العالم يطارد الجماعة الإرهابية: "خطر يهدد الجميع"
أخيرا بدأ العالم ينتبه إلى خطر جماعة الإخوان الإرهابية الذى حذرت منه مصر لسنوات طويلة دون أى تجد استجابة أو آذانا صاغية، لكن فى كل الأحوال أن تأتى متأخرا خير من ألا تأتى أبدًا، فقد بدأت دول أوروبية عديدة اتخاذ إجراءات ضد الجماعة وعلى رأسها فرنسا والنمسا وأستراليا وألمانيا.. هذا إلى جانب بريطانيا "الملاذ الآمن" للتنظيم على مدارس سنوات طويلة.
فقد كشف تقرير نشره موقع Byline Times البريطانى عن أن جون بيو، كبير مستشارى السياسة الخارجية لرئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون، تم تكليفه بالإشراف على إعداد مشروع بحثى عن جماعة الإخوان ليكون مرجعا خاصا للجنة مكافحة التطرف (CCE) التى شكلتها الحكومة فى عام 2017 لمواجهة الجماعة الإرهابية. ووفقا للتقرير، حذرت الورقة البحثية من خطر توغل جماعة الإخوان فى المملكة المتحدة، داعية الحكومة إلى عدم الاستهانة بطموحاتها لأنها تمثل تهديدا شاملا وكامنا وراء كل مسجد أو مشروع جمعية إسلامية فى البلاد. وذكرت الورقة، التى حملت عنوان «الإخوان المسلمون العالميون فى بريطانيا: هل هى حركة اجتماعية؟»، أن الإخوان تتآمر سراً للتسلل إلى الغرب لإبادة السكان البيض الأصليين واستبدالهم بالمهاجرين ذوى البشرة السمراء، مؤكدة أن الجماعة تسيطر على غالبية جمعيات المجتمع المدنى الإسلامية الأبرز فى المملكة المتحدة. وقالت إن المنظمات الإسلامية البريطانية السائدة ما هى إلا جزء من حركة الإخوان الجديدة التى تعمل من أجل النهضة الإسلامية وفرض الشريعة فى بريطانيا، مضيفة أن مجموعة واسعة من المنظمات التى تخدم الجالية المسلمة فى بريطانيا هم أعضاء فاعلون فى التنظيم الدولى لجماعة الإخوان فى الغرب أو ما يسمى بـ«الإخوان الجدد»، مثل المجلس الإسلامى لبريطانيا الذى احتل صدارة الشبكات الإسلامية المتطرفة فى بريطانيا ويمثل وسيطًا رسميًا للربط بين المسلمين البريطانيين والحكومة. وبيّن أن الإخوان لعبت دورا كبيرا بجانب جماعات الإسلام السياسى الأخرى فى المجتمعات الإسلامية المتنوعة فى المملكة المتحدة منذ ما يقرب من نصف قرن، لافتا إلى أن أنشطتها كانت مرتبطة فى ذلك الوقت إلى حد كبير بالمصالح الأمريكية والبريطانية فى رعاية المتطرفين كقوة موازنة للاتحاد السوفيتى خلال الحرب الباردة. وأضاف أن ما يعرف بـ«المعهد العالمى للفكر الإسلامى» كان يمثل إحدى أدوات التنظيم الدولى للإخوان فى بريطانيا حيث كان يتبنى نظريات وتوجهات تصب فى خدمة خطاب الإسلام السياسى بشكل عام. وحذرت من خطر التطرف غير العنيف الذى تمارسه جماعات الإسلام السياسى فى المملكة المتحدة وعلى رأسها الإخوان، مشيرة إلى أن هذا الأمر أصبح قضية سياسية مهمة فى بريطانيا فى السنوات الأخيرة. ولفتت إلى أن الإرهاب ليس مصدر القلق الوحيد فيما يتعلق بالإخوان بشكل عام فى بريطانيا، ففى السنوات القليلة الماضية، أعربت الحكومة عن مخاوفها بشأن تأثير تلك الجماعات على التماسك الاجتماعى والحريات المدنية، بما فى ذلك حقوق المرأة، مضيفا أن التطرف الدينى للإخوان أصبح متوغلا فى معظم المؤسسات البريطانية الرئيسية فى البلاد. وتابعت الورقة إنه فى عام 2015، أنشأت الحكومة البريطانية وحدة تحليل التطرف، وهى أول هيئة رسمية مكرسة لدراسة التطرف العنيف وغير العنيف، ونشرت أول إستراتيجية لمكافحة التطرف، منوهة إلى أن الشخصيات الرئيسية التى تمارس التطرف الدينى غير العنيف تضم الأفراد المرتبطين بالإخوان بشكل أساسى.
وأظهرت كيف تتعاون جماعة الإخوان تنظيميا مع الجمعيات والحركات الاجتماعية البارزة فى المملكة المتحدة، مستغلة القرابة والتشابه الأيديولوجى والثقافى، بهدف تقويض قسم مع المجتمع والدولة البريطانية، ومن أجل إضفاء الطابع المؤسسى والأخلاقى على جماعات الإسلام السياسى فى جميع أنحاء البلاد، مشيرة إلى أن صراع الإخوان مع الحكومة البريطانية لا يتعلق فقط بالسيطرة على مؤسسات الدولة، بل محاولة فرض طريقة معينة للتفكير والعيش. وحذر السياسى البريطانى جون بيو من خطر تنظيم الإخوان ومخططاته المتطرفة، داعيا إلى شن حملة دبلوماسية غربية جديدة فى الشرق الأوسط لمواجهة التطرف، قائلا: «من الخطأ تماما أن يستغل الإسلاميون الحريات هنا فى المملكة المتحدة، ومن الواضح تماما أن بعض الجهات المرتبطة بالإخوان مستعدة لغض الطرف عن الإرهاب». وفى ديسمبر 2017، أعلنت الحكومة البريطانية إدراج حركتى حسم ولواء الثورة فى مصر إلى قائمة المنظمات الإرهابية. وذكر بيان للسفارة البريطانية فى القاهرة أن إدراج الحركتين جاء بعد مراجعة أدلة الاعتداءات التى نفذها كل من «حسم» و«لواء الثورة» ضد أفراد الأمن المصريين والشخصيات العامة، وكجزء من جهود بريطانيا المتواصلة لتعزيز استجابتها للإرهاب الدولى، مضيفا: «توصلت حكومة بريطانيا إلى أن هذه المجموعات تستوفى معايير الحظر. وستعزز عملية الإدراج قدرة حكومة بريطانيا على تعطيل أنشطة هذه المنظمات الإرهابية».
وفى فبراير الماضى، تواصلت جهود التصدى للإخوان فى بريطانيا، بفضل مطالبات نواب فى مجلس العموم، وصدرت توصيات بحظر تنظيم الإخوان الإرهابى، لما يشكله من خطر واضح على أمن المملكة المتحدة. وقال النائب فى الحزب الوحدوى الديمقراطى الإيرلندى، إيان بيزلى، خلال جلسة فى البرلمان حينها، إنه «يجب على الحكومة المضى قدما فى حظر الإخوان، الذين ينشرون الكراهية ويهاجمون المسيحيين داخل وخارج البلاد». كما طرح النائب أندرو روزينديل أسئلة على وزيرة الداخلية البريطانية بريتى باتل، فى وقت سابق أيضا عن التقييم الذى أجرته بشأن زيادة نشاط تنظيم الإخوان فى بريطانيا، نتيجة للانكماش الاقتصادى فى ظل تفشى كورونا. كما وجه سؤالا مماثلا إلى وزير الخارجية دومينيك راب، مطالبا بإجراء «تقييم لأثر الانكماش الاقتصادى العالمى على مستوى أنشطة التجنيد التى يقوم بها التنظيم فى الخارج»، وأعرب «روزينديل» عن مخاوفه من أن التنظيم الإرهابى قد يكون استفاد من جائحة كورونا، لتوسيع نفوذه فى أكثر من مكان فى العالم، بما فى ذلك المملكة المتحدة. وفى سياق قريب، ذكر موقع «المونيتور» الأمريكى أن محاولات جماعة «الإخوان» لحشد جهودها فى الخارج ضد مصر، واستجداء إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن للتأثير على الحكومة المصرية، لن تفلح، لأن واشنطن تدرك جيدا أهمية دور مصر فى الاستقرار والأمن الإقليمى، فى ظل الحرب التى تخوضها على الإرهاب، والتطرف الذى تمارسه «الإخوان». وأوضح الموقع الأمريكى أن «الإخوان» لا تزال تسعى لاستخدام ورقة حقوق الإنسان كمحاولة لتأليب الإدارة الأمريكية ضد حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسى، لكن دون جدوى، مشيرة إلى أن هدف الجماعة الرئيسى من وراء تلك المحاولات هو التأثير على الحكومة المصرية، للإفراج عن أعضاء الجماعة المسجونين، والتوقف عن مصادرة أموال التنظيم، رغم إدراكها صعوبة هذا الأمر. وتابع: «التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية لا يزال يحشد جهوده فى الخارج لتنفيذ مخططات تهدف لسقوط النظام فى مصر، وآخرها تدشين الجماعة ما يسمى بـ(اتحاد القوى الوطنية)، لإعادة أنشطتها وخداع الإدارة الأمريكية الجديدة» وبينت أن هذا الكيان يضم 100 عضو من المنتمين للجماعة الإرهابية، والمصريين الهاربين فى تركيا، ويهدف إلى تشكيل «جبهة سياسية موحدة لتنفيذ أجندات ومخططات تهدف لإسقاط مصر».
ونقل الموقع عن جمال مظلوم، الخبير العسكرى، قوله إن «محاولات جماعة الإخوان ستفشل، لأن واشنطن تدرك جيدا أهمية دور مصر فى الحفاظ على الاستقرار والأمن الإقليميين، وكبح أى نفوذ روسى متزايد، خاصة على المستوى العسكرى، وقد تجلى ذلك عندما أعربت واشنطن عن قلقها بشأن إتمام مصر لصفقة Su-35 الروسية». وفيما يخص ملف حقوق الإنسان، شدد «مظلوم» على أن «مصر لن تقبل أى محادثات أو مناقشات بشأن التعامل بمرونة مع قيادات الإخوان المسجونين فى مصر، نظرا لأنهم يشكلون تهديدًا وجوديًا لهوية الدولة المصرية».