قمة "التهاب الكبد" فى لشبونة تذكر مصر 90 مرة فى تقرير العام الحالى
مدير منظمة الصحة العالمية يعلن أن مصر أول دولة تحصل على الشهادة الذهبية
حملة «100 مليون صحة» أسفرت عن فحص أكثر من 60 مليون شخص وعلاج أكثر من 4.1 مليون شخص العلاجات المضادة للفيروسات ذات المفعول المباشر المُصنَّعة شكلت محليًّا عاملًا رئيسيًّا فى النجاح الملحوظ معدل الشفاء من التهاب الكبد Cبين الأشخاص الذين تلقوا العلاج بلغ نسبة 99%
«100 مليون صحة»: اختبارات الكشف عن فيروس التهاب الكبد C والعلاج منه دون مقابل مادى
فى تطور ملحوظ ونقلة نوعية فى مجال الصحة العامة، حققت مصر إنجازاً كبيراً فى مكافحة فيروس التهاب الكبد C، مما جعلها محط الأنظار فى المؤتمر العالمى لالتهاب الكبد الذى عقد مؤخراً فى لشبونة، البرتغال . حيث أشادت منظمة الصحة العالمية بجهود مصر المبذولة التى أثمرت عن التخلص من هذا الفيروس الخطير، مما أكسبها الشهادة الذهبية كأول دولة فى العالم تحقق هذا الإنجاز.
فى هذا الإطار، ذُكرت مصر 90 مرة فى التقرير السنوى لالتهاب الكبد الفيروسى لعام 2024، الذى أُعلن خلال القمة العالمية لالتهاب الكبد. وقد ترأس الجلسة الدكتور تيدروس أدهانوم جبريسيوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية، حيث ألقى الضوء على النجاح الباهر الذى حققته مصر فى هذا المجال، ودعا الدول الأخرى إلى الاقتداء بنموذج مصر فى القضاء على التهاب الكبد الفيروسى.
وأكد الدكتور جبريسيوس أن العالم يملك الآن المعرفة والأدوات اللازمة للوقاية من التهاب الكبد الفيروسى وتشخيصه وعلاجه، وأن القدرة متاحة لتقديم هذه الخدمات فى مرافق الرعاية الصحية الأولية. ومع ذلك، لا يزال التحدى قائمًا فى تنفيذ هذه الأدوات عالميًا، حيث تعانى العديد من الدول من نقص فى الوصول إلى الخدمات اللازمة، مما يؤدى إلى تزايد الوفيات.
وشدد التقرير على ضرورة تبنى البلدان للمبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية ووضع الخطط الوطنية لتشمل خدمات التهاب الكبد الفيروسى ضمن حزم الرعاية الصحية الشاملة، واستخدام اللقاحات والأدوية المتاحة بأسعار معقولة لزيادة الوصول إلى العلاج.
وأضاف التقرير أن العديد من الدول لا تزال بعيدة عن تحقيق الهدف المنشود بالقضاء على التهاب الكبد الفيروسى بحلول عام 2030، مع تقديرات تشير إلى أن الوفيات المرتبطة بالتهاب الكبد B وC مجتمعين تسبب وفاة حوالى 3500 شخص يوميًا. وفى هذا السياق، يستعرض التقرير العديد من التحديات والفرص المتاحة للمجتمع الدولى لمعالجة هذه الأزمة الصحية.
وتشمل النتائج الرئيسية للتقرير زيادة عدد الوفيات بسبب التهاب الكبد الفيروسى، الحاجة الماسة لتوسيع نطاق التدخلات العلاجية، وأهمية تعزيز الوقاية وتوفير العلاج على نطاق أوسع. ويعيش حاليًا حوالى 304 ملايين شخص مع التهاب الكبد B وC، مع تحمل الرجال النصيب الأكبر من هذا العبء الصحى.
وفى ختام التقرير، تضع منظمة الصحة العالمية الأولوية على إستراتيجية شاملة للصحة العامة للتغلب على التهاب الكبد الفيروسى بحلول العام 2030. وتشدد المنظمة على أن السنوات القادمة، وتحديداً الفترة من 2024 إلى 2026، ستكون فترة حرجة لإعادة توجيه الجهود العالمية نحو تحقيق هذه الأهداف. خلال هذه الفترة، من الضرورى التركيز على تحسين الوصول إلى العلاجات الفعالة وتوسيع نطاق توفر الرعاية الصحية للمصابين بفيروس التهاب الكبد، خاصةً فى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
تأكيد المنظمة يأتى فى ظل التحديات العديدة التى تعترض طريق القضاء على هذه الأمراض، بما فى ذلك التباين الكبير فى توافر وتكلفة العلاجات. لذا، تحث الدول الأعضاء على زيادة الاستثمار فى البحوث الطبية والبرامج الصحية التى تستهدف التهاب الكبد الفيروسى. كما تدعو إلى تحسين سياسات الصحة العامة التى تضمن توزيع الأدوية اللازمة بشكل عادل ومنصف، وتعزيز الأنظمة الصحية لتكون قادرة على توفير خدمات الكشف المبكر والعلاج الفورى والفعال.
بالإضافة إلى ذلك، تشير المنظمة إلى أهمية التعليم والتوعية الصحية كعناصر رئيسية للوقاية من التهاب الكبد وإدارة الحالات الموجودة. يجب على الحكومات والمنظمات الصحية تعزيز برامج التوعية التى تشجع على الفحص الدورى واتباع نمط حياة صحى يقلل من مخاطر الإصابة بالالتهابات الفيروسية.
فى النهاية، تؤكد منظمة الصحة العالمية على أن تحقيق هدف القضاء على التهاب الكبد الفيروسى كتهديد عام للصحة بحلول 2030 يتطلب جهداً متضافراً ومستداماً من جميع الأطراف المعنية، بما فى ذلك الحكومات والمؤسسات الصحية والمجتمعات المحلية، لضمان توسيع الوصول إلى الخدمات الصحية والعلاجات اللازمة وبالتالى منع الوفيات المستقبلية المرتبطة بسرطان الكبد الناجم عن التهاب الكبد الفيروسى.
فيروس التهاب الكبد C (HCV) يُعتبر من أخطر الفيروسات التى تصيب الكبد، ويمكن أن يؤدى إلى مضاعفات صحية خطيرة بما فى ذلك تليف الكبد، وفشل الكبد، وسرطان الكبد. العدوى بهذا الفيروس غالبًا ما تكون بدون أعراض فى مراحلها الأولية، مما يجعل الكشف المبكر والعلاج التحدى الأكبر فى مواجهته. نظرًا لطبيعة هذا الفيروس شديدة العدوى، فإن انتقاله يمكن أن يحدث عبر الدم والسوائل الجسدية الأخرى، مما يجعل الأفراد المعرضين للدم أو منتجاته، والعاملين فى المجال الصحى، ومستخدمى الحقن المشتركة، فى خطر كبير.
النجاح الذى حققته مصر فى القضاء على فيروس التهاب الكبد C يعد إنجازًا مهمًا ويبرز الأهمية العالمية لهذا الإنجاز. عبر تنفيذ برامج الكشف المبكر والعلاج الشامل، تمكنت مصر من تقليل العبء الصحى والاقتصادى الذى يفرضه هذا الفيروس اللعين. الحملة الوطنية للقضاء على فيروس التهاب الكبد C فى مصر لم تكن فقط تهدف إلى علاج الأفراد المصابين، بل شملت أيضًا تعزيز الوعى وتحسين ممارسات السلامة والنظافة لمنع انتشار العدوى.
ومؤخرا تقدمت منظمة الصحة العالمية بالتهنئة إلى مصر على تقدمها غير المسبوق نحو القضاء على التهاب الكبد C، لتصبح أول بلد يبلغ «المستوى الذهبى» على مسار القضاء على التهاب الكبد C وفقًا لمعايير منظمة الصحة العالمية. ويعنى بلوغ المستوى الذهبى أن مصر قد أوفت بالمتطلبات البرمجية التى تؤدى إلى خفض حالات العدوى والوفيات الجديدة الناجمة عن التهاب الكبد C إلى المستويات التى تؤهِّل البلد للقضاء على وباء التهاب الكبد C.
وقد شخصت مصر 87% من المتعايشين مع التهاب الكبد C، وقدَّمت العلاج الشافى إلى 93% من الأشخاص المُشخَّصين به، وهو ما يتجاوز الغايات المحددة للمستوى الذهبى للمنظمة، وهى تشخيص 80% على أقل تقدير من المتعايشين مع التهاب الكبد C، وتوفير العلاج لما لا يقل عن 70% من الأشخاص المُشخَّصين به.
وفى هذا السياق، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: «إن المَسيرة التى قطعتها مصر، من بلد يملك أحد أعلى معدلات العدوى بالتهاب الكبد C فى العالم إلى بلد حقَّق مسار القضاء على المرض فى أقل من 10 سنوات، هى مسيرة مذهلة، وهذا أقل ما توصف به. لقد قدمت مصر للعالم نموذجًا يُحتذى به فيما يمكن تحقيقه عند الأخذ بأحدث الأدوات، وتوفير الالتزام السياسى على أعلى المستويات باستخدام تلك الأدوات للوقاية من العدوى وإنقاذ الأرواح. وحرى بنجاح مصر أن يبثَّ فى نفوسنا الأمل والحافز للقضاء على التهاب الكبد C فى كل مكان"..
وقد نجحت مصر فى الانتقال من بلد يملك أحد أعلى معدلات الإصابة بالتهاب الكبد C فى العالم إلى بلد يملك أحد أقل المعدلات من خلال خفض معدل انتشار التهاب الكبد C من 10% إلى 0.38% فى مدة تزيد قليلًا على عَقد من الزمان.
ومنذ أوائل عام 2000، ما فتئت مصر تعزز برامجها الوطنية فى مجالَى الوقاية والعلاج. وفى عام 2006، أنشأ البلد اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية، وهى هيكل إدارى معنى بالإشراف على الاستجابة الوطنية لالتهاب الكبد، وتوجيهها.
وابتداءً من عام 2014، أطلق رئيس مصر حملة قومية للقضاء على التهاب الكبد C، وهو ما تعزز مجددًا فى عام 2018، ووفرت الحملة اختبارات الكشف عن فيروس التهاب الكبد C، والعلاج منه دون مقابل مادى. وأسفرت حملة «100 مليون صحة» عن فحص أكثر من 60 مليون شخص، وعلاج أكثر من 4.1 مليون شخص. ومثَّلت العلاجات المضادة للفيروسات ذات المفعول المباشر المُصنَّعة محليًّا عاملًا رئيسيًّا فى النجاح الملحوظ الذى حققته الحملة - حيث بلغ معدل الشفاء من التهاب الكبد C، بين الأشخاص الذين تلقوا العلاج، نسبة 99%.
هذا النجاح يعكس التزام الحكومة المصرية بصحة مواطنيها ويُظهر كيف يمكن للتدخلات الصحية المستهدفة والفعالة أن تحدث تغييرًا كبيرًا فى الصحة العامة على مستوى الوطن.