركة أيضاً.
وعقب تصريح نتنياهو.. أفادت معلومات بأنه طرح فى جلسة للحكومة خطة إقامة جدار تحت الأرض، على امتداد محور صلاح الدين، أو ما يسمى "محور فيلادلفيا" على غرار الجدار الذى كان قد أقيم على حدود قطاع غزة. كما أشارت المعلومات إلى أن الجدار هذا الذى لا يزال قيد البحث يمكن أن يكون بعمق عشرات الأمتار وعلى امتداد 14 كيلومتراً. أما الهدف فسد عشرات الأنفاق الممتدة تحته بحسب ما تزعم إسرائيل. وتتوقع تل أبيب أن تمول من الولايات المتحدة تلك الخطة.
وفى السياق ذاته، قال إيلى كوهين، وزير الخارجية الإسرائيلى، إن على بلاده أن تسيطر أمنيا على محور فيلادلفيا الواقع بين قطاع غزة ومصر وإلا ستعود قريبا إلى 7 أكتوبر جديدة. وأجرت "القناة الـ 14" الإسرائيلية مقابلة مع كوهين، شدد من خلالها على ضرورة سيطرة الجيش الإسرائيلى على مدينة رفح ومحور فيلادلفيا بعد انتهاء الحرب الدائرة على قطاع غزة، وإلا فإن إسرائيل ستعود خلال سنوات قليلة إلى 7 أكتوبر جديدة، موضحًا أن الحرب على قطاع غزة ستأخذ وقتا طويلا، لم يحدده.
أما أبو التطرف الإسرائيلى ليبرمان، فقد دعا إلى احتلال محور فيلادلفيا الواقع بين مصر وقطاع غزة وهدم الأسوار والأنفاق أيضا، وقال: "بمجرد انتهاء مثل هذه العوائق أمام الجيش الإسرائيلى، فإن مليونا ونصف المليون من أهالى الفلسطينيين فى غزة سيغادرون القطاع إلى سيناء"!.
وفى الوقت الذى انتقدت منظمة التحرير الفلسطينى تصريحات نتنياهو باستعادة إسرائيل السيطرة على محور فيلادلفيا باعتبارها "تدميرا للاتفاقيات مع منظمة التحرير ومصر"، أكد مختصون ومراقبون تحدثت إليهم أن القاهرة تتحفظ على الخطط الإسرائيلية لإعادة احتلال المحور، وسترد على ذلك "سياسياً وقانونياً"؛ لمنع تفاقم الأزمة فى المناطق الحدودية، خاصة أن تلك الخطوة تتطلب توقيع بروتوكول جديد بين القاهرة وتل أبيب، وهو ما سترفضه مصر.
والأكيد أن مصر ستخاطب الإدارة الأمريكية بشأن التصريحات غير المسؤولة، وتضعها أمام مسؤولياتها فى تنفيذ وحماية معاهدة السلام، ومنها الملحق العسكرى الخاص بمحور فيلادلفيا، وهى (أى واشنطن) حريصة على عدم حدوث خرق كبير للاتفاقية فى الوقت الذى تسعى فيه لتوسيع معاهدات السلام مع دول المنطقة.
ولا شك فى أن تصريحات نتنياهو بالسيطرة على محور فيلادلفيا هى تصريحات المأزوم، ويوجهها للداخل الإسرائيلى، لأن هذا المحور له وضع خاص فى اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وأى تحرك عسكرى هناك سيكون خرقا للبروتوكول العسكرى الملحق بمعاهدة كامب ديفيد، ومخالفا أيضا للتفاهمات الأمنية بين البلدين.
ثم إن مصر لن تسمح بشن عمليات عسكرية على طول الخط الحدودى من شأنها أن تمس أمنها القومى وهى قادرة على تأمين حدودها، ولن يقدر نتنياهو على أن يخرق معاهدة السلام، ويوسّع الجبهات المفتوحة فى الشمال والجنوب وزيادة الموقف تأزما.. ولهذا لم تعلق مصر علنا فبلدنا سياسته حكيمة ولديه قدرة على ضبط النفس والالتزام بالقانون الدولى وعدم الانجرار إلى مواقف استفزازية، وفى الوقت نفسه معنى بتأمين حدوده الدولية ضد أى اعتداء أو تجاوز.
ودائما وأبدا.. تحيا مصر.