سينما 2024 .. أحلام وطموحات انهارت أمام "شباك التذاكر"
- البدايات كانت مبشرة وتدعو للتفاؤل والنهايات لا تزال محبطة
- دور العرض استقبلت 45 فيلما جمعت بين الجيد والرديء
- أفلام الأكشن تسيطر على صناعة السينما وتحقق أعلى إيرادات العام
- عودة أفلام المقاولات تهديد صريح مباشر للفن السابع
- الأفلام الكوميدية تراجعت بشكل ملحوظ .. والرومانسية تحاول استعادة مكانتها والعودة بقوة للمنافسة
- اختفاء نجوم الصف الأول ظاهرة تثير التساؤلات وتتطلب صحوة سينمائية عاجلة
كنت وما زلت على قناعة تامة بأن مستقبل السينما المصرية قضية تستحق الوقوف أمامها طويلاً، ليس فقط لأنها جزء لا يتجزأ من هويتنا الثقافية، بل لأنها تمثل مرآة تعكس نبض المجتمع وأحلامه وتحدياته.
توقفت طويلًا أمام ما شهده عام 2024 من أحداث ومتغيرات في صناعة السينما المصرية، لأجد نفسي أمام مفارقة حقيقية: من ناحية، هناك أعمال سينمائية مبتكرة وتجارب جريئة أكدت أن الموهبة المصرية ما زالت نابضة بالحياة وقادرة على تقديم فن راقٍ يحمل بصمة خاصة، ومن ناحية أخرى ، لا يمكننا أن نتجاهل التراجع الفني لبعض الأفلام التي انساقت وراء الاستسهال واعتمدت على تقديم محتوى يفتقد العمق والجودة، مما ألقى بظلاله على سمعة السينما المصرية. لذا، يمكنني القول إن السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: هل تستطيع السينما المصرية أن تعيد اكتشاف ذاتها وتستعيد ريادتها لتصبح قادرة على المنافسة إقليمياً وعالمياً؟
وأعتقد أن السينما المصرية مازالت تمر بمرحلة انتقالية، حيث تحاول التوفيق بين الحفاظ على هويتها وتراثها الفني، وبين مواكبة التطورات التي يشهدها عالم السينما، ورغم أن البداية كانت مبشرة في سينما عام 2024، فإن النهاية كانت محبطة بعض الشيء، حيث يجب على صناع السينما المصرية أن يكونوا أكثر انتقائية في اختيار مشاريعهم، وأن يركزوا على جودة الأعمال الفنية بدلاً من الكم.
وعلي الرغم من التحديات، تمكنت بعض الأفلام المصرية من تحقيق نجاحات باهرة في عام 2024، فقد استطاعت هذه الأفلام أن تجذب جمهورًا واسعًا من خلال تقديم قصص شيقة ومؤثرة، وأداءات تمثيلية متميزة، وإخراج مبتكر، هذه النجاحات أثبتت أن السينما المصرية قادرة على إنتاج أعمال فنية عالية الجودة قادرة على المنافسة على المستوى الإقليمي والعالمي، ومن جهة أخرى ، عانت أفلام أخرى من فشل ذريع، ولعل ذلك يعود إلى عدة أسباب منها ضعف السيناريو، الإخراج التقليدي، الاعتماد على النجومية دون المحتوى الجيد، وتجاهل تطلعات الجمهور المتغيرة، هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى إنتاج أفلام لا ترقى إلى مستوى طموحات الجمهور ولا تلبي احتياجات السوق.
وإذا نظرنا لعام 2024 نرى أنه قد شهد بداية قوية للسينما المصرية، حيث طرحت مجموعة من الأفلام الواعدة التي لاقت استحسان النقاد والجمهور على حد سواء، إلا أن هذا الوهج المبكر لم يستمر طويلًا، إذ سرعان ما ظهرت أفلام أخرى تفتقر إلى العمق الفني والقيمة الإبداعية، مما أثار تساؤلات حول مستقبل السينما المصرية، وبدأ العام السينمائي بقوة خلال عام 2024، حيث شهد أول موسم في الأفلام إجازة منتصف العام الدراسي الذي يبدأ من شهر يناير، طرح عدد كبير من الأفلام، وكانت البداية بفيلم "ليه تعيشها لوحدك" بطولة شريف منير وخالد الصاوي وسلمى أبو ضيف الذي تم طرحه يوم 3 يناير، وفي نفس اليوم انطلق فيلم "أنا وابن خالتي " بطولة بيومي فؤاد وسيد رجب وهنادي مهنا، وفي آخر يناير انطلق عرض أفلام "رحلة 404" بطولة منى زكي يوم 24 يناير، "عادل مش عادل" بطولة أحمد الفيشاوي وشيري عادل 24 يناير، "ليلة العيد" بطولة يسرا يوم 25 يناير، "أنف وثلاث عيون" بطولة ظافر العابدين يوم 31 يناير، "التجربة المكسيكية" بطولة عمرو عبد الجليل وبيومي فؤاد يوم 31 يناير، وشهد شهر فبراير عرض فيلمين هما "السيستم" يوم 6 فبراير، و"درويلة" بطولة أيتن عامر وعمرو عبد الجليل يوم 7 فبراير، و"وقت إضافي " يوم 14 فبراير.
وفي موسم عيد الفطر السينمائي في إبريل عرض 4 أفلام هي "شقو" بطولة عمرو يوسف ومحمد ممدوح وأمينة خليل ودينا الشربيني يوم 9 إبريل، وفيلم "عالماشي " بطولة علي ربيع يوم 9 إبريل أيضاً، و"فاصل من اللحظات اللذيذة" بطولة هشام ماجد وهنا الزاهد يوم 10 إبريل، و"أسود ملون" بطولة بيومي فؤاد ورنا رئيس يوم 10 إبريل، واستقبلت دور العرض في شهر مايو هذا العام 4 أفلام هي"السرب" بطولة أحمد السقا يوم 1 مايو، "بنقدر ظروفك" بطولة أحمد الفيشاوي يوم 22 مايو، و"تاني تاني" بطولة غادة عبد الرازق يوم 22 مايو، ليدخل بعد ذلك موسم عيد الأضحى السينمائي في يونيو والذي شهد عرض 4 أفلام هي "ولاد رزق 3 القاضية" بطولة أحمد عز، عمرو يوسف، آسر ياسين الذي أطلق يوم 12 يونيو، وعرض في عيد الأضحى أيضاً أفلام "اللعب مع العيال" بطولة محمد إمام يوم 12 يونيو، "أهل الكهف" بطولة خالد النبوي يوم 12 يونيو، "عصابة الماكس" بطولة أحمد فهمي وروبي يوم 14 يونيو، وجاء بعده موسم الصيف السينمائي في يوليو حيث عرض فيلم "جوازة توكسيك" بطولة ليلى علوي وبيومي فؤاد يوم 4 يوليو، "اكس مراتي بطولة هشام ماجد ومحمد ممدوح وأمينة خليل يوم 24 يوليو، وشهد شهر سبتمبر عرض فيلمين هما "عاشق" بطولة أحمد حاتم وأسماء أبو اليزيد يوم 11 سبتمبر، و"عنب" بطولة أيتن عامر يوم 25 سبتمبر، وعُرض 5 أفلام خلال شهر أكتوبر وهي "بنسيون دلال" بطولة بيومي فؤاد يوم 9 أكتوبر، "عنها" بطولة أحمد مالك يوم 16 أكتوبر، "المخفي " بطولة أحمد سلطان يوم 23 أكتوبر، "دراكو رع" بطولة خالد منصور وشادي ألفونس يوم 30 أكتوبر، "آل شنب" بطولة ليلى علوي ولبلبة وسوسن بدر وأسماء جلال يوم 31 أكتوبر، واستقبلت دور العرض في شهر نوفمبر 5 أفلام هي"الهوى سلطان" بطولة منة شلبي وأحمد داود، "وداعا حمدي " بطولة شيرين رضا وآية سماحة"، "رفعت عيني للسما" وعرضت الثلاثة أفلام يوم 6 نوفمبر، ثم انطلق فيلم "الفستان الأبيض" بطولة ياسمين رئيس وأسماء جلال يوم 20 نوفمبر، وفيلم "مين يصدق" بطولة يوسف عمر وإخراج زينة أشرف عبد الباقي يوم 27 نوفمبر، وفي نهاية العام خلال شهر ديسمبر طُرح الأسبوع الماضي فيلم "الحريفة 2 – الريمونتادا بطولة نور البنوي وأحمد غزي وكزبرة يوم 4 ديسمبر، و فيلم "الهنا اللي انا فيه" بطولة كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربيني وياسمين رئيس، وفيلم "بضع ساعات في يوم ما" بطولة هشام ماجد وهنا الزاهد.
من ذلك يتضح أن العام المنصرم تضمن طرح أكثر من 40 فيلما وهو في كل الأحوال عدد مهم وقوي ومختلف عن الأعوام السابقة التي كانت تشهد طرح أقل من نصف هذا العدد المطروح، مما يعكس روحا إيجابية على الصناعة وانتعاشة من جديد، حتى وإن كانت بعض الأفلام فشلت في تحقيق ربح مادي وتواجد جمهوري قوي ، إلا أن ذلك يعطي دفعة قوية لدور العرض التي تأثرت بعوامل مختلفة طيلة السنوات الماضية، مما حال دون تواجد الجمهور.
وعلى الرغم من التحديات التي تواجهها، فإن مستقبل السينما المصرية يبقى واعدًا، فوجود قاعدة جماهيرية عريضة، ورغبة صناع السينما في التطوير، وإمكانية الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، كلها عوامل تدعو إلى التفاؤل، ومن المتوقع أن يشهد العام المقبل المزيد من الأفلام المميزة التي ستعيد للسينما المصرية مكانتها الريادية في المنطقة، وللحق فإنني أتمنى عودة السينما المصرية لعصرها الذهبي وسابق عهدها وقت أن كانت رائدة بمعنى الكلمة، ولقد أسعدني ما لمسته في موسم الصيف الماضي حيث عادت السينما المصرية للانتعاش وتحقيق إيرادات قياسية اقتربت من نصف مليار في موسم الصيف السينمائي ، إذ تشكل انتعاشة السينما المصرية في موسم الصيف ظاهرة إيجابية تعكس حيوية هذه الصناعة، وللحق فإن تحقيق السينما المصرية أعلى إيرادات في موسم الصيف إنجاز يستحق الثناء، وهو نتيجة طبيعية للجهود المبذولة من قبل صناع السينما والفنانين والمنتجين، وعلى الرغم من ذلك فإنه يجب على الجميع العمل معًا للحفاظ على هذا الزخم وتطوير صناعة السينما المصرية لتنافس أكبر الأسواق العالمية، كما يجب على صناع السينما مواجهة التحديات التي تواجههم والاستمرار في تطوير أعمالهم لجذب جمهور أوسع.