الأحد 30 يونيو 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

ثورة 30 يونيو.. شعب عظيم وقائد ملهم

الكاتب والإعلامى
الكاتب والإعلامى محمد فودة - صورة أرشفية

- هتف المصريون فى الميادين: انزل يا سيسى... فاستجاب قائد الجيش لنداءات المصريين 

- القائد كان ملهما والشعب كان عظيما... وما حدث على الأرض كان معجزة 

- خروج المصريين على الجماعة الإرهابية جاء فى الوقت المناسب حتى نتفرغ للبناء والتنمية 

- الثورة أعادت للمصريين ثقتهم فى أنفسهم والقائد كان على قدر المسئولية 

كان 30 يونيو  يوما عظيما بكل المقاييس. 

استطاع المصريون التعبير عن إرادتهم الحرة، وعن رغبتهم فى امتلاك أرضهم ودولتهم من جديد، بعد أن تعرضت لأكبر عملية اختطاف فى التاريخ من قبل جماعة إرهابية، قفزت علينا من عصور الظلام، وروجت لنفسها بأنها الأحق بالحكم والقيادة، رغم أنها لا تملك شيئا من مقومات الحكم أو تعى شيئا من مؤهلات القيادة. 

ثورة 30 يونيو نموذجا فريدا في تاريخ الثورات الشعبية

لم يكن يتخيل أحد أن يحدث ما حدث، فقد كانت كل الأحداث تشير إلى أن الجماعة الإرهابية التى وصل مندوبها إلى قصر الاتحادية حاكما لمصر، تعمل بجد واجتهاد من أجل التمكين والتحكم فى كل مفاصل الدولة، فلا تترك شيئا لأحد غيرها، سدت كل منافذ التعبير، وقررت أن تصادر كل الفرص، وعندما قررت أن تحصل على ما تريد بالقوة والقتل والإرهاب، انتفض الشعب فى وجهها، وهتف " يسقط حكم المرشد"، فقد كان الشعب المصرى يعرف جيدا أن محمد مرسى ليس رئيسا لمصر، ولكن مكتب الإرشاد فى المقطم هو الذى يحكم ويتحكم فى كل شيء، وأن خيرت الشاطر هو الحاكم الفعلى للبلاد. 

 قرر المصريون ألا يمكنوا الجماعة الإرهابية من وطنهم، خرجوا ضدهم فى مسيرات ومليونيات عديدة، كلها تعلن أنه لا مكان للإخوان فى مصر، ولأن الشعب كان يعرف جيدا أنه لا يمكن أن ينتصر فى معركته ضد الجماعة الإرهابية إلا بمساندة ومعاونة ودعم جيشه العظيم، فقد استغاث بهذا الجيش، وكان الهتاف العظيم "انزل يا سيسى مرسى مش رئيسى" تعبيرا صادقا عن العلاقة الأزلية التى تربط ما بين الجيش والشعب، وتؤكد أن الجيش هو العمود الفقرى الذى يستند عليه جسد البلد. 

ثورة 30 يونيو

كان الجيش المصرى على العهد ، لم يتأخر، حاول ألا تصل الأمور إلى النقطة الساخنة التى تحدث فيها المواجهة بين أبناء الشعب، كان حريصا على ألا تصل الأمور إلى مرحلة الاقتتال بين المصريين، لكنه عندما وجد أن المواجهة حتمية، وأن الدماء ستسيل، تدخل على الفور، ووقف مساندا لثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو، والتى لولا هذه المساندة، لما كانت هناك ثورة، ولا كنا الآن نحتفل بمرور 11 سنة على هذا الحدث العظيم. 

كان لابد أن تحدث ثورة 30 يونيو، ليس لأن الجماعة الإرهابية التى كانت تحكم مصر استبدت وطغت وتكبرت وتجبرت علينا، ولكن لأن مصر كانت فى حاجة إلى أن يتولى أمرها من هو أمين عليها، وهو ما فعله المصريون، ففى الوقت الذى كانوا ينادون فيه بطرد محمد مرسى من قصر الحكم، كانوا قد استقروا على من يجب أن يحكم مصر بعده، فعلوا ذلك وهم يعرفون أن اختيارهم دقيق وصحيح، ولا يمكن أن يشكك فيه أحد، مهما أوتى من حكمة أو بلاغة.

كان المصريون يعرفون جيدا أن انحياز الجيش إليهم فى ثورتهم أمر مفروغ منه، فلم يتخل الجيش أبدا عن المصريين فى أى مرحلة من مراحلهم، وعندما سيحتاجون إليه، فسيكون موجودا دون تردد، بل وسيعمل ما لا يتصوره أحد، وهو ما حدث، فرغم المخاطر، ورغم التهديدات التى لا يمكن أن يتصورها أحد، قرر رجال الجيش أن يقفوا فى المواجهة صامدين، وهم يعرفون أنهم سيدفعون ثمنا غاليا من دماء أبناء الشعب المصرى، فقوى الشر لن تصمت، بل ستحاول أن تسترد ما سلب منها، ولأنها لا تعرف إلا لغة القتل والاغتيال والتفجيرات، فسوف تلجأ إلى ذلك وهو ما حدث بالفعل.

ثوار 30 يونيو

كان  الجيش المصرى مستعداً لكل ذلك. 

كان يمكن أن يكتفى رئيس البلاد الذى كان اختيار الثورة بمواجهة الإرهاب فقط، وهى المعركة التى كان سيقف خلفه الجميع فيها، دون أن يطالبوه بشيء آخر، وساعتها كنا سنقول إنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، وكان الشعب وقتها سيتحول إلى جنود فى معركة مصيرية نعرف جميعا أهدافها وما يريد أصحابها، وساعتها أيضا كانت ستوجه كل موارد البلاد من أجل هذه المعركة التى لا يستطيع أحد أن يقول فيها أو عنها أى شيء.

لكن رئيس البلاد الذى اختارته الثورة، قرر أن يخوض المعركة على كل مستوياتها، وهو ما يجعلنى أنحاز إلى أن ثورة 30 يونيو لم تكن ثورة تحرير كبرى من حكم جماعة الإخوان الإرهابية، ولكنها كانت كذلك ثورة بناء كبرى، خاضتها مصر التى كانت على وشك الانهيار والسقوط. 

دخلت مصر بثورة 30 يونيو عصرا جديدا من البناء، وهو ما كانت تحتاج إليه بشدة، وفى الوقت الذى كانت مصر تخوض حربها ضد الإرهاب والإرهاربيين، كانت كذلك تخوض مجالات البناء جميعها، وتسير فى طريق الإصلاح الشامل، دون أن تخشى تكلفته، فمهما كانت التكلفة، فإنها تستحق أن تدفع، لأننا كنا جميعا نسعى إلى دولة جديدة، وكان طبيعيا أنه بعد أحد عشر عاما وهى فترة قليلة جدا فى عمر الزمان أن نصل إلى إعلان الجمهورية الجديدة التى هى ليست مبنى فقط ولكن معنى أيضا.

 

إننا نعيش الآن عصر التحديث الكبير والتطوير الشامل، وهو ما كان يحتاج إلى إرادة حقيقية وإدارة علمية محترفة، وقد قدر الله لنا قائدا يملك الميزيتن، فهو يملك الإرادة لتحقيق أحلامه التى قال عنها إنها لا تسقط بالتقادم، ويملك الإدارة العلمية المحترفة والتى بدت فى متابعته لكل المشروعات على أرض مصر بشكل يدهشك، ويجعلك تتساءل: من أين له بكل هذا الوقت الذى يبذله من أجل إنجاز كل هذا العمل؟

ما يشير إلى أن ثورة 30 يونيو كانت ثورة إصلاح، ولم تكن مجرد ثورة تحرير، أن حركة البناء بدأت فى مصر بعدها وفى كل المجالات، ويمكننا عندما نضع الخريطة أمامنا أن نكتشف أننا أمام عمل خرافى يدخل بنا إلى كتاب المعجزات دون أى مبالغة على الإطلاق. 

لقد كانت هناك مشكلات مزمنة، لطولها وعمقها اعتقدنا أننا لا يمكن أن نتغلب عليها أو نحلها، لكن فى "غمضة عين" والتعبير دقيق انتهت هذه المشكلات إلى غير رجعة، ويمكننا أن نضرب هنا مثلا واضحا بمشكلة العشوائيات التى كانت تنتقص من قدر وقيمة مصر كثيرا، فقد كان القرار ألا تكون فى مصر عشوائيات، فرأينا مشروعات الأسمرات وغيط العنب وروضة السيدة وغيرها الكثير، وهى مشروعات لا تنقل الإنسان إلى مكان آدمى يليق بالعيش فيه فقط، ولكنها مشروعات تهدف إلى بناء الإنسان بشكل كامل، إذ توفر له بيئة صالحة للعمل والحياة فى آنٍ واحد، والفارق بالطبع هائل وكبير.

 انظروا أيضا إلى منظومة الطرق التى كانت متهالكة وتستنفد أموالنا وأرواحنا فى حوادث عبثية، فى "غمضة عين" أيضا، أصبحنا نمتلك منظومة طرق عالمية يشهد لها البعيد قبل القريب. ولأننا كنا نعانى من الزحام الرهيب الناتج عن الزيادة السكنية الهائلة، ورغم أننا كنا نعرف الحل المناسب لمواجهة هذه الزيادة، فإن أحدا لم يكن يملك الإرادة الحقيقية ليأخذ القرار وينفذه على الفور، لكن عندما جاء الرئيس عبد الفتاح السيسى تغير كل شيء، فبدأت مصر بناء عاصمة إدارية جديدة، وبناء أكثر من 20 مدينة جديدة، من الجيل الرابع لنتماشى مع التطور الحادث فى العالم. 

لقد تحملت الإدارة المصرية كما هائلا من الشائعات والأكاذيب ومحاولات التشكيك فيما تقوم به ولا تزال، وكانت محاولات لإهالة التراب فوق كل ما تقوم به، لكنها لم تلتفت لذلك، لأنها كانت تعرف أن هناك من يريد تعطيل البلد كله، ولو توقفنا معه عند ما يقوله، فلن نتقدم إلى الأمام ولو خطوة واحدة، وهذا سر من أسرار نجاح الثورة ونجاح الدولة المصرية التى بنيت شرعيتها على أهداف ومقاصد هذه الثورة.

ومن بين ما يحسب للإدارة المصرية بعد 30 يونيو، أنها تعاملت بجرأة شديدة فى ملفات لم يكن أحد يقترب منها، أو يحاول مجرد محاولة أن يدخلها، وأقصد هنا قرار برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تم تطبيقه بداية من العام 2016، وكانت له نتائج هائلة على الاقتصاد المصرى، ولولاه لما استطعنا أن نتحمل تبعات وباء كورونا الذى عصف باقتصاديات دول كبرى. لقد نجحنا لأننا استطعنا أن نملك قرارنا، وأن ننفذه على الأرض دون خوف أو خشية، ولذلك فليس غريبا أن نعتبر ثورة 30 يونيو هى الحدث الأهم فى تاريخنا الحديث والمعاصر، لأنها الثورة التى أعادت إلينا ثقتنا فى أنفسنا، وأقنعتنا بأننا نستطيع أن نحقق المستحيلات إذا أردنا.. وإذا أخذنا القرار. 

لقد كتبت هذه المعانى أكثر من مرة، والآن أكرر ما قلته قبل ذلك، فرغم التحديات الكثيرة ورغم الأزمات التى نمر بها، فإننى لا زلت متمسكا بما قلت، فنحن أمام ثورة عظيمة تستحق الاحتفاء بها، وقائد ملهم استطاع أن يعبر بنا أزمات حادة، وسيكون قادرا على الخروج من الأزمات الحالية طالما أن هذا الشعب يقف خلف ظهره.

الصفحة الحادية عشر من العدد رقم 367 الصادر بتاريخ 27 يونيو 2024
 
تم نسخ الرابط