الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة يكتب ويغوص فى العلاقات الإنسانية: "الرضا".. مفتاح السعادة

الشورى

◄"القناعة" تصنع المعجزات.. و"الإخلاص" يعيد الروح للعلاقات الاجتماعية

◄"الطمع" سلوك سيئ وسر شقاء الإنسان وتعاسته.. و"الجشع" يسرق الطمأنينة من القلب

◄رضا النفس يحقق راحة البال والسلام الداخلى ويجلب السعادة الأبدية

◄أصحاب القلوب البيضاء هم أكثر البشر عرضة للخداع لكنهم قادرون على الصمود بمشاعرهم النبيلة

◄الرضا هو "باب الله" الأعظم وجنة الدنيا وبستان العارفين

لم أشعر فى يوم من الأيام بأى صعوبة وأنا أمارس هوايتى المفضلة وهى الكتابة والنشر، إلا أن الأمر يختلف تمام الاختلاف حينما تكون هذه الكتابة تقترب بشكل أو بآخر من العلاقات الإنسانية، فالكتابة فى "الإنسانيات" فى تقديرى الشخصى أشبه بالإمساك بوردة بلدى تفوح منها رائحة جميلة تسلب العقول والقلوب وتؤجج المشاعر ولكنها فى نفس الوقت تدمى الأيدى التى تمسك بها فتسيل الدماء من حدة الأشواك التى تحيط بتلك الورود رائعة المنظر وفاتنة الروائح.

وعلى الرغم من علمى التام بأننى حينما أكتب عن العواطف والمشاعر الإنسانية لن أسلم من تلك الجروح الغائرة التى سيتعرض لها القلب وأنا أتذكر تلك المواقف التى تتسم بالغدر والخسة التى لا يمكن بأى حال من الأحوال إلا نكون قد مررنا بها فى حياتنا فمهما كانت مواقفنا نبيلة تجاه البعض ومهما ساعدنا الآخرين بكل ما أوتينا من قوة وعن طيب خاطر ، فإن النفس البشرية تفعل فعلتها الدنيئة وتترك فى النفوس ما يجرحنا ويتسبب فى إيذائنا إنسانياً وهذا بالطبع ليس غريباً على النفس البشرية التى أعيت الأنبياء وأرهقت الفلاسفة وأجهدت المفكرين على مر العصور والأزمنة فالنفس البشرية تجنح دائماً لفعل كل ما هو غير متوقع فتكون النتيجة تصرفات غير سوية وبالتالى يترتب عليها ذكريات مؤلمة تظل عالقة فى وجداننا وأفئدتنا .

لذا فإنه بعيداً عن كل هذا وذلك يظل "الرضا" هو سر احتفاظنا بالثبات الانفعالى بل هو المفتاح "الماستر" الذى يمكننا من خلاله فتح كافة الأبواب التى تمنحنا القدرة على دخول عالم السعادة. نعم الرضا فى تقديرى هو سبيلنا الوحيد لتحقيق كل ما هو جميل فى حياتنا بل هو كل حياتنا الجميلة والراقية بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، ولكن للأسف الشديد نجد على الجانب الآخر من حياتنا تلك التلال الممتلئة بكافة أشكال الجحود ونكران الجميل وهو أمر يمكن أن يمر دون أن يترك بداخلنا آية آثار سلبية ولكنه وللأسف الشديد يبعث فى نفوسنا الشعور بالحزن والألم خاصة حينما يكون الحجود ونكران الجميل صادرا عن أشخاص لم نتوقع منهم هذا الأمر.

الأمر الذى يدفعنى لأن أتساءل : ما الذى أفسد حياتنا على هذا النحو المثير للشجن؟ هل الدنيا هى التى تغيرت والزمن تبدل ، أم أن العيب فى أننا لم نعد نترك المساحة الكافية لأن ينمو بداخلنا الحب الحقيقى وأن تتنفس المشاعر النبيلة وتأخذ ما تستحقه من مكانة مرموقة بيننا فى تعاملاتنا اليومية ، فالمشاعر النبيلة فى حقيقة الأمر هى التى تهيئ لنا المناخ الصحى لأن تسود بيننا مشاعر الحب وهى التى تمنحنا أيضاً القدرة على الصمود والتحدى فى مواجهة كل هذا العبث الذى تكتظ به مواقع السوشيال ميديا ، تلك المواقع سيئة السمعة التى تحجرت بسببها العلاقات الإنسانية ليس هذا فحسب بل تحولت إلى عبء نفسى على أصحاب القلوب البيضاء وأهل الضمائر النقية.

وهو ما يدفعنى لأن أكون على قناعة تامة بأن أصحاب القلوب البيضاء هم الأقدر دائماً على صنع المعجزات فى مواجهة كافة أشكال الحقد والغل والكراهية ، فمن يعرف الحب لا يعرف أساليب اللف والدوران ومن يتذوق الجمال لن يدع أية ثغرة لأصحاب المصالح ليدخلوا منها فى حياتنا فيفسدوها .

أعتقد أن المسألة ليست صعبة ولن تكون أبداً مستحيلة، المسألة فى غاية البساطة وهى أن نجعل "الرضا" دستورنا فى الحياة، ونترك أبواب قلوبنا مفتوحة لكل ما هو جميل وبالتالى لن يكون بيننا مكان لأية مشاعر ضد طبيعة الأشياء ، فالله سبحانه وتعالى خلق كل شيء جميلا وهيأنا لأن نحيا حياة يسودها الحب وتحيطها المشاعر الإنسانية النبيلة. 

قد يبدو الأمر صعباً وسط هذا الكم الهائل من المعاناة ووسط زحمة ولكن لو نظرنا للمسألة من منظور قوة الإرادة سنجد أننا أمام حقيقة مؤكدة هى أننا حينما نفكر فى شيء بصدق شديد فإننا نستدعيه بسهولة وهو ما ينطبق على المشاعر النبيلة فإننا يمكننا بسهولة شديدة استدعاءها والتفكير فيها بجدية ففى هذه الحالة ستكون النتيجة مبهرة لأننا سنجد الحب يملأ حياتنا وسنجد المشاعر النبيلة والصادقة تحيطنا من كل جانب .

وعلى الرغم من كل ما يعيشه «الحب» الآن من هزات عنيفة واعتداءات وحشية يتعرض لها من حين لآخر  على يد أصحاب القلوب السوداء وأرباب الضمائر الميتة مع سبق الإصرار والترصد ، فقد تحول الحب الآن وللأسف الشديد إلى مجرد اسم أجوف ومجرد كلمات بلا معنى وبلا قيمة بل إنه تحول أيضاً وفى غفلة من الزمن إلى نوع غريب من العلاقات الإنسانية التى لم يكن لها مكان بيننا من قبل، وعلى وجه الخصوص وقت أن كان للحب النظيف والراقى كلمته الأولى والأخيرة فى حياتنا .. وقتها كان الحب وبكل صدق هو المحرك الرئيسى لحياتنا بالكامل فقد كانت النوايا حسنة والأهداف بسيطة ومشروعة وعادلة وهى أن ننعم بحياة هادئة مع من نحب ومع من يسكن القلب ومع من يعيش داخل الوجدان.

تم نسخ الرابط