الرحلة رقم 50 ألفا.. رحلة العار والدماء
- احتفال الندامة.. والكيل بمائة مكيال.. والرقص على جماجم آلاف الفلسطينيين
- الإنسان المصري الجديد.. هل يتغير عن القديم؟
- أبدا.. إنه امتداد له لكن النادر أن تجد تكرارا لهذا المصري الأصيل
هل هذا تناقض بين المواقف والسلوكيات أم أنها مجرد مسرحية بين طرفين يستحيل أن يفقد منهما الآخر أو يتسبب في تعكير صفو مزاج المشاركين في خرائط وطرق ومدن الواقع؟
أقول ذلك بمناسبة هذا الاحتفال الذي ضم رموزا من جيش الدفاع الأمريكي ونظراءهم من الإسرائيليين بمناسبة وصول الرحلة رقم 50000 من رحلات الجسر الجوي بين أمريكا وإسرائيل من خلال عدة رحلات تقل شحنات من الأسلحة المتقدمة والحديثة وبالغة التقنية لمساعدتها على ضرب الفلسطينيين في غزة وخان يونس وغيرها وغيرها.
وما يدعو للأسى والدهشة معا أن الفريقين اعترفا بأنه لولا هذه الشحنات العسكرية لظلت أحلام نتنياهو طائرة في الهواء يتعذر تحقيقها.
من هنا كيف يستقيم أن يكون هذا نهج أمريكا وسياستها المعلنة والصريحة والواضحة في الوقت الذي تدعو فيه إلى رفض الحرب بل تشارك في مفاوضات وقف إطلاق النار ؟
بصراحة إنه كلام غير مفهوم.. إنما الذي نراه أمامنا أن سفاح القرن نتنياهو يشن غاراته ويطلق صواريخه ضد أهالي غزة"الغلابة" الذين لا حول لهم ولا قوة والآن ضد اللبنانيين أيضا وكأنها لعبة يتسلى بها هو وحكومته الإرهابية ويصفق له المتفرجون من شتى أرجاء العالم وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.
واضح أن الأمريكان ومعهم الأوربيون لا يدركون أن استمرار الوضع على هذا النحو سوف يزيد بالفعل من توسعة القتال لكن السؤال:
توسعة إلى أين؟
الجواب العاقل والمنطقي إلى كل دول الشرق الأوسط والقريبة منها في أوروبا ثم البعيدة والبعيدة جدا حتى تصل إلى عقر دار كل من يتصور أنه في مأمن من هذا الصراع..
أبدا وألف أبدا فالخراب والدمار وهدم قصور المدنية والتقدم يأتي من مستصغر الشرر وتجارب الماضي خير شاهد وأبلغ دليل ..
الحرب العالمية الأولى راح ضحيتها تسعة ملايين مقاتل وسبعة ملايين مدني أما الحرب العالمية الثانية فقد شهدت أسوأ كارثة وقعت للبشرية وأعني بها ضرب مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين بقنبلة ذرية.. ولعل النتائج التي أسفرت عنهما سوف يندى لها جبين البشرية حتى يوم الدين.
واليوم ها هو الرئيس عبد الفتاح السيسي يحذر بين كل يومٍ وآخر من اتساع رقعة القتال وما يمكن أن ينتج عن ذلك من خسارة هائلة للبشرية.
الرئيس السيسي ينادي بوقف إطلاق النار لأنه على بينة كاملة من تداعيات الحرب –أي حرب- التداعيات السياسية والاقتصادية والعسكرية فهل يدركون أو يفهمون .. أنهم ليسوا بعيدين عن شرر النيران وقد فاتهم أن جمراتها قد تأتي من مستصغر هذا الشرر..؟!
ليس معنى إعادة بناء الإنسان المصري أن الإنسان الحالي -لا سمح الله- يعاني من قصور أو عواريات ونقاط ضعف غير مقبولة.
أبدا.. نحن دائما نفخر بهذا الإنسان ونتحدى به العالم في تحمله وفي صبره وفي جهده وفي النهاية نزهو به ونفتخر.
ومع ذلك نحن نحتاج إلى إنسان يعيش عصرا جديدا من نعومة أظفاره وحتى إحالته إلى سن المعاش.
إنسان يستطيع الحكم على الأمور بأسلوب مختلف يقوم على الإبداع والابتكار والمنافسة الشريفة الجادة والمؤثرة.
إنسان حينما يشارك في ندوة علمية أو ثقافية يشد الآذان ويلفت الأنظار.
وفي واقع الأمر كم نادينا من قبل مرارا وتكرارا بصقل شخصية الإنسان المصري بحيث يعرف دائما حقوقه وواجباته بدون تزيد ودون تطرف.. إنسان يحترم رأي الآخر في مودة وصفاء قلب وقناعة .
إنسان يرفض الصوت العالي في أي مجال من المجالات.
وتعالوا نرجع إلى ما قاله ابن خلدون في مقدمته الشهيرة.. وما قاله أرسطو الفيلسوف اليوناني الشهير وبعده أرسطو طاليس وغيرهم وغيرهم.. كلهم ذكروا أن المجتمعات بين كل فترة وأخرى في حاجة إلى تجديد وتحديث وإلى تسليط الأضواء على كل واحد فيهم لا فرق بين شخص وآخر.. غني وفقير أو مهما كان يملك من جاهٍ وسلطان.. أو يعيش عيشة متواضعة هامشية.
في النهاية يعزف هذا المجتمع أحلى سيمفونية.
ونحن هنا في مصر - والحمد لله - لدينا الأسس المشتركة والقوية والمتينة ..لدينا العرف والعادات والتقاليد ولدينا تعاليم الأديان ولدينا الرغبة الكاملة في التطوير.
من هنا.. تصبح إعادة البناء من السهولة بمكان بل يقبل عليه الجميع بحماس وشغف..
على الجانب المقابل لابد أن تعرف الأسرة دورها جيدا..
أرجوكم.. أرجوكم.. أيها الأزواج والزوجات تحلّوا بالصبر في علاقاتكم فليس معنى خلاف عابر أن يؤدي إلى طلاق بائن..
بالمناسبة.. بالأمس والأمس فقط شهدت معركة بين زوجين طيبين وبصراحة لم أتوقع أو أتخيل ما شهدته أمامي من سباب متبادل وشتائم مقززة وتشابك بالأيدي..
بالله عليهما.. هل مثل هذين الزوجين يمكن أن يساعدا في بناء الإنسان المأمول؟!
نفس الحال بالنسبة للمدرسة التي نأمل أن يتغير دورها بالفعل خلال المرحلة القادمة بحيث تكون جاذبة للطالب والطالبة وليست طاردة.
أيضا.. النادي ومركز الشباب.. وبالمناسبة لابد من مضاعفة أعداد مراكز الشباب مرات ومرات ومعها قصور الثقافة التي لابد هي الأخرى أن تجمع بين مختلف الأعمار والمستويات.
المهم.. أن تكون كثيرة ومتنوعة.
في النهاية يثور سؤال:
من هو الإنسان المصري الجديد؟
الإجابة ببساطة شديدة إنه ابني وابنك وحفيدك وحفيدتي.. وجارك وجارتك.. إنه كل الناس ..الذين يعيشون على أرض واحدة .. اسمها أرض الخير والمستقبل الباسم بإذن الله.
و..و..شكرا