الخميس 19 ديسمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة يتأمل نهاية العام ويكتب: الأيام تمضي وتبقى  الذكريات

الكاتب والإعلامى
الكاتب والإعلامى محمد فودة - صورة أرشيفية

- لا شيء ثابت ولا شيء يدوم في  ظل  الإيقاع السريع للحياة

- الأيام "لوحة فنية" نرسم عليها انطباعاتنا بفرشاة مختلفة الألوان

- لن أترك العلاقات السامة تستنزف طاقتي  وتعرقل مسيرتي 

- ستظل العلاقات الإنسانية هي  عماد السعادة الحقيقية 

- في  عالم ملي ء بالصخب .. الحياة كالبحر تتلاطم أمواجه وترتفع وتنخفض

كلما جاء ديسمبر، أشعر بمشاعر متباينة، فالعام الذي مرّ كالشريط السينمائي يعاد عرضه أمام عيني في لحظة وداع، تتسارع المشاهد وتتلاحق الأحداث، وكأنها لم تكن سوى  لحظات عابرة.

كل عام يمر بنا كأنه حلم نستيقظ منه لنكتشف أننا قد تغيرنا، وأن العالم من حولنا قد تغير أيضاً.

وديسمبر شهر خاص جدًا يحمل في طياته مشاعر متناقضة، فعلى  الرغم من أجواء الفرح والاحتفال التي تميز شهر ديسمبر، فإنه يحمل أيضًا شعورًا بالفراق والنهايات.

ومع اقتراب نهاية العام، ينتابني شعور قوي يدفعني إلى  تقييم إنجازاتي خلال العام الماضي، والتخطيط للمستقبل.

توقفت طويلاً أمام فكرة مراجعة العلاقات والصداقات، وقد أدركنا في بعض الأحيان أمورًا لم نتمكن من تحقيقها، أو علاقات لم تسر على  ما يرام، مما يثير في نفوسنا مشاعر الحزن والأسف.

عندما أدقق النظر وأترك لخيالي العنان، أرى  أن الحياة كالبحر، تتلاطم أمواجه، وترتفع وتنخفض، لا شيء ثابت ولا شيء دائم.

أرى  أننا قد نبدأ العام بحماس كبير، ثم ننتهي منه مرهقين ومحبطين، وقد يكون العكس صحيحاً. في تقديري، هذه هي طبيعة الحياة المتقلبة.

لم يكن العام المنصرم سلسًا، بل كان مزيجًا من الألوان والأحاسيس؛ فرح وسرور، حزن وأسى ، نجاح وإخفاق، أمل وخوف.

كل هذه المشاعر عايشتها في رحلة الحياة، وكأن الحياة لوحة فنية نرسم عليها كل يوم بفرشاة مختلفة الألوان.

ديسمبر شهر خاص يحمل في طياته العديد من المعاني والدلالات.

في رأيي، هو شهر الاحتفالات والأعياد، وهو أيضًا شهر التأمل والتقييم.

اللافت للنظر أن المشاعر المتناقضة التي نشعر بها في هذا الشهر تعكس إنسانيتنا العميقة، وهي أمر طبيعي تمامًا.

من خلال قبول هذه المشاعر والعمل على  إدارة عواطفنا، يمكننا أن نستمتع بكل لحظة في هذا الشهر.

أشعر بأن ديسمبر يتربع على عرش قلوب الكثيرين؛ يحمل في أعماقه مزيجًا من الفرح بالفصول القادمة وشعورًا بالفراق حيث يمثل نهاية عام وبداية عام جديد، مما يدفعنا إلى التفكير في الماضي والحاضر والمستقبل.

يسبق ديسمبر فصل الخريف الذي يأتي حاملاً معه تحولات جذرية في الطبيعة.

توقفت طويلاً أمام مشهد تساقط الأوراق الجافة من الأشجار، الذي في تقديري يمثل رمزًا لبداية جديدة.

كما تفقد الشجرة أوراقها استعدادًا لفصل الشتاء القارس، كذلك تفقد بعض العلاقات الإنسانية قوتها وحيويتها لتكشف عن هشاشتها وعدم قدرتها على  الصمود أمام تقلبات الحياة.

أشعر بأن هناك من يختار التشبث بأغصان شجرته، متمسكًا بأوراقها المتبقية، وهؤلاء الأشخاص يدركون قيمة العلاقات الإنسانية ويعملون على  تغذيتها ورعايتها.

في رأيي، هؤلاء يمثلون قوة الطبيعة التي تصارع الظروف القاسية، وتقاوم عوامل الزمن والتغيير.

اللافت للنظر أنهم يرون في كل صعوبة فرصة للتجديد، وفي كل تحدٍ دافعًا للتمسك بما هو ثمين في حياتهم.

الخريف يعلّمنا الكثير عن الحياة والعلاقات.

أرى  أنه يذكرنا بأن كل شيء يتغير، وأن التغيير جزء طبيعي من الحياة.

توقفت أمام حقيقة أن الخريف يعلّمنا أهمية التمسك بما هو قيم والتخلص من كل ما يعيق تقدمنا.

عندما نتأمل في أوراق الشجر المتساقطة، يتملكني إحساس بأن بعض النهايات هي بداية لشيء جديد، وأن الحياة تستمر في التدفق والتجدد.

العلاقات الإنسانية هي أساس المجتمع وهي التي تعطي للحياة معناها الحقيقي.

في تقديري، عندما نفقد علاقاتنا، نفقد جزءًا كبيرًا من أنفسنا.

لذا أرى  أن الحفاظ على  العلاقات القوية والصحية أمر بالغ الأهمية.

العلاقات القوية هي التي تدعمنا في أوقات الشدة، وتساعدنا على  تحقيق أهدافنا، وتجعلنا نشعر بالسعادة والانتماء.

الخريف، رغم كونه فصل الفراق، فإنه يمثل أيضًا فرصة للتجديد وإعادة تقييم علاقاتنا.

أرى  أنه يعلّمنا أن نتخلص من العلاقات السامة التي تستنزف طاقتنا، وأن نفتح قلوبنا لاستقبال علاقات جديدة ومثمرة.

اللافت للنظر أن المواقف التي نواجهها في حياتنا تمثل خريف العلاقات، حيث تبرز لنا من هم الأصدقاء الحقيقيون ومن هم أولئك الذين يختفون عند أول أزمة.

لذا أرى  أنه يجب علينا أن نتعلم من الخريف وأن نكون مثل الأشجار القوية التي تتكيف مع التغيرات وتستمر في النمو رغم الصعوبات.

لا يمكن أن تستقيم الحياة بدون الحب، ولا يمكن للعلاقات الإنسانية أن تحمل طعمًا دون أن نعلي من شأن الأخلاق الحميدة التي تمنح الحياة طعمًا ولونًا ورائحة تفوح بعبق المشاعر النبيلة.

توقفت طويلاً أمام فكرة أن العديد من نظريات علم النفس تؤكد على  أهمية الحب والمشاعر النبيلة في حياة الإنسان، فهو احتياج إنساني لا غنى عنه.

في تقديري، الحب هو السبيل للوصول لحالة من التوازن النفسي، وهو بمثابة الدرع الواقي من متاعب الإنسان النفسية.

لذا أرى أن الحب هو المصدر الأساسي للأمن النفسي والسعادة.

ورغم كل الصعاب والتحديات، أجدني أظل متفائلًا بالمستقبل.

ينتابني شعور عميق بأن الأيام القادمة تحمل لنا الخير والبركة. كما يقال: "أجمل الأيام لم تأت بعد."

هذا الأمل هو الذي يدفعني إلى  الأمام، ويجعلني أواجه كل التحديات بثقة وتفاؤل.

في تقديري، العام المنصرم هو صفحة جديدة أضفناها إلى  كتاب حياتنا، صفحة مليئة بالذكريات، بعضها جميل وبعضها مؤلم.

لكن الأهم من ذلك هو أننا تعلمنا من هذه التجارب، ونمونا كبشر.

أشعر بأننا ننظر إلى  المستقبل بثقة وتفاؤل، ونعمل بجد لتحقيق أحلامنا وطموحاتنا.

الصفحة السابعة عشر من العدد رقم391 الصادربتاريخ 12ديسمبر2024

 

تم نسخ الرابط