محمود الشويخ يكتب: « حلفاء "المتوسط » هنا القاهرة من أثينا .. أسرار ما جرى فى القمة الثلاثية
- لماذا زار الرئيس السيسى اليونان؟.. وماذا قال عن خطورة ملف سد النهضة الإثيوبى؟
- خط أحمر.. كيف تواجه الدول الثلاث تهديد الأمن البحرى والإرهاب والهجرة غير الشرعية؟
- هل تبدأ المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين قريبا؟.. ومتى يغادر المرتزقة ليبيا؟
- بشاير الخير.. مصر تصدر الغاز لأوروبا بعد ربط حقل "أفروديت" القبرصى بمحطات الإسالة المصرية
أعترف بأننى كتبت مقالا آخر غير الذى تقرأه الآن لكننى استغنيت عنه فى اللحظة الأخيرة ووضعته بين أوراقى مجددا لعلها تجد طريقا إلى النور فى وقت آخر.
أما السبب، وبلا شك أنت تسأل الآن عن السبب، فهو الزيارة المهمة التى أجراها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى، صباح الثلاثاء، إلى العاصمة اليونانية أثينا، حيث شارك فى فعاليات القمة الثلاثية بين مصر واليونان وقبرص فى جولتها التاسعة، وذلك فى إطار آلية التعاون الثلاثى بين الدول الثلاث التى انطلقت عام ٢٠١٤.
لقد تابعت هذه الزيارة المهمة فى توقيتها والمهمة فى ملفاتها باهتمام بالغ وحرص شديد، فقد استهدفت البناء على ما تحقق خلال القمم الثمانى السابقة وتقييم التطور فى مختلف مجالات التعاون ومتابعة المشروعات الجارى تنفيذها فى إطار الآلية، وذلك فى إطار تعزيز العلاقات المتميزة بين الدول الثلاث، بالإضافة إلى دعم وتعميق التشاور السياسى بينها حول سبل التصدى للتحديات التى تواجه منطقتى الشرق الأوسط وشرق المتوسط.
ليس هذا فقط بل شهدت الزيارة لقاء السيد الرئيس مع السيد "كيرياكوس ميتسوتاكيس"، رئيس وزراء اليونان، حيث تشاورا حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية على كافة الأصعدة، وذلك فى إطار الروابط الوثيقة التى تجمع بين مصر واليونان، وحرص البلدين على تدعيم التعاون بينهما ومواصلة التشاور المكثف حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
كما عقد السيد الرئيس لقاءً مع الرئيس القبرصى "نيكوس أناستاسيادس"، حيث تباحثا حول العلاقات المتميزة بين البلدين التى شهدت نمواً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية، فضلاً عن تناول سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وكذا التشاور حول القضايا والملفات الإقليمية.
وهذا إجمال يحتاج إلى تفصيل.
السيد الرئيس استهل الزيارة باللقاء مع رئيس وزراء اليونان، حيث تقدم بالشكر لرئيس الوزراء اليونانى على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، مشيداً بقوة ومتانة العلاقات المصرية- اليونانية، وأواصر الصداقة التى تجمع بين حكومتى وشعبى البلدين، وكذلك التعاون المستمر فى مختلف أوجه التعاون على الأصعدة السياسية والعسكرية والتجارية، فضلاً عن التنسيق المتواصل بشأن المواقف المتعلقة بالقضايا الإقليمية بمنطقتى شرق المتوسط والشرق الأوسط، ومؤكداً حرص مصر على دعم وتعميق العلاقات المتميزة بين البلدين وتفعيل أطر التعاون القائمة بينهما، سواء على المستوى الثنائى أو فى إطار آلية التعاون الثلاثى.
من جانبه، أعرب رئيس وزراء اليونان عن اعتزازه بزيارة الرئيس إلى أثينا، التى تأتى فى إطار خصوصية الروابط التاريخية بين مصر واليونان، مشيداً بمتانة العلاقات بين البلدين، والتى تتطور بشكل متنامٍ فى مختلف المجالات، ومؤكداً تطلع اليونان لتحقيق المزيد من الخطوات الملموسة بهدف ترسيخ أطر التعاون الثنائى والصداقة القائمة بين البلدين، فضلاً عن مواصلة تعزيز آلية التعاون الثلاثى مع قبرص، لا سيما فى ظل الدور الذى تقوم به مصر كركيزة للاستقرار فى الشرق الأوسط، فضلاً عن جهودها فى إطار مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
وتطرق اللقاء إلى التباحث حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على كافة الأصعدة، لاسيما الدعم المتبادل داخل مختلف المنظمات الإقليمية والدولية على النحو الذى يعكس قوة ومتانة العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين، بالإضافة إلى التعاون للتغلب على تداعيات جائحة كورونا، فضلاً عن تعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وتطوير التعاون فى قطاعات السياحة والزراعة والاستزراع السمكى، إلى جانب مواصلة التعاون والتنسيق فى مجال الطاقة والغاز الطبيعى، لاسيما فيما يخص منتدى غاز شرق المتوسط.
وتناول اللقاء كذلك عدداً من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها جهود مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، ومستجدات الأزمات القائمة فى المنطقة، خاصةً ما يتعلق بالأزمة الليبية، بالإضافة إلى مساعى إحياء عملية السلام بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى، فضلاً عن تطورات قضية سد النهضة فى ضوء البيان الرئاسى الصادر عن مجلس الأمن الدولى فى هذا الصدد.
هذا عن رئيس الوزراء اليونانى.. فماذا عن الرئيس القبرصى؟
التقى الرئيس مع الرئيس القبرصى، حيث أشاد "السيسى" بالتطور والتقارب المستمر فى العلاقات الثنائية بين مصر وقبرص على مختلف الأصعدة، مؤكداً حرص مصر على مواصلة تفعيل أطر التعاون، سواء على المستوى الثنائى أو من خلال آلية التعاون الثلاثى التى تجمع بين مصر وقبرص واليونان، والتشاور المكثف بينها تجاه مختلف القضايا والتطورات الإقليمية، خاصةً ما يتعلق بسبل مواجهة التحديات فى منطقة شرق المتوسط.
من جانبه، أعرب الرئيس القبرصى عن تقدير بلاده لقوة ومتانة العلاقات بين البلدين، والتى تتطور بشكل مستمر على شتى الأصعدة، مؤكداً التطلع لتحقيق المزيد من الخطوات لترسيخ أطر التعاون الثنائى والصداقة القائمة بين البلدين، فضلاً عن مواصلة تعزيز آلية التعاون الثلاثى مع اليونان.
كما أعرب الرئيس القبرصى عن تقدير بلاده لدعم مصر للقضية القبرصية، وفقاً لمرجعيات وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما يعزز من أمن واستقرار المنطقة، مشيداً كذلك بالدور الذى تقوم به مصر كركيزة للاستقرار فى الشرق الأوسط وشرق المتوسط، فضلاً عن جهودها فى إطار مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
وتناول اللقاء بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين فى عدد من مجالات التعاون، لاسيما فى ظل نتائج الزيارة الأخيرة للرئيس القبرصى للقاهرة فى سبتمبر 2021 والتى شهدت ترفيع الإطار العام للعلاقات الثنائية إلى مستوى اللجنة العليا المشتركة برئاسة رئيسى البلدين، بما يعكس مدى تميز تلك العلاقات ذات الطابع الإستراتيجى، حيث أكد الجانبان أهمية متابعة نتائج اللجنة العليا المشتركة وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلالها، عن طريق آلية للمتابعة والتقييم على مستوى الوزراء والخبراء المعنيين بالتعاون فى القطاعات المختلفة، خاصةً فى مجال الطاقة، والربط الكهربائى، مع التوافق بشأن أهمية إزالة أية عقبات تواجه الإسراع فى خطوات تنفيذ مشروع خط الأنابيب الذى سيربط حقل "افروديت" القبرصى بمحطات الإسالة المصرية تمهيداً للتصدير للأسواق الأوروبية.
وتطرق اللقاء كذلك إلى آخر التطورات على الصعيد الإقليمى وجهود التوصل لتسوية سياسية للأزمات التى تعانى منها بعض دول المنطقة، خاصةً مستجدات الأزمة الليبية وقضية سد النهضة، فضلاً عن بحث تطورات القضية القبرصية، والأوضاع فى منطقة شرق المتوسط.
أعقب ذلك انعقاد القمة الثلاثية التى تناولت أوجه التعاون بين الدول الثلاث فى إطار آلية التعاون الثلاثى، حيث تم التأكيد على نجاحها فى تكريس التشاور الدورى والتنسيق الوثيق حول الملفات الإقليمية والدولية التى تؤثر على كافة شعوب المنطقة، كما عكست كذلك التزاماً متبادلاً بترجمة التوافق السياسى إلى حزمة من المشروعات المثمرة على أرض الواقع فى مختلف القطاعات الاقتصادية والثقافية والأمنية والعسكرية، فضلاً عما شهدته من تعاون مشترك خلال الآونة الأخيرة للتصدى للتحديات والأزمات الطارئة مثل حرائق الغابات، ومواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية لجائحة كورونا.
وثمَّن الرئيس التقدم المحرز فى إطار آلية التعاون الثلاثى مع اليونان وقبرص، مؤكداً أهمية الانطلاق بالآلية إلى آفاق أرحب فى إطار الانفتاح والحرص المتبادل على تعزيز ركائز الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم بأسره، وبما يعكس الاهتمام بتحقيق الاستفادة القصوى من الإمكانات والموارد التى تؤهل الدول الثلاث نحو تلبية تطلعات شعوبها فى المزيد من الرفاهية والرخاء.
كما تناول الزعماء الثلاثة المشروعات القائمة والمقترحة للتعاون فى إطار آلية التعاون الثلاثى فى قطاعات الطاقة، الغاز، الكهرباء، والسياحة والنقل والزراعة وغيرها، مع التأكيد على وجود آفاق واعدة لتعزيز روابط التعاون بين الدول الثلاث فى عدد آخر من القطاعات الحيوية كالبيئة ومواجهة ظاهرة التغير المناخى.
وتطرقت القمة إلى جهود مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب والفكر المتطرف، حيث أكد الزعماء الثلاثة أهمية مواصلة الجهود المبذولة نحو تحقيق المزيد من التعاون والتنسيق فيما بينهم فى هذا الصدد.
كما تم التباحث حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وفى مقدمتها ملف الاستقرار بمنطقة شرق المتوسط، بما يتطلب تحقيقه من ضرورة احترام وحدة وسيادة دول المنطقة وعدم التدخل فى شئونها الداخلية، فضلاً عن مراعاة مقتضيات الأمن البحرى لكل دولة كونه جزءاً من الأمن الإقليمى.
كما تم التأكيد على أهمية التبادل الدورى والمنتظم للرأى والتنسيق الوثيق للمواقف إزاء عدد من القضايا التى ترتبط باستقرار المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والملف الليبى والوضع فى سوريا وسبل دعم لبنان الشقيق.
كذلك تم استعراض التطورات المتعلقة بسد النهضة حيث شدد الرئيس على ما توليه مصر من أولوية قصوى لمسألة الأمن المائى وحقوق مصر فى مياه نهر النيل، باعتبارها قضية مصيرية تستوجب بذل كافة الجهود الممكنة للتوصل لاتفاق قانونى مُلزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، خاصةً فى ظل البيان الرئيسى الأخير الصادر فى هذا الصدد عن مجلس الأمن الدولى.
نحن أمام تحرك هام لتعزيز ما يمكن أن نطلق عليه "تحالف المتوسط" بجهود محمودة من السيد الرئيس تستحق منا كل دعم وإشادة.
تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.