«سرقة المواطن باسم الاستثمار» ..
محمد فودة يكتب عن "الدولار الخيالى" وأكذوبة السوق الحر

- جريمة تسعير الدولار بـ100 جنيه.. فوضى عقارية خارج حدود المنطق
- المطورون العقاريون يحصدون الأرباح.. والمواطن وحده يدفع الفاتورة الثقيلة
تابعت عن قرب، وباهتمام بالغ، ما أثاره الكاتب الكبير خالد صلاح بشأن التسعيرة الظالمة التي يتعامل بها بعض المطورين العقاريين والذين قرروا بلا سند اقتصادي حقيقي تسعير العقارات على أساس أن الدولار يساوي 100 جنيه، هذا الرقم، الذي لا يمت بصلة لأي واقع اقتصادي أو حتى سيناريو مستقبلي متوقع، بات ذريعة يتكئ عليها البعض لفرض أسعار وهمية تحمل المواطن البسيط فوق ما يحتمل.
المفارقة الكبرى، أن هؤلاء أنفسهم المطورين العقاريين كانوا طوال الفترات الماضية يطالبون الدولة والبنك المركزي بخفض أسعار الفائدة لتحفيز السوق، وحين تحققت مطالبهم وانخفضت الفائدة فعلا إلى حدود 17%، بدلا من أن تترجم هذه الخطوة إلى تسهيلات للمواطن أو تخفيض في الأسعار، فوجئنا بمنطق مقلوب العقار أصبح أغلى، والسعر بات خاضعا لمزاج السوق، وليس لعوامل العرض والطلب أو التوازنات الاقتصادية الطبيعية.
هنا أصبح المواطن رهينة لتسعير غير عادل، ويتم التعامل معه باعتباره مجرد رقم في دفاتر الأرباح، دون مراعاة لقدرته الشرائية أو ظروف السوق الفعلية، فنحن لا نتحدث عن استثمار حقيقي، بل عن جشع متصاعد يرتدي قناع التطوير، المواطن هو الحلقة الأضعف، يطلب منه الدفع مقدما ويهدد بفقدان الوحدة إذا لم يلتزم بشروط مجحفة.
لقد آن الأوان لأن تكون هناك وقفة حاسمة، تعيد الانضباط لهذا القطاع، وتفرض معايير شفافة وعادلة للتسعير، تضمن التوازن بين مصلحة المستثمر ومصلحة المواطن، لأن ما يحدث الآن ليس سوى تكريس لحالة من الفوضى، قد تدفع السوق العقاري كله نحو الانهيار.
وفي ظل خفض سعر الفائدة، الذي طالما نادى به رجال الأعمال والمطورون العقاريون، نسي الجميع المواطن البسيط الذي كان يعتمد على عوائد شهادات الادخار والفوائد البنكية لتغطية احتياجاته الأساسية، كثيرون كانوا "يقتاتون" على هذه العوائد الشهرية، خاصة كبار السن وأصحاب المعاشات، والآن وجدوا أنفسهم في مأزق حقيقي مع تقلص دخولهم دون بدائل واضحة، وبينما تحقق مطلب خفض الفائدة، لم تنعكس آثاره على أسعار العقارات كما كان متوقعًا، بل استمرت الأسعار في الارتفاع، ليبقى المواطن هو الخاسر الأكبر.
ويبقى السؤال الأهم: من يوقف هذا السباق الجنوني ووهم تسعيرة الدولار الذي تجاوز المنطق والعدالة وكل قواعد السوق؟.