محمد فودة يكتب: خطة الحكومة لمواجهة الأزمات الطارئة
إجراءات الحكومة لمواجهة الأزمات واقعية ومدروسة ونستطيع بها تجاوز المشكلة الاقتصادية
أسباب الأزمات فى معظمها خارجية.. وبرنامج الإصلاح الاقتصادى جعلنا نقف بقوة فى "قلب" الأزمة
الحكومة تستهدف مصلحة المواطنين فى كل إجراءاتها والمطلوب من الجميع العمل كلٌ فى موقعه
لا تقف الحكومة مكتوفة الأيدى أمام الأزمات الاقتصادية المتلاحقة التى تحاصر مصر منذ شهور بسبب الأحداث العالمية المتعاقبة، التى كان لها أبلغ الأثر على الاقتصاد العالمى بشكل عام والاقتصاد المصرى بشكل خاص.
من اللحظة الأولى والحكومة تعترف بهذه الأزمات، وكانت هذه هى الخطوة الأولى على الطريق الصحيح لعلاج الأزمات والتصدى لها وحلها ومواجهتها، فهى لم تدفن رأسها فى الرمال، بل خرجت وتحدثت مع الشعب ووضعت أمامه كل التفاصيل حتى يصبح شريكا فى الأمر.
يعرف الجميع أن الأزمة كبيرة ومعقدة ومتشابكة، وأن الأسباب الخارجية أكثر بكثير من الأسباب الداخلية، وهو ما جعل الحكومة تتعامل على الأرض وتلجأ إلى حلول واقعية حتى تستطيع أن تواجه الأزمة بعيدا عن الحلول الرومانسية أو الخيالية.
خلال الأيام الماضية تابعت عددا من التقارير الصحفية والمداخلات التليفزيونية لعدد من المسئولين تحدثوا عن الخطوات التى اتخذتها الحكومة على الأرض للتعامل مع الأزمة، وهى خطوات جادة ومناسبة وواقعية كما قلت.
فكما نشرت التقارير الصحفية فإن الحكومة وضعت خطة طموحة للسيطرة على ارتفاعات التضخم، والعمل على عودة المعدل إلى مساره النزولى، سعيا لتحقيق استقرار مستويات الأسعار دون زيادات جديدة مبالغ فيها، والتى تعتمد فى الأساس على إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام وتوفير موارد إضافية للنقد الأجنبى، وتدشين منظومة صارمة لمراقبة حركة تداول السلع الإستراتيجية وتحقيق الأمن الغذائى.
الخطوة الأولى بدأتها الحكومة بالفعل بترشيد بنود إنفاق النقد الأجنبى عن طريق حظر الاتفاق على أى قروض أو تسهيلات ائتمانية خارجية لتمويل المشروعات الاستثمارية إلا بعد التنسيق مع وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، وبعد التأكد من عدم وجود البديل المحلى، والتأكيد على أن يكون التمويل الخارجى قاصرًا على المشروعات التى تضمن الوفاء بأداء هذه القروض وفوائدها من عوائد هذه المشروعات دون إلقاء أية أعباء على الموازنة العامة للدولة.
من جهتها ألزمت الحكومة الجهات الداخلة فى الموازنة بتحديد تقديرات النقد الأجنبى، وإعداد بيان شهرى بالمنفذ من التقديرات لتتسنى متابعة تنفيذها وإعداد تصور لهيكل موارد واستخدامات النقد الأجنبى للدولة، وكذلك الحد من الإنفاق على تدشين مشروعات استثمارية جديدة مع إعطاء أولوية لاستكمال المشروعات التى تجاوزت نسبة التنفيذ بها ٧٥٪ من تكلفتها الكلية للانتهاء منها.
كما وجهت الحكومة بإعداد دراسات جدوى اقتصادية واجتماعية وبيئية للمشروعات بهدف تحقيق أكبر عائد ممكن لسداد الالتزامات المترتبة على هذا التمويل، والعمل على تحقيق أكبر عائد ممكن بما يتناسب مع ما يتم إنفاقه على المشروعات الاستثمارية، وحظر إدراج أية اعتمادات لمشروعات استثمارية للتوسع فى مشروعات قائمة بها طاقات غير مستغلة.
كما ألزمت الحكومة الجهات الداخلة فى الموازنة بقصر أوجه صرف المنح التى تحصل عليها مصر فى مشروعات تنموية، ويتم توفير ما يلزم لتنفيذها من الاعتمادات المحلية، ما لم تحظر الاتفاقيات ذلك، ويحظر صرفها فى المكافآت والاستشارات وشراء السيارات أو التجهيزات أو ما شابه ذلك.
وصرح مسئولون مقربون من الحكومة بأنها تعتزم تدشين قاعدة بيانات إلكترونية تتيح تتبع عملية تداول السلع الإستراتيجية بداية من مكان توريدها الأصلى وصولًا للمستهلك النهائى، من خلال تشبيك الأطراف والجهات المعنية بعملية إنتاج وتصنيع وبيع السلع عن طريق نظام مميكن، إلى جانب متابعة رصيد السلع والمخزون لتحديد العجز والفائض على مستوى الجمهورية، والتحرك سريعًا حال حدوث أى تغير.
وأضافت المصادر الحكومية أن جهود الدولة لتحقيق الأمن الغذائى فى الموازنة الحالية تتمثل فى إدراج أكثر من ١٠٠ مليار جنيه فى الموازنة الحالية كاستثمارات زراعية بنسبة زيادة ٧١٪ عن مخصصات الموازنة السابقة.
وقد استمعت إلى المستشار محمد الحمصانى المتحدث الرسمى باسم مجلس الوزراء حيث كان يجرى مداخلة تليفزيونية مع أحد البرامج، كشف فيها عن خطة الحكومة لزيادة الحصيلة الدولارية إلى 300 مليار دولار سنويا، وأكد على إمكانية تحقيق ذلك إذ أن هناك العديد من المشروعات التى تم تنفيذها للمواطنين فى كل المجالات.
وقال الحمصانى إن رئيس الوزراء أكد خلال آخر مؤتمر أن الدولة تتحرك وفق 3 محددات أساسية، سواء فى إطار السياسة النقدية، أو السياسة المالية، أو الإصلاحات الهيكلية، حيث إن الاقتصاد المصرى حقق نجاحات كبيرة فى مجال دعم دور القطاع الخاص.
وأضاف: "هناك تقارير دولية من صندوق النقد الدولى تؤكد أن هناك فرصا واعدة للاقتصاد المصرى"، مؤكدا أنه خلال السنوات الماضية تم تأسيس قاعدة اقتصادية قوية ولكن هناك تحديات كبيرة.
وواصل: "تقارير من مؤسسات دولية أشارت إلى أن هناك فرصا قوية وكبيرة أمام الاقتصاد المصرى": "سعر الجنيه فى السوق الموازية أعلى من قيمته الحقيقية"، ومن المؤكد أننا سنشهد مزيدا من الاستقرار لسعر الصرف، حيث من المتوقع أن يصل إلى 36 جنيها وفقا للتقارير، مؤكدا أن الدولة تعمل على خفض معدل التضخم، وزيادة الحصيلة الدولارية والعملة الأجنبية.
ليس هذا فقط ما تفعله الحكومة، فهى لا تكف عن العمل والمتابعة وتفقد كل أسباب الأزمة، وهو ما جعلها على دراية كبيرة بأبعاد وملامح المشكلة التى تعانى منها مصر بسبب الأسباب الخارجية التى هى الأساس فى تأزم الأمور إلى هذه الدرجة، ولذلك نجد الحلول التى تطرحها الحكومة لا تبعد كثيرا عن النقاط الساخنة للحل، والأهم من ذلك أن الحكومة تبذل قصارى جهدها للوصول إلى حلول بأسرع وقت لأنها تعرف أن المواطنين لن يتحملوا كثيرا.
لقد استطاع الاقتصاد المصرى رغم الأزمات والصدمات التى يمر بها أن يقف وبقوة فى مواجهة المشكلات الطارئة، ويعود هذا بالأساس إلى برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأته مصر منذ نهايات العام ٢٠١٦، فلولا هذا البرنامج لوجدنا أنفسنا فى مواجهة أزمة أكبر.
وفى حقيقة الأمر فإن كل الحلول التى تضعها الحكومة لمواجهة الأزمات تحتاج إلى دعم شعبى من المواطنين، ولا أقصد بهذا الدعم موافقة المواطنين أو مباركتهم الإجراءات التى تأخذها الحكومة، ولكن إلى عملهم المتواصل، فالعمل الجاد والدائم من الجميع كلٌ فى موقعه وحده القادر على إعانتنا لمواجهة الأزمات التى تعوقنا وتقف فى طريقنا فلا تجعلنا نتقدم.