محمود الشويخ يكتب: " مشروع القرن " كيف تبنى مصر "المجد الكبير" فى العاصمة الإدارية الجديدة؟
- لماذا تهاجم "فاينانشيال تايمز" البريطانية الجمهورية الجديدة ؟.. وهل تعمل لصالح الجماعة الإرهابية ؟
- أسرار الحملة الملعونة على القوات المسلحة المصرية بعد فشل مخططات الاستهداف .
- ماسر التقارير المشبوهة عن المشروع مع قرب افتتاحة خلال الشهور القليلة المقبلة ؟
الحرب على هذا البلد لن تتوقف أبدا.. هذا ما أؤمن به.. نعم لا يريد العالم لمصر أن تسقط.. وهذه حقيقة.. لكنه لا يريد لها، فى الوقت ذاته، أن تتقدم.. وهذه عقيدة لا يدخل إليها الشك.
من هنا يمكن أن تفهم كل حملات التشويه التى نتعرض لها.. ويمكن أن تفسر كل الشائعات التى تطلق علينا.. ويمكن أن تستوعب كل الأكاذيب التى نوصم بها.
هذا إلى جانب العراقيل التى توضع فى طريقنا ونحن نمضى فى طريق إعادة بناء الدولة، فضلا عن "حزام النار" الذى أراد المتآمرون أن يطوقوا مصر به.. من ليبيا إلى إثيوبيا.. لكننا، وفى كل مرة، وبفضل قائد يحسب خطواته جيدا ورجال عاهدوا الله على أن يحموا هذا البلد ويسلموا رايته مرفوعة، حاصرنا من أرادوا حصارنا ثم جاءوا هم صاغرين.
لقد حققت مصر قفزات هائلة على مدار السنوات السبع الماضية بعد أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى حكم البلاد.. بلد جديد الذى نعيش فيه الآن ما فى ذلك من شك.
اقتصاد قوى قادر على مواجهة الصدمات وتحقيق معدلات نمو إيجابية فى ظل جائحة ضربت أقوى الاقتصاديات، وجيش قوى باسل يتربع على عرش المنطقة كلها، وشرطة احترافية متماسكة أعادت الأمن المفقود بعد سنوات الفوضى، ومؤسسات دولة استعادت حيويتها بعد أعوام من الترهل والبيروقراطية.
مشروعات فى كل المناطق تقريبا وجميع القطاعات، سياحة تسترد عافيتها، صناعة استعادت أمجادها، زراعة فى كل شبر متاح، وتجارة تحقيق أرقاما إيجابية للغاية.
وليس فى هذا أى غرابة، فمصر تتحرك فى كل اتجاه وكل مكان.. وتبنى مدنا جديدة ذكية فى العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة والمنصورة الجديدة.. بالتقريب ١٤ مدينة جديدة.
نعم.. نبنى ١٤ مدينة بالتوازى.. لذلك كان طبيعيا جدا أن تخرج علينا صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية بتقرير مليء بالأكاذيب والمعلومات المغلوطة عن الاقتصاد المصرى، والعاصمة الإدارية الجديدة بشكل خاص، هذا المشروع القومى العملاق الذى يمثل- إذا جاز التعبير- "درة تاج" المشروعات القومية.
فبافتتاح العاصمة الإدارية الجديدة، خلال فترة قريبة، سيعلن الرئيس قيام "الجمهورية الجديدة"، ولذلك اختارت "فاينانشيال تايمز" أن تضرب فى هذا المشروع بالذات حتى تقضى على الحلم المصرى المنتظر.
ولقد توقفت أمام رد هام طرحه «المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية» فند أكاذيب «فاينانشيال تايمز» ومنها أن تكلفة العاصمة الجديدة يمكن أن تؤثر على مشروعات ملحة، فقد أوضح المركز أن البنك الدولى فى دراسة له عام 2014 ذكر أنه يتم هدر حوالى 47 مليار جنيه، أى ما يعادل 8 مليارات دولار أمريكى آنذاك، سنويًا فى منطقة القاهرة الكبرى الحضرية بسبب زحمة السير، وتوقع ارتفاع هذا الهدر إلى 501 مليار جنيه بحلول عام 2030 فى حالة عدم حل المشكلة، لذا اتخذت حكومة البلاد قرارًا ببناء عاصمة جديدة تمامًا تقع على بعد 45 كيلومترًا شرق القاهرة، بناء على مخطط رئيسى يتكون من إرشادات وسلسلة من الأعمال التى بدأت فى عام 2015.
وتهدف العاصمة الإدارية الجديدة إلى تحقيق طفرة فى تقديم الخدمات الحكومية للمواطنين، وذلك بالاستفادة من أحدث التكنولوجيات العالمية لتنفيذ خطط التحول الرقمى وتقديم الخدمات رقميًا، ومما لا جدال فيه أن هناك حاجة لبناء العديد من المدن الجديدة لاستيعاب الزيادات السكانية المستقبلية، إذ تشير التوقعات إلى أن تعداد السكان قد يتجاوز 160 مليون نسمة عام 2050، أى بزيادة 60 مليون نسمة مقارنة بتعداد السكان الحالى.
تقرير الصحيفة البريطانية تحدث أيضا عن أن قطاع العقارات والبناء يضم عمالة «وهمية»، وبمجرد التوقف عن البناء لن توجد وظائف، بينما من غير الدقيق التكهن بتوقف مسيرة العقارات والبناء فى ظل التوقعات بتزايد عدد السكان بنحو 60 مليون نسمة فى غضون الثلاثين عامًا المقبلة.
ثم إن كافة الدراسات التى تضمنت آراء كبار المطورين داخل مصر شددت على أن السوق المصرية فى حاجة لبناء مليون وحدة سكنية سنويا، وهو ما يدلل على احتياج السوق المصرية لبناء مدن جديدة، وطرق جديدة ومشروعات ضخمة للبنية التحتية، فكيف إذن يضم القطاع عمالة وهمية؟!
أما الكذبة الكبرى فكانت الحديث عن تدخل للجيش فى الاقتصاد يدفع القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب للخوف، بينما الواقع على الأرض يقول إن دور الجيش ووزارة الإسكان وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة فى بناء الوحدات السكنية يقتصر على الإشراف والرقابة وأحيانًا التخطيط، أما التنفيذ فيكون بواسطة شركات لا يملكها الجيش، أى أن القطاع الخاص يسهم بدور كبير فى الاستثمار العقارى.
ويمكن الرد على هذا الزعم من خلال الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، التى قالت إن «العالم الآن يقوم على تبنى سياسات اقتصادية مرنة، ولم يعد مقبولا التمترس خلف نظريات تقليدية، سواء تدعم الفكر الرأسمالى أو تنتقده، وإنما أصبح لكل دولة تسعى إلى إحراز التقدم الاقتصادى أن تختار ما يناسبها من هذه النظريات وتصنع بنفسها النموذج الذى يتلاءم مع طبيعتها ويحقق مصالحها، ونحن فى مصر، نصنع نموذجًا اقتصاديًا يأخذ ما يناسبنا من النظريات الاقتصادية وما يحقق مصالحنا ويتلاءم مع ظروفنا وطبيعة وحجم شعبنا وأهدافنا خلال السنوات المقبلة».
ويعلم الجميع أن تدخل الجيش فى الاقتصاد جاء عقب فترة عدم الاستقرار السياسى والاقتصادى التى مرت مصر بها عقب ثورة 25 يناير 2011، وتخوف القطاع الخاص من الإقدام على الاستثمار فى ظل أجواء عدم اليقين والتشوهات الاقتصادية الناتجة عن عدم تقييم العملة المحلية بقيمتها الحقيقية، كما كانت هناك حاجة ماسة إلى تنفيذ مشروعات تشييد وتطوير البنية التحتية لتوفير احتياجات المواطنين والمستثمرين.
وقد أسهمت جهود الدولة المصرية فى الاستثمار فى مشروعات البنية التحتية فى رفع ترتيب مصر فى المؤشر الفرعى الخاص بالبنية التحتية ضمن مؤشر التنافسية العاملية من الترتيب 98 من بين 148 دولة عام 2013 إلى الترتيب 52 من بين 141 دولة عام 2019، كما ارتفعت كمية الطاقة الكهربائية المولدة من 1.177 مليار كيلو وات ساعة عام 2012/2013 إلى 4.148 مليار كيلو وات ساعة عام 2019/2020، ونجحت مصر فى حل أزمة الكهرباء، بل وتحولت إلى تصدير الكهرباء للخارج.
كما ساهمت المشروعات القومية التى تبنتها الدولة فى توفير نحو 5 ملايين فرصة عمل، وكان تدخل الجيش والقطاع العام فى النشاط الاقتصادى لتخفيف تداعيات برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى كان يعالج التشوهات الاقتصادية، ولكنه أدى لتراجع القوى الشرائية للمواطنين، وارتفاع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم، مما أدى لتراجع الاستثمار الخاص، ولذا كان لا بد من استمرار تدخل الدولة فى الاقتصاد وضخ الاستثمارات. وقد ساهم دور الدولة فى تنفيذ مشروعات كبرى وتطوير القطاع الزراعى، وتنمية الثروة الحيوانية والداجنة والسمكية، وكذلك قطاعات استخراج النفط والغاز الطبيعى والتكرير والتصنيع والبتروكيماويات، وكذلك الصناعات الدوائية والشبكة القومية للطرق وغيرها. وقطعا فإن امتلاك الدولة ومؤسساتها لشركات وكيانات اقتصادية لا يعنى التخلى عن سياسات السوقِ الحرة والمنافسة وتشجيع القطاعِ الخاص، وإنما يأتى من بابِ التدخلِ لضبط السوقِ فى بعضِ الأحيان أو دعم قطاعات استثمارية، وفى أحيان أخرى لتعظيمِ قيمة الأصول المملوكة للدولة، ثم التخارج من هذه الشركات وإعادة طرح هذه الأصول للمستثمرين من القطاع الخاص لاستكمال عملية تنمية وتعظيم قيمة هذه الأصول أو إتاحة تملكها والاستثمار فيها للمواطنين من خلال البورصة، وما يؤكد ذلك بدء اتخاذ إجراءات خصخصة شركة وطنية للبترول التى لها شبكة محطات وقود فى أنحاء البلاد والشركة الوطنية لإنتاج وتعبئة المياه الطبيعية والزيوت النباتية، فيما تم تأجيل خطط طروحات الشركات العامة فى البورصة المصرية، نتيجة تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد، على أن يتم استئنافها عقب تحسن الأوضاع الاقتصادية العالمية. وقد ادعت الصحيفة البريطانية أن مصادر النمو الاقتصادى تتركز فى قطاعات الصناعات الاستخراجية، «النفط والغاز»، والعقارات، وفى حقيقة الأمر أن فى قطاع النفط والغاز الطبيعى، تمثلت التحديات قبل عام 2014 فى عزوف المستثمرين عن المشاركة فى مشروعات القطاع وتوقف عدد من المصانع لنقص كميات الغاز، وعدم توقيع اتفاقيات بترولية خلال الفترة من 2010 حتى ديسمبر 2013، إلى جانب تفاقم أزمات البنزين والسولار والبوتاجاز، مع ارتفاع معدلات استهلاك المنتجات البترولية والغاز بقطاعات الدولة خاصة قطاع الكهرباء، لكن مع برنامج الإصلاح الاقتصادى وسياسات تشجيع الاستثمار واستعادة الأمن والاستقرار تم توقيع عدد كبير من الاتفاقيات البترولية واتفاقيات فى قطاع الغاز الطبيعى.
وللحق فإنه ليست كل التقارير على هذا الشكل المشبوه، فقد حظيت العاصمة الإدارية الجديدة، منذ بدء وضع حجر الأساس، بإشادات واسعة، نظراً لحجم المشروعات التى تتضمنها، فضلا عن معدلات التنفيذ غير المسبوقة والتى حصلت فى وقت قياسى. فهذه مجلة "إى أن آر" أو "إنجينيرينج نيوز ريكورد" الأمريكية، فى تقرير لها، تقول إن مصر تمر بطفرة بناء ضخمة مركزها العاصمة الإدارية الجديدة التى تهدف إلى تحديث مقر الحكومة فى الدولة التى يبلغ عدد سكانها 103 ملايين نسمة فى مدينة جديدة على بعد 28 ميلًا شرق القاهرة. وأشارت المجلة، فى تقرير لها، تحت عنوان: "نهوض العاصمة الإدارية الجديدة فى الصحراء الشرقية بمصر"، إلى أن العاصمة الإدارة الجديدة تتكون من ثلاث مراحل، سيكلف تطوير المرحلة الأولى حوالى 58 مليار دولار عند اكتمالها فى عام 2030، موضحة أن البنية التحتية الأساسية للمرحلة اكتملت وبدأ تشييد العديد من المبانى، المقرر الانتهاء منها فى عام 2022. وأضافت أن المدينة ستستضيف ناطحتى سحاب شاهقتين، أحدهما برج من 80 طابقاً قيد الإنشاء منذ عامين وتم الوصول إلى الطابق 40، وعند الانتهاء، سيصل ارتفاعه إلى 385 مترًا، مما يجعله أطول مبنى فى مصر وإفريقيا. وتتميز العاصمة الإدارية بكونها مدينة تنفذ كل ما جاء فى إستراتيجية التنمية المستدامة، كونها تستخدم محددات الاستدامة فى الطاقة وتدوير المياه والمخلفات، حيث تعتمد فى 60 % من طاقتها على المصادر المتجددة، بالإضافة إلى أنها تعالج 100 % من المياه المستخدمة وتستخدم هذه المياه فى رى 100 % من الحدائق والمزروعات بها، وتتصل أحياء المدينة من خلال شبكة ممرات للمشاة والدراجات بحيث تخصص 40 % من شبكة الطرق بها لهذا الغرض. وتضم المدينة مركزاً للمال والأعمال، وخصصت نحو 30 % من المساحة المبنية فى المدينة لخدمة قطاع المال والأعمال، بالإضافة إلى أنها تتضمن 18 مبنى وزاريا ومبنى للبرلمان يتسع لألف نائب ومبنى لمؤسسة الرئاسة ومبنى لمجلس الوزراء ومركز مؤتمرات ومدينة معارض واستاد أولمبى ومطارات ومدن ذكية ومدينة طبية وحديقة مركزية. وتضم المدينة المساحة السكنية بنسبة حوالى 67% من مساحة مشروع العاصمة الإدارية، وتتضمن نحو 285 ألف وحدة سكنية لمحدودى الدخل و185 ألف وحدة سكنية لذوى الدخل المتوسط، و15 ألف وحدة سكنية للطبقات الأعلى دخلا، بحيث تستوعب نحو 6.5 مليون نسمة بعد اكتمال المشروع. كما تضم المدينة السكنية بالعاصمة الإدارية أطول محور أخضر فى العالم وهو النهر الأخضر أو طرق الحدائق المركزية، ويشتمل على حدائق مركزية وترفيهية وحدائق نباتية وتلك الحدائق تعتبر من أكبر الحدائق على مستوى العالم، حيث تقام على مساحة 5 آلاف فدان، بطول 35 كيلو مترا، وستكون مفتوحة للجمهور مجانا، وتخدم العاصمة الإدارية بالكامل والقاهرة الجديدة. وتضم العاصمة الإدارية الجديدة كذلك حياً كاملاً لرجال المال والأعمال، ومقرا للبنك المركزى والبورصة ومقرات لمختلف البنوك المحلية والدولية، ووفقا للمخطط العام للمدينة الإدارية الجديدة تم وضع تصميم خاص لإنشاء منطقة الأعمال لدى هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وهو يشمل ناطحات سحاب وأبراجا لرجال الأعمال. وفى العاصمة "مدينة المعرفة"، ويخصص لها ما يقرب من 300 فدان، وهى مدينة ذكية متخصصة فى العلوم والمعرفة سيتم تأسيسها بنظام المدن المغلقة، وستضم مراكز للأبحاث والعلوم والابتكار وريادة الأعمال والسوفت وير وتطبيقات الكمبيوتر وغيرها.
هذه هى مصر الجديدة.. هذه هى الجمهورية الجديدة.. جمهورية عبدالفتاح السيسى التى لا تعرف سوى العمل والنجاح والإنجاز.. فلا تلتفتوا لكل كاذب.