الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب: «النداء الأخير» كيف ينهي الرئيس الحرب الروسية الأوكرانية من « مدينة السلام »؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشفية

ماذا قال السيسى فى "الكلمة التاريخية" بمؤتمر المناخ؟.. وسر رسالته الخاصة لبوتين وزيلينسكى.

لماذا حذر وقال "العالم فى خطر والوقت يداهمنا"؟.. وكواليس صدمة الجماعة الإرهابية من النجاح غير المسبوق للقمة .

تفاصيل ما جرى فى "لقاء المصارحة" مع رئيس وزراء بريطانيا ريشى سوناك.. وما لم تقرأه عما يجرى فى "مدينة السلام".

المشهد يبعث على الفخر والسعادة بلا شك.. فى شرم الشيخ "مدينة السلام" تنعقد قمة العالم.. نعم "قمة العالم".. فهذا أكبر تجمع دولى من نوعه - ربما فى التاريخ - لبحث قضية تهدد مصيرنا ومصير الكوكب الذى نعيش عليه ألا وهى قضية المناخ.

أكثر من ١٠٠ قائد ورئيس حكومة ضيوف على الرئيس عبدالفتاح السيسى فى شرم الشيخ.. وما يزيد على ٦٢ ألف مشارك جاءوا إلى مصر من أجل حضور فعاليات مؤتمر المناخ "كوب ٢٧".

إنه إعلان جديد عن نجاح هذه الدولة.. وتأكيد على فشل أعدائها الذين أنفقوا الملايين من أجل إفشال هذا الحدث.. لكن كل ما خططوا له ذهب أدراج الرياح.. بعون ورعاية الله أولا وقبل كل شيء ورؤية قائد يعرف ما يفعله وقوة أجهزة ومؤسسات ورجال مخلصين.

قالوا إن هذا سيقاطع وذلك لن يحضر.. وكانت كلها أكاذيب.. فالجميع هنا فى شرم الشيخ فى مهمة إنقاذ العالم تحت الرئاسة المصرية.

ولقد جاءت كلمة الرئيس السيسى فى افتتاح الشق الرئاسى لمؤتمر المناخ على قدر الحدث ولن نجامل إذا قلنا إنها كلمة تاريخية بحق.. فقد حملت رسائل غاية فى الأهمية والوضوح والصراحة.. فها هو يخاطب الحضور من القادة والزعماء مؤكدا لهم أن "أنظار وعقول الملايين حول العالم تتابع وقائع مؤتمرنا وما سيسفر عنه من نتائج تساهم فى تحول مصائر ملايين البشر نحو الأفضل وفى خلق بيئة نظيفة ومستدامة ومناخ أكثر استجابة لمتطلبات الشعوب وظروف مواتية للحياة والعمل والنمو، دون إضرار بموارد عالمنا التى يتعين العمل على تنميتها واستثمارها وجعلها أكثر استدامة".

أما لماذا يتابع الملايين المؤتمر وتتجه أنظارهم صوب شرم الشيخ؟

فالإجابة - كما جاءت على لسان الرئيس - لأن "الملايين - من نساء ورجال وشباب وأطفال، مزارعين وعمال وأصحاب أعمال، بشر من سائر أنحاء كوكبنا - يشتركون فى مصير واحد وهدف واحد، منهم من يتواجدون معنا هنا ... ومنهم من هم خارج هذه القاعات وأمام الشاشات .. يطرحون علينا أسئلة صعبة ولكنها ضرورية ... أسئلة يتعين علينا أن نسألها لأنفسنا قبل أن توجه إلينا: هل نحن اليوم أقرب إلى تحقيق أهدافنا من عام مضى؟ هل استطعنا خلال عام منصرم أن نتحمل مسئولياتنا كقادة للعالم فى التعامل مع أخطر قضايا القرن وأشدها تأثيراً؟ .. والسؤال الأهم الذى يتعين أن نوجهه لأنفسنا: هل ما نطمح إلى تحقيقه من أهداف يقع فى نطاق الممكن؟ بلا شك .. إنه ليس مستحيلاً .. ولكن إذا توافرت الإرادة الحقيقية والنية الصادقة لتعزيز العمل المناخى المشترك.. وترجمة ما يصدر عن اجتماعاتنا من نتائج إلى واقع ملموس".

ثم إن الرئيس السيسى قد واجه الجميع بالواقع المأساوى الذى يعيشه العالم حين قال "ما تلبث أن تنتهى كارثة فى مكان ما حتى تبدأ أخرى فى مكان آخر ... مخلفة وراءها آلاف الضحايا والمصابين والنازحين.. ومسببة خسائر مادية بالمليارات ... وكأن العالم قد أصبح مسرحاً لعرض مستمر للمعاناة الإنسانية فى أقسى صورها. وهنا علينا أن نتوقف لنطرح نحن على أنفسنا تساؤلاً ملحاً: أما آن لهذه المعاناة أن تنتهى؟".

وقد وضع الرئيس روشتة الإنقاذ بقوله: "إن ما يحتاجه عالمنا اليوم لتجاوز أزمة المناخ الراهنة، وللوصول إلى ما توافقنا عليه كأهداف فى اتفاق باريس، يتجاوز مجرد الشعارات والكلمات ... إن ما تنتظره منا شعوبنا اليوم هو التنفيذ السريع والفعال والعادل.. تتوقع منا شعوبنا خطوات حقيقية وملموسة نحو خفض الانبعاثات وبناء القدرة على التكيف مع تبعات تغير المناخ، وتوفير التمويل اللازم للدول النامية التى تعانى أكثر من غيرها من أزمة المناخ الراهنة".

ومن هذا المنطلق؛ فلقد حرصت مصر على تسمية هذه القمة "قمة التنفيذ"، وهو الهدف الذى يجب أن تتمحور حوله كافة جهودنا ومساعينا.. كما يقول الرئيس.

ولأن هذا وقت المصارحة قبل الكارثة فقد تحدث الرئيس فى خطابه بالقول "إذا كنا نرغب حقيقة فى السير معاً نحو مستقبل نضمن فيه أن تبقى درجات الحرارة عند مستوى ما دون الدرجتين مئوية... وإذا كنا بالفعل عازمين على صنع مستقبل للجميع وبالجميع... فإن واجبى يحتم على أن أصارحكم ببعض الشواغل التى لابد ألا نغفلها أو نتناسى وجودها ... وهى أن قدرتنا كمجتمع دولى على المضى قدماً بشكل موحد ومتسق نحو تنفيذ التزاماتنا وتعهداتنا وفقاً لاتفاق باريس إنما هى رهن بمقدار الثقة التى نتمكن من بنائها فيما بيننا... ومن ثم فإنه من الضرورى أن تشعر كافة الأطراف من الدول النامية، خاصةً فى قارتنا الإفريقية، أن أولوياتها يتم التجاوب معها وأخذها فى الاعتبار ... وأنها تتحمل مسئولياتها بقدر إمكانياتها وبقدر ما تحصل عليه من دعم وتمويل مناسب وفقاً لمبدأ المسئولية المشتركة متباينة الأعباء ... بما يتيح لها درجة من الرضا والارتياح إزاء موقعها فى هذا الجهد العالمى لمواجهة تغير المناخ ... وإن ذلك لن يتأتى سوى من خلال تهيئة مناخ من الثقة المتبادلة يكون محفزاً وداعماً لمزيد من العمل البناء ... ولن يتأتى أيضاً بدون قيام الدول المتقدمة بخطوات جادة إضافية للوفاء بالتعهدات التى أخذتها على نفسها فى تمويل المناخ ودعم جهود التكيف والتعامل مع قضية الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ فى الدول النامية والأقل نمواً على نحو يضمن صياغة مسارات عملية لتحقيق الانتقال المتوازن نحو الاقتصاد الأخضر ... ويراعى الظروف والأوضاع الخاصة لهذه الدول".

وبعد أن أنهى الرئيس كلمته التاريخية وجه نداء تاريخيا للعالم كله من أجل وقف الحرب الروسية- الأوكرانية بشكل فورى وسريع حيث قال: "إننى أوجه نداء معكم وبكم من أجل أن تتوقف هذه الحرب، نحن كدول اقتصادها ليس قويا عانت كثيرا من تبعات أزمة (كورونا) لمدة سنتين وتحملنا تبعاتها.. والآن نعانى من هذه الحرب".

وقد لاقى هذا النداء ترحيبا من جميع الأطراف.. فهو نداء من رجل سلام لأجل الوصول إلى سلام ينهى القتل والدمار والتخريب.

وكان المشهد اللافت الآخر فى قمة المناخ تلك اللقاءات الثنائية التى عقدها الرئيس على هامش الفعاليات.. وكان اللقاء الأهم بالطبع مع رئيس الوزراء البريطانى الجديد ريشى سوناك.. حيث رحب الرئيس بزيارة رئيس الوزراء البريطانى إلى مصر، وذلك فى أول زيارة خارجية له، مؤكداً تطلع مصر لتعظيم التعاون الثنائى خلال الفترة المقبلة وتعزيز التنسيق السياسى وتبادل الرؤى بشأن مختلف الملفات ذات الاهتمام المشترك. 

أما رئيس الوزراء البريطانى فقد أعرب عن تقديره للتنظيم الناجح والمتميز للقمة العالمية للمناخ من قبل مصر، مثمناً الروابط الوثيقة بين مصر وبريطانيا، والزخم غير المسبوق الذى شهدته العلاقات بين البلدين على مدار السنوات الماضية، لاسيما على صعيد العلاقات الاقتصادية والتجارية، ومؤكداً أن مصر تعد أحد أهم شركاء بريطانيا بالشرق الأوسط فى ظل ما تمثله من ركيزة أساسية للاستقرار والأمن بالمنطقة.

وقد تطرق اللقاء إلى مناقشة الجهود المشتركة للبلدين لدعم وتعزيز عمل المناخ على المستويين الإقليمى والدولى، فضلاً عن سبل وآفاق تدعيم أطر التعاون الثنائى بين البلدين على شتى الأصعدة واستغلال الإمكانات المتاحة لدى الجانبين فى هذا الصدد، حيث تم التوافق على استمرار وتكثيف الحوار المتبادل والبناء بين البلدين الصديقين خلال الفترة المقبلة.

واللقاء الآخر ذو الأهمية الخاصة فكان مع السيدة جورجيا ميلونى، رئيسة وزراء إيطاليا، حيث أعرب الرئيس عن تقديره للعلاقات الثنائية الممتدة بين البلدين، وتطلعه لأن تمثل زيارة ميلونى إلى مصر قوة دفع جديدة لتطوير تلك العلاقات التى تستند إلى روابط تاريخية عميقة ذات أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية وثقافية.

ومن جانبها؛ أكدت رئيسة الوزراء الإيطالية حرص بلادها المتبادل على توثيق أواصر التعاون الثنائى مع مصر، بما يفتح الآفاق للبناء ويحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الصديقين، ومؤكدةً ما تمثله مصر بالنسبة لإيطاليا والقارة الأوروبية جمعاء كدعامة محورية للأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط وحوض المتوسط.

وقد تمت مناقشة سبل تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين، إلى جانب التعاون الصناعى المشترك مع إيطاليا، كما تم بحث التعاون المشترك أيضاً فى ملف أمن الطاقة، والذى يعتبر من أهم مسارات الشراكة بين الجانبين خلال السنوات الماضية، خاصة من خلال الشراكة مع شركة "إينى" فى مجال الغاز الطبيعى، مع إمكانية النظر فى تنفيذ الربط الكهربائى مع إيطاليا، وذلك للاستفادة من الإمكانات الغنية والمتنوعة فى مصر للمساهمة فى معالجة التحدى القائم فى أوروبا ومعظم دول العالم للتعامل مع أزمة الطاقة.

هذا إلى جانب تبادل الرؤى بشأن تنسيق الجهود بين إيطاليا ومصر كشريك رائد للاتحاد الأوروبى فى مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث أشادت رئيسة الوزراء الإيطالية بالجهود التى تقوم بها مصر فى هذا الإطار، والتى ساهمت فى منع خروج أى قارب للهجرة غير الشرعية من السواحل المصرية منذ ٢٠١٦، فى حين أكد الرئيس استعداد مصر للتعاون مع الأجهزة الإيطالية المعنية فى هذا الصدد، من منطلق التزام مصر الكامل بمكافحة هذه الظاهرة. 

اللقاء تطرق كذلك إلى استعراض آخر تطورات القضايا المتعلقة بأمن البحر المتوسط، لاسيما الملف الليبى، حيث تم التوافق بين الجانبين على ضرورة العمل لصون وحدة وسيادة ليبيا الشقيقة، والدفع نحو عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بالإضافة إلى الحفاظ على المؤسسات الليبية الوطنية، وتعزيز دور الجهات الأمنية فى مكافحة الإرهاب.. مع النظر فى قضية الطالب الإيطالى "ريجينى"، والتعاون من أجل الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة.

ولا أملك أن أقول أمام هذه المشاهد سوى "تحيا مصر".

 

 

تم نسخ الرابط