الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة يكتب عن "عيد الفلانتين": "حب" بلا معنى.. ومشاعر "تيك أواى"

الشورى

توقفت "بوصلة" الحب الحقيقى فتاهت "الأحاسيس" وسط زحام الحياة

مظاهر الاحتفال بـ"الفلانتين" تحولت لمجرد لحظات عابرة

لغة المصالح "قتلت" الرومانسية وأفسدت القلوب النقية

الحب هو الدافع الرئيسىالذى يمنحنا القدرة على تخطى العقبات

 

فىكل عام، وبالتحديد مع اقتراب الرابع عشر من فبراير، تُزين المحال بالأحمر وتُعرض الهدايا البراقة، لكن الحقيقة تقبع فىمكان آخر، بعيدًا عن هذا الصخب. فالحب، بمعناه العميق والسامى، أصبح مثل بوصلة ضائعة فىزحام الحياة اليومية،كما تحولت مظاهر الاحتفال بعيد الحب إلى لحظات عابرة تفتقد الرومانسية الحقيقية التىكانت تُحيى القلوب.

نعم للأسف الشديد فإن مظاهر الاحتفال بالفلانتين تحولت إلى احتفال باهت ولا معنى له بعد أن فقد معناه الأصلى، حيث يفتقر إلى العمق والمعنى، والرومانسية اختفت من حياتنا اليومية. فالحب، وهو الدافع الرئيسىالذى يمنح القدرة على تخطى العقبات، يبدو كأنه مصباح مطفأ ولا يزال بانتظار من يعيد إليه الضياء.

فىهذه المناسبة، أجد نفسى أتساءل عن الحب الحقيقى- ذلك الحب الصادق الذى بدا كأنه تلاشى فىزمننا هذا؟ وهل ما زالت القلوب قادرة على الاحتفال بصدق بعيد الحب؟ فقد بات الحب الحقيقىنادرًا، والقلوب الدافئة أصبحت شحيحة فىعالم يغلى بالمصالح والأنانية.

لقد تبادر إلى ذهنى العديد من الخواطر لعل أبرزها أن الحب فى هذا الزمان قنديل مطفأ، وبقايا شجر جاف، وخلايا يابسة ترتقب من يوقد فيها الحياة، وقمر لا يقوى على الضوء، إنه الحب الحقيقى الصادق الذى ولى فمتى يعود؟

هل حقا نملك قلوبا تحتفل بصدق بعيد الحب؟!نحن فقدنا الحب وفقدنا القلوب الدافئة التى تضخ بدمائها القوية فى شرايين الأرض، لتطلع كائنات بريئة لا تعرف الخداع والخيانة وتصيد الآخرين والتربص بهم، انتشرت لغة المصالح فطغت على كل ما فينا من نور، غاب الحب، فارتوت الأرض من الحقد، لذلك أتساءل فى هذه المناسبة وهى الاحتفال بالفلانتين:متى يعود الحب لكى يروى أرواحنا قبل أجسادنا بالأمل نحو صبح جديد طالع بدون رياء وبدون أحقاد وبدون كراهية وبدون مخالب وبدون خداع؟ لم يعد لليوم معنى بدون حب حقيقى، فقط هناك ثرثرة وأكاذيب تتوالد منها الأكاذيب، لكن هل الحب قادر على مواجهة كل هذا الانفلات فى العلاقات الإنسانية بعد أن أصبحت ساحة القلوب مرتعاً لتلك الفئة من ضعاف النفوس الذين لا يجيدون سوى الطعن فى الظهر ببراعة وباحتراف شديد، ونجد بعض الناس قد تحولوا إلى معاول للهدم بل صاروا فى "غمضة عين" نجوما فى التآمر وأساتذة فى اغتيال كل المعانى النبيلة وعلى وجه الخصوص معانى "الوفاء والإخلاص".

وفى عيد الحب أتساءل: هل تغير معنى الحب وتبدلت ملامحه أم أن الناس هى التى تغيرت وأصبحت ترى الأشياء بشكل مختلف واختلطت المفاهيم بالنسبة لهم بما فى ذلك نظرتهم إلى مفهوم الحب الذى طاله التغيير وأصبح بالفعل مختلفا تماماً ولم يعد كما كان من قبل؟! وحتى وإن كانت قد تغيرت الظروف وتبدلت الأجواء بسبب توحش السوشيال ميديا وسيطرة مفردات غريبة على حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية فإننى على قناعة تامة بأن "الحب" ينبغى أن يظل كما هو، وكما كنا نعرفه ونضعه فى صدارة الصفات النبيلة؛ لأننا ندرك تماماً أنه بدون الحب لا يمكن أن تستقيم الحياة بأى شكل من الأشكال، وبدون المشاعر الصادقة لن تدوم العلاقات النبيلة بين الناس بل ربما بدونه تنقلب حياتنا رأساً على عقب، أعرف جيدا أن كل شيء من حولنا قد تغير وأصبح يسير بإيقاع سريع جداً ولكن ليس معنى ذلك أن نسلم بالأمر الواقع وأن نسمح لمشاعر الحب النبيلة بأن تنزلق إلى هذا المستوى أيضا وتصبح هى أيضاً بنفس الإيقاع السريع؛ لأنه لو حدث ذلك فستتغلب عليه لغة المصالح وتسيطر عليه الأنانية وهى صفة غير محمودة وإن حلت على أى شيء فإنها تفسده وتبدله بشكل لافت للنظر وتجعله مجرد مسخ لا طعم له ولا لون ولا رائحة، لقد تغير كل شيء يتعلق بالحب من قريب أو بعيد ، فالحب مثله مثل الكثير من الأشياء الجميلة التى تغيرت بتغير الزمن وتحول بشكل جذرى ليعكس بوضوح تلك التغيرات المجتمعية التى طرأت على حياتنا، فالحب الذى تغنى به وله مطربون كبار ليس هو نفسه الحب الذى يتغنى به مطربو الوقت الحالى بهذه الكلمات السطحية والموسيقى الفجة، الفارق هنا كبير جداً بين هذا وذاك، ربما يكون السبب فى الناس أنفسهم وفى تعاملهم مع مفردات الحب بشكل مختلف تماماً عما كان يتعامل به الجيل السابق، وإحقاقا للحق فإن عيد الحب" مناسبة قوية لأن نحيى بداخلنا "الحب الحقيقى"، الحب الذى يبقى ويدوم طويلاً بعد أن تحول وللأسف الشديد إلى مجرد لحظات عابرة فى ظل طغيان المادة ولغة المصالح بل تحول إلى مجرد كلام أجوف يتناقله البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعى، ليتنا نعود إلى "الحب الحقيقى" الذى كان له مذاق خاص، الحب الذى كان يحيى القلوب حين يسكنها، الحب القادر على صنع المعجزات، فالحب لم يعد أغنية أو كلمة عابرة نعيشها وننتعش ثم نتوه وراء المادة والمال والجمود، الحب حياة وصيرورة واستمرار ودماء تتدفق فى قلوب شابة دائمة ولا تعرف الشيخوخة، إننى أتمنى ونحن مازلنا نحتفل بعيد الحب أن نمنح أنفسنا وقتا لأن نحب وأن نهيئ للمشاعر الصادقة المناخ الصحى لأن تنتشر بيننا بشكل طبيعى، فإننى أرى ضرورة أن يبادر كل منا بالبحث بداخله عن مصدر حقيقى لهذا الحب الذى أعنيه وأن يفتح لنفسه طاقة نور ليتسرب من خلالها الحب إلى داخل أعماقه، فنحن وكما يقول الفلاسفة نجذب ما نفكر به ونستشعره بإيجابية كأنه يحدث ونتخيله ونضعه فى الفعل، فإذا أردنا أن نجذب الحب وتوأم الروح وجب علينا التركيز على مشاعرنا وحالتنا كأننا بالفعل نستقبل هذا الحب، من خلال الأفعال والنيات والمشاعر، وأن نطلق العنان للرغبات والآمال لتحديد هذا الشخص أو ذاك وكل ما نبغى الحصول عليه من تجربة الحب، بالإضافة إلى استشعار الأحاسيس التى نريد أن نتلقاها والتعبير عنها خلال هذه التجربة، ونهيئ لأنفسنا مناخاً صحياً مليئا بالحب ونشعر بكل المشاعر والأحاسيس التى نحتاجها، من لحظات الانسجام والارتباط، والثقة، والأمان، والسعادة، وبهذه الطريقة فإننا نستطيع أن نترك العنان لرغباتنا فى تحديد المشاعر التى نريد أن نحصل عليها ونركز على صفات الشخص الذى نستدعيه فى ذاكرتنا وهو على هذا النحو من مشاعر الحب، ونتحرر من كافة العقبات التى تحول بيننا وبين الوصول إلى هذا الشكل من أشكال الحب الذى نتمناه لأنفسنا ولمن حولنا أيضاً، فلا تبخلوا على أنفسكم بهذه السعادة ولا تكونوا أنتم العقبة فى الحصول على هذا الحب بالتركيز على حالة الفقدان، ولكن بالتركيز على الرغبة فى حقنا فى الحب، وبذلك نكون نعلن للعالم أجمع أننا نستحق هذا الإحساس الرائع ونبدأ الحياة فى روعته بدلاً من التذمر من عدم وجوده.

ولمن لا يعرف قصة الاحتفال بعيد الحب أو عيد العشاق أو يوم القديس فالنتين فهو احتفال يشارك فيه كثير من الناس فى العالم يوم 14 فبراير، حيث يحتفلون بذكرى القديس فالنتين الذى راح ضحية قناعاته بضرورة مساندة الحب ويعبر فيه المحبون عن حبهم لبعضهم البعض عن طريق إرسال بطاقة معايدة أو إهداء الزهور وغيرها لأحبائهم فيصبح مناسبة لأن يعم الحب والسلام بين الناس خاصة بعد أن أصبح هذا اليوم مرتبطًا بمفهوم الحب الرومانسى، وقد تعددت الحكايات والأساطير عن القديس "فالنتين" أحد كهنة روما بالقرن الثالث الميلادى، لكنها استقرت على روايتين، كل منهما أقرب للواقع من الأخرى، فتقول الرواية الأولى إن عيد الحب ما هو إلا نتيجة لتحدى الإمبراطور كلوديوس الثانى، المعروف باسم كلوديوس القاسى، والذى حظر زواج الجنود، بعد أن تعرضت الإمبراطورية الرومانية للغزو من قبل مملكة القوط، وفى الوقت نفسه، انتشر العديد من الأوبئة التى أسفرت عن وفاة آلاف الأشخاص يوميا، ومن بينهم كثير من الجنود، التى كانت البلاد فى أشد الحاجة لهم، الأمر الذى دفع الإمبراطور، لاتخاذ قرار بمنع زواجهم، حيث كان الاعتقاد السائد فى ذلك الوقت، أن الزواج سوف يشغلهم عن خوض الحروب، وفى هذه الأثناء، قام القديس فالنتين بخرق هذا القانون وتزويج الجنود سرا داخل الكنيسة، ونتيجة ذلك تم سجنه والحكم عليه بالإعدام، أما الرواية الأخرى فتقول، إنه تم اضطهاد المسيحيين إبان فترة حكم الإمبراطور كلوديوس الثانى، بعد أن تم تنصيبه إلها، وأصبح يعبد بجانب الآلهة الرومانية الأخرى، ما أدى إلى اضطهاد المسيحيين على وجه التحديد خلال هذه الفترة، لإجبارهم على التخلى عن معتقداتهم، وهو الأمر الذى رفضه القديس فالنتين، حيث قام بمساعدتهم على الهرب من مخاطر السجون الرومانية، فتم القبض عليه بتهمة التآمر، وخلال وجود القديس فالنتين فى السجن، تعرف على الحارس أستيريوس، الذى كان لديه ابنة تدعى جوليا، تعانى ضعف النظر، الأمر الذى جعله يطلب منه أن يقوم بتعليمها، وبالفعل كانت تذهب له فى سجنه ليقرأ لها دروسها، التى لم تكن تستطيع رؤيتها، كما قام بمعالجتها، لتنشأ بينهما بعد ذلك قصة حب.

 

تم نسخ الرابط