صابر سالم يكتب: شتي في مصر
السياحة الشتوية في مصر تُعد واحدة من أبرز نقاط القوة في القطاع السياحي، إذ تمتلك البلاد مزيجًا فريدًا من الاعتدال المناخي، والتنوع الجغرافي، والثراء التاريخي، ما يجعلها وجهة مفضلة للهروب من قسوة الشتاء في كثير من دول العالم.
ففي الوقت الذي تنخفض فيه درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في أوروبا وشرق آسيا، تتمتع مصر بشمس دافئة وطقس معتدل يسمح بممارسة الأنشطة السياحية المختلفة على مدار اليوم.
ويُشكل المناخ العامل الأهم في جذب السياحة الشتوية، حيث تتراوح درجات الحرارة في معظم المدن السياحية بين 18 و25 درجة مئوية، وهو ما يوفر بيئة مثالية لزيارة المواقع الأثرية المفتوحة، والتنقل بين المعابد والمتاحف، دون معاناة من الحر الشديد أو البرودة القارسة.
هذا الاعتدال يجعل الشتاء هو الموسم الذهبي للسياحة الثقافية في مصر، خاصة في مدينتي الأقصر وأسوان، اللتين تحتضنان كنوز الحضارة المصرية القديمة.
الأقصر وأسوان تتصدران خريطة السياحة الشتوية بفضل المعابد الفرعونية الفريدة، مثل الكرنك، والأقصر، ووادي الملوك، وفيلة، وأبو سمبل.
الرحلات النيلية بين المدينتين تُعد من أكثر الأنشطة جذبًا للسائحين في فصل الشتاء، حيث يجمع السائح بين الاستمتاع بالطبيعة الهادئة لنهر النيل وزيارة المواقع الأثرية الممتدة على ضفتيه. كما تشهد هذه الفترة رواجًا كبيرًا للسياحة الثقافية القادمة من أوروبا، خاصة من كبار السن الذين يفضلون الطقس المعتدل والبرامج الهادئة.
ولا تقتصر السياحة الشتوية في مصر على الآثار فقط، بل تمتد بقوة إلى السياحة الشاطئية، خصوصًا في مدن البحر الأحمر مثل الغردقة ومرسى علم وشرم الشيخ.
فدرجات حرارة المياه تظل مناسبة للسباحة والغوص طوال فصل الشتاء، ما يجعل مصر واحدة من الوجهات القليلة التي تقدم سياحة شاطئية نشطة في هذا التوقيت من العام.
وتُعد رياضات الغوص ومشاهدة الشعاب المرجانية من أبرز عوامل الجذب، نظرًا لما تتمتع به السواحل المصرية من تنوع بيولوجي نادر.
كما تشهد السياحة الصحراوية والبيئية انتعاشًا ملحوظًا خلال فصل الشتاء، حيث تُعد هذه الفترة الأنسب لرحلات السفاري والتخييم في الصحراء البيضاء، وواحات سيوة والداخلة والخارجة.
الطقس المعتدل يسمح للسائح بتجربة الحياة البدوية، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الفريدة، وممارسة أنشطة مثل التزلج على الرمال وزيارة العيون الكبريتية، وهو ما يضيف بعدًا مختلفًا للتجربة السياحية.
وتلعب السياحة العلاجية دورًا مهمًا في دعم السياحة الشتوية، خاصة في مناطق مثل سيوة وسفاجا، حيث يقصدها الزوار للاستفادة من الرمال العلاجية والمياه المعدنية، في ظل أجواء مناخية مثالية للعلاج والاستجمام.
هذا النوع من السياحة يجذب فئات تبحث عن الراحة والصحة إلى جانب الترفيه.
وتحرص الدولة المصرية على تعزيز السياحة الشتوية من خلال الترويج الخارجي، وتطوير البنية التحتية، وتحسين الخدمات الفندقية، وتسهيل إجراءات السفر، بما يضمن تقديم تجربة متكاملة للسائح.
ومع تنوع المنتج السياحي، وامتلاك مصر مقومات طبيعية وتاريخية نادرة، تظل السياحة الشتوية أحد الأعمدة الأساسية لدعم الاقتصاد الوطني، وفرصة حقيقية لتعزيز مكانة مصر كوجهة سياحية عالمية على مدار العام.




