الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

المولد النبوى.. "ذكرى" تعطِّر القلوب و"نور " يضيء الدروب

الكاتب والإعلامى
الكاتب والإعلامى محمد فودة - صورة أرشفية

- الاحتفال بميلاد "سيد الخلق" مناسبة لنشر قيم التسامح والمحبة بين الناس

- مولد المصطفى نفحة روحانية لتجديد العهد وتطهير النفوس

- القيم الأخلاقية مفتاح الرضا .. وبوابة السعادة فى الدنيا والآخرة

- إحياء المناسبات الدينية تعبير عميق عن الترابط فى مشارق الأرض ومغاربها 

مولد النبى صلى الله عليه وسلم ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو حدث مفصلى فى تاريخ البشرية، إنه اليوم الذى استنارت به الدُّنيا ونُظِّفت القلوب من الشرك والأضاليل، فى هذا اليوم، نستذكر نعمة الله علينا بإرسال رحمته للعالمين، ونستلهم من سيرته العطرة دروساً عظيمة، فمولد خير  الأنام مناسبة عظيمة للتأمل والتدبر، وفرصة لتجديد العهد على طاعة الله ورسوله، علينا أن نستغل هذه المناسبة فى تطهير أنفسنا من الذنوب والمعاصى، والعمل على بناء مجتمع صالح يقوم على أسس الأخلاق والقيم الإسلامية، ونسعى جاهدين للاقتداء بسيرة النبى صلى الله عليه وسلم فى جميع جوانب حياتنا، وأن نجعل سنته وسيرته منهجًا لنا.

ويمثل الاحتفال بمولد النبى صلى الله عليه وسلم تجديدًا للعهد بالله ورسوله، وتعزيزًا للإيمان بالله تعالى، إنه فرصة للتعمق فى معانى الإسلام السمحة، والاستلهام من سيرة النبى الكريم، والاقتداء بأخلاقه العالية، هذه الاحتفالات الروحية تساهم فى تقوية الروابط بين الفرد وربه، وبين أفراد المجتمع الواحد، وبالطبع يحتفل المسلمون فى شتى بقاع الأرض بذكرى ميلاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، متخذين من هذه المناسبة فرصة للتعبير عن حبهم وولائهم لرسول الله، هذه الاحتفالات ليست مجرد طقوس تقليدية، بل هى تعبير عميق عن الوحدة والترابط الإسلامى، حيث يجتمع المسلمون من مختلف الثقافات والأعراق ليعيدوا تأكيد هويتهم الإسلامية المشتركة، للتأكيد على الأبعاد الاجتماعية.

والاحتفال بمولد النبى صلى الله عليه وسلم ليس مقتصرًا على الجانب الروحى فحسب، بل له أبعاد اجتماعية مهمة أيضًا، فهو مناسبة للتآخى والتراحم، وتقديم المساعدات للفقراء والمحتاجين، كما أنه فرصة لنشر قيم التسامح والمحبة والسلام بين الناس، وتعزيز أواصر الأخوة الإسلامية، وفى ظل التحديات التى تواجه العالم الإسلامى، يأتى الاحتفال بمولد النبى صلى الله عليه وسلم ليذكرنا بقيمنا السامية، وبوحدتنا، وبضرورة التكاتف والتعاون لمواجهة هذه التحديات، إننا نستلهم من سيرة النبى صلى الله عليه وسلم القوة والصبر والثبات على المبادئ، ونستمد منه العزيمة والإرادة لتحقيق الخير والفضيلة، فيجب علينا أن نعمل على تعزيز القيم الإسلامية فى نفوس الأجيال الشابة، وأن نغرس فيهم حب النبى صلى الله عليه وسلم وتقديره، وعلينا أن نكثر من الأعمال الصالحة، وأن نسعى إلى رضا الله تعالى، وأن نكون قدوة حسنة لمن حولنا، ولعل من أهم الدروس التى نستفيدها من سيرة النبى صلى الله عليه وسلم هو التسامح والرحمة، والتعامل مع الآخرين برفق ولطف.

وحينما نتحدث عن الأخلاق فإنه لا يمكن بأى حال من الأحوال إغفال تلك "الأخلاق الحميدة" التى أرسى قواعدها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، الذى أخبرنا من خلال أحاديثه الشريفة - وهو الذى لا ينطق عن الهوى - بأن الخالق جل شأنه خلقه ،  وأرسله للبشرية  ليتمم مكارم الأخلاق ، ليس هذا فحسب بل إن الله سبحانه أرسله إلى الناس كافة ، فقد قال رب العزة جل شأنه فى كتابه الكريم: { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } وقال تعالى أيضاً: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }، وفى هذه الآيات الشريفة تتجلى عظمة الاحتفال بالمولد النبوى الشريف فرسولنا الكريم جاء للبشرية جمعاء واختاره الخالق لأن يكون بشرى لمن اختصهم بفضله الواسع وكرمه اللانهائى، إننى أرى أن مجرد الاحتفال والاحتفاء بالمناسبات الدينية والروحانية ينعكس بشكل مهم على المجتمع ككل حيث يكون فيه وبكل تأكيد طاقة أمل وبقعة ضوء تبدد الظلام وتمحو تلك الآثار التى تخلفها عادة الأزمات والمشاكل وبالتالى فإن الحرص على الاحتفال بالمولد النبوى الشريف مسألة مهمة تحمل فى طياتها مفاتيح السعادة التى وبكل تأكيد تصب فى الصالح العام وتجعل المجتمع ككل يعيش فى حالة من الرضا النفسى، فلنجعل من هذه المناسبة فرصة لأن نفشى السلام بيننا ويجب أن يبادر كل منا بنفسه وذلك بأن يحاول تنقية مشاعره تجاه الآخرين ويمد يده للحب والخير والحق والعدل والسلام والجمال وكما نعلم فإن جميعها صفات إنسانية نبيلة تبعث فى النفىس الشعور بالأمن والأمان والطمأنينة، وفوق كل هذا وذاك ليتنا نتأسى بصفات الحبيب المصطفى فى جميع تفاصيل حياتنا فقد كان وكما جاء فى كتب السيرة النبوية "قرآناً يمشى على الأرض" وكيف لا يكون على هذا النحو وقد قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم "أدبنى ربى فأحسن تأديبى"، وعلى الرغم من أن ذكرى المولد النبوى الشريف تمثل بالنسبة للمسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها نقطة مضيئة فى حياة البشرية فإنه وللأسف الشديد تأتى هذه المناسبة كل عام وتمضى ومازال البعض يجهلون الكثير والكثير من المعانى النبيلة لهذه المناسبة العطرة ، لذا فهى تمر أمام البعض مرور الكرام ودون أية استفادة منها بالشكل المناسب وبما يجب أن يكون، والحق يقال فإن ذلك ربما يتم نتيجة الإفراط فى الانشغال بمظاهر الحياة ومشاكلها التى لا تنتهى ، وربما أيضاً لأن الكثير من النفوس قد تغيرت بالفعل لدرجة أن القلوب فى كثير من الأوقات أصبحت أسيرة معطيات الكثير من الصفات غير المحمودة. 

مولد النبى صلى الله عليه وسلم مثّل نقطة تحول فى مسار التاريخ الإنسانى، حيث انتقل البشر من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلام، ومن حياة الفوضى إلى حياة النظام والقيم السامية، فلقد جاء الإسلام برسالة واضحة المعالم، وهى دعوة إلى الأخلاق الفاضلة والعدل والمساواة بين الناس، وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم خير قدوة فى ذلك، حيث تميز بأعلى درجات الكرم والشجاعة والصبر والصدق والأمانة، وفى زمننا الحالى، حيث عدم الأخلاق يتكاثر، فإن الاحتفال بمولد النبى صلى الله عليه وسلم يمثل فرصة لتذكير أنفسنا بقيم الإسلام السامية، والعمل على تطبيقها فى حياتنا اليومية، اللهم صلِ على نبيك وحبيبك المصطفى صلاة تشفع لنا يوم أن نلقاك .. وأسألك يا واسع الفضل أن تهيئ لنا من أمرنا رشداً وتجعل لنا من فيض رحمتك نصيباً ونحن نحتفل هذه الأيام بذكرى حبيبك ونبيك أشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. فهذه المناسبة تهل علينا كل عام حاملة فى طياتها نسائم الرحمة والمغفرة والموعظة الحسنة.

الصفحة السابعة من العدد رقم 378 الصادر بتاريخ 12 سبتمبر2024

 

تم نسخ الرابط