الثلاثاء 15 أبريل 2025
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

« فرنسا ضد التهجير.. ومصر ليست وحدها ».. ماذا فعل الرئيس السيسي ونظيره الفرنسي في العريش؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشيفية

- لماذا احتشد الآلاف وهتفوا "مش هنوافق على التهجير"؟

- ما سر قول ماكرون : يجب أن يخاف نتنياهو من المصريين؟

- ما الذي قاله ماكرون عن نقل الفلسطينيين من قطاع غزة؟

ما بين التاريخ والجغرافيا، ما بين السياسة والمشاعر، جاءت زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى مصر مختلفة في كل تفاصيلها.

لم تكن مجرد زيارة رسمية، بل مشهد مليء بالمواقف القوية، والكلمات الحاسمة، والمشاعر المتبادلة بين شعبين لهما جذور عميقة في حضارات العالم.

من قلب القاهرة إلى أرض العريش، ومن صدى الهتافات الغاضبة إلى صرخات الدعم لحقوق الفلسطينيين، وقف ماكرون أمام العالم برسائل واضحة .. بعضها وُجّهه للعدو، وبعضها طمأنة للصديق. 

رسالة فرنسية بلكنة إنسانية في واحدة من أقوى التصريحات التي أطلقها الرئيس الفرنسي خلال زيارته، أعلن ماكرون بشكل واضح رفضه التام فكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.

قالها صراحةً: "نقل الفلسطينيين ليس حلاً، بل هو بداية لأزمة جديدة".

كانت هذه العبارة بمثابة صرخة سياسية في وجه كل من يفكر في إعادة رسم خرائط الشرق الأوسط على حساب شعب مقهور.

الرسالة لم تكن موجهة فقط لإسرائيل، بل للعالم كله.

ماكرون اختار أن يكون في صف الشعوب، لا في صف الخطط الأحادية أو التصورات التي تخلق أزمات إنسانية جديدة.

هذا الموقف لاقى ترحيباً مصرياً واسعاً، خاصة في ظل القلق الشعبي الكبير من أي محاولة للمساس بحقوق الشعب الفلسطيني أو زعزعة استقرار المنطقة.

لقاء القيادتين على أرض لها قدسية.. لم تكن زيارة ماكرون مصر عابرة أو روتينية، بل حملت رمزية كبيرة، خصوصاً عندما التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي في مدينة العريش، التي أصبحت مؤخراً رمزاً للثبات والتحدي في وجه الأزمات الإقليمية.

الاجتماع هناك لم يكن فقط لالتقاط الصور، بل تضمن نقاشات معمقة حول الوضع في غزة، والضغوط الدولية، وكيفية التنسيق بين مصر وفرنسا في ملف التهدئة، ودعم الجهود الإنسانية داخل القطاع.

ماكرون حرص على التأكيد على أن فرنسا تقف مع مصر في رفضها القاطع أي محاولة لفرض التهجير أو "الحلول البديلة".

وشدد على أن حماية الحدود لا تعني التخلي عن القيم، وأن أمن مصر من أمن أوروبا، والعكس صحيح. الجماهير تهتف في موازاة اللقاءات الرسمية، كانت هناك رسالة شعبية لا تقلقوا، حين احتشد آلاف المصريين في عدة مناطق وهم يهتفون: "مش هنوافق على التهجير".

الهتاف لم يكن فقط موجهاً ضد فكرة تهجير الفلسطينيين، بل كان صرخة ضد كل من يحاول الضغط على مصر لتكون جزءاً من حل لا يقبله ضمير الشعب.

ماكرون، الذي تابع هذه الرسائل من بعيد وقريب، أدرك جيداً أن الرأي العام المصري لا يمكن تجاهله، وأن أي موقف سياسي لا يراعي الحس الوطني والشعبي سيكون مآله الفشل.ولهذا، جاءت تصريحاته متوافقة تماماً مع نبض الشارع، وكأنها تؤكد: "لسنا وحدنا من نرفض، بل فرنسا أيضاً ترفض".

رسالة إلى نتنياهو أثناء لقاء غير رسمي مع عدد من الصحفيين الفرنسيين، نُقل عن ماكرون قوله: "يجب أن يخاف نتنياهو من المصريين".

التصريح بدا لوهلة كأنه تهديد، لكنه في الواقع كان تعبيراً عن احترام ماكرون قوة الموقف المصري الشعبي والرسمي، خصوصاً في ملف غزة.

هذه العبارة أثارت ضجة، لكنها في سياقها كانت رسالة مباشرة بأن مصر ليست مجرد بلد حدودي يتلقى التعليمات، بل لاعب إقليمي لا يمكن تجاهله.

ماكرون أراد أن يوضح أن استقرار المنطقة لن يتم على حساب الشعب الفلسطيني، وأن تجاهل دور مصر في هذا الملف خطأ إستراتيجي لا يغتفر.

صداقة تتجاوز البروتوكول بعيداً عن لغة السياسة، لم يكن بالإمكان تجاهل العلاقة الخاصة التي تربط الرئيس السيسي بنظيره الفرنسي.

ماكرون لم يُخفِ إعجابه الكبير بمصر، حضارتها،وشعبها، وحتى قيادة رئيسها.

قال في أكثر من مناسبة إن "السيسي صديق مقرب، وأحد أكثر القادة الذين يفكرون بعمق في مستقبل الشرق الأوسط"، وهي جملة لم تمر مرور الكرام في الأوساط الدبلوماسية.

الكواليس كشفت عن لقاءات غير رسمية بين الرجلين تخللتها نقاشات شخصية وفكرية، عكست حجم التفاهم بينهما.

وربما هذا التفاهم هو ما جعل فرنسا تتخذ موقفاً حاسماً ضد التهجير، متماشية مع الرؤية المصرية.

أرض لها قدسيتها 

وسط هذه الأحداث، تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل جملة أثارت الانتباه: "اخلع نعليك، إنك في الأرض المقدسة".

البعض ربطها بمشهد استقبال ماكرون في العريش، والبعض الآخر اعتبرها تعبيراً مجازياً عن احترام الرجل أرض مصر وشعبها وتاريخها.

العبارة، وإن كانت رمزية، إلا أنها لخصت الكثير: الاحترام،التقدير، والرغبة في التواصل الحضاري الحقيقي، وليس السياسي فقط.

شراكة أكثر من إستراتيجية.. ماكرون لم يأتِ إلى مصر ليعقد صفقات فقط، بل ليؤكد أن العلاقات الفرنسية - المصرية أعمق من أن تُختزل في مصالح متبادلة.

حديثه عن غزة، موقفه من التهجير، وحرصه على زيارة العريش، كلها دلائل على أن فرنسا ترى في مصر حليفاً حضارياً قبل أن يكون سياسياً.

وفي المقابل، أظهرت القيادة المصرية ترحيباً بالتعاون، ولكنها رسمت أيضاً خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها، وعلى رأسها: لا لتهجير الفلسطينيين. 

صوتٌ من الغرب… ضد الظلم

.. زيارة ماكرون إلى مصر كانت مليئة بالرسائل، لكن أبرزها كان:" فرنسا ضد التهجير، ومصر ليست وحدها".

في وقت التبست فيه المواقف، جاء صوت من الغرب ليؤكد أن العدالة لا تعرف جغرافيا، وأن الحق الفلسطيني ليس موضة موسمية، بل قضية إنسانية بامتياز.

وربما يكون ماكرون قد ربح الكثير من خلال هذا الموقف: احترام الشارع العربي، وتعزيز علاقته بمصر، وكتابة سطر جديد في سجل العلاقات بين الشرق والغرب…سطر يبدأ بجملة: 

"من القاهرة… أعلنّا رفض التهجير".

الصفحة الخامسة  من العدد رقم 407 الصادر بتاريخ 10 أبريل 2025
تم نسخ الرابط