«عهد جديد فى يوم عظيم» .. كيف أنقذ السيسي المنطقة من نار الحرب الكبرى؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشيفية

- ما سر قول ترامب عن الرئيس السيسي: "الجنرال زعيم قوي وصديق عزيز"؟

- الذين أرادوا تهميش مصر.. هل عرفتم الآن من هم سادة الإقليم وصناع القرار؟

لم يكن الطريق إلى السلام مفروشًا بالورود، ولا كان القرار سهلًا.. في لحظة كان العالم كله يقف على حافة الهاوية.

من الشرق كانت نيران الحرب تشتعل، ومن الغرب تتكاثف سحب الفوضى، بينما كانت العيون تتجه إلى القاهرة.. إلى الرجل الذي اختار أن يحمل على كتفيه مسؤولية أمة، لا دولة فحسب.

عبد الفتاح السيسي، القائد الذي خرج من رحم المعارك ليواجه معركة من نوع آخر؛ معركة إنقاذ المنطقة من أكبر حرب كانت ستغيّر وجه الشرق الأوسط إلى الأبد.

مصر.. حين غاب الاتزان، حضرت الحكمة

في لحظة تداخل فيها الجنون السياسي بالحسابات الدموية، كانت مصر الدولة الوحيدة التي حافظت على اتزانها.

لم تنجر وراء دعوات الانتقام ولا شعارات النصر الزائف، بل قدّمت للعالم درسًا جديدًا في القيادة الواعية.

فبينما اشتعلت الجبهات في أكثر من اتجاه، كانت القاهرة تُجري الاتصالات وتنسّق المواقف وتُدير المفاوضات بصمت العارفين.

من شرق الشيخ زويد إلى شرم الشيخ، كان يُرسم خط جديد في التاريخ، يُعرف اليوم بـ "طريق السلام المصري"؛ الطريق الذي أثبت أن الأمن الإقليمي لا يمكن أن يقوم إلا إذا كانت مصر هي ركيزته الأولى.

لقد أدرك السيسي مبكرًا أن الحرب لن تترك منتصرًا واحدًا، وأن الخاسر سيكون الجميع، فاختار أن يُنقذ الشعوب لا الأنظمة، وأن يضع مستقبل المنطقة فوق حسابات اللحظة.

وهنا بدأت الخطة المصرية الشاملة: وقف النار، فتح قنوات الاتصال، ثم جمع الأطراف المتنازعة على طاولة واحدة بعد أن ظن الجميع أن الحوار مستحيل.

الوثيقة التي أوقفت النار

ما حدث في شرم الشيخ لم يكن مجرد اتفاق عابر، بل لحظة تاريخية بكل المقاييس.

الوثيقة التي حملت توقيعات الوسطاء الأربعة - مصر والولايات المتحدة وقطر وتركيا - كانت ثمرة مفاوضات ماراثونية استمرت أيامًا وليالي متصلة.

في تلك الوثيقة وُضعت الخطوط الحمراء التي التزم بها الجميع: وقف شامل لإطلاق النار، تبادل للأسرى والمحتجزين، فتح الممرات الإنسانية، وإطلاق مسار سياسي شامل بضمانة مصرية مباشرة.

لقد نجحت القاهرة في صياغة معادلة معقدة تجمع بين الأمن والكرامة، بين الحق في الدفاع عن النفس وضرورة الحفاظ على أرواح المدنيين.

كانت وثيقة السلام المصرية أشبه بـ"خريطة نجاة" للمنطقة من الانفجار الكامل، إذ أوقفت الانزلاق إلى حرب كبرى كانت ستمتد من غزة إلى الخليج وربما إلى ما وراء المتوسط.

ترامب في القاهرة.. زيارة ما وراء الدبلوماسية

جاء دونالد ترامب إلى مصر في زيارة حملت من الرمزية أكثر مما حملته من البروتوكول.

لم يكن لقاءً تقليديًا بين رئيسين، بل كان اعترافًا صريحًا بدور القاهرة الذي لا يمكن تجاوزه.

فالرئيس الأمريكي الذي يفاخر دائمًا بحسه الواقعي قالها بوضوح:

"الجنرال السيسي زعيم قوي وصديق عزيز، ومصر أثبتت أنها الدولة الوحيدة القادرة على إعادة الاستقرار إلى الشرق الأوسط."

هذه العبارة لم تكن مجاملة سياسية، بل تعبيرا عن إدراك حقيقي من واشنطن بأن موازين القوة في المنطقة تغيّرت، وأن من أراد أن يصنع السلام أو يوقف الحرب فعليه أن يمر عبر القاهرة.

لقد أدرك ترامب – كما غيره من القادة – أن القرار المصري لم يعد تابعًا لأحد، وأن القاهرة أصبحت تتحدث بلسان المنطقة لا باسم مصالحها فقط.

كانت الزيارة تأكيدًا عمليًا على أن مصر استعادت مكانتها كقلب للعالم العربي وصاحبة القرار الأول في ملفات الحرب والسلام.

نار الحرب الكبرى

النجاح المصري لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة رؤية إستراتيجية متكاملة امتدت لسنوات.

منذ تولى السيسي المسؤولية عام 2014، عمل على بناء قدرات الدولة المصرية سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا لتصبح قادرة على حماية مصالحها ومصالح محيطها.

حين اندلعت الأزمة الأخيرة، كانت أجهزة الدولة المصرية تتحرك على كل المستويات: الاستخباراتية والسياسية والإعلامية والدبلوماسية، بينما كانت القوات المسلحة في حالة تأهب قصوى لحماية الحدود ومنع انتقال الصراع إلى الأراضي المصرية.

وفي الوقت نفسه، كانت الدبلوماسية المصرية تعمل في صمت، تنسق مع كل الأطراف: واشنطن، الدوحة، تل أبيب، رام الله، والأمم المتحدة.

لم يكن هدف القاهرة تسجيل انتصار دبلوماسي، بل منع الانفجار الإقليمي الشامل الذي كان سيحرق الجميع.

لقد أنقذت مصر المنطقة دون أن تطلق رصاصة، وفرضت السلام دون أن تفرض وصايتها على أحد.

وهذا هو جوهر قوتها الناعمة: القدرة على الإقناع، لا الإخضاع؛ وعلى جمع الخصوم، لا تأجيج الخلافات.

الدرس الأخير

لسنوات، حاول البعض أن يصنع شرقًا أوسط جديدًا من دون مصر.

تارة بمشروعات اقتصادية مزعومة، وتارة بمحاور وتحالفات تدور خارج نطاق القاهرة.

لكن الأحداث أثبتت أن مصر هي القلب الذي لا يمكن تجاوزه.

كل الطرق التي تجاهلتها انتهت إلى الفوضى، وكل المشاريع التي حاولت إقصاءها فقدت توازنها.

واليوم، حين عاد العالم إلى مصر طلبًا للسلام، أدرك الجميع أن القاهرة لم تكن يومًا هامشًا، بل هي مركز الثقل الحقيقي في معادلة الإقليم.

من أرادوا تهميشها وجدوا أنفسهم يستنجدون بها لإطفاء النار التي أشعلوها، ومن قلّلوا من شأنها رأوا كيف استطاعت أن تجمع العالم حول طاولة واحدة في شرم الشيخ، لا في واشنطن ولا في جنيف.

لقد أعادت مصر رسم خريطة الشرق الأوسط بواقعية جديدة:

من لا يملك مفاتيح القاهرة، لا يملك مفاتيح السلام.

طريق السلام

حين التقطت الكاميرات لحظة توقيع الوثيقة في قاعة المؤتمرات الدولية بشرم الشيخ، لم يكن ذلك مجرد مشهد سياسي، بل لحظة ميلاد جديدة للمنطقة.

خلف الأضواء والعدسات كان هناك طريق طويل بدأ من شرق الشيخ زويد، حيث واجهت مصر الإرهاب نيابة عن العالم، وانتهى في شرم الشيخ، حيث فرضت مصر السلام نيابة عن الإنسانية.

هكذا اكتمل المعنى: من الحرب إلى السلام، ومن المواجهة إلى البناء.

طريق مصر إلى المجد لم يكن صدفة، بل تخطيطًا، وعرقًا، وإصرارًا على أن تكون الدولة التي توقف الدم وتفتح الأفق.

واليوم، حين يسأل العالم: من الذي أنقذ الشرق الأوسط من الحرب الكبرى؟

تأتي الإجابة من قلب التاريخ والجغرافيا والسياسة:

إنها مصر.

الصفحة الثالثة من العدد رقم 434 الصادر بتاريخ  16 أكتوبر 2025
تم نسخ الرابط