الأحد 09 فبراير 2025
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

الإنسان أولًا.. التنمية الحقيقية تبدأ من تعزيز القدرات البشرية

خالد الطوخى - صورة
خالد الطوخى - صورة أرشيفية

- خطوات جادة لضمان حقوق الإنسان بمفهومها الشامل وليس بالمعنى  الضيق الذي يختصرها في الحقوق السياسية فقط

- المبادرات والمشروعات القومية تستهدف تحسين جودة حياة المواطن المصري

- المرأة حصلت على  حقوق غير مسبوقة وأصبحت شريكًا رئيسيًا في كل المجالات

- توفير الرعاية الصحية وتطوير العشوائيات ودعم الفئات الأكثر احتياجًا

- حقوق الإنسان عملية مستمرة تتطلب تطويرًا دائمًا للسياسات والتشريعات ومتابعة دقيقة لاحتياجات المجتمع

- تعزيز القدرات البشرية هو المفتاح الحقيقي للنهوض بأي مجتمع

أي نهضة حقيقية في  تقديري الشخصي  تبدأ من الإنسان، فهو ليس مجرد مستفيد من عمليات التنمية، بل هو محركها الأساسي، وعاملها الفاعل، وأهم عناصر استدامتها.

في تقديري الشخصي، لا يمكن لأي دولة أن تحقق تنمية شاملة ومستدامة دون أن تجعل الإنسان في مقدمة أولوياتها؛ لأن الاستثمار في البشر هو السبيل الوحيد لضمان مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.

لذا يمكنني القول إن الحديث عن التنمية لا يكتمل إلا إذا كانت الحقوق الأساسية لكل فرد جزءًا أصيلًا منها، فالمجتمعات التي تحقق تقدمًا حقيقيًا هي تلك التي تبني اقتصاداتها على  قاعدة صلبة من العدالة الاجتماعية، وتضمن لمواطنيها فرصًا متساوية في التعليم، والصحة، والعمل، والعيش بكرامة.

اللافت للنظر أن مصر أدركت في السنوات الأخيرة هذه الحقيقة الجوهرية، فبدأت اتخاذ خطوات جادة لضمان حقوق الإنسان بمفهومها الشامل، وليس بالمعنى  الضيق الذي يختصرها في الحقوق السياسية فقط.

توقفت طويلًا أمام المبادرات والمشروعات القومية التي استهدفت تحسين جودة حياة المواطن المصري، ليس فقط من خلال رفع مستوى  الخدمات المقدمة له، ولكن أيضًا عبر تمكينه اقتصاديًا واجتماعيًا، ومنحه الفرصة ليكون شريكًا في صناعة مستقبله.

لم يعد الاهتمام بحقوق الإنسان مجرد التزام نظري أو شعارات تُرفع في المحافل الدولية، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من رؤية الدولة للتنمية، وهذا في حد ذاته تحول بالغ الأهمية.

عندما نتحدث عن حقوق الإنسان، فإننا لا نتحدث فقط عن حق التعبير أو الممارسة السياسية، رغم أهمية ذلك، ولكننا نشير إلى  حقوق أعمق تمس جوهر حياة الإنسان اليومية.

الحق في السكن الكريم، في الرعاية الصحية الجيدة، في التعليم المتطور، في بيئة عمل عادلة، في فرص متكافئة للنمو والتقدم، هذه هي الأسس الحقيقية التي تجعل الإنسان قادرًا على  المشاركة الفعالة في بناء مجتمعه. 

توقفت طويلًا أمام حجم الجهود المبذولة في هذا المجال، ووجدت أن هناك تحولًا جوهريًا في فلسفة إدارة الدولة، حيث أصبح المواطن شريكًا في التنمية، وليس مجرد متلقٍ للخدمات.

لذا يمكنني القول إن مفهوم التنمية في مصر لم يعد مقصورًا على  المشروعات الكبرى  أو التوسع في البنية التحتية، رغم أهميتها البالغة، ولكنه أصبح أكثر شمولًا، حيث يتم النظر إلى  الإنسان باعتباره العنصر الأهم في هذه المنظومة.

أحد أبرز الشواهد على  ذلك هو التحول من سياسات "المساعدات" إلى  سياسات "التمكين"، فلم يعد الهدف هو تقديم الدعم فقط، بل أصبح التركيز على  خلق فرص حقيقية تتيح للأفراد الاعتماد على  أنفسهم، سواء من خلال المشروعات الصغيرة، أو التدريب والتأهيل، أو دعم رواد الأعمال.

هذا التحول يعكس رؤية أكثر نضجًا للتنمية، تتماشى مع المفاهيم الحديثة التي ترى  أن تعزيز القدرات البشرية هو المفتاح الحقيقي للنهوض بأي مجتمع.

اللافت للنظر أن هذا الاهتمام بحقوق الإنسان لم يقتصر على  فئة بعينها، بل امتد ليشمل الجميع دون استثناء، بداية من المرأة التي حصلت على  حقوق غير مسبوقة، وأصبحت شريكًا رئيسيًا في كل المجالات، مرورًا بذوي الهمم الذين حصلوا على  دعم غير مسبوق، وانتهاءً بالشباب الذين أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من عملية صنع القرار.

لم يكن ذلك مجرد استجابة لضغوط أو متغيرات خارجية، بل كان نابعًا من قناعة حقيقية بأن التنمية لا يمكن أن تقتصر على  فئة دون أخرى ، بل يجب أن تشمل الجميع، لأن المجتمع لا يمكن أن يتقدم إلا إذا حصل كل فرد فيه على  حقه الكامل في حياة كريمة.

لا شك في أن مصر واجهت خلال السنوات الماضية تحديات غير مسبوقة، سواء على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي، وكان يمكن لهذه التحديات أن تؤثر على  مسار التنمية، لكن الرؤية المتكاملة التي تبنتها الدولة، والتي وضعت الإنسان في قلب سياساتها، ساعدت في تجاوز الكثير من العقبات.

على  سبيل المثال، لا يمكن إنكار الدور الذي لعبته المبادرات الرئاسية في تحسين جودة الحياة لملايين المصريين، سواء من خلال توفير الرعاية الصحية، أو تطوير العشوائيات، أو دعم الفئات الأكثر احتياجًا.

هذه الجهود تعكس إدراكًا حقيقيًا بأن حقوق الإنسان ليست فقط حرية التعبير والممارسة السياسية، بل تشمل أيضًا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تضمن حياة كريمة للجميع.

في تقديري، أحد أهم الإنجازات التي حققتها مصر في هذا المجال هو التحول من مفهوم "المساعدات" إلى  مفهوم "التمكين"، بمعنى  أن السياسات لم تعد تقتصر على  تقديم الدعم المادي فقط، بل أصبحت تركز على  توفير الفرص وتمكين الأفراد من تحقيق ذواتهم، سواء من خلال التعليم، أو المشروعات الصغيرة، أو تأهيل الشباب لسوق العمل.

هذا التحول يعكس رؤية جديدة تتماشى  مع التوجهات العالمية التي تؤكد أن التنمية الحقيقية لا تأتي من المنح والمساعدات، بل من تمكين الأفراد ليكونوا فاعلين في مجتمعاتهم.

ما يلفت الانتباه أن هذه الجهود لم تكن مقتصرة على  نطاق داخلي فقط، بل امتدت إلى  التعاون الدولي، حيث أصبح لمصر دور فاعل في تعزيز حقوق الإنسان على  المستويين الإقليمي والدولي.

هذا الدور لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة سياسات واضحة تستند إلى  بناء مجتمع أكثر تماسكًا، قائم على  أسس العدالة والمساواة، ويؤمن بأن الاستقرار والتنمية وجهان لعملة واحدة.

لذا فإنه يمكنني القول إن مصر نجحت خلال السنوات الماضية في تغيير الصورة النمطية عن حقوق الإنسان، فلم يعد الأمر مقتصرًا على  الحقوق السياسية فقط، بل أصبح يشمل كل ما يتعلق بجودة الحياة والعدالة الاجتماعية والفرص المتكافئة.

وهذا بالضبط هو المفهوم الشامل لحقوق الإنسان، والذي يتجاوز الشعارات إلى  التطبيق الفعلي على  أرض الواقع.

لا شك في أن الطريق لا يزال طويلًا، فحقوق الإنسان ليست هدفًا يتم تحقيقه بين يوم وليلة، لكنها عملية مستمرة تتطلب تطويرًا دائمًا للسياسات والتشريعات، ومتابعة دقيقة لاحتياجات المجتمع، حتى  نضمن أن كل فرد يحصل على  حقوقه كاملة دون نقصان.

أعتقد أن مصر تسير في الطريق الصحيح نحو تعزيز حقوق الإنسان كجزء لا يتجزأ من مشروعها التنموي، وهذا ما يجعلنا أكثر تفاؤلًا بالمستقبل.

صحيح أن التحديات لا تزال قائمة، لكن الإرادة السياسية، والإصرار على  وضع الإنسان في قلب التنمية، هما الضمانة الحقيقية لاستكمال المسيرة.

وفي النهاية، يبقى الإنسان هو الثروة الحقيقية لأي وطن، والاهتمام به هو الاستثمار الأكثر جدوى  على  الإطلاق.

الصفحة الخامسة من العدد رقم 399 الصادربتاريخ 6يناير2025

 

تم نسخ الرابط