◄القاهرة تضع خبراتها التنموية فى خدمة القارة السمراء لتظل رمزًا للعمل الإفريقي عبر التاريخ
◄مصر تتبع في سياستها قواعد حسن الجوار والقانون الدولي وحل الخلافات بالوسائل السلمية
◄الدولة مستمرة فى النشاط الافريقي بكل قوة رغم ضغوط أزمة جائحة كورونا المستجد
تتوالى الأحداث الكبرى واحدة تلو الأخرى على أرض مصر خاصة تلك التى تأخذ طابعًا دوليًا وتصب فى نهاية المطاف فى خدمة أبناء القارة السمراء، وكان آخر هذه الأحداث المهمة إستضافة مصر أعمال الدورة الـ25 للمجلس التنفيذى لمنظمة المدن والحكومات المحلية الأفريقية أقيم على مدار يومين تحت رعاية وزارة التنمية المحلية، وبحضور كل من اللواء محمود شعراوى، وزير التنمية المحلية، واللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، ومحمد بودرا، رئيس المنظمة العالمية للمدن والحكومات ومقرها برشلونة، وجان بيير مباسى الأمين العام لمنظمة المدن والحكومات المحلية الأفريقية، وعدد من وزراء التنمية المحلية الأفارقة و25 من محافظى وعمد المدن الأفريقية أعضاء المجلس التنفيدى للمنظمة.
والحق يقال فإن اهتمام الدولة المصرية بمنظمة المدن والحكومات الإفريقية هو جزء من اهتمام القيادة السياسية المتنامي بالقارة الإفريقية منذ عام 2014، وتنفيذًا للتكليفات المتتالية للرئيس عبدالفتاح السيسي في هذا الشأن، ليس هذا وحسب بل أنه يعد ترجمة حقيقية وملموسة لبرنامج عمل الحكومة المصرية الذي تحتل فيه العلاقات المصرية بالأشقاء في القارة الإفريقية مكانة متميزة في هيكل العلاقات الخارجية المصرية، وحتى لا نذهب بعيدًا فإنه يتعين علينا أن نضع فى الاعتبار ونحن نتحدث عن هذا الحدث أن تجربة مصر الرائدة في تطوير مشروعات البنية التحتية تعد مثالاً مشرفًا تم مناقشتة مع أشقائنا الأفارقة، كأداة من أدوات تعزيز الاستقرار والتنمية في أفريقيا.
وهذا الأمر ليس مجرد كلامًا انشائيًا فمصر تشهد الأن وبشكل لافت للنظر تطورًا في جودة الطرق المحلية والإقليمية والدولية حيث تحتل مصر المركز 28 عالميًا في مؤشر جودة الطرق وفقًا لتقرير التنافسية العالمية، وربما يكون من أبرز ملامح دور الطرق في دعم الاتصال الجغرافي والتكامل الاقتصادى بين مصر ودول القارة الإفريقية، هو طريق "القاهرة - كيب تاون" الذي قاربت مصر على الانتهاء من تطوير حوالي 1100 كيلو متر من قطاعه الموجود في مصر المتمثل في الطريق الصحراوي الغربي وفقا لأعلى مستويات الجودة العالمية.
وهنا يجب أن نضع فى الاعتبار مسألة فى غاية الأهمية أيضاً وهى أن مصر وهي تضع كامل خبرتها وإمكانياتها فى خدمة الأشقاء الأفارقة، فإنها تؤمن تمامًا بأن التشابه الثقافي والاجتماعي والجوار الجغرافي ووحدة المصير التي تجمع شعوب القارة يمكن أن تمثل فرصًا غير مسبوقة للتكامل فيما بيننا، ولهذا فإن مصر دائمًا تميل لأن تأخذ الطرق السلمية التي تعلي من قيمة الحوار في تعاملها مع أي نزاعات إقليمية، وتراهن بشكل دائم على الآليات الإفريقية وقدرتها على حل النزاعات وتجاوز التحديات.
ولقد استوقفنى فى هذا اللقاء المهم الذى استضافته القاهرة ما قاله اللواء محمود شعرواى، وزير التنمية المحلية، حيث أكد على مسألة شديدة الأهمية وهى أن مصر تتبع في سياستها دوما قواعد حسن الجوار وأعمال قواعد القانون الدولي، وحل الخلافات بالوسائل السلمية، وهو النهج الذي اتخذته القاهرة في عدة ملفات تم تسويتها أو بعضها علي مسار التسوية، أملًا ورغبة في أن تتفرغ قارتنا ودولنا للتنمية فهو حق مستحق للجميع و لكن دون الإضرار بمصالح الاخرين، وهي القاعدة الراسخة في القانون الدولي، والتي تتعامل بها مصر في مختلف القضايا والأزمات ونحرص رغم الصعاب على تحويل إقليمنا ليصبح مجال للتعاون والاستقرار والأمن لكي يتوفر لأجيالنا القادمة المزيد من الأمن والاستقرار المطلوب لعملية التنمية.
فيما قال اللواء خالد عبدالعال، محافظ القاهرة، إنه منذ استضافت القاهرة أعمال دورة المجلس التنفيذى فى 18 يونيو 2019 المؤتمر الأول للمدن الأفريقية قاطرة التنمية المستدامة، ونحن نعمل على تعزيز علاقتها المؤسسية بمنظماتها الأفريقية، فجاء شرف استضافة مقر المنظمة القارية عن إقليم الشمال (NARO) بالقاهرة ليعزز من فرص إطلاق العلاقات والشراكات بيننا لأفاق أرحب وأكبر خاصة ونحن حريصون أن يكون هذا المقر منارة علم ومعرفة وآلية لدعم وتعزيز عملنا الأفريقى المشترك، وكذلك كمركز لمواجهة التحديات التى تواجه مدننا الأفريقية والتوافق على دعم وشراكات لتعزيز القدرة على مواجهة هذه التحديات التى تواجه القارة الأفريقية .
وفى تقديرى الشخصى فإنه من أهم الملاحظات التى خرجت عن هذا اللقاء التأكيد على أن إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة يعيد لمدينة القاهرة العاصمة الحالية رونقها التاريخى ويخفف العبء على مرافقها ويعيد الإطلالة التاريخية للمدينة الأفريقية العريقة والتى تشهد حالياً تحولًا كبير فى مواجهة العشوائيات وتحويل مناطقها إلى أماكن لائقة للسكن وإعادة تطويرها لمراكز حضارية وثقافية مبدعة، فالقاهرة أصبحت الآن تضم العديد من المشروعات من بنية تحتية قومية كبرى بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسى، ومتابعة الحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي.
أما رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، فأكد، خلال استقبال محمد بودرا رئيس منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الدولية، وجون بيير إمباسي، الأمين العام لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الأفريقية، واوجين وامالوا، وزير السلطات المحلية بدولة كينيا، وماكورا داو كوليبالي، رئيسة شبكة النساء المحلية المنتخبة الأفريقية، وعدداً من أعضاء المجلس التنفيذي لمنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة الأفريقية - التزام مصر الكامل بكل ما يحقق رفعة شأن القارة الإفريقية، في إطار تحقيق (أجندة أفريقيا 2063)، وسعي مصر لوضع كل خبراتها في خدمة الأشقاء في قارتنا، حيث يعد تحدي التنمية والاستثمار هو الأساس لمواجهة تحديات الهجرة غير الشرعية والفكر المتطرف والإرهاب.
ولقد أكد رئيس الوزراء أن الرئيس السيسي وضع عقب توليه رئاسة الجمهورية في 2014 خطة واضحة لإحداث تنمية لمصر في جميع المجالات، وأَوْلَى البنية التحتية اهتماما خاصاً، ادراكاً منه بأن البنية التحتية هي أساس التنمية، مشيرا إلى أن شبكة الطرق العملاقة، وإنشاء المحاور الجديدة والكباري، وازدواج الخط الملاحي لقناة السويس، وإعادة تأهيل شبكة الطرق الحالية، وإنشاء أنفاق قناة السويس، وإعادة تأهيل المناطق العشوائية، وغيرها من عشرات المشروعات، والمدن الجديدة، تعد أمثلة شاهدة على تلك النقلة غير المسبوقة، مضيفاً أن مصر تشهد حالياً إنشاء 20 مدينة جديدة، وتطوير المدن القديمة، وفي مقدمتها مدينة القاهرة التي تشهد طفرة حقيقية في التنمية يشعر بها كافة قاطنيها، هذا بالإضافة إلي إنشاء شبكة طرق تخطت السبعة آلاف كيلو متر من الطرق عالية الجودة، مما ساهم في رفع مؤشر جودة الطرق في مصر إلي المركز 19 عالميا، وساهم بشكل كبير في توفير الوقت والجهد وتسهيل الاستثمار.
ولا شك فإن اختيار أعضاء المجلس التنفيذي لمنظمة المدن والحكومات المحلية الأفريقية القاهرة لاستضافة أعمال دورتهم الحالية الخامسة والعشرين يمثل مصدر اعتزاز لنا في أسبوع الفاعليات الأفريقية بمصر.
وحتى نضع أيدينا على حرص القيادة السياسية الدائم والمستمر على الاتجاه نحو الأشقاء الأفارقة فإنه رغم ضغوط أزمة جائحة كورونا المستجد إلا أن مصر مستمرة فى النشاط الافريقي، ففي أسبوع واحد استضافت مصر منتدى رؤساء هيئات الاستثمار الأفريقية بمدينة شرم الشيخ، والمؤتمر الخامس رفيع المستوى لرؤساء المحاكم والمجالس الدستورية الأفريقية، وأخيرًا الدورة الـ25 لمنظمة المدن والحكومات المحلية الأفريقية الذى أضاف لكل هذه الأنشطة الإفريقية الهامة على أرض مصر نشاطًا فى منتهى الأهمية حيث يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أن مصر ومدينة القاهرة ستبقي رمزًا للعمل الأفريقي عبر التاريخ وستقدم كل ما تملك من خبرات وموارد لخدمة بلدان ومدن قارتنا.