الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب: "عقل الثورة " كيف استرد السيسى مصر من أيدى الإرهابيين؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشفية

- لماذا ثار الشعب على الإخوان بعد عام واحد من الفشل الكبير؟

- ماذا فعل « المشير » لحماية المصريين من عنف « الإرهابية »؟.. وكواليس بيان النصر فى 3 يوليو .

- ما سر الحرب على الجيش والشرطة والقضاء المصرى فى السنة السوداء ؟

يقولون إن التاريخ لا يمكن أن يُكتب والأحداث ساخنة.. فالرؤية غير واضحة، وما تحت الماء أكثر مما هو فوق السطح..  وهذه أمور تمنع النظرة الصحيحة للأمور أو الحكم عليها.

حين تكون المعلومات غير مكتملة والحقائق يتسرب إليها الشك لا يمكن أن تكتب تاريخ بلد.. أو تدون حقائق حقبة زمنية بعينها.. أو حتى تروى قصة ثورة.. لكننا الآن يمكن أن نتحدث.

لقد مر المصريون بأحداث جسام بعد ما جرى فى ٢٥ يناير..  ودعك عن تصنيف ما جرى؛ ثورة أو مؤامرة أو ثورة انتهت مؤامرة .. فالأحداث أكبر من هذا كله.

بعد أن نزل مبارك عن منصبه أصبح البلد ينتظر أى يد تسقط فيه.. وهذه حقيقة لا تقبل الشك.. فحين تغيب البدائل يصبح أى عابر سبيل أو حتى قاطع طريق بين المتنافسين على السلطة.

مرت الشهور التى تلت ٢٥ يناير بحلوها ومرها.. ووصلنا إلى انتخاب برلمان جديد.. وكانت هذه نقطة البداية فى طريق دخول مصر النفق الأسود.. وأقصد نفق جماعة الإخوان .

لقد استولى قطَّاع الطرق على السلطة التشريعية فى البداية.. رفع الإخوان شعار "مشاركة لا مغالبة" وقت الإعداد للانتخابات البرلمانية وذلك بإعلانهم الترشح على ٣٠ ٪ من المقاعد.. لكن حين حانت لحظة الحقيقة رفعوا شعار "التكويش".. واختفت أسطورة "مشاركة لا مغالبة".

وهكذا، ولأنهم الفصيل الوحيد المنظم على الأرض، استولوا على مقاعد البرلمان بالتعاون مع حلفائهم مما يسمى بتيار الإسلام السياسى..وبدا أنهم مقدمون على السيطرة على البلد ككل.

ولأنهم يدركون أن القوات المسلحة هى "عمود الخيمة" والمؤسسة ربما الوحيدة الثابتة المستقرة من مؤسسات الدولة المصرية قرروا أن يدمروا هذه المؤسسة فشنوا حربا شعواء عليها.

لم يتصدروا هم هذه الحرب.. لكنهم حركوا عناصر شبابية للإساءة للمؤسسة العسكرية وتفننوا فى إشعال الأجواء بلون الدم من خلف ستار.. حتى أصبحت الشوارع تشهد مواجهات يومية بين قوى الأمن وعدد ممن يسمون أنفسهم متظاهرين.

أصبحت الدولة مفككة تقريبا.. وصارت الأرض ممهدة أمام الإخوان لينقضوا على ما تبقى من سلطة فافتعلوا مشكلات وأزمات مع حكومة المجلس العسكرى، لأنهم أرادوا السيطرة على كل شيء تقريبا.

.. مرت أيام ثقيلة على مصر حتى جاءت لحظة الانتخابات الرئاسية، وبينما كان الإخوان قد أعلنوا أنهم لن يقدموا أحدا لرئاسة الجمهورية فإنهم قدموا مرشحين دفعة واحدة.

الأول هو رجل الجماعة القوى خيرت الشاطر وآخر "استبن" هو محمد مرسى العياط وكان يشغل منصب رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة.

جرت فى النهر مياه كثيرة.. وخرج الشاطر ومرشحون آخرون من السباق وأصبح مرسى هو مرشح جماعة الإخوان... وفى حالة من التفكك وعدم التوحد على مرشح جيد.. وصلنا إلى إعادة بين مرسى العياط والفريق أحمد شفيق... ولأن نخبتنا، وللأسف أقولها، ليست سوى مجموعة من الجهلة والمنتفعين، فوجئنا باصطفاف ملعون حول مرشح الإخوان حتى وصل إلى كرسى الرئاسة.

بالطبع يمكن أن نقول الكثير عما جرى فى هذه الانتخابات.. ويمكن أن نقول ما هو أكثر عن تخطيط الإخوان لحرق مصر إذا لم يفز محمد مرسى.. لكن هذا ليس حديثنا الآن.

دخل محمد مرسى إلى القصر.. وهنا بدأت الأيام السوداء التى استمرت لعام فقط لأن لله كان رحيما بنا.

منذ اللحظة الأولى بدا أن مرسى مجرد مندوب للجماعة فى قصر الرئاسة ينفذ ما يمليه عليه مكتب الإرشاد لا أكثر ولا أقل.. وتأكد أن ما يقوله حول رغبته فى أن يكون رئيسا لكل المصريين ليس إلا كذبة كبيرة.. فهذا رئيس للأهل والعشيرة.

لم يخيب مرسى ظن كثيرين... ففعل كل شيء حتى يثور عليه المصريون.. فالرجل ليست لديه أى رؤية سياسية أو اقتصادية أو تصور  للعلاقات الخارجية أو لطبيعة العلاقات بين مؤسسات الدولة أو لشكل العلاقة بين مؤسسة الرئاسة ومكتب الإرشاد وغير ذلك الكثير.

كانت البلاد تنتقل من كارثة إلى كارثة.. فالمؤسسات مفككة.. والوضع الاقتصادى صعب.. وليس أدل على ذلك من انقطاع الكهرباء بشكل دائم والطوابير أمام محطات الوقود.

ثم إن الرئيس لا يدرك قيمة منصبه بالأساس فيتعامل وكأنه رئيس حزب الإخوان لا أكثر ولا أقل.. وحكومته فاشلة عاجزة ورئيسها أضعف وأقل من أن نتحدث عنه.

الحال بات ينتقل من سيئ إلى أسوأ.. ثم كانت نقطة البداية بصدور الإعلان الدستورى الذى أعلن مرسى ديكتاتورا.. لدرجة أنه منح نفسه سلطات من يقول "أنا ربكم الأعلى".

دخل مرسى ومن خلفه الإخوان فى صراع مع مؤسسة تلو الأخرى.. وكان القضاء هدفا رئيسيا للتنظيم.. ففعلوا به ما فعلوا.. لكن رجاله وقفوا وقفة سيشهد بها التاريخ.

وزارة الداخلية لم تكن بعيدة عن المخططات.. فعمدت الجماعة إلى التخلص من أكفأ الضباط لا سيما فى مجال مكافحة التطرف... وهذا مشهد يرتبط بسيناء.. التى بات الإرهابيون يتحركون فيها بسهولة تحت رعاية رئيس لا يختلف عنهم كثيرا.. وتذكر معى "الحفاظ على سلامة الخاطفين والمخطوفين".

وبالتوازى كانت عمليات أخونة مؤسسات الدولة تسير على قدم وساق.. فقد أحل الإخوان رجالهم فى أماكن عديدة.. وظهرت هنا "الخلايا النائمة" للجماعة.

حاربوا الثقافة والمثقفين.. ولنسترجع معا ملحمة المثقفين المصريين ضد الوزير الجهول الذى عينه محمد مرسى.. ولن نمنحه شرف أن نكتب اسمه.

وسط كل ذلك كان الجيش يراقب ما يجرى.. القائد العام الفريق أول (آنذاك) عبدالفتاح السيسى يتابع الأحداث باهتمام بالغ وقلق كبير، فالبلد مقدم على انقسام يهدد ما تبقى من تماسكه.. وهذا وضع لا يمكن الصمت أمامه.

كان الفريق السيسى وقتها قد أعاد بناء القوات المسلحة - إذا جاز التعبير - بعد ما جرى فى أعقاب ٢٥ يناير حيث تعرض الجيش لإنهاك بالغ.

لكنه وهو يؤدى هذه المهمة بالغة الخطورة.. لم يغمض عينيه عن الوضع الداخلى.

قدمت القوات المسلحة النصح للرئيس مرة تلو الأخرى.. لكن دون أى فائدة.. فالجماعة كانت ماضية فى طريقها إلى النهاية دون أى تراجع.

مضت الأيام على هذه الحالة.. وبات البلد على أبواب حرب أهلية وليس فى ذلك أى مبالغة.

حاولت القوات المسلحة أن تقدم النصح أيضا.. غير أن الجماعة أغلقت آذانها عن سماع أى صوت إلا صوتها.

فى هذه الفترة كانت حركة تمرد قد نشطت فى جمع توقيعات لسحب الثقة من محمد مرسى.. ووقع الملايين بالفعل على استمارة الحركة.

لم تر الجماعة فيما يجرى إلا مؤامرة.. وفى كل مناسبة أتيحت لها لم تقدم على أى إصلاح أو حلحلة للأزمة... وهنا ظهر للجميع أننا ذاهبون إلى النهاية.

تصاعدت الدعوات للخروج فى ٣٠ يونيو من أجل إسقاط حكم الإخوان.. ومع اشتعال الأحداث قررت الجماعة أن تجعلها حربا.. فحشدت أنصارها فى الميادين مسلحين.

كانت القوات المسلحة قد أصدرت فى هذا الوقت بيانا منحت خلاله مهلة مدتها أسبوع لكافة القوى السياسية بالبلاد للتوافق والخروج من الأزمة.

لكن هذا الأسبوع مر دون أى توافق... فخرج الملايين إلى الشوارع فى ٣٠ يونيو يهتفون "انزل يا سيسى مرسى مش رئيسى".

بعدها أصدرت القوات المسلحة بيانا أعطت فيه القوى السياسية مهلة مدتها 48 ساعة لتلبية مطالب الشعب وفى حال انتهائها أعلنت أنها ستتقدم بخارطة طريق جديدة للشعب.

وقال البيان: "إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة... فسوف يكون لزاما على القوات المسلحة أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها بمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة... بما فيها الشباب الذى كان مفجرا لثورتها المجيدة".

ومرت المهلة دون أى تحرك لتحقيق مطالب الشعب... وهنا كان لزاما على القوات المسلحة أن تتدخل "لتحمل أعباء الظرف التاريخى الذى يمر به الوطن الذى لن يتسامح أو يغفر لأى قوى تقصر فى تحمل مسئولياتها"، كما جاء فى نص بيان مهلة الـ٤٨ ساعة.

اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة مع القوى الوطنية وممثلين عن مختلف طوائف الشعب المصرى، ودعى الإخوان لهذا الاجتماع لكنهم رفضوا الحضور.

وكانت لحظة النور حين خرج البطل ليعلن للشعب بيان الانتصار على الجماعة الإرهابية.. الذى نسترجعه معا:

بسم لله الرحمن الرحيم.. شعب مصر العظيم.. إن القوات المسلحة لم يكن فى مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التى استدعت دورها الوطنى، وليس دورها السياسى على أن القوات المسلحة كانت هى بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسى.

ولقد استشعرت القوات المسلحة - انطلاقا من رؤيتها الثاقبة - أن الشعب الذى يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته.. وتلك هى الرسالة التى تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة وفهمت مقصدها وقدرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسى آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود الواجب والمسؤولية والأمانة.

لقد بذلت القوات المسلحة خلال الأشهر الماضية جهودا مضنية بصورة مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف الداخلى وإجراء مصالحة وطنية بين كل القوى السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ شهر نوفمبر 2012.. بدأت بالدعوة لحوار وطنى استجابت له كل القوى السياسية الوطنية وقوبل بالرفض من مؤسسة الرئاسة فى اللحظات الأخيرة.. ثم تتابعت وتوالت الدعوات والمبادرات من ذلك الوقت وحتى تاريخه.

كما تقدمت القوات المسلحة أكثر من مرة بعرض تقدير موقف إستراتيجى على المستوى الداخلى والخارجى تضمن أهم التحديات والمخاطر التى تواجه الوطن على المستوى الأمنى والاقتصادى والسياسى والاجتماعى، ورؤية القوات المسلحة بوصفها مؤسسة وطنية لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعى وإزالة أسباب الاحتقان ومجابهة التحديات والمخاطر للخروج من الأزمة الراهنة.

فى إطار متابعة الأزمة الحالية اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة رئيس الجمهورية فى قصر القبة يوم 22 / 6 / 2013 حيث عرضت رأى القيادة العامة ورفضها للإساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية، كما أكدت رفضها لترويع وتهديد جموع الشعب المصرى.

ولقد كان الأمل معقودا على وفاق وطنى يضع خارطة مستقبل، ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب بما يحقق طموحه ورجاءه، إلا أن خطاب السيد الرئيس ليلة أمس وقبل انتهاء مهلة الـ48 ساعة جاء بما لا يلبى ويتوافق مع مطالب جموع الشعب.. الأمر الذى استوجب من القوات المسلحة استنادا على مسؤوليتها الوطنية والتاريخية التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية والشباب ودون استبعاد أو إقصاء لأحد.. حيث اتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات أولية تحقق بناء مجتمع مصرى قوى ومتماسك لا يقصى أحدا من أبنائه وتياراته وينهى حالة الصراع والانقسام وتشتمل هذه الخارطة على الآتى:

- تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت.

- يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة للمحكمة.

- إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد.

- لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال المرحلة الانتقالية.

- تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.

- تشكيل لجنة تضم كل الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية المقترحة على الدستور الذى تم تعطيله مؤقتا.

- مناشدة المحكمة الدستورية العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات البرلمانية.

- وضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن.

- اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة ليكون شريكا فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.

- تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.

إنها أيام المجد.. الأيام التى استرد فيها الشعب مصر من أنياب الإرهاب.. بفضل بطل شجاع.. اسمه عبدالفتاح السيسى.

 

 

تم نسخ الرابط