الخميس 31 أكتوبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب: «حيوية الدولة المصرية »..كيف تتحرك مصر فى ملفات الإقليم الساخن بكل قوة وحسم؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشفية

 

- "رجال الظل" لا ينامون.. ماذا يجرى فى مفاوضات القاهرة لوقف إطلاق النار فى غزة؟

- أبدًا لن تسقط مصر.. كواليس أخطر الصفقات الاستثمارية.. وخطة القائد للعبور العظيم 

- شرقا وغربا.. الأمريكان يركعون أمام "أم الدنيا".. والعالم يطلب حكمة القاهرة لوقف الكوارث

تعيش مصر الآن فى منطقة ملتهبة.. مع ليبيا لا تزال النزاعات تنهك البلد الشقيق وسط انقسام يبدو أنه لن ينتهى أبدا.. وفى السودان الحرب الملعونة بين الجيش وقوات الدعم السريع تأكل الأخضر واليابس.. وها هى الحدود مع غزة لا تعرف إلا لغة النار منذ السابع من أكتوبر الماضى.. ونحمد الله أن التوترات قد هدأت قليلا فى "المتوسط"..

وسط هذه الكوارث مجتمعة.. وهى الكوارث التى لا تستطيع أى دولة مواجهتها.. تعيش مصر على وقع أزمة اقتصادية طاحنة بدأت مع كارثة فيروس كورونا وزادت حدتها مع الحرب الروسية- الأوكرانية.

هذه الأزمة الخطيرة لا تخفى على أحد.. فالكل يشعر بها ويتألم بفعل أسعارها!

لكن القيادة قررت أن تقاوم هذا كله.

المهمة ثقيلة نعم.. والتحديات كبيرة لا أحد ينكر.. غير أن هذا الوطن لديه رجال قادرون على أى مهام أو تحد.

فى الملف السودانى نجحت الدولة المصرية فى تأمين الحدود المشتركة بشكل كامل.. مع دعم واضح للجيش السودانى فى حربه.. وهذا الدعم قد تجسد فى استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسى، 29 فبراير الماضى، رئيس مجلس السيادة الانتقالى وقائد قوات الجيش السودانى عبد الفتاح البرهان، فى زيارة ليست الأولى منذ بدء الاقتتال العسكرى فى السودان فى 15 أبريل 2023، لكنها فى الوقت ذاته تبعث بعدة دلالات ورسائل، انطلاقًا من تطورات الوضع الميدانى للحرب، ناهيك عن أن زيارة البرهان للقاهرة تأتى ضمن جولة إقليمية يُجريها البرهان، سبقها لليبيا، وتتزامن مع جولة إقليمية لنائبه مالك عقار. 

ميدانيا.. وبعدما تمكنت قوات الدعم السريع من تحقيق عدة مكاسب ميدانية خلال الأشهر الماضية، استطاعت قوات الجيش استجماع قواها وتنفيذ هجمات محدودة أسفرت عن تحرير مقار سلاح المهندسين فى الخرطوم والذى ظل محاصرًا لمدة 10 أشهر، إلى جانب إعلان قوات الجيش تقدم قواته فى المحور الشرقى لأم درمان وبسط سيطرته على أحيائها الوسطى، وانتشارها فى حى بيت المال وسيطرته على حى أبو روف الإستراتيجى الواقع شمال مقر الإذاعة والتلفزيون الواقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع ، والذى من المتوقع أن  تتمكن قوات الجيش من استعادة سيطرتها عليها فى الفترة القادمة فى خضم ما تفرضه من حصار على المقر، وهو ما يكشف فى مجمله عن تغيير الجيش السودانى إستراتيجيته القتالية من الدفاع إلى الهجوم.

ومع الانتصارات العسكرية للجيش صار مسار الحل السياسى قريبا.. وهنا باتت القاهرة هى نقطة الارتكاز الأساسية لأية مباحثات تهدف نحو التسوية والتفاوض انطلاقًا من عدة اعتبارات، أولها؛ الدور التاريخى المصرى للحفاظ على أمن وسلامة دول الشرق الأوسط، ثانيها؛ أن الترابط الجغرافى ووحدة التاريخ واللغة والدين بين القاهرة والخرطوم، تجعل القاهرة على دراية كاملة بتركيبة المجتمع السودانى وتطلعاته فى خضم ما يواجهه من أزمات سياسية واقتصادية وهو يفرض على القاهرة مسؤولية الوساطة والتهدئة من أجل دفع طرفى الحرب للتسوية وإنهاء الاقتتال العسكرى، حفاظًا على وحدة وتماسك البلاد، وحقنا لدماء الشعب السودانى، فى حين تُمثل ثالث الاعتبارات فى أن الأمن القومى السودانى يُعد امتدادا لأمن مصر القومى وهو ما يُفسر تصدر الأزمة السودانية  قائمة اهتمام القيادة السياسية.

الشأن الليبى ليس بعيدا عن الملف السودانى أيضا.. فقد شهدت القاهرة مؤخرا زيارة للسيد محمد يونس المنفى، رئيس المجلس الرئاسى الليبى.

هذه الزيارة شهدت تأكيدا واضحا من الرئيس لدعم كافة الجهود الرامية لحماية وحدة الأراضى الليبية، ودعم مؤسسات الدولة لتمكينها من القيام بدورها لتحقيق هدف عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بما يحقق مصالح الشعب الليبى الشقيق،  ويدفع مسار الاستقرار والتنمية فى ليبيا.

وما يجرى فى السر فى هذين الملفين أكثر مما يجرى فى العلن لكن الوقت ليس مناسبا للدخول فى هذا الشأن حتى لا يؤثر على أى جهود مصرية نحو الحل.

وهذا الحل هو ما تحاول مصر الوصول إليه فى قطاع غزة الذى يعيش أوضاعا مأساوية شديدة الصعوبة.. ولم تتوقف الاتصالات المصرية فى سبيل إرساء الهدنة فى قطاع غزة فى أقرب وقت ممكن، حيث عملت بالتوازى فى عدة مسارات من أجل تسريع وتيرة المباحثات ومحاولة التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار، حيث ترتكز التحركات المصرية بالأساس على استعادة الهدوء، وإقرار هدنة طويلة، والعمل على إعادة الأوضاع لتمهيد الطريق لإعادة إحياء عملية السلام من جديد. ويطالب الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة وقف إطلاق النار، والتوسع فى إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، فضلاً عن التأكيد على مواصلة الجهود المصرية لاستقبال المصابين الفلسطينيين، كما تحرص مصر على توفير الحماية اللازمة للمدنيين، مع السعى إلى إيجاد الأفق السياسى الملائم للتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية.

ومؤخرا استضافت القاهرة اجتماعاً رباعياً ضم رؤساء الاستخبارات فى مصر وإسرائيل والولايات المتحدة، إضافة إلى رئيس وزراء قطر، لبحث مقترح بشأن هدنة فى غزة.

عقب ذلك أجريت جولة مفاوضات فى العاصمة الفرنسية باريس.. بمشاركة مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل.. تلتها المفاوضات الحالية الجارية فى القاهرة.. فى إطار السعى نحو الوصول لهدنة قبل شهر رمضان المبارك.

ويرتكز التحرك المصرى فى ملف الهدنة الإنسانية على عدة عوامل أهمها: 

- التأكيد على رفض العملية العسكرية فى رفح: حيث أكدت الدولة المصرية عبر مؤسساتها الرسمية سواءً الهيئة العامة للاستعلامات، أو وزارة الخارجية، على الرفض القاطع لأى تحركات عسكرية إسرائيلية فى منطقة رفح الفلسطينية، وهى المخططات التى تُنذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة، وتدفع باتجاه تنفيذ الخطط الإسرائيلية الخاصة بتهجير الشعب الفلسطينى، فضلاً عن أن هذا الرفض المصرى يأتى فى إطار الإدراك المصرى لسعى إسرائيل لتوظيف ورقة التصعيد العسكرى فى المباحثات الجارية الخاصة بالهدنة الإنسانية.

-عقد مباحثات مباشرة مع أطراف الأزمة: نشطت القاهرة فى الآونة الأخيرة فيما يتعلق بمسألة الهدنة الإنسانية الجديدة، فى مسار المباحثات المباشرة مع طرفى الأزمة الرئيسيين متمثلين فى حركة حماس، والجانب الإسرائيلى، حيث استقبلت مصر فى يوم 13 فبراير مباحثات شارك فيها  مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وليام بيرنز ورئيس الموساد ديفيد برنيع ورئيس الوزراء وزير الخارجية القطرى محمد بن عبد الرحمن آل ثانى ومسؤولون مصريون بقيادة الوزير عباس كامل رئيس جهاز المخابرات، وفى 20 فبراير استقبلت مصر وفداً من حركة حماس برئاسة رئيس المكتب السياسى للحركة إسماعيل هنية، وخلال هذه الجلسات سعت مصر إلى تقريب وجهات النظر، والخروج بتصورات مقبولة لدى طرفى الصراع، تضمن اتخاذ خطوات إلى الأمام لإقرار هدنة إنسانية جديدة فى قطاع غزة قبيل شهر رمضان.

- استمرار جهود الإغاثة الإنسانية جنباً إلى جنب مع التحركات المصرية المكثفة على المستوى السياسى، لتقريب وجهات النظر بين طرفى الصراع، بخصوص تفاصيل الهدنة الإنسانية الجديدة، استمرت الدولة المصرية فى تحركاتها على المستوى الإنسانى، من أجل دعم الشعب الفلسطينى، وتقديم الإسناد الإنسانى له، وبدورها أكدت هيئة المعابر الفلسطينية بغزة أن المساعدات القادمة من مصر تصل تباعاً.

ويسود تفاؤل الآن بشأن قرب التوصل إلى اتفاق هدنة خاصة فى ظل الضغوط الأمريكية اللافتة من أجل وقف القتال.

ومع هذا الجهد الكبير نحو تهدئة الأوضاع فيما يخص ملفات الأمن القومى.. فإن الدولة المصرية تنشط بنفس القوة فى ملف الأزمة الاقتصادية.. فها هو الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، يلتقى، السيد محمد السويدى، وزير الاستثمار الاماراتى، مدير عام صندوق أبوظبى للتنمية، وذلك فى إطار متابعة الخطوات التى بدأها الجانب الإماراتى لإعداد مخططات مدينة رأس الحكمة، من خلال الاستعانة بأكبر المكاتب الاستشارية  فى العالم ذى الخبرة الواسعة فى هذا المجال؛ من أجل وضع تصور للمخطط العام لتطوير المدينة، الواقعة على الساحل الشمالى الغربيّ. 

وخلال اللقاء، أكد الدكتور مصطفى مدبولى أنه تم البدء فى اختيار عدد من المواقع المقترحة للمطار المقرر إقامته لخدمة مشروع مدينة رأس الحكمة، تمهيدا لانتقاء أحد هذه المواقع للتنفيذ خلال الفترة المقبلة. وفى الوقت نفسه، ثمّن رئيس مجلس الوزراء الإجراءات السريعة التى اتخذها الجانب الإماراتى لترجمة بنود الصفقة المبرمة بشأن تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة على أرض الواقع، والهادفة إلى تحويلها لتكون أكبر مقصد سياحى عالمى على ساحل البحر المتوسط، بدءا من الحرص على تحويل الدفعة الأولى من الصفقة إلى مصر بأسرع وقت، وكذا العمل على بدء الخطوات الجادة والفعلية لتخطيط المدينة، والاستعانة بأكبر المكاتب الاستشارية العالمية لتنفيذ ذلك، وهو ما يؤكد قوة ومتانة العلاقات التى تربط بين مصر والإمارات، وبين قيادتى البلدين، والحرص على استمرار دفع هذه العلاقات إلى آفاق أرحب بما يخدم مصالح وتوجهات البلدين.

وقد أشار الدكتور مصطفى مدبولى إلى اتخاذ الإجراءات الفعلية لبدء تشكيل اللجنة الوزارية برئاسة رئيس مجلس الوزراء، الخاصة بمشروع تطوير وتنمية رأس الحكمة، والتى سيكون من مهامها الأساسية تيسير الإجراءات وتذليل أى عقبات، وحل أى مشكلات، والتنسيق بين الجهات المعنية؛ بهدف تنفيذ التزاماتنا فى هذا المشروع، كما سيتم تشكيل أمانة فنية للجنة برئاسة مساعد أول رئيس مجلس الوزراء، وعضوية رئيس هيئة المستشارين بمجلس الوزراء، ومسئولى الوزارات والجهات المعنية، تتولى إعداد القرارات اللازمة فى هذا الشأن.

وخلال اللقاء، تم التوافق بين وزير الإسكان ووزير الاستثمار الإماراتى على سرعة تسليم الإطار العام النهائى لمكونات المرحلة الأولى من مشروع تطوير وتنمية مدينة رأس الحكمة؛ تمهيدا لتسلم الاشتراطات البنائية الخاصة بكل مشروع من مشروعاتها، وبدء التنفيذ.

ويرتبط بصفقة رأس الحكمة مفاوضات أخرى تجرى الآن مع السعودية وقطر لتطوير منطقة رأس جميلة بشرم الشيخ.. فضلا عن صفقة استثمارية هائلة من الصين.

ودائما وأبدا.. تحيا مصر.

 

 

تم نسخ الرابط