◄"فوربس" الأمريكية تشيد بالإنجاز المصرى وتعتبره قصة ملهمة للدول
◄مبادرة "١٠٠ مليون صحة" تحقق قفزة نوعية فى الرعاية الصحية لجميع فئات المجتمع
◄إنشاء لجنة متخصصة لدعم مبادرات الصحة العامة الوطنية.. وتحديث الإستراتيجيات الصحية الوطنية
◄تدريب واسع النطاق للأطقم الطبية.. وتطوير إجراءات تشغيل موحدة للفحص والعلاج
◄منظمة الصحة العالمية تشيد بالتجربة المصرية فى القضاء على فيروس "سى"
◄توصيات دولية بنقل التجربة المصرية إلى دول أخرى مثل جنوب السودان والصومال وتشاد وأوغندا
رصدت مجلة فوربس الأمريكية قصة نجاح مصر فى القضاء على فيروس سى فى أقل من عام، وقالت المجلة فى تقرير - ضمن سلسلة من التقارير عن جهود القضاء على الفيروس - إن البنك الدولى ومنظمة الصحة العالمية أعلنا قضاء مصر تماما على فيروس الالتهاب الكبدى الوبائى "سى"، متساءلة عن الكيفية التى تم بها إنجاز هذا الأمر، ولماذا لم يتم فى الولايات المتحدة أو أى دولة أخرى بصرف النظر عن الدخل؟
والأمر الذى يدعو للشعور بالفخر أن المجلة ذكرت أيضاً أن تحليلها البرنامج المصرى يشير إلى ثلاثة عوائق أساسية أمام القضاء على فيروس سى، أهمها على الإطلاق الإرادة السياسية، ثم تنظيم أنظمة الصحة العامة لتطبيق البرنامج، وأخيرا تكلفة التحاليل التشخيصية والعلاج ، وسردت فوربس بعض تفاصيل حملة 100 مليون صحة، التى استطاعت بقرض متواضع من البنك الدولى أن تقضى على فيروس سى.
وتناول التقرير أسباب تفشى الإصابة بفيروس سى فى مصر بالأساس، وقال إن الإصابات حدثت لكثيرين وهم أطفال خلال برنامج تطعيم ضد البلهارسيا، حيث تم تلقيح الأطفال بإبر ملوثة، وبعد ما يقرب من 30 عاما أدركت مصر أن مشاركة الإبر نقلت سريعا الفيروس، وأنهت الحملة، وأصيب نحو 15% من سكان مصر بالفيروس.. وكانت العواقب تسجيل واحدة من أعلى معدلات سرطان الكبد فى العالم ، الأمر الذى كان سبباً فى إطلاق مبادرة 100 مليون صحة، التى تمت بقرض قيمته 250 مليون دولار، من خلال برنامج استمر سبعة أشهر تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى.
والتهاب الكبد الفيروسى "ج" أو Hepatitis C هو مرض معدٍ يؤثر بشكل رئيس على الكبد وفيروس الالتهاب الكبدى "ج" HCV هو المسبب لهذا المرض، ويؤدى إلى الفشل الكبدى أو سرطان الكبد، وفى أكثر الحالات يؤدى إلى الوفاة. وينتقل من خلال اختلاط الدم بسبب حقن العقاقير فى الوريد والمعدات الطبية غير المعقمة، والتعرض المهنى العرضى عن طريق الجلد الشائع بين العاملين فى مجال الرعاية الصحية وأطباء الأسنان. وتزيد معدلات الإصابة فى بعض البلدان فى إفريقيا وآسيا، وكانت مصر من البلدان الإفريقية ذات المعدلات المرتفعة جدا بنسبة 22% من عدد الإصابات حول العالم.
وتسبب ظهور هذا المرض فى مشاكل كبيرة للدولة المصرية، حيث لا تجد أسرة لا يوجد بها مصاب، وهذا بالتبعية أثر على اقتصاديات الدولة، كون المصاب لا يستطيع العمل أو الإنتاج، فضلًا عن منع عدد من المصريين من العمل فى الخارج بعد صدور قوانين تلزم بخلو أى عامل مسافر من الفيروس.
وكان المواطن المصرى المصاب يتكبد العناء نظير مرضه، فبتوقفه عن العمل، كان ذلك بمثابة مؤثر قهرى على دخله ومعيشته، وكانت المؤتمرات الطبية الدولية تضع علامة حمراء على الدولة المصرية نظرًا لتفشى الفيروس بها، مما يلقى الحزن فى قلوب الأطباء المشاركين فى هذه المؤتمرات، إلى أن جاءت لحظة الخلاص من وصمة العار، لتصبح مصر رائدة يتحدث الجميع عنها وكيف استطاعت النجاة بنفسها وغيرها من الدول من هذا المرض اللعين.
فى عام 2018، قررت القيادة السياسية المصرية تبنى مبادرة قومية تحت عنوان "100 مليون صحة"، للكشف عن المصابين بفيروس سى وأمراض مزمنة أخرى كالسكر والضغط والاعتلال الكلوى والسمنة وغيرها، وتوفير العلاج اللازم لهؤلاء المرضى بالمجان، وبالفعل لاقت هذه المبادرة رواجًا واسعًا من المصريين الحريصين على الاطمئنان على صحتهم، ونجحت المبادرة بالفعل فى القضاء على فيروس "سى".
وقد نشرت مجلة " The New England Journal of Medicine" وهى أقدم مجلة طبية فى العالم، تأسست عام 1812، بحثًا عن برنامج القضاء على فيروس سى فى مصر، والذى قام به مجموعة من العلماء المصريين والجهود التى بذلت للقضاء عليه، تحت عنوان:" برنامج الفحص والعلاج للقضاء على التهاب الكبد الوبائى C فى مصر".
وتحدث البحث عن أهداف التنمية المستدامة التى اعتمدتها جمعية الأمم المتحدة عام 2015، لمكافحة فيروس C، حيث حددت منظمة الصحة العالمية أهدافًا للقضاء عليه بما فى ذلك الوصول إلى تشخيص بنسبة 90%، وتغطية العلاج بنسبة 80%، وخفض نسبة الوفيات المرتبطة به بنسبة 65% وذلك بحلول عام 2030.
وأشاد البحث بالمبادرة الرئاسية" 100 مليون صحة"؛ كونها استطاعت إجراء مسح شامل لفيروس سى لـ 60 مليون شخص، مع نتائج متاحة فى غضون 20 دقيقة من خلال اختبار تشخيصى سريع عن طريق الوخز بالإصبع. والمرضى الإيجابيون كانوا يتوجهون على الفور إلى أقرب مراكز متخصصة للتقييم والعلاج.
ولقد استطاعت مصر بتحقيقها هذا الإنجاز الكبير فى القضاء على فيروس سى أن تثبت مكانتها كدولة رائدة فى مجال الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض الوبائية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة والرعاية الصحية .
ومن مميزات هذه الحملة أنها بدأت قبل ظهور وباء كورونا الذى يسيطر على العالم حاليًا، والميزة تكمن فى تنشيط النظام الصحى وزيادة وعى المواطنين تجاه أى مرض، وبالتالى سهولة مواجهة أى وباء مثل كورونا الآن، حيث تمثلت إستراتيجية الدولة فى التصدى لجائحة فيروس كورونا مثلًا فى توفير مخزون إستراتيجى لأدوية بروتوكول العلاج وتوفير المستلزمات الطبية وتحديد عدد كبير من المستشفيات يصل إلى 500 مستشفى بكل المحافظات لتحويلها لعزل مرضى كورونا.
وهذا أدى إلى إشادة منظمة الصحة العالمية بالتجربة المصرية فى القضاء على فيروس "سى" فمصر قد أجرت أكبر مسح على مستوى العالم، وأوصت المنظمة بنقل هذه التجربة إلى دول أخرى، منها: جنوب السودان والصومال وتشاد وأوغندا، وإريتريا، وغيرها.
واللافت للنظر أن هذا الإنجاز الكبير فى مصر يعكس أهمية الاهتمام بالصحة العامة والرعاية الصحية للمواطنين، وخاصة فى البلدان النامية التى تعانى من تحديات كبيرة فى هذا المجال.. وبالتالى يعد هذا الإنجاز المصرى الكبير نموذجاً يحتذى به لبلدان أخرى لتحقيق الأهداف المشتركة فى مجال الصحة العامة والوقاية من الأمراض الوبائية.
وفى النهاية يجب علينا أن ندرك خطورة الأمراض الوبائية مثل فيروس سى وأهمية الوقاية منها ومكافحتها، والعمل معًا على تحقيق الأهداف المشتركة فى مجال الصحة العامة وتحسين جودة الحياة للمجتمعات فى جميع أنحاء العالم.