حقول الغاز التي غيّرت معادلة الاقتصاد المصري

- حقول الغاز تغيّر معادلة الاقتصاد المصري وتوفر مليارات الدولارات من فاتورة الاستيراد
- اكتشافات جديدة ترفع احتياطيات مصر من الغاز إلى 1.85 تريليون قدم مكعب
- استثمارات تتجاوز 1.7 مليار دولار في مشروعات تنمية حقول الغاز
- توصيل الغاز إلى أكثر من 15 مليون وحدة سكنية منذ بدء النشاط
- نصف مليون وحدة جديدة حصلت على خدمة الغاز خلال عام واحد فقط
- تحويل 48 ألف سيارة للعمل بالغاز الطبيعي وتوسّع في إنشاء المحطات
- الغاز الطبيعي.. ورقة مصر الرابحة في معادلة الطاقة العالمية
- خبراء: قطاع الغاز نموذج لقدرة الإرادة السياسية على تحقيق المستحيل
- مصر على الطريق للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة رغم التحديات
- الإنجازات في قطاع الغاز "قصة وطن" يصنع المستحيل بإرادة وعمل دؤوب
لا تنهض الأوطان بالكلام، وإنما تنهض بالفعل الملموس، بالسياسات التي تُترجم إلى أرقام، وبالخطط التي تتحول إلى إنجازات على أرض الواقع.
ولعلّ ما يحدث الآن في ملف البترول والغاز الطبيعي في مصر يثبت بما لا يدع مجالًا للشك أننا أمام لحظة فارقة في تاريخ هذا القطاع الحيوي، لحظة تستحق أن نتوقف أمامها طويلًا، لا لأنها تحمل أرقامًا قياسية فحسب، بل لأنها تعبّر عن إرادة دولة تعرف جيدًا ماذا تريد، وتُدرك قيمة أن تتحول من دولة مستوردة للطاقة إلى لاعب إقليمي له وزنه في معادلة الاقتصاد العالمي.
توقفت طويلاً أمام الإعلان الأخير عن توفير ما يقرب من ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار من فاتورة الاستيراد، فهذا الرقم في تقديري الشخصي لا يرمز فقط إلى مجرد وفر مالي ضخم، بل يرمز قبل كل شيء إلى استقلالية القرار الاقتصادي، وإلى قدرة مصر على حماية نفسها من تقلبات الأسواق الدولية التي لا ترحم.
في زمن تشتعل فيه أسعار الطاقة عالميًا، أن تحقق مصر هذا الوفر الكبير يعني أنك تتحدث عن سيادة حقيقية على واحد من أخطر الملفات التي تُهدد استقرار أي اقتصاد.
اللافت للنظر أن هذه الطفرة لم تأت من فراغ، بل جاءت نتيجة عمل دؤوب، وعقود من التخطيط والاستثمار في عمليات الاستكشاف والتنمية.
تسعة وعشرون اكتشافًا جديدًا للغاز في البحر المتوسط والصحراء الغربية وخليج السويس، إلى جانب ثلاث آبار ناجحة في المتوسط والدلتا، ليست مجرد أرقام جافة، بل هي انعكاس لرحلة طويلة من الإصرار على أن يكون لنا مكان في خريطة إنتاج الغاز العالمية.
هذه الاكتشافات تعني ببساطة أننا أمام مخزون مضاف يقدر بنحو تريليون وثمانمائة وخمسين مليار قدم مكعب من الغاز، وهو رقم يكفي وحده ليُغيّر الكثير من الحسابات الاقتصادية في الداخل والخارج.
في تقديري الشخصي، فإن هذه الأرقام يجب أن تُقرأ في ضوء أوسع من مجرد الجانب الاقتصادي. فحينما نتحدث عن مشروعات جديدة لتنمية حقول الغاز، واستثمارات تتجاوز المليار وسبعمائة مليون دولار، فنحن نتحدث في الواقع عن آلاف من فرص العمل الجديدة، عن نقل خبرات تكنولوجية متقدمة، عن مدن ومجتمعات عمرانية تستفيد من البنية التحتية، عن شباب يجد لنفسه فرصة في سوق عمل واعدة، وعن أسر تشعر بأن جهد الدولة ينعكس بالفعل على تفاصيل حياتها اليومية.
وهذا في رأيي هو المعيار الحقيقي لنجاح أي سياسة اقتصادية: أن يشعر بها المواطن في بيته، في مصروفه، في فواتيره، وفي مستوى معيشته.
وأكثر ما أسعدني في هذا الملف هو أن الأمر لم يقتصر على الاكتشافات الكبرى أو الأرقام المليارية، بل امتد إلى تفاصيل تمس حياة الناس مباشرة.
توصيل الغاز الطبيعي لنحو نصف مليون وسبعين ألف وحدة سكنية خلال عام واحد فقط، والوصول بإجمالي عدد الوحدات التي تتمتع بخدمة الغاز إلى أكثر من خمسة عشر مليون وحدة منذ بدء النشاط، هذا إنجاز إنساني قبل أن يكون اقتصاديا.
هو صورة حية لمعنى العدالة الاجتماعية، أن يصل الغاز الطبيعي إلى بيوت الناس في القرى والمدن، وأن يستغني المواطن عن أنبوبة البوتاجاز ومشقة حملها وغلاء سعرها، ليجد أمامه خدمة حضارية آمنة توفر له الوقت والجهد والمال.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل امتد إلى قطاع النقل والمواصلات، حيث تم تحويل ما يقرب من ثمانية وأربعين ألف سيارة للعمل بالغاز، إلى جانب إنشاء عشرات المحطات الجديدة ومراكز التحويل.
هذا التحول في حد ذاته ليس مجرد خطوة اقتصادية لتقليل فاتورة الوقود التقليدي، بل هو خطوة حضارية لتقليل التلوث والحفاظ على البيئة، وهو أيضًا رسالة إلى العالم بأن مصر تتحرك في اتجاه الطاقة النظيفة بشكل عملي وواقعي.
قد يسأل البعض: ما الذي يدفع مصر إلى هذا السعي المحموم نحو الغاز الطبيعي؟ والإجابة في رأيي واضحة.
الغاز بالنسبة لنا ليس مجرد مصدر طاقة، بل هو أداة إستراتيجية لحماية الاقتصاد الوطني، وتعزيز موقعنا التنافسي في الإقليم، وتوفير بدائل آمنة ومستدامة لملايين المواطنين.
والأهم من ذلك أنه يمثل فرصة ذهبية لبناء شراكات إقليمية ودولية تضع مصر في قلب معادلة الطاقة العالمية.
ففي منطقة يزداد فيها الطلب على الطاقة بوتيرة متسارعة، يصبح امتلاكك احتياطيا ضخما من الغاز أشبه بامتلاك ورقة رابحة في لعبة سياسية واقتصادية لا تقبل الخاسرين.
كنت وما زلت أرى أن قطاع البترول والغاز في مصر هو نموذج لقدرة الإرادة السياسية على تحقيق المستحيل.
فمنذ سنوات لم يكن أحد يتوقع أن نصل إلى هذا المستوى من الاكتشافات والتنمية، لكن الرؤية كانت واضحة: أن نتحول إلى مركز إقليمي للطاقة.
واليوم، حينما ترى كل هذه الأرقام والمشروعات والاكتشافات، تدرك أن الحلم لم يعد بعيد المنال، وأننا بالفعل على الطريق الصحيح لتحقيقه.
لكن، ولأنني دائمًا أميل إلى الواقعية، أقول إن التحديات ما زالت قائمة.
فإدارة هذه الثروات تحتاج إلى شفافية، وإلى تخطيط بعيد المدى يضع في الاعتبار أن الغاز الطبيعي، مهما بلغ حجمه، يظل موردًا ناضبًا.
ولذلك، فإن استثمار هذه الثروة يجب أن يقترن ببناء اقتصاد متنوع، يعتمد على الصناعة والتكنولوجيا والطاقة المتجددة، حتى لا نجد أنفسنا يومًا ما أمام أزمة جديدة.
ومع ذلك، فإن ما تحقق حتى الآن يعطينا الثقة أن الإدارة المصرية تعلم جيدًا ماذا تفعل، وأنها تسير بخطى محسوبة ومدروسة.
في النهاية، يمكنني القول إن ما يحدث في ملف البترول والغاز ليس مجرد إنجاز اقتصادي، بل هو قصة ملهمة عن وطن يرفض أن يقف عند حدود الممكن، ويصر على أن يصنع المستحيل.
هي قصة عن رجال يعملون في صمت في أعماق البحار والصحاري، عن مهندسين وفنيين لا يعرفون الراحة، عن دولة تُدرك أن قوتها تبدأ من امتلاكها مصادر طاقة آمنة ومستدامة.
هي قصة مصر التي تعلمت من دروس الماضي، وقررت أن تكتب فصولًا جديدة من النجاح في كتاب المستقبل.

- راب
- المصري
- النجاح
- خالد الطوخى يكتب
- الوقود
- قائمة
- الدول
- استقرار
- المشروعات
- الاستثمار
- اكتشاف
- الطب
- القري
- قرار
- توفر
- اجتماع
- ملفات
- تحقيق
- نشاط
- انشاء
- البترول
- النقل
- عدن
- اقتصاد
- مشروع
- درة
- الصناعة
- الاقتصاد
- العالم
- تعرف
- استيراد
- بترول
- الدولار
- حماية
- قري
- الراب
- نقل
- شخص
- تجدد
- داخل
- خالد الطوخى
- منطقة
- سوق
- مصر
- الغاز
- رجال
- مركز
- اخبار خالد الطوخى