محمد فودة يكتب: هذا هو قدر مصر ومسئوليتها يا سادة
- مواقف مصر واضحة وقوية ولا تعمل إلا للحفاظ على القضية الفلسطينية
- التأييد الشعبى الكبير للقيادة السياسية يمنح مصر قوة فى موقفها كوسيط محايد فى المفاوضات
- مصر بذلت جهدا هائلا للعودة إلى مائدة التفاوض بعد تصرفات "حماس"
- مصر تعمل من أجل الحفاظ على أمننا القومى لأن هذا دورنا وقدرنا
بعد أن كنا على بُعد خطوات قليلة من إتمام هدنة لصالح شعبنا فى فلسطين، بذلت مصر حتى تصل إليها جهودا كبيرة ومضنية، إذا بنا نعود إلى النقطة صفر مرة أخرى بعد أن قصفت حماس معبر كرم أبو سالم فأوقفت إسرائيل مفاوضاتها للوصول إلى الهدنة.
تأزم الموقف بشكل كبير، وأصدرت مصر بيانا رسميا خرج من وزارة الخارجية المصرية كان نصه على النحو التالى:
حذرت جمهورية مصر العربية فى بيان صادر عن وزارة الخارجية يوم ٦ مايو الجارى، من مخاطر عملية عسكرية إسرائيلية محتملة بمنطقة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، لما ينطوى عليه هذا العمل التصعيدى من مخاطر إنسانية بالغة تهدد أكثر من مليون فلسطينى يتواجدون فى تلك المنطقة.
وطالبت مصر إسرائيل بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب المزيد من التصعيد فى هذا التوقيت بالغ الحساسية فى مسار مفاوضات وقف إطلاق النار، وحقناً لدماء المدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون لكارثة إنسانية غير مسبوقة منذ بدء الحرب على قطاع غزة.
وأكدت جمهورية مصر العربية على أنها تواصل اتصالاتها على مدار الساعة مع كافة الأطراف من أجل الحيلولة دون تفاقم الوضع أو خروجه عن السيطرة.
كان الموقف الرسمى المصرى واضحا، فهى تسعى إلى وقف إطلاق النار بشكل نهائى، وتبذل جهودا خارقة لإقرار هدنة حتى تخفف المعاناة الإنسانية التى يعيشها الأشقاء فى فلسطين، ولأن القوى السياسية والشعبية تعرف ذلك فقد ساندت مصر بشكل مطلق ونهائى وتوالت البيانات الداعمة والمؤيدة، وبدا الموقف على النحو التالى:
أولا: التنديد باستمرار إسرائيل فى حربها على الشعب الفلسطينى الأعزل واستمرارها فى عمليات القتل والتشريد والتهجير .
ثانيا: إدانة تصعيد إسرائيل للعمليات العسكرية فى قطاع رفح جنوب غزة والذى يهدد بتشريد أكثر من مليون فلسطينى.
ثالثا: إدانة تصرفات حركة حماس وقصف معبر كرم أبو سالم وهو الأمر الذى عقد مسار المفاوضات وأجهض الجهود المصرية فى الوصول إلى وقف سريع لإطلاق النار حفاظا على من تبقى من الشعب الفلسطينى فى القطاع.
رابعا: التأكيد على أن الشعب الفلسطينى يدفع الثمن غاليا من حياته بسبب تصرفات غير مسئولة وغير حكيمة ، لا تراعى سلامة وأمن الشعب الفلسطينى، ويرى فيها خدمة لإسرائيل لاستمرارها فى مخططاتها ضد الشعب الفلسطينى .
خامسا: مطالبة حركة حماس بوضع المصلحة الوطنية الفلسطينية فى حساباتها وبألا تجعل من نفسها أداة لتحقيق أغراض ومخططات إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى الأعزل.
سادسا: التأكيد على مساندة الدولة المصرية فى مساعيها الدائمة لوقف الحرب والإفراج عن الأسرى وحفاظها على القضية الفلسطينية ورفض مصر تصفية القضية الفلسطينية والتمسك بحل الدولتين على حدود الرابع من يوليو67 وحق الشعب الفلسطينى فى أرضه ودولته وعاصمتها القدس الشرقية.
هذه الثوابت التى أبدتها القوى السياسية والشعبية كانت داعما كبيرا للدولة المصرية التى قررت ألا تستسلم للواقع الذى كان أقرب إلى الدمار والخراب، لكنها واصلت جهودها مع الأطراف المختلفة، وكان الهدف هو وقف التصعيد والعودة مرة أخرى إلى مائدة المفاوضات، وهو ما حدث بالفعل خلال ساعات قليلة، ولولا قدرة المفاوض المصرى وخبرته ما كان تحقق هذا النجاح.
لقد توقفت طويلا عند استجابة حماس وهو ما حدث فى اتصال جرى بين إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس اتصالاً هاتفيا مع رئيس الوزراء القطرى الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثانى، ومع وزير المخابرات المصرية السيد عباس كامل، وأبلغهم موافقة حركة حماس على مقترحهم بشأن اتفاق وقف إطلاق النار، فجماعة حماس التى تسببت فى تجمد المفاوضات لساعات كانت تنذر بالخطر عاد مرة أخرى بقرار العودة، وهو ما يجعلنا نطمئن إلى أن المسار الذى تسير فيه مصر قوى ومؤثر، وحتى لو حدثت خلافات ما فإن المفاوض المصرى قادر على احتوائها والسيطرة عليها.
لقد بذلت مصر جهدا كبيرا خلال عقود طويلة من أجل القضية الفلسطينية وأعتقد أن ما بذلته خلال الشهور السبعة الأخيرة منذ انفجار طوفان الأقصى يوازى ما بذل فى هذه العقود لأن الأوضاع كانت معقدة ومتشابكة بدرجة كبيرة.
لقد سمعت من كثيرين عن غضب بسبب ما تقوم به مصر وما تبذله من جهد وما تقدمه من أموال ومساعدات، ويقولون ما الذى يمكن أن نستقيده، ما هو النفع الذى يمكن أن يعود علينا؟
والإجابة التى أقدمها لهؤلاء ولغيرهم كثيرين إن مصر تفعل ذلك من ناحية لأن هذا واجبها وقدرها الذى لا يمكن أن تهرب منه أو تتخلى عنه، لكن وهذا هو المهم فهى تفعل ذلك كله من أجل أمننا القومى وسيادتنا على أرضنا، وهو أمر لا يمكن أن يجادلنا فيه أحد.
لقد اجتمع المصريون جميعا على قلب رجل واحد، أعلنوا تأييدهم الكبير للقيادة السياسية التى تسير فى طريق الحفاظ على مصر ومقدراتها وهو ما نراه جميعا، وقد منح هذا التأييد للموقف المصرى قوة جبارة استطاعت من خلالها تحقيق نجاحات كبيرة.
لن تترك مصر القضية الفلسطينية أبدا، تحملت الكثير وستتحمل الكثير؛ لأن هذا كما قلت لكم قدر مصر ومسئوليتها.