محمد فودة يكتب: مصر تواجه التحديات العالمية وتحافظ على مستويات النمو
- تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية: الاستثمار العام شهد ارتفاعاً كبيراً مدفوعًا بارتفاع استثمارات البنية التحتية
- الإصلاح الاقتصادى فى مصر لم يغفل برامج الحماية الاجتماعية
- ما جرى يؤكد إمكانيات مصر الهائلة وجدارة الحكومة بالتعامل مع تعقيدات المشهد العالمى
- التقارير الدولية لا تجامل ولا تحسِّن الصورة.. وأؤكد أننا نسير فى الاتجاه الصحيح
لا يكتفى الناس فى مصر بمتابعة ما تعلن عنه الحكومة من قرارات، فالمهم بالنسبة للشعب ما ستسفر عنه هذه القرارات، وما هى النتائج التى سيحصلون عليها من ورائها، وهل ستعود عليهم بالنفع؟ أم أنها لن تضيف إليهم قليلا أو كثيرا؟ ربما لهذا تأتى أهمية التقارير الدولية والإقليمية التى تتحدث عن حركة الاقتصاد المصرى، وهى هيئات فى النهاية لا ناقة لها ولا جمل، بمعنى أنها لن تجامل ولن تخفى الحقيقة، فليس لديها ما يدعوها لذلك، ولذلك فهذه التقارير محايدة ويمكن من خلالها معرفة ما وصلنا اليه، وهل نتقدم على الطريق الصحيح؟ أم نتأخر خطوات ما كان لنا أن نتأخرها؟ من بين التقارير التى صدرت مؤخراً كان تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية عن مصر، والذى قام رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى باستعراض نتائجه فى اجتماع موسع منذ أيام.
كان الدكتور مصطفى مدبولى كان عقد بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، اجتماعًا لاستعراض نتائج تقرير منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية المُعد لأول مرة عن مصر، ضمن أنشطة البرنامج القُطرى المُشترك بين مصر والمنظمة الدولية. وحضر الاجتماع الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، والدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، والدكتور رضا حجازى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، والمهندس/ أحمد سمير، وزير التجارة والصناعة، والسيد/ أحمد كجوك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، والدكتور أحمد كمالى، نائب وزير التخطيط لشئون التخطيط، والسيد/ حسام هيبة، الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار، والسيدة/ منة فريد، وكيل محافظ البنك المركزى، والدكتورة هبة يوسف، مدير وحدة البرنامج القُطرى بوزارة التخطيط، ومسئولو الوزارات والجهات المعنية.
وفى مستهل الاجتماع، قالت الدكتورة هالة السعيد إن مصر وقعت -بحضور الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء- على البرنامج القُطرى مع منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD)، مُشيرة إلى أن التوقيع على هذا البرنامج هو خطوة مهمة للغاية، لاسيما أن المنظمة الدولية تتعاون مع الحكومة المصرية فى عدد من البرامج الإصلاحية والمشروعات، مُستعرضة فى هذا السياق مشروعات التعاون المشتركة بين المنظمة والوزارات المعنية.
وفى غضون ذلك، أشار المستشار محمد الحمصانى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة مجلس الوزراء، إلى أن الاجتماع استعرض التقرير الاقتصادى الأول المُعد لأول مرة من قِبل المنظمة لمصر، فى إطار أنشطة البرنامج القُطرى المُوقع بين مصر ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وأوضح أن التقرير الاقتصادى لجمهورية مصر العربية يشمل جزءين رئيسيين، حيث يستعرض الجزء الأول أداء الاقتصاد الكلى، وآليات تعزيز كفاءة السياسات المالية والنقدية.
فيما يُركز الجزء الثانى على قضايا محورية تم تحديدها من خلال التشاور مع الحكومة المصرية، بما يتماشى مع الأولويات الوطنية، ممثلة فى مناخ الأعمال العام وتعزيز بيئة الاستثمار، وتعزيز كفاءة سوق العمل وآليات خلق فرص عمل لائقة.
وتابع: بدأ إعداد التقرير فى سبتمبر 2022، حيث شرع فى رصد أحدث البيانات والجهود الوطنية المبذولة حتى ديسمبر 2023، مشيرًا إلى أن التقرير يطرح توصيات بشأن السياسات الفعّالة التى تدعم جهود تنفيذ البرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية بما يتوافق مع رؤية مصر 2030.
وقال المتحدث الرسمى باسم رئاسة مجلس الوزراء إن التقرير يُتيح الفرصة لتقييم وضع مصر وأدائها فى المحاور الاقتصادية مقارنة بالدول الأخرى فى المنطقة والدول أعضاء منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، حتى يتسنى التعرف على أوجه القوة والضعف وصياغة السياسات المُلائمة للتغلب على التحديات الاقتصادية. وأضاف: خلص التقرير إلى أن مصر قد حافظت على مستويات النمو بصورة أفضل من البلدان المُجاورة فى مواجهة سلسلة من الصدمات الخارجية الكُبرى.
وتابع إن التقرير يتكون من 3 فصول تتماشى مع أولويات الدولة المصرية، وبصفة خاصة البرنامج الوطنى للإصلاحات الهيكلية، وأنه يُقدم 60 توصية فى إطار تلك المحاور. وأشار "الحمصانى" إلى أنه فيما يتعلق بنتائج التقرير الخاصة بتحقيق الاستقرار الاقتصادى الكلى، تمت الإشارة إلى أنه على صعيد السياسات المالية، نجحت الحكومة المصرية فى خفض حصة دعم الطاقة حيث انخفض دعم الطاقة من 10.1% من إجمالى الإنفاق العام خلال السنة المالية 2014-2015، إلى 5.8% خلال العام المالى 2022-2023.
وأضاف: أوضح التقرير أن الاستثمار العام شهد ارتفاعاً كبيراً مدفوعًا بارتفاع استثمارات البنية التحتية، خاصة فى شبكات الطرق.
وأوضح المستشار محمد الحمصانى أن نتائج التقرير فيما يتعلق بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر، تضمنت التأكيد على أن التحول الأخضر ضرورة اقتصادية واجتماعية وصحية بالنسبة لمصر، خاصة أن مصر مُعرضة لأن تكون من أكثر الدول تأثرًا بأخطار التغيرات المناخية.
وأضاف أن التقرير تعرّض لسبل إحراز تقدم فى بيئة الأعمال وتحسين مناخ الاستثمار فى مصر فيما يتعلق بتحسين أداء التنافسية وتيسير الإجراءات التنظيمية والتشريعية، وتيسير الحصول على التراخيص، وتعزيز طرق جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتسهيل الوصول إلى التمويل، ودعم جهود التحول الرقمى.
وتابع: كما تضمنت نتائج التقرير فيما يتعلق بتعزيز كفاءة سوق العمل وخلق فرص عمل لائقة، سبل توفير فرص عمل لائقة والبناء على جهود خفض معدلات البطالة.
وأضاف أنه على صعيد برامج الحماية الاجتماعية، أشار التقرير إلى أن مصر تقدم مجموعة متنوعة من الإعانات غير القائمة على الاشتراكات مثل البطاقات التموينية، بالإضافة إلى البرامج المُستهدفة مثل "تكافل وكرامة"، كما تطرق التقرير إلى دعم الخبز والبطاقات التموينية الذى يُسهم فى خفض معدل الفقر بنحو 10% و8% على التوالى، كما أن برنامج تكافل وكرامة عمل على خفض معدل الفقر بنحو 9%.
وأوضح أن محاور البرنامج القُطرى تشمل 35 مشروعًا فى مجالات التنمية المستدامة، وتعزيز الإحصاءات، والحوكمة ومكافحة الفساد، والابتكار والتحول الرقمى والنمو الاقتصادى الشامل والمستدام، مشيرًا إلى أنه فى إطار متابعة مختلف مشروعات البرنامج القطرى، تم إنشاء منصة إلكترونية شاملة للمتابعة يشارك من خلالها 23 جهة وطنية شريكة، حيث توفر المنصة أهم الخطوات التنفيذية والنتائج المرجوة من كل مشروع، ونسب التقدم المُحرز فى مختلف المشروعات وتوثيق مشاركة الجهات الوطنية فى مختلف اللجان النوعية بالتعاون مع المنظمة، وتوفير أرشيف رقمى للبرنامج يحفظ كل التقارير ذات الصلة.
وأشار الحمصانى إلى أن رئيس الوزراء أكد فى نهاية الاجتماع ضرورة دراسة نتائج وتوصيات التقرير المُعد من قبل منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية دراسة متأنية، واستمرار متابعة تنفيذ المشروعات المشتركة التى تتم بالتعاون بين الوزارات المعنية والمنظمة الدولية.
وخلال الاجتماع تم استعراض عدد من الخطوات التى يقوم بها عدد من الوزراء للتفاعل مع التوصيات الواردة بالتقرير، بما يُسهم فى تحقيق نقلة نوعية فى الملفات المختلفة.
كل هذا جرى فى جلسة استعراض نتائج التقرير الدولى عن الاقتصاد المصرى ووضعيتها الراهنة، وهو كلام إذا راجعناه سنجد أننا أمام ترجمة لجهد كبير بذل خلال السنوات الماضية، والنجاح الذى يشهد به التقرير يكمن فى قدرة الاقتصاد المصرى على الصمود رغم الصدمات الخارجية الكثيرة التى حدثت والتى لا تزال تحدث. هناك كثيرون يشككون فى إجراءات الحكومة الاقتصادية، وهناك من لا يزال يعيب عليها مسلكها، دون الانتباه إلى أن التحديات كانت كثيرة، وأن الجهد الذى بذل كان للخروج من المأزق بأقل الخسائر، فقد كان هناك إجماع على أن الخسائر قائمة لا محالة.
التقرير لا يقدم لنا شهادة على نجاح الحكومة المصرية فى تجاوز التحديات ومواجهتها والسيطرة عليها فقط، ولكنه تأكيد على جدارتها وقدرتها على الصمود فى مواجهة صعوبات أثرت بشكل كبير على اقتصادات عديدة ليس فى المنطقة فقط ولكن فى العالم كله.
إننى متفائل بطبعى، وكم تحدثت هنا عن إمكانيات مصر الكبيرة التى تضمن لنا العبور من الأزمة، ويأتى هذا التقرير ليؤكد أننى كنت دائما على حق.