محمود الشويخ يكتب: « هنا أرض السلام » كيف ترسم مصر المستقبل فى منتدى الشباب؟
- ضد الأكاذيب والشائعات.. من تحمل تكلفة الحدث الكبير؟.. ولماذا لم تتكلف موازنة الدولة جنيها واحدا؟
- معا نبنى الوطن.. ماذا فعل الرئيس لحماية الشباب من الجماعات الإرهابية وإعادة الأمل من جديد؟
- رجال الظل.. أسرار تنظيم أقوى نسخة من المنتدى برغم جائحة كورونا والحضور الكثيف .
هل تعرفون كيف تسقط الدول؟
تسقط الدول من داخلها أولا!.. هذه هى حروب الجيل الجديد.. تتصاعد الأزمات المعيشية.. تعجز الأنظمة عن القيام بواجباتها.. يقف المتآمرون ينتظرون اللحظة المناسبة.. ثم يسكبون البنزين على النار التى تحرق كل ما حولها.
ووقود هذه النار هم الشباب.. الذين غالبا ما يعانون البطالة وغياب الأمل.. فينساقون، دون دراية وبنية طيبة، لتنفيذ ما يريده الأعداء.
حدث هذا فى ٢٥ يناير ٢٠١١.
كانت مصر على أبواب الانفجار قبل هذا التاريخ لكن أحدا لم يترك لنزع الفتيل.. فقد كان النظام شائخا فى موقعه مع استفحال الأزمات الداخلية.
استغل من لا يريدون لمصر خيرا هذا الحال ودفعوا البلد دفعا نحو مصير أسود.. لكن الله أنقذنا بعزم الرجال من الجيش المصرى العظيم.
ثم جاء إلى مصر رجل وقائد بمعنى الكلمة يدرك معنى التخطيط الإستراتيجى فكان أول ما التفت إليه الرئيس السيسى هم الشباب.. عماد الدولة ومستقبلها.
بدأت خطة واضحة لصنع الأمل وتمكين الشباب.. بدايتها بالبرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة الذى تولى خريجوه مواقع قيادية مختلفة بعد أشهر من التدريب الشامل وفق أحدث الخبرات العالمية.
وكان لابد من الحوار بين الشباب والقائد.. فانطلقت فكرة المؤتمرات الوطنية للشباب التى عقدت فى القاهرة ومحافظات مختلفة.. وشهدت حديثا مباشرا بين القائد وقادة المستقبل.
شعر الشباب بأنهم جزء من الدولة بالفعل.. وأحسوا أخيرا بأن هناك من يستمع إليهم ويعمل على حل مشكلاتهم.. وتحقق التمكين الحقيقى على الأرض فى مختلف المواقع وأرفع المناصب.
ثم كان الحدث الأكبر فى منتدى شباب العالم الذى أصبح منصة حوار ليس بين شباب مصر فقط بل امتد ليشمل شبابا من مختلف الجنسيات.. يجتمعون معا على أرض شرم الشيخ ليرسموا المستقبل بأيديهم.
وقد انطلق المنتدى عبر ثلاث نسخ فى الأعوام الماضية 2017 و2018 و2019، وجمع شباب العالم من أجل تعزيز الحوار ومناقشة قضايا التنمية، وإرسال رسالة سلام وازدهار من مصر إلى العالم.
أكتب مقالى هذا الأسبوع قبل ساعات من حفل ختام النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم التى لم تسعفنى ظروفى الخاصة لحضورها لكن حرصت على متابعة كل فعالياتها عبر شاشة التليفزيون.
كانت البداية بورش العمل التحضيرية للنسخة الرابعة التى استمرت على مدار يومين وسعت لتسلط الضوء على آثار جائحة كورونا فى إطار مراجعة الأهداف الأممية للتنمية المستدامة 2030، ومستقبل التكنولوجيا المالية والتحول الرقمى ما بعد الجائحة، ومنظور شباب الجيل Z لعالم ما بعد الجائحة.
هذا إلى جانب مناقشة مستقبل القارة الإفريقية فى ضوء أجندة 2063، وتنامى دور التكنولوجيا المالية فى الأسواق الناشئة، فضلا عن تبنى السياسات المائية الرشيدة، ومواجهة التحديات البيئية، وتنامى الدور العالمى للشركات الناشئة وريادة الأعمال.
وناقش الشباب أيضا تعليم ما بعد الجائحة ومسارات التعافى، ودور الشباب فى مواجهة التحديات البيئية والمناخية، مع عقد ورشة عمل لمناقشة التجربة المصرية لتنمية الإنسان "حياة كريمة"، بالإضافة إلى إجراء ورشة عمل لنموذج محاكاة الأمم المتحدة لمجلس حقوق الإنسان "MUNHRC"، حيث طالب 5 آلاف شاب وشابة بالمشاركة فى النموذج أثناء فترة التسجيل للمنتدى، وتم اختيار عدد منهم يمثل الشباب من مصر ومختلف دول العالم.
وعقد نموذج المحاكاة من خلال جلسة خاصة تحت عنوان "تداعيات جائحة كوفيد-19 على إعمال الحق فى الصحة"؛ ما أسهم فى خلق حالة من الحوار البناء، وطرح أفكار ملهمة وتوصيات واقعية تسهم فى خروج العالم من الجائحة بأمان وسلام، مع احترام ومراعاة كافة حقوق الإنسان المكفولة بموجب مواثيق حقوق الإنسان المحلية والدولية.
ويأتى اهتمام المنتدى بتنظيم نموذج محاكاة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى ظل اعتماد منظمة الأمم المتحدة لمنتدى شباب العالم منصة دولية للحوار فى فبراير 2021، وإطلاق تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فى مصر لعام 2021، والذى عكس ما تقوم به الدولة المصرية من جهود تنموية شاملة على كافة الأصعدة التى تتعلق بعملية التنمية البشرية فى مصر، بالإضافة إلى إطلاق الإستراتيجية الوطنية المصرية لحقوق الإنسان فى سبتمبر 2021.
وبجانب هذه الفعاليات المهمة خلال الورش التحضيرية اجتمع رواد الأعمال الشباب والمستثمرون وأصحاب حاضنات الأعمال من الجنسيات المختلفة لتبادل الخبرات والتجارب فى الورشة التحضيرية "WYF LABS".
أعقب ذلك الانطلاق الفعلى للمنتدى بحفل جميل، وتلى ذلك جلسة رئيسية عامة حول جائحة كورونا كإنذار للإنسانية وأمل جديد لها.. ثم عرض مسرح شباب العالم تحت شعار "الفنون والثقافة جزء من التنمية وحق من حقوق الإنسان" بمشاركة فنان أو أكثر من أبناء قرى المبادرة الرئاسية لتنمية الريف المصرى "حياة كريمة".
وبلا شك أن مسرح المنتدى يعد موطنًا للشباب الموهوبين حول العالم ليأتوا ويعرضوا مواهبهم، حيث يضم مجموعة متنوعة من العروض الموسيقية والمسرحيات والعروض الكوميدية الاحتياطية والمحادثات الملهمة وغير ذلك الكثير.
وعلى مدار يومى الثلاثاء والأربعاء عقدت عدة جلسات وورش عمل وفعاليات ناقشت عددا من القضايا الرئيسية شملت سبل مواجهة التغيرات المناخية من جلاسكو إلى شرم الشيخ خاصة أن مصر سوف تستقبل قمة المناخ "COP 27"، ومستقبل الرعاية الصحية والتداعيات السلوكية والنفسية فى عالم ما بعد الجائحة مع عرض بعض النماذج المختلفة حول العالم سواء الناجحة أو التى بحاجة للتطوير لمواجهة أية أزمات أخرى وليست كورونا فقط.
أجندة المنتدى تضمنت أيضا استعراض التجارب التنموية فى مواجهة الفقر، حيث تم مناقشة المبادرات التنموية حول العالم والتى تتضمن مبادرة "حياة كريمة" كمثال مصرى ناجح لمبادرة تنموية تحقق أهداف التنمية المستدامة وحصلت على العديد من الإشادات العالمية بجانب عرض أمثلة أخرى من دول العالم.
وقد طرحت أجندة المنتدى قضايا متنوعة أخرى تضمنت جلسات نقاشية حول مستقبل الطاقة، واستدامة الأمن المائى، والسلم والأمن العالمى، وإعادة إعمار مناطق ما بعد الصراع.
وكما لاحظت فقد ركز المنتدى على إعلاء القيم الإنسانية من خلال مناقشة صناعة الفن والإبداع، وبناء عالم آمن وشامل للمرأة، وذلك ضمن عدة محاور رئيسية كقضايا (السلام - الإبداع - التنمية).
وشملت فعاليات المنتدى منطقة ريادة الأعمال Startup Vein التى تتميز بأنها ساحة لرواد الأعمال تسمح بمشاركة الخبرات والتحديات والنجاحات، وتتيح الفرصة للتواصل مع المشاركين بالمنتدى، وقد ركزت هذا العام على دور الشركات الناشئة والصناعات الصغيرة والمتوسطة لمواجهة التداعيات الاقتصادية الناتجة عن أزمة وباء (كوفيد 19) والقدرة على تحويل هذا التحدى لفرص استثمارية ناجحة.
هذا إلى جانب منصة لرواد الأعمال الشباب WYF Labs، التى تم تأسيسها من خلال توصية بمنتدى شباب العالم 2018؛ بهدف جمع العقول الشابة ورجال الأعمال الشباب من جميع أنحاء العالم لتعزيز ريادة الأعمال.
وتقدم المنصة فرصًا لرواد الأعمال للتواصل مع الشباب والتعرف على المستثمرين والحاضنات، من خلال عدد من ورش العمل والحوارات والتوجيه، حيث ستوفر فرصة لرواد الأعمال الشباب لإطلاق العنان لإمكاناتهم.
كما تتضمن الأجندة ساحة الابتكار والإبداع freedom التى تجمع الناس والشعوب معا من خلال لغة واحدة مشتركة هى التكنولوجيا، وتقدم عددا من التطبيقات والحلول للموضوعات التى تتم مناقشتها خلال المنتدى.
ولا يفوتنى أن أشير إلى منصة Inspired التى تؤكد أن كل شخص لديه قصة تستحق أن تروى، قصص الإنجاز والأمل والأحلام والبقاء وحتى الفشل، وبدأت لأول مرة خلال منتدى شباب العالم عام 2019 فى استقبال رواة القصص البارزين على خشبة المسرح لفتح عقولهم واستيعاب قصصهم وإلهامها ومشاركتها.
وقدمت المنصة للمشاركين فى نسختها الثانية عددا من قصص النجاح والتحدى لنماذج مختارة من الشباب الملهم والمؤثر فى مختلف المجالات. وأود هنا أيضا أن أشيد بإطلاق إدارة المنتدى نسخة جديدة ومطورة من التطبيق الخاص بالمنتدى بعنوان World Youth Forum على Apple Store وGoogle Play؛ ليكون بمثابة حلقة وصل بين جميع المشاركين والمهتمين بالمنتدى من كل أنحاء العالم.
فهذا التطبيق يتيح متابعة كل الأخبار الحصرية عن فعاليات المنتدى، كما يتيح الأجندة الخاصة بالمنتدى، وتفاصيل الفعاليات والمتحدثين، بجانب خاصية تفاعل المستخدمين مع المنتدى من جميع أنحاء العالم من خلال استقبال الأسئلة الخاصة بهم، كما يرسل التطبيق بعض الإشعارات بمواعيد عقد الجلسات وتنبيهات قبل بدء الدورات والورش.
كما تتيح النسخة المطورة من التطبيق للمشاركين فى المنتدى إنشاء جدول زمنى يساعد فى متابعة فعاليات الحدث وتقديم خطة لتنظيم جدول المشاركة فى كل يوم من أيام المنتدى، ويسمح أيضا بالمشاركة بالتعليقات وطرح الأسئلة أثناء حضور الجلسات.
وقبل الختام لابد من الإشارة إلى أن موازنة الدولة لن تتحمل أى أعباء فى تنظيم المنتدى، حيث شملت قائمة الرعاة الرسميين للمنتدى نخبة كبيرة من المؤسسات المصرية والعالمية المتنوعة بين المنظمات الدولية والشركات الاستثمارية والبنوك والوزارات والجامعات، ويتكفل الرعاة بتغطية ميزانية جميع أحداث وفعاليات المنتدى بالكامل حرصًا من إدارة المنتدى على عدم المساس بالموازنة العامة للدولة المصرية، حيث تأتى كافة مصروفات المنتدى من خارج الموازنة العامة ولا تحملها أية أعباء. من أجل هذا كله نال المنتدى العديد من الإشادات الدولية بالإسهامات التى قدمها بمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بالدورة الحادية والأربعين، بالإضافة لاعتماد المنتدى بنسخه الثلاث كمنصة دولية للحوار بين شباب العالم بالأمم المتحدة والاتحاد من أجل المتوسط، وكذلك اعتماده كمنصة دولية للحوار وتمكين الشباب فى المجلس الاقتصادى والاجتماعى للأمم المتحدة فى الدورة التاسعة والخمسين. إننى أحيى بحق كل القائمين على هذا الحدث الكبير.. ودائما وأبدا.. تحيا مصر بشبابها.