الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

مبادرة "تحالف وتنمية" لتفعيل التحالفات الإستراتيجية بين القطاع الأكاديمى والصناعى

التوسع فى إنشاء الجامعات التكنولوجية وتحديث المناهج الدراسية

تزويد الطلاب بالمهارات الضرورية لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين

وضع سياسات جديدة لتحفيز البحث العلمى والابتكار فى الجامعات المصرية

تجديد المبانى الجامعية وتحسين المختبرات والمكتبات وإدخال التكنولوجيات الحديثة فى العملية التعليمية

التعليم الجامعى هو حجر الزاوية فى بناء الأمم وتقدمها، وتُولى الدول المتقدمة اهتمامًا كبيرًا بتطوير منظومتها التعليمية لتتواكب مع التغيرات العالمية وتلبى احتياجات سوق العمل المتجددة. وفى هذا الإطار، يسعى الرئيس عبد الفتاح السيسى لإحداث نقلة نوعية فى التعليم الجامعى، مستهدفًا الارتقاء بالمستوى الأكاديمى والبحثى، وتحسين تصنيف الجامعات والمراكز البحثية محليًا ودوليًا.

والحق يقال أصبحت جودة التعليم الجامعى ومدى توافقه مع احتياجات سوق العمل معيارًا رئيسيًا لتقييم نجاح السياسات التعليمية. ولقد ناقش الرئيس السيسى فى اجتماعه الذى أقيم مؤخراً مع رئيس مجلس الوزراء د.مصطفى مدبولى والدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى والبحث العلمى ، خطط الدولة لتحديث التعليم الجامعى وضمان تكامله مع متطلبات التنمية ، وتم التركيز خلال هذا الاجتماع على تطوير إستراتيجيات تعليمية مواكبة للعصر، مثل التوسع فى إنشاء الجامعات التكنولوجية وتحديث المناهج الدراسية، لتزويد الطلاب بالمهارات الضرورية لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين.

وإدراكًا لأهمية التحالفات الإستراتيجية بين القطاع الأكاديمى والصناعى، تم تفعيل مبادرة “تحالف وتنمية” لتعزيز هذه الشراكات ، واللافت للنظر أن المبادرة تهدف إلى وضع خطط تنموية مستدامة تستند إلى الربط بين البحث العلمى والاحتياجات التنموية لكل إقليم ومحافظة، وقد خصصت الدولة ميزانية ضخمة لدعم هذه المبادرة، مما يعكس الإدراك العميق لأهمية الاستثمار فى العقول والمواهب الوطنية.

وفى إطار السعى نحو تطوير التعليم، تولى الحكومة اهتماماً خاصاً بتطوير المستشفيات الجامعية، باعتبارها مراكز رئيسية للتعليم الطبى والبحث العلمى، وكذلك تقديم خدمات صحية مميزة للمجتمع. وتم العمل على تحديث البنية التحتية لهذه المستشفيات، وتجهيزها بأحدث الأجهزة الطبية، وتطوير برامج التعليم الطبى لتشمل أحدث المعايير العالمية فى التعليم السريرى والعملى، وذلك لتأهيل خريجين قادرين على المنافسة فى سوق العمل الدولية.

فى هذا السياق تم وضع سياسات جديدة لتحفيز البحث العلمى والابتكار فى الجامعات المصرية، وذلك من خلال تقديم الدعم المالى للمشروعات البحثية المبتكرة، وإنشاء مراكز للتميز البحثى فى مجالات إستراتيجية مثل الطاقة المتجددة، والمياه، والتكنولوجيا الحيوية. كما تم العمل على تعزيز التعاون الدولى فى البحث العلمى من خلال إقامة شراكات مع جامعات ومراكز بحثية عالمية، وتشجيع تبادل الخبرات والكوادر البحثية.

كما يتضمن برنامج التطوير أيضًا تحديث البنية التحتية للجامعات المصرية، بما يشمل تجديد المبانى الجامعية، وتحسين المختبرات والمكتبات، وإدخال التكنولوجيات الحديثة فى العملية التعليمية ، وهذا الاهتمام بالبنية التحتية يهدف إلى خلق بيئة تعليمية محفزة تساعد الطلاب على الإبداع والابتكار، وتوفير الموارد الضرورية لإجراء البحوث العلمية على مستوى عالٍ من الجودة.

وتعتبر اللغات الأجنبية، وخصوصًا الإنجليزية، مفتاحًا رئيسيًا للاندماج فى المجتمع الأكاديمى العالمى وسوق العمل الدولية. لذلك، تم إدخال برامج تعليمية مكثفة لتعزيز مهارات اللغة الإنجليزية للطلاب والأساتذة، مع التأكيد على أهمية التواصل الفعال والمهنى. يتم كذلك تشجيع الطلاب والأكاديميين على المشاركة فى المؤتمرات والندوات الدولية، ونشر الأبحاث فى المجلات العلمية العالمية المرموقة، لضمان تبادل المعرفة والخبرات بشكل أوسع.

من جانب آخر فإنه من أجل تعزيز الانفتاح على الثقافات المختلفة واكتساب الخبرات العالمية، تم تطوير برامج للتبادل الطلابى والأكاديمى مع جامعات عالمية. وهذه البرامج تتيح للطلاب فرصة للدراسة فى بيئات تعليمية متنوعة، وتعرضهم لأساليب تعليمية مختلفة، مما يساهم فى توسيع آفاقهم وتحسين قدراتهم على التكيف والابتكار.

والحق يقال إن مصر تسعى لتنمية روح الابتكار وريادة الأعمال بين طلاب الجامعات، حيث تم إنشاء حاضنات أعمال ومراكز للابتكار داخل الحرم الجامعى. توفر هذه المراكز الموارد والدعم اللازم للطلاب لتطوير أفكارهم ومشاريعهم الناشئة، وتساعدهم على تحويل البحوث العلمية إلى منتجات وخدمات تجارية.

ومن خلال تطبيق هذه الإستراتيجيات ، تأمل مصر فى تحقيق نقلة نوعية فى نظام التعليم الجامعى، مما يسهم فى تحسين تصنيف الجامعات المصرية عالمياً، ويزيد من تنافسية خريجيها فى سوق العمل العالمية. ستدعم هذه التطورات كذلك الاقتصاد الوطنى من خلال تعزيز الابتكار وريادة الأعمال، وتحقيق التنمية المستدامة.

وعلى مدار 10 سنوات أظهرت الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بإنشاء وتطوير الجامعات ووضعها فى مراكز متقدمة عالميًا؛ انطلاقًا من أن رفع كفاءة العملية التعليمية يتطلب توفير بنية تحتية مميزة. وارتفع إجمالى عدد الجامعات فى مصر حتى يونيو 2023 إلى 96 جامعة، تضم 3.3 مليون طالب بدلًا من 2.4 مليون طالب فى عام 2014.  وكذلك أولت الدولة اهتمامًا خاصًا بدعم البحث العلمى، وعملت على تهيئة بيئة محفزة وداعمة للتميز والابتكار فى البحث العلمى، وإنتاج المعرفة ونقل وتوطين التكنولوجيا للإسهام فى التنمية الاقتصادية والمجتمعية. ونتج عن هذا النمو الكمى الكبير، تطور واضح فى جودة التعليم العالى والبحث العلمى، مما يعطى حافزًا قويًا للاستمرار فى خطط التنمية، لتفى بالاحتياجات المستقبلية.

 ووفقًا لأحدث الإحصاءات الصادرة عن وزارة التعليم العالى والبحث العلمى، فقد تطورت أعداد الجامعات والكليات والبرامج المقدمة فيها بشكل غير مسبوق عما كانت عليه فى عام 2014؛ حيث ارتفع عدد الجامعات الأهلية والخاصة من 19 جامعة إلى 47، بالإضافة إلى إنشاء 8 أفرع لجامعات أجنبية، و10 جامعات تكنولوجية، مما نتج عنه ارتفاع أعداد الكليات إلى 473 كلية حكومية، و237 كلية خاصة، و99 كلية أهلية، و43 كلية فى الجامعات التكنولوجية، و176 معهدًا عاليًا، بعدما كانت تقتصر الجامعات فى 2014 على 28 جامعة حكومية تضم 392 كلية، و26 جامعة خاصة وأهلية تضم 141 كلية، بالإضافة إلى 164 “معهد عالى”.

يضاف إلى ذلك استحداث 271 برنامجًا جديدًا يتوافق مع احتياجات سوق العمل، لترتفع أعداد البرامج الجامعية بالكليات الحكومية إلى 389 برنامجًا، بعد أن كانت 118 برنامجًا فى العام الدراسى 2014/2015. وأدت هذه الإجراءات إلى ارتفاع معدلات استيعاب الطلاب بالجامعات والمعاهد الحكومية بنسبة بلغت 36%، إذ ارتفعت قدرة مؤسسات التعليم الجامعى لتستوعب 3.4 مليون طالب فى 2022/2023 بزيادة تقترب من المليون طالب عن قدرتها فى 2014، وكذلك زيادة أعداد الطلاب الوافدين من 22 ألف طالب عام 2014 إلى 27 ألف طالب عام 2022، مما يساهم فى تحقيق عوائد تقدر بـ 65 مليون دولار نتيجة جذب الطلاب الأجانب للدراسة فى الجامعات المصرية، ليبلغ بذلك العدد الإجمالى للطلاب الوافدين المقيدين بالجامعات المصرية 73 ألف طالب وطالبة فى جميع مراحل الدراسة الجامعية.

وكان للتوسع الكبير فى تقديم خدمة تعليمية جامعية تتسم بمستوى أعلى من الجودة مقارنةً بما كان موجودًا من قبل، تأثير كبير على تصنيف الجامعات المصرية فى العديد من التصنيفات الدولية؛ إذ ارتفع عدد الجامعات المصرية المدرجة فى تصنيف "التايمز" البريطانية إلى 40 جامعة فى عام 2023، فى حين دخلت 49 مؤسسة من مؤسسات التعليم العالى المصرية تصنيف سيماجو، و31 جامعة مصرية فى تصنيف QS البريطانى، فى حين بلغ عدد الجامعات المصرية فى تصنيف US News الأمريكى 19 جامعة، وفى تصنيف شنجهاى، ارتفع عدد الجامعات المصرية إلى 24 جامعة فى 2022.

خلاصة القول فإنه فى ظل التحديات العالمية المتسارعة، تقف مصر على أعتاب فرصة تاريخية لإعادة هيكلة التعليم الجامعى بما يتماشى مع معايير الجودة العالمية. من خلال الاستثمار الفعال فى العقول والمواهب، والتركيز على الابتكار والبحث العلمى، تسير مصر بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤية تعليمية تنافسية تعود بالنفع على الوطن وأبنائه.

تم نسخ الرابط