« بوابات الجحيم ».. كيف يحرق نتنياهو وخامنئى المنطقة بنيران الحرب الكبرى؟
- لماذا قررت إسرائيل اللعب بالنار واغتيال إسماعيل هنية فى قلب طهران؟
- هل يضرب الحرس الثورى الإيرانى مفاعل ديمونة؟.. وماذا سيفعل حزب الله للرد على الإهانة العظمى؟
- سيناريو يوم القيامة من غزة إلى تل أبيب.. وكواليس وأسرار خاصة من غرفة عمليات إشعال العالم
ترقد منطقتنا الآن على برميل بارود والنار قادمة لا محالة مهما تحدثوا عن التهدئة ومهما ادعت كل الأطراف أنها لا ترغب فى التصعيد.. لقد حدث التصعيد بالفعل.. وها هى الحلبة جاهزة للقاء الغريمين بعيدا عن حروب الوكالة وأقصد إيران وإسرائيل.. هذا اللقاء الذى سيحول الشرق الأوسط إلى قطعة من جهنم.
إن هذه الحرب الملعونة تهدد ملايين البشر.. وأنا لا أرجم بالغيب أو أضع رؤية سوداوية أمامكم.. إنها الحقيقة بكل وضوح وصراحة.. ومن يتجاهلها يحكم على نفسه بغياب الرؤية.
إن أى تفكير سليم وأية رؤية منطقية تقول إن المواجهة الكبرى قادمة وربما أقرب مما يعتقد كثيرون.
لقد كان اغتيال إسماعيل هنية فى قلب العاصمة الإيرانية طهران إيذانا ببدء فصل جديد من هذه المعركة السوداء التى بدأت فى السابع من أكتوبر الماضى؛ فلم يكن هذا الحدث مجرد قتل لواحد من أعداء الكيان الصهيونى، بل إنها رسالة قوية موجهة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
رسالة تطلب الحضور الإجبارى إلى ساحة القتال. وإلا فقدت إيران كل قوتها وصورتها وشرفها.
منذ مجيء رجال الدين إلى الحكم فى طهران عام 1979، انخرط النظام السياسى الإيرانى فى صراع طويل ومعقد مع إسرائيل على جبهات عدة.
وكان أغلب هذه الصدامات غير مباشر ويجرى عن طريق توظيف الوكلاء الإقليميين فى لبنان والعراق واليمن وسوريا، أو بشكل متبادل وغير مباشر أيضًا فى نطاق العمليات الاستخباراتية الداخلية والخارجية ضد أهداف أو أفراد ينتمون للجانبين.
وخلال الأعوام الـ 15 الماضية، اشتبك الجانبان أيضًا فى هجمات إلكترونية إما ضد منشآت نووية فى إيران أو ضد مرافق فى إسرائيل. يعنى هذا أنه كانت هناك حدود للصراع بين الجانبين التزما بها على مدار عقود.
وفى هذا الصدد، تنبغى الإشارة إلى حرب السفارات والقنصليات، فقد اتهمت إسرائيل إيران أكثر من مرة بـ" التواطؤ" فى تفجير سفارتها فى العاصمة الأرجنتينية بوينس إيرس فى مارس 1992، أى قبل 32 عامًا من اتهام طهران لإسرائيل بالهجوم على قنصليتها فى دمشق.
وعلى الرغم من حرب الممثليات الدبلوماسية بين الجانبين، فإن طهران وتل أبيب لم تستهدفا بعضهما البعض بشكل مباشر طوال تاريخ صدامهما وصراعهما.
ومع ذلك، فإن عملية "الوعد الصادق" التى قامت بها إيران مساء يوم 13 أبريل 2024 واستهدفت خلالها مواقع داخل إسرائيل مثّلت - بغض النظر عن مدى تأثيرها- نقطة فارقة فى تاريخ الصراع الإيرانى، حيث أضحت المرة الأولى التى تستهدف فيها طهران إسرائيل بشكل مباشر فى هجمات انطلقت من أراضيها فى الداخل، ما يشير فى الواقع إلى تحول نوعى فى مسار صراع الجانبين.
ثم جاءت العملية التالية للرد على اغتيال إسماعيل هنية.
ومن المهم الآن أن نرسم معا صورة لما يمكن أن تكون عليه الحرب الكبرى.
وهنا تجب الإشارة إلى أن إسرائيل تتفوق على إيران من الناحية التكنولوجية، ويعود ذلك بدرجة كبيرة إلى "الدعم المالى والعسكرى الكبير من الولايات المتحدة"، التى سعت منذ فترة طويلة إلى ضمان تفوق إسرائيل فى المنطقة كجزء من التزامها بأمن حليفتها، وفق بلومبيرج.
وعلى سبيل المثال، تُعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط التى تمتلك مقاتلات من طراز "إف-35" الأمريكية. وهناك اعتقاد على نطاق واسع بامتلاك إسرائيل سلاحا نوويا، رغم عدم اعترافها بذلك على الإطلاق.
على الجانب الآخر، أعاقت العقوبات والعزلة السياسية المفروضة على النظام الإيرانى، إمكانية حصول طهران على التكنولوجيا العسكرية الأجنبية، مما دفعها إلى تطوير أسلحتها الخاصة، ومن بينها الصواريخ والطائرات دون طيار.
وأشارت بلومبيرج إلى أن معظم المقاتلات الإيرانية "من طراز قديم يعود إلى فترة ما قبل ثورة عام 1979 فى البلاد". وتم الاتفاق مؤخرا على شراء مقاتلات روسية، لكن لا يتضح موعد تسلمها حتى الآن.
وحسب موقع جلوبال فاير باور، المختص بالشؤون العسكرية، فإن ميزانية الإنفاق العسكرى فى إيران تصل إلى نحو 10 مليارات دولار، أى أقل من نظيرتها فى إسرائيل بأكثر من 14 مليار دولار، حيث أنفقت الأخيرة 24.4 مليار دولار.
وتحل إيران فى المرتبة ١٤ عالميًا، فيما إسرائيل فى المركز ١٧، وفق تصنيف الموقع، وتمتلك الأولى 610 آلاف جندى فى الخدمة مقابل 170 ألف جندى لدى إسرائيل، وأشار الموقع إلى أن إسرائيل تمتلك 241 مقاتلة، فى حين إيران لديها 186 مقاتلة أقل تطورا.
وتمتلك إيران 1996 دبابة و65765 عربة مدرعة، بينما لدى إسرائيل 1370 دبابة و43407 مدرعة. وبالنسبة للغواصات فإيران لديها 19 وتمتلك إسرائيل 5 فقط. وأوضحت وكالة بلومبيرج، أنه على الرغم من التطور والتفوق الإسرائيلى، فإن الجيش الإيرانى يمتلك مخزونا كبيرا من الصواريخ الباليستية ومن طراز كروز والمُسيّرات، والتى استخدمها فى هجومه الأخير.
وتمتلك إيران منظومة دفاع جوى روسية من طراز "إس – 300"، لكن لم يتم اختبارها أمام إسرائيل، إلا أنها أسقطت عن طريق الخطأ طائرة ركاب أوكرانية عام 2020، وسط توترات مع الولايات المتحدة فى أعقاب مقتل قائد الحرس الثورى، قاسم سليمانى، فى العراق إبان حكم إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب.
وحسب رابطة الحد من الأسلحة، وهى منظمة غير حكومية تتخذ من واشنطن العاصمة مقرا، فإن برنامج الصواريخ الإيرانى يعتمد إلى حد بعيد على "تصميمات كورية شمالية وروسية"، مشيرة إلى أنه "استفاد من مساعدة صينية.".
و"الصواريخ الباليستية" الإيرانية قصيرة ومتوسطة المدى تشمل: "شهاب-1" الذى يقدر مداه بنحو 300 كيلومتر، و"ذو الفقار" (700 كيلومتر)، و"شهاب-3" (800-1000 كيلومتر)، و"عماد-1" الجارى تطويره (يصل مداه إلى ألفى كيلومتر) و"سجيّل" الجارى تطويره أيضا (1500-2500 كيلومتر)، حسب رابطة الحد من الأسلحة.
ولدى إيران كذلك صواريخ كروز مثل "كيه.إتش-55" التى تطلق من الجو، والقادرة على حمل رؤوس نووية ويبلغ مداها 3 آلاف كيلومتر، وصواريخ حديثة مضادة للسفن مداها 300 كيلومتر، قادرة على حمل رأس حربية تزن ألف كيلوجرام. كما لفتت بلومبيرج إلى أن الدولتين تمتلكان أيضا قدرات سيبرانية استخدمتها ضد الأخرى.
ختاما أقول إن المنطقة أصبحت على حافة الانفجار الذى سيؤثر سلبياً على مصالح كافة الأطراف دون استثناء وبالرغم من ذلك فلا تزال هناك فرصة حتى لو كانت محدودة نسبياً لإنقاذ المنطقة من التداعيات، ونقطة البداية الوحيدة لابد أن تبدأ بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وهو ما سيؤدى بدوره إلى وقف الحرب الحوثية - الإيرانية ضد إسرائيل، ثم نتحرك بعد ذلك فى معالجة باقى القضايا المثارة فى المنطقة مع التحرك العاجل لاستئناف عملية السلام التى ستطرح بدورها مناخاً إيجايباً على المنطقة كلها.
ودائما وأبدا.. تحيا مصر.