محمود الشويخ يكتب:«لا خوف على وطن أنت قائده».. كيف ينتصر السيسي على كل التحديات بسلاح الحكمة؟
- لماذا اجتمع الرئيس مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة؟.. وماذا قال له قادة الجيش؟.. وما خطط العمل القادمة؟
- "حكمة القوة".. كيف تتحرك مؤسسات الدولة المصرية لحماية أولادنا الأبطال؟.. وما مصير ميليشيا الدعم السريع؟
الأعصاب ملتهبة بالتأكيد.. كما الوضع عند حدودنا الجنوبية.. بعد ما جرى في الأيام الأخيرة من تطورات في السودان في أعقاب بدء الحرب - المؤجلة - بين قوات الجيش من جانب وقوات الدعم السريع من جانب ثان.. وأقول مؤجلة لأنني كنت أتوقعها منذ مدة وأدعو الله أن تخيب توقعاني.. لكن للأسف حدث ما حدث!
وبغض النظر عن أهمية الملف.. من باب الأخوة.. ومن باب الأمن القومي.. ومن أبواب كثيرة.. فإن الوضع بات أكثر أهمية بعد احتجاز عدد من جنودنا كانوا موجودين في السودان للمشاركة في تدريب مشترك.. وقامت قوات الدعم السريع باحتجازهم بعد سيطرتها على قاعدة ومطار مروي حيث كان يتواجد أبناؤنا من رجال القوات المسلحة المصرية. وقد مرت ٧٢ ساعة - حتى كتابة هذه السطور - وجنودنا لا يزالون في السودان.
والحق أن مؤسساتنا السيادية بذلت جهودا ضخمة وأجرت اتصالات مكثفة منذ وقوع الحادث للتأكيد على أمن وسلامة القوة المصرية.. وإنني أثق بإذن الله في عودتهم سالمين.. إن لم يكونوا قد عادوا والجريدة بين يديك عزيزي القارئ.
ولم تتأخر استجابة الرئيس عبدالفتاح السيسي كعادته دائما.. فبجانب متابعته لحظة بلحظة للحدث واطمئنانه المستمر على أبنائه في السودان.. فقد ترأس، هذا الأسبوع، اجتماعًا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، حيث أكد أن موقف مصر ثابت بشأن عدم التدخل في شؤون الدول.. مشددا على أن القوات المصرية الموجودة في السودان هدفها التدريب فقط، وليس لدعم طرف على حساب آخر.
وكان هذا الاجتماع مناسبة للتأكيد على ثوابت الموقف المصري.. فقد أكد الرئيس أن ما يجرى في السودان شأن داخلي، محذرا من عواقب التدخل في الشأن الداخلي للسودان، قائلًا: «ما يحدث حاليًا في السودان هو شأن داخلي لا ينبغي أبدًا التدخل فيه، حتى لا يحدث تأجيج للوضع الراهن هناك»، مضيفا: «مصر حريصة دائمًا من خلال سياساتها الخارجية، على أن يكون موقفها متوازنا ومعتدلا مع قضايا المنطقة بأكملها».
الرئيس شدد أيضا على أن مصر لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول، لأن كل دولة لها خصوصيتها في إدارة سياستها وأوضاعها الداخلية، مؤكدًا ضرورة التعاون بين الدول في إطار التنمية والبناء، بعيدًا عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول.. ومشيرا إلى استعداد مصر لأداء دور الوساطة لاستعادة الهدوء بين الأطراف السودانية، لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.
في هذا السياق تحدث عن إجراء اتصالات مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، لاستعادة الهدوء والجلوس إلى مائدة الحوار مع الأشقاء في دولة السودان، سواء مع الجيش السوداني أو مع قوات الدعم السريع.
وأضاف أن الاتصالات لا تنتهي مع الأطراف السودانية، سواء مع الجيش السوداني أو مع قوات الدعم السريع، لحقن الدماء ووقف إطلاق النار واستعادة الاستقرار، لافتا إلى إجراء اتصالات مكثفة لحماية سلامة وأمن القوات المصرية في السودان.
ثم دعا الرئيس الأطراف السودانية إلى التفاوض والجلوس إلى مائدة الحوار، لحل الوضع الراهن في البلاد، مستشهدًا ببعض الدول التي تعاني حاليًا من عدم الاستقرار وغياب الأمن، نتيجة رفضها الحوار ولجوئها إلى استخدام السلاح والعنف.
وقد سبق هذا الاجتماع نداء وجهه الرئيس لوقف إطلاق النار في السودان.. فقد تلقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، مطلع الأسبوع، اتصالاً هاتفياً من الرئيس "سلفا كير"، رئيس جمهورية جنوب السودان. وصرح المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الاتصال تناول التباحث حول مستجدات الأوضاع الأخيرة في السودان، في ضوء الروابط التاريخية والعلاقات الأخوية المتميزة بين الدول الثلاث، ودور مصر وجنوب السودان في دعم استقرار وسلامة السودان. وفي ذلك السياق، أكد الرئيسان خطورة الأوضاع الحالية والاشتباكات العسكرية الجارية، مؤكدين كامل الدعم للشعب السوداني الشقيق في تطلعاته نحو تحقيق الأمن والاستقرار والسلام.
ووجه الرئيسان نداءً للوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، مناشدين الأطراف كافة بالتهدئة، وتغليب صوت الحكمة والحوار السلمي، وإعلاء المصلحة العليا للشعب السوداني. كما أعرب الرئيسان عن استعداد مصر وجنوب السودان للقيام بالوساطة بين الأطراف السودانية، حيث إن تصاعد العنف لن يؤدي سوى إلى مزيد من تدهور الوضع، بما قد يخرج به عن السيطرة، مؤكدين أن ترسيخ الأمن والاستقرار، هو الركيزة الضامنة لاستكمال المسار الانتقالي السياسي، وتحقيق البناء والتنمية في السودان.
ويحق لك بعد كل هذا الاستعراض أن تسألني عن الرؤية المصرية.. وهنا أضع أمامك تقدير موقف وضعه أحد صقور مصر المخلصين:
١. يجمعنا بالسودان رباط أبدي، دولة وشعباً .. ذلك خبر التاريخ، وحكم الجغرافيا.
٢. جيش مصر هو قلبها وشرفها، حارس المجد والمقدرات.. تلك مُسلمة لا جدال فيها .
٣. الإقليم ملتهب ويشهد أحداثا متلاحقة شديدة الديناميكية، والعالم ليس ببعيد عن صياغة قواعد جديدة .. هذه حقيقة لا يُنكرها واع أو قارئ متدبر.
٤. الدولة المصرية تُدير ملفاتها بالحكمة، وتُدير معاركها بالشرف، وتفرض رؤيتها بالعدل والإنصاف دون انحياز لطرف، أو الجور على حق آخر.
٥. تمتلك مصر من القدرات التي تحفظ حقوقها وأمنها القومي لأبعد نقطة، ولكن قيادتها السياسية تُدير تلك القدرات بمبدأ "حكمة القوة .. وقوة الحكمة" ، وليس معاركها السابقة عنا ببعيد .
٦. مخطئ من يعتقد أن مصر رقم في أي صراع داخلي في أي دولة من دول الإقليم، وإنما سعيها الدائم للسلام والاستقرار.
٧. القوات المصرية المتواجدة في السودان الشقيق، مهمتها تدريبية، وهو إقرار لواقع يحول بينها وبين القدرة على "الاشتباك تكتيكياً"، وقد سلكت هذه القوات مسلكاً احترافياً مع الوضع التكتيكي المُعقد الذي واجهته.. ويُعد ذلك دليل احترافية وكفاءة قتالية عالية.
٨. الانفتاح المصري على كافة الأطراف في السودان الغالي على قلوبنا، فرض عين تفرضه روابط التاريخ بين أمتي وادي النيل، وحتمي سعي مصر لاحتواء الفرقاء من أجل العودة للمسار السياسي المتوافق عليه، والذي يُحقق آمال الأشقاء في وطن يليق بهم وبتضحياتهم .
٩. الأمنيات المُخلصة للسودان الغالي بالاستقرار، والفخر بمصر وجيشها .. والأفواه تردد مع القلوب "عاشت مصر حرة والسودان .. دامت أرض وادي النيل أمان". سلاماً على جيش مصر .. سيفها ودرعها.
ماسبق هو الموجز المكتوب عن خبر الوضع في الجنوب .. بلا إفراط في الحنجورية، ودون التفريط في الحقيقة والثوابت .. وذلك الموضوع بموضوعية، والمكتوب بمنطقية. ودائما وأبدا.. تحيا مصر.
عاشت مصر.. وعاش السودان.
وفي الختام؛ كل عام وكل القراء الأحباء بخير.. وعيد سعيد علينا جميعا بإذن الله.