الجمعة 21 فبراير 2025
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

« متمسكون بالأرض ولن نتركهم».. لماذا هدد ترامب بوقف المساعدات المالية ؟.. وكيف سترد القاهرة ؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشيفية

- لا تراجع أبدا.. ما سر رفض مصر المشاركة في مخطط التهجير؟.. كواليس خاصة من غرفة عمليات إدارة الأزمة 

على مدار العقود الماضية، لعبت مصر دورًا محوريًا في تحقيق الاستقرار الإقليمي، مستندةً إلى تاريخها العريق وسياساتها الخارجية المتزنة.

ومع ذلك، تواجه القاهرة حاليًا موجة جديدة من الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، التي تهدف إلى فرض إملاءات سياسية لا تتوافق مع المصالح الوطنية المصرية.

تتنوع هذه الضغوط بين التهديد بقطع المساعدات الأمريكية، ومحاولة فرض مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، إضافةً إلى محاولات التأثير على السياسات المصرية من خلال أدوات دبلوماسية واقتصادية.

لكن، كما أثبتت التجارب السابقة، فإن مصر ليست دولة تخضع للابتزاز أو تقبل المساس بسيادتها.

لماذا هدد ترامب بوقف المساعدات؟

منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، تبنّت الإدارة الأمريكية سياسة أكثر تشددًا تجاه الدول التي لا تتماشى مع الرؤية الأمريكية في الشرق الأوسط.

وفي هذا السياق، جاءت تهديداته بقطع المساعدات المالية عن مصر، في محاولة للضغط على القاهرة لاتخاذ مواقف معينة بشأن الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

لكن مصر، التي اعتادت على مثل هذه الضغوط، تدرك جيدًا أن المساعدات الأمريكية ليست إلا ورقة تستخدمها واشنطن لممارسة نفوذها، وهي ليست عاملاً حاسمًا في الاقتصاد المصري.

فمنذ سنوات، انتهجت الدولة المصرية سياسة تنويع مصادر الدعم والتعاون مع شركاء دوليين مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي، ما جعلها أقل اعتمادًا على المساعدات الأمريكية.

الرد المصري المتوقع على هذه التهديدات سيكون عبر عدة مسارات:

1.تعزيز الاستقلالية الاقتصادية: من خلال زيادة الاستثمارات الأجنبية، وتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي مع الدول غير الغربية.

2.تنويع مصادر التسليح: مصر لديها بالفعل تعاون عسكري متقدم مع روسيا وفرنسا، وقد تتوسع في هذا الاتجاه لتقليل الاعتماد على الأسلحة الأمريكية.

3.التصعيد الدبلوماسي: يمكن لمصر اللجوء إلى المنظمات الدولية والإقليمية لتوضيح موقفها، وكسب دعم دولي ضد أي محاولات لفرض إملاءات خارجية.

لا تراجع أبدًا

منذ اندلاع الحرب الأخيرة على قطاع غزة، حاولت إسرائيل والولايات المتحدة الترويج لفكرة نقل الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء كـ"حل مؤقت" للأزمة الإنسانية.

لكن القاهرة أدركت منذ البداية أن هذا المخطط ليس سوى محاولة لتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، عبر خلق أمر واقع جديد يمنح إسرائيل سيطرة دائمة على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الموقف المصري الرافض هذا المخطط يستند إلى عدة اعتبارات أساسية:

1. الاعتبارات القانونية والسيادية: تهجير الفلسطينيين قسريًا يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، وهو أمر ترفضه مصر بشدة.

2. الأمن القومي المصري: نقل أعداد كبيرة من الفلسطينيين إلى سيناء قد يؤدي إلى اضطرابات أمنية، خاصة مع وجود جماعات متطرفة في بعض المناطق الحدودية.

3. الحفاظ على حقوق الفلسطينيين: القبول بهذا المخطط يعني إعفاء إسرائيل من مسؤولياتها كدولة احتلال، وتكريس الأمر الواقع على حساب حقوق الفلسطينيين المشروعة.

لذلك، جاء الرد المصري حاسمًا وواضحًا: لن تكون سيناء ملاذًا للتهجير، ولن تسمح مصر بأي حلول تضر بالقضية الفلسطينية أو تؤثر على استقرارها الداخلي.

سيناريوهات الرد المصري على الضغوط

مع تصاعد الضغوط، بدأت بعض الأصوات داخل مصر تتحدث عن إمكانية إعادة النظر في اتفاقية السلام مع إسرائيل، التي وُقعت عام 1979.

هذه الاتفاقية، رغم دورها في استقرار المنطقة، فإنها لم تمنع إسرائيل من انتهاك حقوق الفلسطينيين أو اتخاذ مواقف تهدد الأمن القومي المصري.

هناك عدة سيناريوهات محتملة يمكن أن تلجأ إليها القاهرة كرد على الضغوط الأمريكية والإسرائيلية:

1. إعادة التفاوض على بعض البنود الأمنية: حاليًا، تفرض الاتفاقية قيودًا على الوجود العسكري المصري في سيناء.

في حال استمرار التصعيد الإسرائيلي، قد تطالب مصر بتعديل هذه البنود لتعزيز تواجد قواتها في المنطقة.

2. تعليق التعاون الاقتصادي: هناك اتفاقيات اقتصادية بين مصر وإسرائيل، أبرزها اتفاقيات الغاز.

يمكن للقاهرة إعادة النظر في هذه الاتفاقيات كوسيلة للضغط.

3. التصعيد الدبلوماسي: يمكن لمصر استخدام نفوذها في الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لطرح القضية على المستوى الدولي، وكسب تأييد دولي ضد السياسات الإسرائيلية.

لكن رغم كل هذه السيناريوهات، يبقى القرار المصري محكومًا بالحفاظ على مصالح الدولة أولًا، دون اتخاذ خطوات غير محسوبة قد تؤثر على الاستقرار الإقليمي.

متى يذهب الرئيس إلى واشنطن؟

مع التوتر القائم بين مصر والولايات المتحدة، يظل السؤال مطروحًا: هل سيزور الرئيس عبد الفتاح السيسي واشنطن في الفترة المقبلة؟ ولماذا يطالب البعض بإلغاء هذه الزيارة؟

هناك وجهتا نظر في هذا الموضوع:

• المؤيدون للزيارة يرون أنها فرصة لمصر لعرض موقفها مباشرة أمام الإدارة الأمريكية، وشرح رؤيتها بوضوح حول الملفات الإقليمية، خاصة القضية الفلسطينية.

• المعارضون للزيارة يعتبرون أن إلغاءها سيكون رسالة قوية لواشنطن، تعبر عن رفض مصر الضغوط والابتزاز السياسي.

القرار في النهاية سيعتمد على تطورات الأحداث.

إذا استمرت الضغوط الأمريكية، فإن إلغاء الزيارة قد يكون خيارًا مطروحًا.

أما إذا حدثت تغييرات في الموقف الأمريكي، فقد تتم الزيارة وفقًا لشروط تحقق المصالح المصرية.

مصر في موقع القوة

منذ عقود، ومصر تواجه محاولات عديدة للضغط عليها وتوجيه سياستها الخارجية، لكنها أثبتت دائمًا أنها دولة ذات سيادة، لا تخضع للابتزاز ولا تقبل المساس بمصالحها الوطنية.

في المرحلة الحالية، تواصل القاهرة التأكيد على مواقفها الثابتة: لا تهجير للفلسطينيين، لا تنازل عن الحقوق، ولا قبول بأي ضغوط تمس الأمن القومي المصري.

ومهما كانت التحديات، تظل مصر قادرة على حماية مصالحها، واتخاذ القرارات التي تضمن استقرارها ومكانتها في المنطقة.

ودائما وأبدا.. تحيا مصر.

الصفحة الثانية من العدد رقم 400 الصادربتاريخ 13فبراير 2025
تم نسخ الرابط