◄أخلصت للفن طوال حياتها فاستحقت كل حب وتقدير واحترام
◄جسدت شخصيات متنوعة فتركت بصمات واضحة فى وجدان جمهورها
◄عبرت بصدق عن المرأة المصرية من مختلف الشرائح الاجتماعية
◄مواقفها الإنسانية مع زملائها فى الوسط الفنى تعكس طبيعة شخصيتها المحبة للجميع
◄لم تنس دورها كزوجة وأم فكانت العمود الفقرى لأسرتها فى الحياة وفى الفن أيضًا
◄كانت حريصة على القيام بالأعمال الخيرية فى الخفاء وبعيدًا عن الضجيج الإعلامى
على الرغم من بقائها عدة شهور فى المستشفى للعلاج بعد إصابتها بكورونا فإن خبر وفاتها نزل على الجميع كالصاعقة، فقد كان خبر وفاة النجمة الجميلة دلال عبدالعزيز، خبرًا حزينًا اهتزت له مشاعر الجميع بما يعكس وبشكل لافت للنظر مدى احترام الناس لها فما إن تم الإعلان عن خبر وفاتها حتى تحولت مواقع التواصل الاجتماعى إلى ما يشبه سرادقات العزاء فقد وجد فيها جمهورها الأخت والصديقة والأم والحبيبة وكل أشكال المعاملات الإنسانية فضلاً عن ذلك فإن بقاءها فى المستشفى وعدم علمها بخبر رحيل زوجها النجم سمير غانم قد أثار تعاطف الناس معها فما أصعب من مرارة الفراق بلا وداع فكيف لرفيقة عمره لا تعرف حتى بخبر وفاته .
هذا من جانب المواطنين العاديين أما بالنسبة للوسط الفنى فقد كان رحيل دلال أكثر قسوة على الجميع فهى لم تكن مجرد زميلة لهم وحسب بل كانت بالفعل امرأة "جدعة" وصاحبة مواقف مشرفة، فلم تكن تسمع فى يوم من الأيام عن فنان أو فنانة فى ضائقة حتى تكون أول من يقف إلى جوارهم ولم تكن تسمع فى يوم من الأيام عن إصابة فنان بمرض أو دخل المستشفى حتى تكون أول من يذهب للاطمئنان عليه وفى يدها باقة ورد تفوح بعبق المحبة الصافية والعلاقة النقية بعيدًا عن مظاهر الزيف والخداع، فقد كانت تقوم بتلك اللفتات الإنسانية بدافع حقيقى من داخلها لإيمانها بأن الفنان ينبغى أن يكون إنسانًا قبل أى شيء آخر وهو ما جعل من موت دلال عبدالعزيز موتًا للطيبة والحب الصافى بالنسبة لجميع زملائها فى الوسط الفنى .
لقد تأثرت كثيرًا بالفيديو الذى تناقلته وسائل الإعلام ورواد مواقع التواصل الاجتماعى عقب الإعلان عن وفاتها وهو فيديو يتضمن مشهدا مهما فى مسلسل "ملوك الجدعنة" الذى كان آخر أعمالها الفنية الذى شاركت وتم عرضه فى رمضان الماضى، هذا المشهد المؤثر الذى جسدت فيه دلال لحظة موت "عطية" بطلة المسلسل والذى تفوقت فيه على نفسها وكأنه المشهد "الماستر سين" بلغة السينما فى مسيرتها الفنية.
وتكمن عبقرية مشهد وفاة "عطية" فى ملوك الجدعنة كونه جاء بسيطًا وتلقائيًا مما جعله يتسبب فى "وجع قلوب" المشاهدين الذين تعلقوا بتلك الشخصية الرائعة، حيث استعاد الناس كلماتها الأخيرة وتعبيرات وجهها المبتسمة عند إعلان خبر موتها، فقد رددت فى هذا المشهد كلمات قليلة ذكرت فيها لفظ الجلالة "الله" بتأثر شديد ممزوج بفرحة نهاية العمر، وعبرت أيضًا بنظرات العين عن أشياء كثيرة قالت كل شيء بدون أى كلام معبرة عن لحظات الفراق القاسية التى بكل تأكيد مر بها الملايين من عشاق فنها الجميل وهم يتلقون خبر رحيلها، وهذا فى تقديرى يوضح لنا سر هذا التفاعل الكبير على الفيديو عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعى وموقع يوتيوب وهو ما يجسد لنا بشكل كبير مدى حب الناس لها لأن هذا التفاعل الكبير مثال حى على شعبيتها الجارفة داخل البيوت المصرية مما يؤكد وبما لا يدع مجالاً للشك أنها ستظل باقية بفنها فى قلوب ووجدان عشاق فنها الراقى. فقد ظلت دلال تعيش حياتها الفنية بعفوية شديدة وتلقائية يحسدها عليها الجميع وهو ما كان يشهد له بها الجميع، حيث كانت حريصة دائمًا على الظهور أمام جمهورها على الشاشة بالتزام شديد بعيدًا عن الافتعال أو الملابس غير المناسبة للشخصية، كما ظلت طوال حياتها الفنية تبحث دائمًا عن التميز وتدقق كثيرًا فى اختيار أدوارها مما كان له عظيم الأثر فى استطاعتها وعن جدارة تجسيد المرأة المصرية فى مراحلها المختلفة.
فضلاً عن ذلك فقد كانت تتسم بشخصية قوية تعتز بنفسها وفخورة بفنها الذى تقدمه وفخورة أيضًا كونها لم تنس فى يوم من الأيام كونها أما وزوجة وأحاطت أسرتها بكل الحب فقدمت للوسط الفنى هى وزوجها الراحل النجم سمير غانم نجمتين هما دنيا وإيمى وبالطبع لم يكن جديدًا أن نرى هاتين النجمتين على هذا النحو من التميز والتألق فقد نشأت كل منهما وسط اثنين من النجوم الكبار.
لقد كانت دلال تتمتع بشخصية قوية ساعدتها فى أنها ظلت تقاوم المرض اللعين منذ إصابتها فى الشهور الماضية وبقائها فى المستشفى، فلم تستسلم من الوهلة الأولى لفيروس كورونا اللعين، بل تمسكت بالحياة بقدر اهتمام جمهورها وأسرتها ومحبيها بصحتها والدعاء لها من أجل تخطى تلك الأزمة الصحية التى ظلت لعدة شهور.
والحق يقال فإن من اقترب من الفنانة دلال أو تعامل معها يرى فيها شخصية المرأة المصرية بملامحها الطيبة الأصيلة، حيث استطاعت بمهارتها وبساطة أسلوبها الفنى، أن تشق طريقها إلى قلب الآلاف من الأسر المصرية، واستطاعت أيضًا أن تحتل مكانة متميزة فى عالم الفن لذا فإنه يمكننا القول إن رحيلها خسارة فادحة للفن المصرى فهى واحدة من أهم النجمات اللاتى قدمن أعمالًا تعبر عن المجتمع وتناقش قضاياه فى العديد من المجالات الفنية فى السينما والمسرح والدراما التليفزيونية ولأنها لم تحصر نفسها فى نوعية معينة من الأدوار، فقد تألقت فى الأعمال الكوميدية والاجتماعية وتعاونت طوال مشوارها الفنى الطويل مع كبار المخرجين والنجوم فى السينما والمسرح والتليفزيون.
أما عن الجوانب الشخصية فى حياتها فهى من مواليد إحدى قرى محافظة الشرقية، وحاصلة على بكالوريوس الزراعة من جامعة الزقازيق، كما حصلت على بكالوريوس الإعلام من جامعة القاهرة، وليسانس الآداب قسم اللغة الإنجليزية من كلية الآداب جامعة القاهرة، ودبلومة فى العلوم السياسية من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة. وقدمها المخرج نور الدمرداش لأول مرة فى مسلسل (بنت الأيام) عام 1977 بطولة محمود مرسى وكريمة مختار ونعيمة وصفى لكن عائلتها أصرت أن تنتهى من دراستها الجامعية قبل أن تحترف التمثيل، وبعد التخرج فى الجامعة عادت مرة أخرى للتلفزيون حيث التقت مع الممثل جورج سيدهم فى أحد المسلسلات ورشحها لبطولة مسرحية (أهلا يا دكتور) مع صديق عمره سمير غانم وتزوجت بعد هذه المسرحية من سمير غانم.
وقدمت على خشبة المسرح العديد من الأعمال منها (فخ السعادة الزوجية) و(هالة حبيبتى) و(فارس وبنى خيبان) و(أخويا هايص وأنا لايص) و(حب فى التخشيبة) و(جوازة طليانى).
وفى التلفزيون اشتهرت بدور "نجاة" فى مسلسل (ليالى الحلمية) ومن بعده مسلسلات (لا) و(للعدالة وجوه كثيرة) و(حديث الصباح والمساء) و(الناس فى كفر عسكر) و(ابن الأرندلى) و(حق ميت) و(الهروب) و(سابع جار) و(فلانتينو) و(فى بيتنا روبوت). أما فى السينما فشاركت فى عشرات الأفلام منها "يا رب ولد، بئر الخيانة، بنات حارتنا، البوليس النسائى، صراع الزوجات، النوم فى العسل، مبروك وبلبل، أسرار البنات".
ومع مرور السنين برعت فى تقديم دور الأم بصورة غير نمطية فى أفلام مثل "آسف على الإزعاج، لا تراجع ولا استسلام.. القبضة الدامية، قلب أمه، البدلة"، وكان أفضل دور أم على الإطلاق دورها فى مسلسل "ملوك الجدعنة" الذى سبق الإشارة إليه من قبل بأنه كان آخر أعمالها. رحم الله الفنانة دلال عبدالعزيز وأسكنها فسيح جناته بقدر ما أسعدت الملايين بفنها الجميل والراقى .